أما بعد: خبر وتعليق، ما الخبر؟ وما التعليق؟ أما الخبر فقد أفادت الصحف يوم الأربعاء الماضي بأنه تم القبض على خلية سلفية كانت تعدّ في مدرسة لقتل بعض الأجانب! وأما التعليق فتعليقان: الأول: تعليق على الحادثة، والثاني: تعليق على الحديث عنها.
أما التعليق على الحادثة فاعلموا ـ وفقكم الله ـ أن الكفار على أربعة أقسام:
القسم الأول: الكافر المحارب الذي اجتمعنا معه في معامِع القتال ومواقع النزال.
الثاني: الذمي، وهو من يدفع الجزية لوليّ أمر المسلمين كلّ عام.
الثالث: المعاهد، وهو من كان بيننا وبينه عهد لمدة معينة أو مطلقة، كالذين عاهدهم النبي من المشركين بصلح الحديبية.
الرابع: المستأمِن الذي أُعطي أمانًا من مسلم.
هذه أقسام الكفار.
أما المحارب فلا ريب أنّ الواجب أن يعمل فيه بقول رب العالمين: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ [محمد: 4].
وأما الذمي فقد كثرت النصوص التي تحرم علينا أن نقتله، ولا يوجد كافر ذميّ في هذا العهد؛ لأن المسلمين عطلوا شعيرة الجهاد في سبيل الله، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث بُرَيْدَةَ بن الحصيب أنه قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: ((اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا، وَلا تَغُلُّوا، وَلا تَغْدِرُوا، وَلا تَمْثُلُوا، وَلا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاثِ خِصَالٍ، فَأَيَّتهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ)) ما هي الخصال يا نبي الله؟ قال: ((ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ)).
فمن دفع الجزية من هؤلاء فهو الذمي، نسأل الله أن يعيد للإسلام مجده، قال تعالى: قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة: 29]. فهذا النوع حرم النبي أن يمس بسوء، فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ((مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا)) أخرجه الإمام أحمد.
وأما المعاهَد فلا يجوز أن يغدر به، فإن خفنا غدره نبذنا عهده، قال تعالى: وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ [الأنفال: 58]. وقد حرم رسول الله قتله بقوله: ((مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا)) أخرجه البخاري، وقال : ((مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدَة بِغَيْرِ حِلِّهَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ الْجَنَّة)) رواه أبو داود والنسائي.
ولو قتل المعاهد خطأً فقد أوجب الله الدية والكفارة على القاتل بقوله: وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء: 92].
والرابع المستأمِن، وهو جنس ينتظم أنواعًا عديدةً، وهي من أعطاه مسلمٌ أمانًا، فالمسلم يُدخل الكافرَ في جِواره، قال : ((الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، ويَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ)) رواه أبو داود. ((الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ)) أي: كما يقتص للشريف إذا قُتل يقتص للضعيف، ((ويَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ)) أي: يجير أدناهم كعبد وامرأة فيحرم دمه على عامة المسلمين، وقد قال النبي كما في الصحيحين لأم هانئ بنت عمه أبي طالب وأخت علي : ((قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ)).
فمن دخل في جوار مسلم فلا يجوز قتله للحديث آنف الذكر: ((مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا)) أخرجه البخاري. قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (12/259): "وَالْمُرَاد بِهِ مَنْ لَهُ عَهْد مَعَ الْمُسْلِمِينَ، سَوَاء كَانَ بِعَقْدِ جِزْيَة، أَوْ هُدْنَة مِنْ سُلْطَان، أَوْ أَمَان مِنْ مُسْلِم".
وقد أوجب الله علينا أن لا نتعرض له فقال: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ [التوبة: 6]، وجاءت هذه الآية بعد قول الله تعالى: فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ أي: فاقتلوهم ولكن إذا أراد أحد منهم أن يتعرف على الإسلام فأعطه الأمان، فإن أسلم وإلا فلا إكراه في الإيمان، والواجب علينا أن نُبلِّغَه ما يأمن فيه من مكان.
ومما يدل على أنّ المعاهد يشمل هذه الأنواع حديث النبي : ((أَلا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) رواه أبو داود. فهذا في الذمي سماه النبي معاهدًا.
وكما دلت النصوص على تحريم التعرُّض لهؤلاء الكفّار فقد دلّت الفطرة السليمة على ذلك، فالفطرة دالة على وجوب احترام مثل هؤلاء.
عباد الله، إنّ قتل هؤلاء عمل إجراميّ تتوّلد عنه كثير من المفاسد، منها:
1- الوقوع في الغدر والخيانة:
فالتعرض لهؤلاء الذين احترم رسول الله دماءهم غدر وخيانة، ولذا بوّب المنذري في الترغيب والترهيب بقوله: "الترهيب من الخيانة والغدر وقتل المعاهد أو ظلمه". فما حال الغادر يوم القيامة؟ يجيب سيد الأوفياء بقوله كما في صحيح البخاري ومسلم: ((إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلانِ بْنِ فُلانٍ))، فيفضحه الله قبل أن يقضيَ في أمره.
لقد أعطى عثمان بن طلحة مفتاح الكعبة للنبي لما دخلها منتصرًا، فدخلها وصلى في جوفها ثم جاء إليه عمه العباس فقال: اجعل لنا السِّدانة مع السِّقاية، فقال رسول الله : ((أين عثمان بن طلحة؟)) فجاءه، فدفع إليه بمفتاحها وقال: ((هذا يوم برٍّ ووفاء))، ونزلت الآية: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء: 58]. فما أعظمَه من دين!
2- مخالفة النصوص التي سبق إيرادها والتعرض للطرد من رحمة الله.
3- الانتحار:
ففي كثير من الأحيان لا يتمكن هؤلاء المتهوّرون من الوصول إلى أولئك الكفار لقتلهم إلا بأن يقتحم الإنسان منهم أماكنهم بنفسه، فيفجّرهم ويفجر نفسه معهم. ويا ليت شعري أيُّ دين يأمر بذلك؟! وأيُّ عقل يقر ذلك؟! وأي حجة عند هذا المنتحر؟! أما سمع هؤلاء بحديث رسول الله في الصحيحين: ((مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا))؟!
4- قتل بعض المسلمين:
فأماكن هؤلاء لا تخلو من وجود المسلمين فيها، ولقد قال بعضهم عندما اعترض عليه بأنهم يقعون في إزهاق روح المسلم، ردّ بقوله: أما المسلمون فعجَّلنا بهم إلى الجنة! فما أعظمَ تلاعبَ الشيطان بهم! وما أسفهَ عقولَهم! وحسبي هنا أن أُذكِّر بقصتين:
الأولى: رواها ابن ماجة وحسنها الألباني: عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ فِي سَرِيَّةٍ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِالرُّمْحِ، فَلَمَّا غَشِيَهُ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ إِنِّي مُسْلِمٌ، فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ، قَالَ: ((وَمَا الَّذِي صَنَعْتَ؟)) فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي صَنَعَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ : ((فَهَلا شَقَقْتَ عَنْ بَطْنِهِ فَعَلِمْتَ مَا فِي قَلْبِهِ؟!)) قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ شَقَقْتُ بَطْنَهُ لَكُنْتُ أَعْلَمُ مَا فِي قَلْبِهِ، قَالَ: ((فَلا أَنْتَ قَبِلْتَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ، وَلا أَنْتَ تَعْلَمُ مَا فِي قَلْبِهِ))، فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ، فَدَفَنَّاهُ، فَأَصْبَحَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ، فَقَالُوا: لَعَلَّ عَدُوًّا نَبَشَهُ، فَدَفَنَّاهُ ثُمَّ أَمَرْنَا غِلْمَانَنَا يَحْرُسُونَهُ، فَأَصْبَحَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ، فَقُلْنَا: لَعَلَّ الْغِلْمَانَ نَعَسُوا، فَدَفَنَّاهُ ثُمَّ حَرَسْنَاهُ بِأَنْفُسِنَا، فَأَصْبَحَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ، فَأَلْقَيْنَاهُ فِي بَعْضِ تِلْكَ الشِّعَابِ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ فَقَالَ: ((إِنَّ الأَرْضَ لَتَقْبَلُ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَحَبَّ أَنْ يُرِيَكُمْ تَعْظِيمَ حُرْمَةِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ)).
والثانية: في الصحيحين عن أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَى الْحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ رَجُلاً مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَكَفَّ الأَنْصَارِيُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ فَقَالَ: ((يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ؟!)) قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
5- تشويه صورة الإسلام:
والإسلام بريء من هذه الأعمال، فهو دين بر وصدق ووفاء، ولقد قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وعلى لسان أتباع موسى عليه السلام: رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي: لا تسلطهم علينا فيظنوا أنهم على الحق، وإن من ذلك أن نشوه لهم صورة ديننا، ولئن قال رسول الله : ((لأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ)) أخرجه الشيخان، فلأن يُضلّ بك كافرًا شرٌّ لك من كذا وكذا.
الإسلام دين لا يعرف الغدر، دين المرحمة. لقد قالت أمنا عائشة لنبينا : هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: ((لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الأَخْشَبَيْنِ))، فبماذا ردّ رسول الله ؟ قال: ((بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا)).
وإذا رحمت فأنت أمٌّ أو أبٌ هذان في الدنيا هما الرحماء
6- تشويه صورة الملتزمين:
فإن الاتهامات ستنالهم، وحسبهم قول ربهم: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج: 38]. وبوقوع الناس في عرضهم تجري لهم حسناتُهم.
7- زعزعة الأمن وزراعة الفوضى.
8- تسليط الكافرين علينا، وفينا ـ أيها المؤمنون ـ من الجراح ما يكفينا.
أيها المؤمنون، فرق كبير وبون شاسع بين الولاء والوفاء، فعدم التعرض لهؤلاء وفاء لا ولاء.
وإني لأرجو أن يُرفق بهؤلاء الشباب الذين كانوا يريدون القيام بهذه الأعمال؛ وذلك لسبب واحد، وهو أنه مغرر بهم بدون شك، إن كان لا بد من الضرب بيد من حديد فلتقع اليد على من غرَّر بهم ولوَّث أفكارهم بهذه القاذورات.
|