.

اليوم م الموافق ‏11/‏محرم/‏1447هـ

 
 

 

علامات الساعة (3)

5613

الإيمان

أشراط الساعة

سعد بن عبد الله العجمة الغامدي

الطائف

17/5/1410

سعيد الجندول

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- ذكر بعض علامات الساعة الصغرى. 2- تحقق هذه العلامات ووقوعها.

الخطبة الأولى

أما بعد: فمن الأمور التي أخبر عن وقوعها الصادق المصدوق رسولنا محمد التطاول في البنيان والتباهي فيها وزخرفتها وتخطيطها كتخطيط الثياب والمفروشات المعلمة المخططة المزخرفة والتفاخر بين الناس، حتى يعمَّ ذلك رعاةَ الغنم الحفاة العراة العالة من العرب، وقد حصل ما أخبر به الرسول في زمننا هذا، ففي آخر الحديث الطويل الذي سأل فيه جبريلُ رسولَ الله عن الإسلام والإيمان والإحسان وعن الساعة فقال: ((ما المسؤولُ عنها بأعلم من السائل))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((أن تلدَ الأمةُ ربَّتَها، وأن ترى الحفاةَ العراةَ العالةَ رِعَاءَ الشَّاء يتطاولون في البنيان))، وعنه أنه قال: ((لا تقوم الساعة حتى يَبْنِيَ الناسُ بيوتًا يُوَشُّونها وَشيَ المراجيل)) أي: يخططونها ويزخرفونها كالثياب المخططة المعلمة.

ومن العلامات التي ظهرت في عصرنا هذا زخرفة المساجد ونقشها والتفاخر بذلك وإطالة المنائر، وكذلك المنابر طُوِّلَتْ وَعَلَتْ حتى أصبحت إلى عشرين درجة في بعض المساجد للجمعة، مع أن السنة ثلاث درجات فقط، أما التباهي في بناء المساجد من أجل الرياء والسمعة والتفاخر فمشاهدٌ أمْرُهُ وواضح للعيان، وهذه مصيبة عمَّت وطمَّت ولا حول ولا قوة إلا بالله. عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد))، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (لَتُزَخْرِفُنَّهَا كما تزخرف اليهود والنصارى)، وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((يا ابن مسعود، إن من أعلام الساعة وأشراطها أن تُزخرف المحاريب وتخرب القلوب))، وفي حديث حذيفة رضي الله عنه الذي ذُكِرَ فيه من اقتراب الساعة ثنتان وسبعون خصلة، وذكر منها: إطالة المنابر، وفي رواية: إطالة المنائر، وكلها قد حصلت ووقعت وهي مشاهدة الآن كما أخبر رسولنا محمد .

ومن العلامات أيضًا كثرة الخطباء، وهذا كناية عن تعدّد صلاة الجمعة في البلد الواحد مع تقارب مساجد الجمعة في الأحياء المتجاورة وعدم الحاجة إلى ذلك، وتقصير صلاة الجمعة وتطويل الخطبة كما ورد، مع أن العكس هو السنة لعدم فهم الناس لما يُقَال في الخطبة إنِ اخْتُصِرَتْ، ولحاجتهم إلى التوضيح والبيان، ولِمَلَلِهِمْ وسَآمَتِهِمْ من طول الصلاة لو طُبِّقَت السنة، هذا هو تعليل من خالف السنة، ولو طُبِّقَت لأَرْغَى الناسُ وأَزْبَدُوا، ولكن ليقع ما أخبر به الرسول محمد كما قال عليه الصلاة والسلام، روي عن رسول الله أنه قال: ((يأتي على الناس زمان علماؤها فتنة، وحكماؤها فتنة، تكثر المساجد والقراء، لا يجدون عالمًا إلا الرجل بعد الرجل))، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (سيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه، كثير قراؤه، تحرف فيه حروف القرآن وتضيع حدوده، كثير من يسأل، قليل من يعطي، يطيلون فيه الخطبة، ويقصرون الصلاة، يبدّون فيه أهواءهم قبل أعمالهم).

ومن العلامات تَشَبُّب المشْيَخَة، فترى الذي طلع فيه الشيب من الرجال يصبغ لحيته وشعر رأسه بالسواد مع أنه ورد النهي عن ذلك في أحاديث عدة والوعيد الشديد لمن خضب بالسواد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة)).

ومنها أيضًا كثرة التجارة وفُشُوُّهَا بين الناس حتى تشاركَ المرأةُ فيها أو النساءُ عمومًا يشاركن الرجال كما هو مشاهد في الأسواق وإدارة الأعمال وممارسة أنواع التجارة ولو من منزلها وقعر دارها عن طريق الشبكة العنكبوتية والاتصالات الحديثة المختلفة. ومنها تقارب الأسواق وكسادها، وهذا كله مما نراه جميعًا. وكذلك سلام الشخص على الخاصة ممن يعرف فقط، والتحية أيضًا تكون بالتلاعن عند ملاقاة الأسافل من الناس، قال رسول الله : ((بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفُشُوُّ التجارة حتى تشارك المرأة زوجها في التجارة))، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الأسواق)). وها هي المرأة تشارك زوجها في التجارة، سواء بالمال أو بالعمل معه ومساعدته ولو عن طريق الشبكة العالمية في بيع وشراء الأسهم والصفقات التجارية الأخرى ولو كان من غرفة نومها، أو بالذهاب معه إلى الأسواق للاتجار وشراء ما يريدون في أقلّ الأحوال كما ورد في الحديث الآتي ذِكْرُهُ بلفظ: ((تَتَّجِر)).

والأسواق تتقارب من عدة وجوه، من ناحية تقاربها في المكان حيث الأسواق والمحلات التجارية المتشابهة بجانب بعضها وقريبة منها، أو من ناحية سرعة العلم بما يكون فيها من زيادة السعر ونقصانه عبر وسائل الاتصال الحديثة، أو من جهة سرعة السير والانتقال من سوق إلى سوق وجلب البضاعة منه ولو كانت مسافة الطريق بعيدة جدًا، فها هي السيارات والقطارات والطائرات والبواخر تجلب البضائع في أقصر وقت. وكل ذلك محتمل للمعنى، وقد وقع الذي أخبر عنه .

وأمّا عن تحية الخاصّة وسلامهم على المعرفة وتحية التلاعن بين المتلاعنين من الشباب ويكون ذلك من كبار السن أيضًا فكما ورد في الحديث السابق وأحاديث أخرى، منها قوله : ((إن من أشراط الساعة أن يسلم الرجل على الرجل، لا يسلم عليه إلا للمعرفة))، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((لا تزال الأمة على الشريعة ما لم تظهر فيهم ثلاث: ما لم يُقبض منهم العلم، ويكثر فيهم ولد الحنث، ويظهر فيهم الصقّارون))، قالوا: وما الصقارون يا رسول الله؟ قال: ((نشءٌ في آخر الزمان، تكون تحيتهم بينهم إذا تلاقوا التلاعن))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا تقوم الساعة حتى تُتَّخَذَ المساجدُ طرقًا، وحتى يُسَلِّمَ الرجلُ على الرجل بالمعرفة، وحتى تَتَّجِرَ المرأةُ وزوجُها، وحتى تَغْلُوَ الخيل والنساء ثم ترخص فلا تغلو إلى يوم القيامة)).

ومن العلامات كثرة الزلازل التي نعيشها ولا يكاد يمر أسبوع إلا ويقع زلزال في أيّ جزءٍ من الأرض، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((لا تقوم الساعة حتى تكثر الزلازل))، وروى عبد الله بن حوالة رضي الله عنه قال: وضع رسول الله يده على رأسي أو على هامتي فقال: ((يا ابن حوالة، إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدّسة فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه إلى رأسك)).

ومنها أيضًا موت الفجأة، فتجد الشخص معك سليمًا معافى فإذا به يسقط ميتًا، أو يأكل ويشرب وإذا به فقد الحياة بالسكتة القلبية، أو يخرج من بيته فلا يعود إلا جنازة، أو يأتي خبرُه ويُدْفَن بعيدًا عن أهله بسبب الحوادث، عن أنس رضي الله عنه يرفعه إلى النبي أنه قال: ((إن من إمارات الساعة أن يظهر موت الفجأة)).

ومنها عبادة صنم في دَوْس يطوف به الناس وخاصة النساء، وقد كانوا يعبدونه في الجاهلية، وهذا قد حصل في القرن الماضي، وأُزِيلَ بفضل الله وكرمه بعد أن عادت عبادته والتبرك به والطواف حوله كما أخبر بذلك رسول الله ، حيث قال رسول الله : ((لا تقوم الساعة حتى تضطرب إِلْيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ حول ذِي الخَلَصَةِ)).

ومنها أيضًا انتفاخ الأهلة حتى يرى الرائي الهلالَ في الليلة الأولى من الشهر فيعتقد أنه في الليلة الثانية أو الثالثة، عن أنس بن مالك يرفعه إلى النبي قال: ((إن من إمارات الساعة أن يُرَى الهلال لليلة فيقال: لليلتين)).

ومنها أن يَكْتَفِيَ الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وهو كناية عن كثرة اللواط بين الرجال أو ما يسمى بالشذوذ الجنسي، وهذا قد انتشر بكثرة وخاصة في الدول الغربية وغيرها من البلاد حتى انتشر المرض الذي يسمونه بالإيدز أي: نقص المناعة؛ بسبب تلك الفاحشة نعوذ بالله من ذلك. وكذلك السِّحَاق بين النساء، وهذا يعلمه كثير من الناس، وقد وقع كما أخبر الرسول ، وانتشرت الأمراض التي لم تكن في الأولين من قبلنا، قال رسول الله : ((ما فشت الفاحشة في قوم قَطّ إلا فشت فيهم الأمراض التي لم تكن في أسلافهم))، وجاء عنه : ((إن من أعلام الساعة وأشراطها أن يكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء)).

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده سبحانه وأشكره وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدًا عبد الله ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله.

أما بعد: فمما أخبر به رسولنا محمد كثرة شهادة الزور وكتمان شهادة الحق، وهذه من كبائر الذنوب التي عمت وكثرت في مجتمعات المسلمين حتى امتلأت المحاكم والإدارات والوزارات بالمظالم، وأصبح الظالم كأنه مظلوم في الظاهر، والمظلوم ضاع حقه بسبب شهادات الزور، وفي المقابل الذي لا يقل عن شهادة الزور خطورة يحدث كتمان شهادة الحق في مجتمعات المسلمين، ولهذا السبب وغيره كثر الظلم الذي أخبر عنه الرسول محمد . ورد في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الطويل أن رسول الله قال: ((إن بين يدي الساعة ـ وعدَّد أمورًا منها: ـ شهادة الزور وكتمان شهادة الحق)).

وشهادة الزور هي الكذب تعمدًا في الشهادة، أيًا كانت الشهادة فهي زور وبهتان وكذب. وكما أن شهادة الزور سبب لإبطال الحق وإحقاق الباطل فكذلك كتمان الشهادة تفعل فعل شهادة الزور وتؤدي دورها وتعادلها وتماثلها في ضياع الحقوق ومساعدة الظالم على ظلمه للمظلوم، وهي ظلم لهم جميعًا الظالم والمظلوم وكاتم الشهادة، كما أنها كذلك في شهادة الزور، مع أن الله عز وجل قال في القرآن الكريم: وَلاَ تَكْتُمُواْ ٱلشَّهَـٰدَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءاثِمٌ قَلْبُهُ [البقرة: 283]، وقال تعالى: وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنْ الآثِمِينَ [المائدة: 106].

وقد قرن رسول الله شهادة الزور بالشرك بالله وعقوق الوالدين؛ لعظم خطرها، ولأنها سبب للظلم والجور وضياع حقوق الناس في الأموال والأعراض وإعانة للظلمة على ظلمهم وتعديهم على خلق الله واستمرارهم في طغيانهم وشيوع الفوضى في المجتمع وكسر لأصحاب الحقوق، ودليل على ضعف الإيمان وعدم الخوف من الله العزيز الحكيم، ولو أنصف كل إنسان من نفسه وأدى كل شاهد الشهادة على وجهها ولم يكتمها لعمَّ الخير وامتنع الظلم وأُهين الظلمة وعادت الحقوق لأصحابها وارتاح الموظفون في المحاكم والإدارات الأخرى مما وقع فيه الناس من شهادة الزور وكتمان شهادة الحق وضياع الحقوق. عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله فقال: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ـ ثلاثًا ـ: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور)) أو: ((قول الزور))، وكان متكئًا فجلس، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً