.

اليوم م الموافق ‏10/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

حقيقة انتساب اليهود لإبراهيم عليه السلام

5755

أديان وفرق ومذاهب, العلم والدعوة والجهاد

أديان, المسلمون في العالم

عبد الرحمن بن الصادق القايدي

جدة

21/6/1423

جامع الأنصار

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- عداء اليهود لأمة الإسلام. 2- تفنيد مزاعم اليهود بأحقيتهم في فلسطين. 3- المسلمون أولى الناس بإبراهيم وبفلسطين.

الخطبة الأولى

أيها المسلمون، يتساءل البعض: لِمَ لا يتصالح المسلمون مع اليهود وينتهي العداء بينهم وتستقر أحوال المسلمين في فلسطين ما دام اليهود أصبح وجودهم أمرًا واقعًا لا مفرّ منه ولهم الحق في فلسطين؟! ونسي أمثال هؤلاء أو غفلوا أنّ هذا العداء أبديّ سرمديّ لا يمكن أن ينتهيَ إلا بالقضاء على اليهود والنصارى وحتى يرث الله الأرض ومن عليها.

وأما ادِّعاء اليهود بحقّهم في فلسطين مستندين على خرافات تلموذيّة كتبها لهم أحبارهم ورهبانهم الضالون وأصبحت لهم دينًا يتَّبع فإنه ادعاء باطل لا دليل عليه ولا أصل له. ومن ادعاءاتهم هذه أن الله منح إبراهيم على رسولنا وعليه الصلاة والسلام منحه أرض فلسطين له ولنسله من بعده، بمعنى أن لهم الحق في أرض فلسطين ولهم الحق في إخراج أهلها منها، ونسوا أن العرب أيضًا من نسل إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وهم أحق منهم بفلسطين، ولو حاولنا أن نصدق تلك المقولة الكاذبة أو تأملنا الأدلة القطعية لوجدنا أن أدلتنا أصدق وأقوى وأصح؛ لأن مصدرها القرآن الكريم الكتاب الذي لا يتبدّل ولا يتغير بتقادم الزمان.

إن الحقيقة التي بينها القرآن هو أن أبانا إبراهيم حينما أنجاه الله من النار ومن أهلها الكفره هاجر من بابل في العراق إلى الأرض المباركة في فلسطين هو وأهله وآمن معه لوط، قال تعالى: وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ [الأنبياء: 71، 72]، وبعد أن نجاه الله ولوطًا قدم إلى الأرض المباركة فلسطين بأمر الله حيث استمر يدعو إلى الله ويقيم بيوتًا لله وينشر دين الله فيها ورزقه الله ابنين هما إسحاق ويعقوب، وكافأه الله بأن جعله للناس إمامًا، فطلب إبراهيم من ربه أن يجعل هذه الإمامة الدينية في ذريته من بعده، فرد الله عليه بقوله تعالى: لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ وتتمة الآية: وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة: 124]، فالظالمون هم المشركون الكافرون من ذريته.

وبما أن إبراهيم على رسولنا وعليه الصلاة والسلام إمام للناس فإن أبناءه المؤمنين الموحدين هم أئمة للناس وذريته الصالحة قائدة وهادية للبشرية، وهذا عهد من الله لهم ووعد منه سبحانه وتعالى، وأما الظالمون الكافرون من ذريته فهم محرومون من هذه المكانة الدينية بسبب كفرهم وظلمهم وعدوانهم، لا يستحقون وعد الله ولا يشملهم عهد الله كاليهود والنصارى اليوم مهما حاولوا أن يدلّسوا ويغيروا الحقائق بأنهم ورثة إبراهيم وموسى؛ لأن الله حكم بذلك بقوله: لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ، ومعنى لا يَنَالُ عَهْدِي أي: لا يصل عهدي الذي أعطيته لإبراهيم لا يصل إلى الظالمين من ذريته؛ لأن عهد الله ووعده لا ينتقل بالوراثة من الآباء إلى الأبناء كما تنتقل الأموال والممتلكات، وبالتالي فإن المستحقين لهذا العهد والوعد هم المسلمون المؤمنون الصالحون من ذريته عليه السلام.

وكتاب الله يبين هذا واضحًا جليًا وذلك حينما بدأ إبراهيم وابنه إسماعيل على رسولنا وعليهما الصلاة والسلام حينما بدءا بناء الكعبة المشرفة طلبا من الله أن يجعلهما مسلمين وأن يجعل من ذريتهما أمه مسلمة، قال تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ [البقرة: 127، 128]. إذًا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام مسلمان بنص الكتاب، وإسماعيل هو أبو العرب، ودينه الإسلام، ونحن أمة مسلمة من ذريته، ويعقوب هو أبو اليهود، ويسمى إسرائيل، وهو أيضًا مسلم، قال تعالى: أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة: 133]. هذه شهادة من يعقوب وذريته بأنهم يتبعون دين آبائهم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، وليسوا على الدين اليهودي كما يزعم اليهود من ذريته الذين بدلوا وغيروا دينهم من بعده، فهؤلاء هم الضالون المكذبون، والذين حرموا نعمة الإسلام بكفرهم وبظلمهم وأصبحوا أعداء ليعقوب وإسماعيل وكذلك أعداء لإبراهيم أيضًا ولا يستحقون أن ينتسبوا إليه، وأن المسلمين هم أولى الأمم بالانتساب الديني إلى إبراهيم كما قال تعالى: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران: 68] أي: أن أولى الناس بإبراهيم من اتبعه وأسلم معه من قومه، ثم هذا النبي أي: نبينا محمد ومن آمن معه من أمته.

كل هذه الحقائق والأدلة من كتاب الله تبين وتظهر الحقيقة وتبطل الدعايات اليهودية الكاذبة والمضللة والتي تدّعي بأنها هي الوريث الوحيد لإبراهيم وللأرض المباركة فلسطين، والتي جعلها الله لإبراهيم وللمؤمنين من ذريته، فالمسلمون هم الوارثون الذين ورثوه في الدين والإيمان والدعوة إلى الإسلام، وليس الوارثون ممن تناسلوا منه وخالفوه في دينه. يقول تعالى ممتنًا على عباده المسلمين المؤمنين من أمة محمد : هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ [الحج: 78] أي: أن الله سبحانه وتعالى هو الذي اختاركم ـ يا أمة محمد ـ لدينه وعبادته ونصرته، وجعل الرسول عليكم شهيدًا لكي تتبعوا أباكم إبراهيم، وجعلكم أنتم شهداء على البشرية لاتباع هذه الملة الصحيحة، ثم يختم الله سبحانه وتعالى بالدليل القطعي والنهائي والذي رد كيد اليهود في نحورهم حينما ادعوا بأن إبراهيم كان يهوديًا، وبين بأن إبراهيم كان حنيفًا مسلمًا ولم يكن من المشركين، ورفض جدال اليهود والنصارى بالانتساب إليه، وقرر أن إبراهيم كان موجودًا قبل وجود اليهود والنصارى، فكيف يكون يهوديًا أو نصرانيًا وقد جاءت اليهودية والنصرانية من بعده؟! فيقول سبحانه وتعالى مبينًا كذب اليهود والنصارى وإجرامهم في حق إبراهيم: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ وَالإِنجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ [آل عمران: 65]، هل تعقلون ما تقولون أم أنكم لا عقول لكم؟! ثم يضيف قائلاً: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ [آل عمران: 67]؛ لأن موسى وأتباعه وعيسى وأتباعه جاؤوا بعد بعثة إبراهيم بسنين عديدة، فكيف يكون إبراهيم يهوديًا أو نصرانيًا وهم أتوا من بعده؟! لا إله إلا أنت سبحانك هذا بهتان عظيم.

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الولي الكريم، الغني الحميد، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات على النور ويهديهم إلى صراط مستقيم، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وعبد الله حتى أتاه اليقين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن آمن به واهتدى بهداه.

أما بعد: فيا أيها الإخوة المؤمنون، لقد علمنا علم اليقين واتضح لنا من كتاب ربنا بأننا نحن المسلمين أولى الناس بإبراهيم وبأرض فلسطين وبيت المقدس، وهي أمانة في أعناقنا لا بد من تخليصها من اليهود الغاصبين مهما كلّف الأمر ومهما كانت التضحيات، وتبين لنا بأن اليهود كاذبون في إدعاءاتهم، وأنه لا حق لهم في الانتساب إلى إبراهيم، ولا حق لهم في فلسطين ولا بيت المقدس، مع أنهم تمكنوا بسبب هيمنتهم وتسلطهم على وسائل الإعلام من تغيير الحقائق والتلبيس على كثير من الناس لدرجة أن بعض المسلمين لا يزال يتساءل ويقول: لماذا لا نتصالح مع اليهود ونعيش معهم في أمن وأمان؟! وربنا سبحانه وتعالى خالقنا وخالقهم من العدم يقول في كتابه الكريم: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة: 120]، ويقول: وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا [البقرة: 217]، فكيف بربكم نصدق أمثال هؤلاء الذين جبلوا على الكذب والخداع ونقض العهود والمواثيق من بداية عهدهم مع نبي الله موسى إلى يومنا هذا وإلى أن تقوم الساعة؟!

فاتقوا الله أيها المسلمون، واعرفوا عدوكم من كتاب ربكم لا مما يبثه عليكم الإعلام المضلل الذي يديره عدوكم من يهود ونصارى، وأعدوا أنفسكم لملاقاته يومًا ما وربما يكون قريبًا.

ثم صلوا وسلموا على رسول ربكم محمد بن عبد الله كما أمركم بذلك رب العالمين حيث قال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].

لبيك اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وانصر من نصر الدين...

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً