.

اليوم م الموافق ‏10/‏ذو القعدة/‏1445هـ

 
 

 

خطبة استسقاء 5/2/1424هـ

3181

الرقاق والأخلاق والآداب

آثار الذنوب والمعاصي, الكبائر والمعاصي

علي بن عبد الرحمن الحذيفي

المدينة المنورة

5/2/1424

المسجد النبوي

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- نعمة المطر. 2- ضرورة الخلق إلى الماء. 3- افتقار الخلق إلى الله تعالى. 4- ما وقع بلاء إلا بذنب. 5- الأمر بالتوبة. 6- التقوى سبب البركات. 7- المعاصي أسباب البلايا والمحن.

الخطبة الأولى

اللهُ أكبَر، الله أكبَر، الله أكبَر، اللهُ أَكبر، اللهُ أكبر، الله أكبرُ، الله أكبَر، الله أكبَر، الله أكبَر، الله أكبَر، لا إلَه إلا الله، والله أكبَر، الله أَكبر، وللهِ الحَمد.

الحمدُ لله كثيرًا، وسُبحان الله بُكرةً وأصِيلا. الحمد للهِ ربِّ العالمين، الرَّحمن الرحيم، مالك يوم الدّين، لا إله إلا الله يفعَل ما يُريد. اللهمّ أنت الله، لا إله إلا أنت، أنتَ الغنيّ ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ واجعَل ما أنزلتَ لنا قوةً وبلاغًا إلى حِين.

الحمد لله الوليِّ الحميد، القويِّ المتين، المَرجوِّ لكشفِ كلِّ كربٍ شديد. نحمَد ربَّنا تبَارك اسمه وتعالى جدّه بما حمِد بِه نفسَه. وأشهد أن لا إله إلا الله ذو العرشِ المجيد، وأشهَد أنَّ نبيَّنا وسيَّدنا محمّدًا عبده ورسوله، المبعوث رحمةً للعالمين، بلّغ الرسالة، ونصَح للأمَّة، وجاهَد في الله حقَّ جهادِه حتّى أتاه اليقين. اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدِك ورسولِك محمَّد، وعلى آله وصحبِه أجمَعين.

أمَّا بعد: فيا أيّها المسلمون، إنّكم شَكوتُم جدْبَ دِياركم واستئخارَ المَطرِ عن إبَّانِ زمانِه عنكم، وقد أمَركم الله أن تدعوه، ووعَدَكم أن يستَجيبَ لكم، فقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمْ ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دٰخِرِينَ [غافر: 60].

اللهمَّ لا تكِلنا إلى أنفسِنا طرفةَ عين، ولا أقلَّ من ذلك، فإنَّك إن تكِلنا إلى أنفسِنا تكِلنا إلى ضعفٍ وعورَة وذنبٍ وخطيئة، وإنَّا لا نثِق إلا برحمتِك، فاغفِر لنا ذنوبَنا فإنّه لا يغفِر الذنوبَ إلا أنت، وتُب علينا إنَّك أنتَ التواب الرحيم.

عبادَ الله، إنَّ المطرَ نعمةٌ عُظمى ومنّة كبرى، لا يقْدِر على خلقِه وإغاثة الخلق به إلا الله، قال الله تعالى: وَهُوَ ٱلَّذِى يُنَزّلُ ٱلْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ ٱلْوَلِىُّ ٱلْحَمِيدُ [الشورى: 28]، وقالَ تعالى: وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِى ٱلأرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَـٰدِرُونَ فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّـٰتٍ مّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَـٰبٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوٰكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ [المؤمنون: 18، 19].

فأنزَل الله المطرَ بقدرِ حاجةِ الخَلق، على قَطراتٍ لا يتضَرّر مِنها النّاس، وجعَل الأرضَ مخزنًا للمطَر قريبًا، يصِل إليه الناسُ بالحَفرِ والاستِنباط، ولو شاء الله لغوَّرَه في مسارب الأرض فلا يقدِرون منه على قَطرةٍ واحِدة. ومِن المطَر ما يُجري الله منه الأنهَارَ، ويُخرِج مِنه اليَنابيع، قال الله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى ٱلأرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ [الزمر: 21].

الماءُ عُنصُر الحياةِ للحيوانِ والنَّباتِ، قال عزّ وجلّ: وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَاء كُلَّ شَىْء حَىّ [الأنبياء: 30]. المطرُ يَطيب بِه الهواءُ، وتَستبشِر به النفوسُ من الحاضِرة والبادية، وتحيا به الأرضُ، وتهتزّ بأنوَاع النبَاتِ النافع، ويجلُو عن وجهِ الأرض ونباتِها الحشراتِ الضارّة، ويُدرُّ الله به الرّزق، قال الله تعالى: وَفِى ٱلسَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ [الذاريات: 22]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (ما علِمتُ لكم غيرَ المطر)[1].

أيّها النّاس، إنّكم في غايةِ الافتقار والاضطرار إلى ربِّ العالمين، مفتقرون إلى الله مضطرّون إليه في نَشأتِكم وخلقِكم وتكوين ذَواتِكم وصِفاتِكم، قال عزّ وجلّ: وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ مِن سُلَـٰلَةٍ مّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَـٰهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَـٰمًا فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَـٰمَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَـٰهُ خَلْقًا ءاخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَـٰلِقِينَ [المؤمنون: 12-14].

مفتقِرون ومضطرّون إلى اللهِ تعالى في طعامِكم وشَرابِكم ولِباسِكم ومساكنِكم ومراكبِكم، قال تعالى: فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَـٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَاء صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقًّا فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَـٰكِهَةً وَأَبًّا مَّتَـٰعًا لَّكُمْ وَلأَنْعَـٰمِكُمْ [عبس: 24-32]، وقال تعالى: أَفَرَءيْتُمُ ٱلْمَاء ٱلَّذِى تَشْرَبُونَ أَءنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ لَوْ نَشَاء جَعَلْنَـٰهُ أُجَاجًا فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ [الواقعة: 68-70]، وفي الحديث القدسي: ((قال الله تعالى: يا عِبادي، كلّكُم عارٍ إلى من كسوتُه، فاستَكسُوني أكسُكم)) رواه مسلم من حديث أبي ذرّ[2]، وقال تعالى: وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا [النحل: 80]، وقال عزّ وجلّ: وَءايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرّيَّتَهُمْ فِى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مّن مّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ [يس: 41، 42]، وقال تعالى: وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَزْوٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مّنَ ٱلطَّيّبَاتِ أَفَبِٱلْبَـٰطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ [النحل: 72].

وأنتُم مُفتقرون ومضطَرّون إلى اللهِ في جلبِ كلِّ خيرٍ ونَفع ودَفع كلِّ شَرّ وضُرّ، قال عزّ وجلّ: وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ [يونس: 107].

إنَّكم مفتقِرون إلى اللهِ ومضطَرّون إليه في الهدايَة التِي عليها مدارُ السّعادة والشقاوَة، قال الله تعالى: مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّا مُّرْشِدًا [الكهف: 17]، وقال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَاء إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ [فاطر: 15].

أيّها النّاس، إنَّ للهِ سُننًا في الكونِ لا تتَغيَّر ولا تتبَدَّل، قال عزّ وجلّ: فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً [فاطر: 43]. وقد جَعَل اللهُ مِن سُننِه أنَّ الطاعاتِ سببٌ في كلِّ خيرٍ في الدنيا والآخرة، وأنَّ المعاصيَ سببٌ في كلِّ شرّ وعقوبةٍ في الدّنيا والآخرة، قال تعالى: فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ أَعْمَىٰ [طه: 123، 124].

ومَا وَقَع بَلاءٌ إلا بذَنب، ومَا رُفِع إلا بتَوبة، قال تعالى: وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ [الشورى: 30]، وقال تعالى عَن هودٍ عليه السلام: وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ [هود: 53].

فأصلِحوا ـ عبادَ الله ـ ما بينَكم وبينَ ربّكم يُصلحْ لكم أحوالَكم، وَتُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور: 31].

وإيَّاكم وأعراضَ المسلمِين وأموالَهم ودِماءَهم وحقوقَهم؛ فإنَّ الظلمَ ظلماتٌ يوم القيامة، وطهِّروا قلوبَكم من الغلِّ والحِقد والحَسَد والكِبر والتشاحُنِ والتباغض والتدابُر والمكرِ والخِداع، واحذَروا شُعبَ النّفاق، وأدّوا زكاةَ أموالكم تطهِِّروا نفوسَكم، وإيّاكم وقطيعةَ الأرحام، وأحسِنوا إلى الفقراء والأيتام.

واعلَموا ـ عبادَ الله ـ أنَّ نزولَ الغيثِ في وقتِه وإحلالَ البركة فيه للخَلق يكون بتقوى الله والعملِ الصالح، قال الله تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍ مّنَ ٱلسَّمَاء وَٱلأرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَـٰهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ [الأعراف: 96].

وبَركاتُ الأرزاقِ والأعمارِ والأموالِ والأولادِ تَكونُ باستِقامة المسلمِ على دِين الله وشرعِه، قال عزّ وجلّ: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ ءامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيّئَـٰتِهِمْ وَلأدْخَلْنَـٰهُمْ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِمْ مّن رَّبّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ [المائدة: 65، 66].

فاطلُبوا البَركاتِ مِن اللهِ بدوامِ طاعتِه والبعدِ عن معصيتِه، وفي الحديث: ((لولا شيوخٌ رُكَّع وأطفالٌ رُضّع وبَهائمُ رتّع لصُبَّ عليكم العذاب صبًّا))[3]، وعن ابنِ عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((يا معشرَ المهاجرين، خمسٌ بخمس، وأعوذ بالله أن تدرِكوهنَّ: ما ظهَرتِ الفاحشَة في قومٍ إلا سلَّط الله عليهِم الطاعونَ والأمراضَ التي لم تكُن في أسلافِهم من قبل، وما لم تحكُم أئمَّتُهم بكتابِ الله إلا جعَل الله بأسَهم بينهم، وما منَعوا زكاةَ أموالهم إلا حُبس عنهم القطرُ من السّماء، ولولا البهائم لم يُمطَروا، وما نقَصوا المكيالَ والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدَّة المؤنة وجَورِ السلطان، وما نقَضوا عهدَ الله وعهدَ رسولِه إلا سلَّط الله عليهم عدوًّا فأخَذ بعضَ ما في أيديهم)) رواه ابن ماجه[4].

رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَـٰنَا فَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَـٰفِرِينَ [البقرة: 286]، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ [الأعراف: 23]، رَّبّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ ٱلرحِمِينَ [المؤمنون: 118].

اللهمَّ أنت الله الملك، لا إله إلا أنت، كلّ دابّة أنت آخذٌ بناصيتها، إِنَّ رَبّى عَلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ [هود: 56]، خُذ بنواصينا لما تحبّ وترضَى.

اللهمَّ أنت الله لا إله إلا أنت، وَجِلَ عرشُك من عظمتِك. اللهمَّ أنت الله لا إله إلا أنت، اشتدَّ خوفُ حملةِ عرشِك من عزّتِك وكبريائك. اللهمّ أنت الله لا إله إلا أنت، رجَفَت السموات وصعقت الملائكة من جبروتِك وقهرِك وسماعِ كلامِك العظيم. اللهمّ أنت ربّنا وربّ كل شيء، وسعت رحمتك كلَّ شيء، عظم حلمُك وعفوُك عن خلقِك، وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلٰكِن يُؤَخِرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ [النحل: 61].

سبحانَك ربَّنا، هدَيتَ كلَّ مخلوق في السَماء والأرض والبَرّ والبَحر لما فيه نفعُه وصلاح حياته، وأوصلتَ إليه برَّك وإحسانَك، لن تُطاع إلا بإذنك، ولن تعصَى إلا بعلمك، ما أجلَّ شأنَك ربَّنا، وما أعظمَ سلطانَك، رزقتَ الطيرَ في جوّ السماء ومجاهِل الأرض، ورزقتَ الوحوشَ في البريّة، والدوابَ في البرّ والبَحر، أحصيتَهم عَددًا، ولم تنسَ مِنهم أحدًا.

اللهمَّ استكانَت النفوسُ وذلَّت لعظمتك، اللهمّ خشَعَتِ القلوب لجبروتِك، اللهمّ استسلمت الجوارح لقدرتِك، اللهمَّ يبسَتِ الأشجار وقلَّتِ الثمار وهلكتِ البهائم والدوابّ من قلَّة الأمطار، اللهمّ لا إله لنا غيرك فندعوه، ولا ربَّ لنا سِواك فنرجوه.

اللهمَّ أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهمّ أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين. سبحانَ الله وبحمده، رضا نفسِه، وزِنةَ عرشِه، ومدادَ كلماته، وعددَ خلقه. سبَّحَ لله وحمدَه كلّ شيءٍ من صامتٍ وناطِق، اللهمّ لا نُحصي ثناءً عليك، أنتَ كما أثنيتَ على نفسك.

اللهمّ ربَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل ومحمَّد ، أنزِل علينَا الغيثَ ولا تجعلنا من الآيسين.

اللهمَّ خضعَت لك رقابُنا، وفاضَت بالدَّمع أعينُنا، وصدَقت لك تَوبتُنا، ولن يضيقَ عفوُك عن ذنوبِنا. اللهمّ عنَت لك وجوهُنا، ومدَدنا لك أيديَنا، وعظُمت فيك رغبتُنا، وحسُن فيك ظنّنا.

اللهمَّ أنزِل علينا غيثًا مغيثًا، اللهمَّ أنزِل علينا غيثًا مغيثًا، عاجِلاً غيرَ آجِل، اللهمَّ أنزِل علينا غيثًا مغيثًا، عاجِلاً غيرَ آجِل، اللهمَّ أنزِل علينا غيثًا مغيثًا، عاجِلاً غيرَ آجِل، اللهمّ تُغيثُ بِه العباد، وتحيي به البلاد، ويكون بلاغًا للحاضر والباد. اللهم أسقِ عبادَك وبهائمك، وأحيِ بلدَك الميّت. اللهمّ سقيا رحمةٍ لا سُقيا عذابٍ ولا بلاء ولا هدم ولا غرق.

اللهمّ غيثًا مغيثًا سحًّا عامًّا طبَقًا مجلِّلا مبَارَكا يكون قوّةً لنا وبلاغًا إلى حين.

اللهمّ صلِّ على محمّد وعلى آله محمّد، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد، وبارِك على محمّد وعلى آل محمّد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد، وسلّم تسليما كثيرا، عددَ ما أحصَاه كتاب الله، وملءَ ما أحصاه كتابُ الله، وعددَ كلّ شيء، وملءَ كلّ شيء.

سبحانَ ربّك ربّ العزّة عمَّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين.

استقبلوا بالدعاء القِبلة، وحوِّلوا لباسَكم، وارغبوا إلى الله عزّ وجلّ في الدّعاء، فإنّ الله تبارك وتعالى يجيب دعوةَ المضطرّين، ورحمتُه قريب من المحسنين.



[1] انظر: تفسير البغوي (7/375).

[2] صحيح مسلم: كتاب البر (2577).

[3] أخرجه الطبراني في الكبير (22/309)، والبيهقي في السنن (3/345) من حديث مسافع الديلي رضي الله عنه، وضعفه الذهبي كما في فيض القدير (5/344)، والهيثمي في المجمع (10/227)، وأورده الألباني في ضعيف الجامع (4860). وله شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه أبو يعلى (6402)، والطبراني في الأوسط (7085)، والبيهقي (3/345)، قال الحافظ في التلخيص (2/97): "في إسناده إبراهيم بن خثيم بن عراك وقد ضعفوه"، وبه أعله الهيثمي في المجمع (10/227). وله شاهد مرسل عن أبي الزاهرية عند أبي نعيم في الحلية (6/100). وله شاهد من حديث ابن مسعود عزاه القرطبي في تفسيره (3/260) إلى الخطيب في السابق واللاحق من طريق الفضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عنه رضي الله عنه.

[4] أخرجه ابن ماجه في الفتن (4019)، والبيهقي في الشعب (3/197)، وصححه الحاكم (4/540)، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني بمجموع طرقه في السلسلة الصحيحة (106).

الخطبة الثانية

لا توجد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً