.

اليوم م الموافق ‏15/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

سيرة علي رضي الله عنه

5186

أديان وفرق ومذاهب, سيرة وتاريخ

تراجم, فرق منتسبة

عبد الله بن راضي المعيدي

حائل

2/6/1426

جامع عمر بن الخطاب

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه. 2- ذكر سبب الخلاف الذي حصل بين الصحابة في واقعتي الجمل وصفين باختصار. 3- بعض مواقف علي رضي الله عنه.

الخطبة الأولى

خطبتنا هذه الجمعة عن عَلَمٍ من أعلام التاريخ ومصباحٍ من مصابيح الدجى، بحياتهم وأعمالهم تندفع المحن، وبموتهم تتعاقب الإحن وتكثر الفتن، حديثنا هذه الجمعة عن أحد الأخيار البررة، نحن اليوم مع "بطل المواجهة"، نتكلم اليوم عن بطل من الأبطال، بطلٌ في زهده وفي غناه، بطلٌ في شجاعته وفي إقدامه، بطل في سِلمه وفي حربه، عاش بطلاً، ومات بطلاً، ويبعث إن شاء الله بطلاً. إنه علي بن أبي طالب ، أبو الحسن أو أبو تراب، كما كنّاه النبي .

لقد كان عليٌ رضي الله عنه من الذين أسلموا في أول البعثة، وهو أول من أسلم من الصبيان حيث كان عمره يقارب ثماني سنوات أو عشر سنوات حسب ما جاء في السير، وقد كان في حِجْر النبي قبل الإسلام معونةً من رسول الله لعمه أبي طالب حيث كان كثير العيال قليل المال، فأخذه النبي عنده، وحينما حضرت الوفاة أبا طالب حاول النبي معه أن ينطق بالشهادتين، ولكنه لم يستجب للنبي ، فبعدها خرج من عنده عائدًا إلى بيته، ثم جاءه علي رضي الله عنه وقال: يا رسول الله، مات عمك الشيخ الضال، ولم يقل: أبي مات، ولم يتأثر بموته لأنه مات على الكفر، فكأنما هو يعلن براءته منه مُحقِّقًا قول الله تعالى: لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [المجادلة: 22].

ومن فضائل علي بن أبي طالب أنه زوج سيدة نساء أهل الجنة فاطمة رضي الله عنها وأبو سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين رضي الله عنهما، قال عنه النبي : ((إنه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق))، وقال له النبي : ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي))، وقال أيضًا لعلي : ((أنت مني، وأنا منك))، وقال : ((من آذى عليًا فقد آذاني)).

وقد جاء في الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله قال يوم خيبر: ((لأعطين هذه الراية غدًا رجلاً يفتح الله على يديه، يحبُّ الله ورسوله، ويحبه اللهُ ورسولُه))، قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيُّهم يعطاها، أي: يخوضون، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: ((أين علي بن أبي طالب؟)) قالوا: هو ـ يا رسول الله ـ يشتكي عينيه، فقال: ((فأرسلوا إليه))، فأُتى به فبصق رسول الله في عينيه، ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية... الحديث، وفتح الله عليه وكان فتح خيبر على يديه.

ولما أراد النبي أن يهاجر خرج مختفيًا متسللاً، وخرج النبي وترك عليًا في فراشه، فأتى إليه الكفار شاهرين سيوفهم متوثبين للقتل وإراقة الدماء، إلا أنه كان ثابت الجأش، لم يخف ولم يضطرب، لأنه بطل المواجهة، ثم لحق الرسولَ عليه الصلاة والسلام في المدينة.

أيها الإخوة، لقد كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقيرًا، لم يكن من أصحاب الأملاك ولا تاجرًا، ولكن زوّجه النبي ابنته فاطمة، وكان مهرها درعًا حطمية، مهرُ سيدة نساء أهل الجنة وابنة سيد ولد آدم ، مهرها درع!.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه.

 

الخطبة الثانية

عباد الله، ومن الأحداث العظيمة التي وقعت في عهد علي رضي الله عنه موقعتا الجمل وصفين، وأحداث هاتين الواقعتين طويلة، ذكرها أهل التاريخ كابن كثير في البداية والنهاية، فمن أراد معرفتها كاملة فليراجعها، ولكن سأذكرها على سبيل الاختصار؛ لأن بعض أعداء السنة صاروا يذكرون مثل هذه الحوادث فيزيدون وينقصون ويكذبون لينالوا من أصحاب رسول الله .

وسبب هاتين الواقعتين أنه لما قُتل عثمان وتولى علي رضي الله عنه قرر أن يرسِّخ قواعد دولته ويختار القادة والولاة والأمراء لبلاده وجيشه أولاً، ثم يأخذ بدم عثمان من كل من شارك في قتل عثمان، ولكن هناك من الصحابة من طالب أولاً بقتل قَتَلَة عثمان، فقال لهم علي: أنا أريد قَتَلَة عثمان، قتل الله من قتل عثمان، ايتوني بقَتَلَة عثمان وأنا أقتلهم، لأنه يعلم أن هؤلاء القتلة اندمجوا في الجيوش ولهم عزة وجماعة، ولا يمكن أخذهم إلا بعد ترسية قواعد الدولة ومؤسساتها التنفيذية، وإلا أصبحت القضية ثارات وغارات تذهب بالصالح والطالح.

وإن مما يجب معرفته أن معتقد أهل السنة والجماعة فيما حصل بين الصحابة من اجتهادات أنَّا نصون ألسنتنا عن الخوض فيه مع اعتقاد حبنا لهم جميعًا رضي الله عنهم أجمعين، وأنهم مجتهدون فيما حصل بينهم وخطأهم مغفور.

وبالمناسبة فإن ما يقال عن التحكيم بين أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وعمرو بن العاص رضي الله عنهما غير صحيح، قيل: إن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه قال: أنا أخلع عليًا مثل ما أخلع خاتمي هذا، وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه: وأنا أثبت صاحبي ـ أي: معاوية ـ مثل ما أضع خاتمي هذا. فهي قصة مختلقة ليس لها أساس من الصحة.

ومن المواقف العظيمه موقفه من الخوارج ومن الشيعة، فأما الشيعة فكان رئيسهم المنافق عبد الله بن سبأ، فقد وصل بهم الحال إلى أن قالوا: أنت إلهنا، أنت ربنا، فخدّ لهم علي الأخاديد وأشعل فيها النار، وقال: من لم يرجع عن قوله ألقيته فيها، فردوا عليه بقولهم: الآن ازداد يقيننا أنك ربنا، ولكنه تراجع عن حرقهم بالنار ، وأخذ يقتلهم بالسيف.

أما الخوارج الذين كفّروا الصحابة وكفَّروا بالذنوب فقد ناجزهم وقاتلهم قتالاً شديدًا، وكان له شرف قتل قائدهم وقتل جمعٍ غفير منهم، ولقد بيّن النبي فساد هذه الفرقة، وأن من قتل هؤلاء المبتدعة له أجر عظيم كما قال : ((إن في قتلهم أجرًا عظيمًا لمن قتلهم يوم القيامة))، وقال : ((لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود))، وفي رواية: ((لأقتلنهم قتل عاد)).

فكانوا في عهد علي ، فتحقق قول النبي ، ولكن المنافقين المتربصين بأهل الخير أشباه النمل الأبيض (الأرضة)، قتلوا أبا الحسن غدرًا قبل أن يقتل من بقي من قَتَلة عثمان ، وقد قُتلوا جميعًا، آخرهم قتله الحجاج، وهم يبلغون ما يقرب من ألفي رجل تقريبًا.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً