.

اليوم م الموافق ‏18/‏رمضان/‏1445هـ

 
 

 

ذكرى النكبة

5807

العلم والدعوة والجهاد

القتال والجهاد, المسلمون في العالم

سعود بن عبد الرحمن الشمراني

نجران

11/5/1429

الشيخ محمد بن عبد الوهاب

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- الذكرى الستون لاحتلال فلسطين. 2- تاريخ الصراع. 3- صمود الشعب الفلسطيني. 4- تآمر الغرب على فلسطين. 5- من أسباب الهزيمة.

الخطبة الأولى

وبعد: أيها المؤمنون، فاتقوا الله تعالى حق التقوى، فإن التقوى بداية النصر بإذن الله، وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران: 120].

أيها المسلمون، هل تعلمون أهم حدث يتحدث عنه أكثر العالم هذين اليومين؟ وهل حاولتم أن تعرفوا خباياه وأسراره وحقائقه؟ وهل أحسستم بمسؤولياتكم تجاهه؟ وهل سألتم أنفسكم: ما واجبنا نحوه؟

إخوة الدين، أمس هو اليوم الخامس عشر من شهر مايو، وهو اليوم الذي يعدّ الذكرى الستين لاحتلال فلسطين، أي: أنه ذكرى النكبة العربية في فلسطين.

أيها المؤمنون، إن فلسطين ستبقى في مخيلتنا لا تغادرها أبدًا، فهي أولى القبلتين وثالث الحرمين وفتحُ الفاروق وصلاح الدين، وعدنا الرسول أن نهزم اليهود بها، وأن ننصَر حتى بالحجر والشجر، وهي علامة من علامات تمسك المسلمين بإسلامهم، ودليل محبة المؤمنين لدينهم، وواسطة العقد على صدر أمة المؤمنين.

إنها فلسطين، نكبة النكبات في زمن التخاذلات، فلسطين التي يدمى جرحها كل يوم، فماذا فعلنا لها؟! وماذا قدمنا من تضحيات؟! وماذا فعلنا وحققنا بالتنازلات؟! حتى عواطفنا تجاه إخواننا هناك ما لبثت أن انكمشت كنار سعفةٍ شبّت ثم انطفأت، ستون سنة من تاريخ صراعنا مع اليهود في فلسطين، ستون سنة وفلسطين ومقدساتها تحت نيران احتلال الصهاينة اليهود، ستون سنة وأمتنا من نكبة إلى نكسة ومن تشرذم إلى خلافات، ستون سنة وأمتنا الإسلامية تُنهش من أطرافها وأوساطها، ويستغيث بنا المسلمون ولا مجيب.

إخوة الإسلام، تاريخ فلسطين مليء بالأحداث، ملتهب بالفواجع، مشحون بالتآمرات، متخم بالجراح عبر السنوات. تعال ـ أخي ـ لنتذاكر بعضًا من التاريخ الحديث والصراع مع اليهود قتلة الأنبياء وآكلي السحت والكافرين بالله ورسوله:

أيها المؤمنون، في 1914م ومع بداية الحرب العالمية الأولى وعدت بريطانيا العرب بمساعدتهم على الاستقلال عن الدولة العثمانية بشرط دخولهم الحرب إلى جانب بريطانيا ضد الدولة العثمانية التي دخلت الحرب مع ألمانيا.

في 1916م تم توقيع اتفاقية "سايكس بيكو" بين الدبلوماسي الفرنسي "فرانسوا جورج بيكو" والبريطاني "مارك سايكس"، حيث تم الاتفاق على تقسيم المنطقة العربية إلى مناطق سيطرة، حيث اتفقا على وضع لبنان وسوريا تحت السيطرة الفرنسية، والأردن والعراق تحت سيطرة بريطانيا، وأن تبقى فلسطين دولية.

في 1917م قامت الحكومة البريطانية بإصدار "وعد بلفور" في هيئة رسالة من وزير خارجيتها "جيمس آرثر بلفور" إلى زعيم الحركة الصهيونية، تعهّد فيها بأن تقوم حكومة بريطانيا بالعمل بأفضل ما يمكنها من أجل تحقيق هدف تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين.

في 1918م بدأ اليهود بالهجرة إلى فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني وفق قرارات عصبة الأمم.

في 1929م أول هجوم واسع النطاق يشنه العرب على اليهود، قتل العرب 133 يهوديا، وقتل منهم 116.

في 1935م استشهاد القائد المجاهد عز الدين الذي ذاق اليهود صنوف التنكيل على يديه هو وأصحابه المجاهدون، وهو الذي ينتسب إليه الجهاد في فلسطين اليوم.

في 1945م قامت السعودية وسوريا ولبنان والعراق والأردن واليمن ومصر بتأسيس جامعة الدول العربية للضغط على بريطانيا من أجل حقوق الفلسطينيين.

في 1947م عقد أول جلسة طارئة للأمم المتحدة، وتم اقتراح مشروع تقسيم فلسطين إلى دولتين: فلسطينية ويهودية على أن تبقى القدس دولية، على أن تسود علاقات حسن الجوار والتعاون الاقتصادي بين الدولتين.

في 1948م أول حرب عربية إسرائيلية، وفي 15 مايو بالتحديد قامت جيوش من مصر والأردن وسوريا ولبنان والعراق مع مجاهدين متطوعين عرب آخرين ومع المقاتلين الفلسطينيين الذين كانوا يقاتلون اليهود، قاموا ببدء حرب شاملة ضد الكيان الصهيوني.

في 1967م حرب الأيام الستة، حيث دارت حرب لمدة ستة أيام انتهت بتقدم إسرائيلي ساحق، حيث دمر سلاح الجو الإسرائيلي المجهّز بمعدات فرنسية القوات الجوية العربية، وقد كان سلاح الجو هو الأداة الرئيسية لتدمير الجيوش العربية، وانتهت الحرب باحتلال إسرائيل لقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء من مصر والقدس الشرقية العربية والضفة الغربية من نهر الأردن وهضبة الجولان من سوريا.

في 1973م حرب أكتوبر، حيث دارت معركة بين العرب وإسرائيل لم تنتهِ إلا بالتدخل الأمريكي.

تلك ـ عباد الله ـ بعض حوادث القضية الفلسطينية عبر السنوات الماضية، ويجدر بنا أن ندرسها وأن نقرأ فيها وسعنا وأن نشتغل بها عن الترهات التي اشتغلنا بها دونها.

أمة الإسلام، لقد أتى على مسلمي فلسطين سنون كثيرة وهم مرابطون في ثغور الإباء، مدافعون بأموالهم وأنفسهم عن واسطة العقد في بلاد الشام، عن البلاد التي كتبت تاريخها بدماء الصحابة، وصورت بعد فضل الله بسيوفهم. تسلَّمها أبو حفص عمر ثم تتابعت حكومات الإسلام في أرضها وتعالت رايات الإيمان في ساحاتها.

يستعذبـون الْمـوت قبل لقـائه       وهم إذا حمـى الوطيس تدفقـوا

ضّموا المصاحف للصدور وأسرعوا       ووجوههم فيـها الشهادة تشرق

وتمر الأيام وتتعاقب السنون ليتمالأ الكفر مرة أخرى، وتآمر الصليبيون وحملة التلمود لوضع فلسطين في قبضة اليهود في جريمة من أعظم جرائم العصر، بإخراج شعب من أرضه وإقامة شعب آخر مكانه، ويستمر الصهاينة اليهود في القتل والإيذاء إمعانًا في النكاية في إخواننا هناك، أسالوا الدماء، وأزهقوا الأرواح، ودنسوا المقدسات، في صور مرعبة تجعل من حق المظلوم أن يستخدم كل سلاح لحماية نفسه. عدو صهيوني في أرضنا المباركة في فلسطين يقاتله أطفال وشباب أحداث، ليس لهم هم إلا الشهادة في سبيل الله، ليدفعوا عن أنفسهم ومقدساتهم ومنازلهم وحرماتهم ومدنهم، قدموا لنا أروع الأمثلة بعمليات استشهادية لا زلنا نراها ونسمع عنها تجلب لنا ولهم العزة والكرامة.

ويعزم أبناء فلسطين على التسابق إلى قتال اليهود والإثخان فيهم حين علموا حقًا أن لا مقاومة للصهاينة إلا بالقتال، وأن قذيفة من حديد أو حجر تساوي آلاف القذائف من الكلمات. وبدأت قوائم القتلى تتصاعد في أوساط اليهود، أخذ الأمن ينحسر والهجرة اليهودية إلى فلسطين تتراجع، بل هرب منها كثير ممن أتوا إليها ينشدون السلام، واقتصادهم إلى انهيار، وبدأ المسلمون يذوقون حلاوة النصر ورحيق الكرامة بدلاً من ذل الهزيمة وعفن السلام المزعوم.

اللهم أعد فلسطين إلى حياض المسلمين، وانصرنا على اليهود الغاصبين، واكتب لنا الشهادة في سبيلك يا رب العالمين.

وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله على نبينا محمد النبي الأمي الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد: أيها المؤمنون، فإنه يجب علينا أن نعلم أن من أسباب هزيمتنا أمام اليهود أننا لم نعرف حقيقة جبن اليهود وأعوانهم كما وصفهم الله: تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ، وكذلك أنهم أحرص الناس على الحياة وكما قال عنهم: لاَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ. لا بد لأمتنا أن تعلم أن هزائمنا مع اليهود كانت هزائم لم ترفع فيها راية الإسلام، بل كل راية رفعتها إلا الإسلام، فكانت هزائم لرايات اتخذت من القومية وغيرها شعارًا ودثارا.

إننا بحاجة إلى مراجعة للوضع وإصلاح للحال، فكيف يكون النصر ونحن نرى الجبن في النفوس واستجداء الحلول وتعليقها على دول صليبية كأميركا وهي لم تفتأ أو تفتر عن دعم اليهود ودولتهم مذ وجدو؟!

ابتعدت الأمة عن أسباب عزها، وذهبت تبحث عن أسباب ذلها، وأصبحت الأمة ومناضلوها المزعومون مظلمة الروح، جوفاء القلب، ضعيفة اليقين، قليلة الدين، نافدة الصبر والجلد، تبيع الحق والأمة بمنافع شخصية، سلكوا في قضية فلسطين مسالك الإرجاف والتخذيل التي تتأرجح بين يمين ويسار بشعارات زائفة من العلمانية والوطنية والقومية والبعثية. لقد أكدت الأحداث أنه لا أحد يملك سلطة القرار الفلسطيني سوى الجماهير الفلسطينية، ولن يوقف هذه الجرائم إلا الجهاد.

إن مقدسات المسلمين وديارهم لا يعيدها إلا جهاد صادق في سبيل الله، وإلا فلا نصر ولا كرامة ولا عزة، قال رسول الله : ((إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)) رواه أحمد وأبو داود، وقال الله تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَـٰتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِم بِغَيْرِ حَقّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ [الحج: 39، 40]، وقال سبحانه: إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوٰلَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقّا فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءانِ.

وإن النبي امتدح المجاهدين هنالك بقوله : ((لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك))، قيل: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: ((ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس)) رواه أحمد.

والفوز كل الفوز للمؤمنين الصادقين بوعدٍ من رسول الله ، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود, فيقتلهم المسلمون, حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر, فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم, يا عبد الله, هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله, إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود)).

ولنا أمة الإسلام لنا الله الذي وعد بالنصر والتمكين والنصر على اليهود الظالمين، فهو حسبنا ونعم الوكيل.

اللهم انصر إخواننا المجاهدين في فلسطين، اللهم انصرهم على اليهود الغاصبين، اللهم إنا نستنصر بك على الكفرة الحاقدين.

عباد الله، صلوا على منقذكم من الكفر بإذن ربه نبيكم محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وانصر عبادك المؤمنين...

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً