.

اليوم م الموافق ‏05/‏ذو القعدة/‏1445هـ

 
 

 

فتنة الدجال (2)

5004

الإيمان, الرقاق والأخلاق والآداب

أشراط الساعة, الفتن

عاصم بن لقمان يونس الحكيم

جدة

8/1/1423

جامع جعفر الطيار

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- حال المسلمين وقت خروج الدجال. 2- القتال بين المسلمين والنصارى. 3- ضريبة النصر. 4- فضل صيام عاشوراء.

الخطبة الأولى

قال النبي : ((إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظمَ فتنة من الدجال)).

عباد الله، لقد أخبرنا نبينا عن حال المسلمين وقت خروج الدجال، وأنهم يكونون في قوة وعزة ومنعة، وإن من قوتهم أنهم يتصالحون مع النصارى ويقاتلون معا عدوا مشتركا فينتصرون عليه، يقول النبي : ((ستصالحون الروم صلحا آمنا، ثم تغزون أنتم وهم عدوا فتنصرون وتغنمون وتسلمون، ثم تنصرفون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول، فيرفع رجل من أهل النصرانية صليبا فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيقوم إليه فيدقه، فعند ذلك تغدر الروم ويجتمعون للملحمة))، وفي رواية: ((فيثور المسلمون إلى أسلحتهم فيقتتلون، فيكرم الله تلك العصابة بالشهادة)).

عباد الله، إن النصارى ينصبون صليبهم افتخارا بما صنعوا واعتقادا منهم أنهم ما انتصروا إلا بفضل الصليب، وهم ما أعلنوا ذلك إلا لينقضوا حلفهم مع المسلمين، أو ليغيظوا المسلمين على أقل تقدير، والمسلمون في ذلك الزمان أقل عددا من النصارى كما أخبر بذلك نبينا ، إلا أن المسلمين على قلتهم أعزة على الكافرين، فما كان من ذلك العبد الصالح إلا أن قام فكسر الصليب؛ لأن سكوته وسكوت من معه ذل للإسلام والمسلمين وقبول بوضع الصليب في أعناقهم، وهكذا في كل زمان يُعرض المسلمون فيه عن الافتخار بدينهم وإظهار العزة، لأن المسلم إذا تخاذل وخنع وخضع ركب اليهود والنصارى ظهره واتخذوه دابة من دوابهم، ومن لم يكن معهم فهو ضدهم، وصدق الله تعالى إذ يقول: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120]؛ لذا كان لزاما على ذلك العبد الصالح أن يدق الصليب ولو كان في ذلك هلاكه.

ولعزة الإسلام في ذلك الزمان قام المسلمون الذين كانوا معه غيرة وحمية للدين وانتصارا لأخيهم الذي استشهد، فقاتلوا حتى أكرمهم الله تعالى بالشهادة، والملاحظ أن أحدا لم يصف هذا المؤمن بالإرهاب والتطرف والتشدد لكسره الصليب، لقد جاء في صحيح البخاري عن عائشة أن النبي لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه، وجاء في الصحيحين أن النبي قال: ((والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد))، فالصليب وثن كما قال ذلك نبينا لعدي بن حاتم رضي الله عنه إذ قال له: ((اطرح هذا الوثن من عنقك))، فإزالة الأوثان والأصنام والتصاليب كل ذلك من واجبات المسلم بحسب مكانته وقدرته؛ لذا بعد أن قتل الصليبيون ذلك المسلم لكسره صليبهم لم يطالب المسلمون بالسلام والمعاهدات، بل هبوا جميعا لأسلحتهم وقتال الصليبيين الذين غدروا بالمسلمين كما أخبرنا نبينا ، وآنذاك تقوم الملحمة الكبرى بين الصليبيين والمسلمين، حيث يكون في صفوف المسلمين عدد كبير من النصارى الذين أسلموا وحسن إسلامهم، ولقد أخبرنا نبينا أنهم يأتون ويجتمعون تحت ثمانين غاية، مع كل غاية عشرة آلاف مقاتل، جاء في صحيح مسلم أن النبي قال: ((لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخرج لهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، يقول المسلمون: لا والله، لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لاَ يَتُوبُ اللّهِ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشّهَدَاءِ عِنْدَ اللّهِ، وَيَفْتَتِحُ الثّلُثُ لاَ يُفْتَنُونَ أَبَدا، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطُنْطِينيّةَ)).

أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

وبعد: إن سنة الله تعالى أن فوز المسلمين وانتصارهم لا يكون بلا ثمن وتضحية وفداء، وكذا الحال في قتال المسلمين للنصارى الصليبيين، فإن النصر لم يكن مجانا، بل كان الثمن فادحا ولكن كل شيء يهون في سبيل دين الله تعالى، فإن المسلمين يقاتلون ثلاثة أيام، ويفتح الله عليهم في اليوم الرابع بعد أن هلك معظمهم، حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتا، والله أعلم بسبب موته، أهو من الإشعاعات الذرية أم من الغازات الكيمائية، فيتعاد بنو الأب كانوا مائة، فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك، أن الدجال قد خلفهم في ذراريهم، فيبعثون عشرة فوارس طليعة، قال عليه الصلاة والسلام: ((إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ)). وهذه هي حال المسلم من فتنة إلى أخرى ومن اختبار إلى آخر، حتى يلقى الله عز وجل، فما أن فرغوا من قتال العدو المشترك حتى شرعوا في قتال الصليبيين، وما أن فرغوا منهم حتى خرج عليهم الدجال بفتنه المختلفة والمتعددة التي أسأل الله تعالى أن ييسر لنا خطبة نتذاكر فيها شيئا منها، نسأل الله تعالى أن يجيرنا وإياكم والمسلمين من فتنته.

ولا يفوتني أن أذكركم بفضل صوم عاشوراء الذي أخبر نبينا أن صومه يكفر سنة ماضية، والأسلم في حق المسلم أن يصوم السبت والأحد، فلو كان شهر ذي الحجة ناقصا فإن المسلم يكون قد صام العاشر والحادي عشر، وإن كان الشهر كاملا فإنه يكون قد أدرك التاسع والعاشر، وما ينبغي للمسلم العاقل أن يفرط في هذا الأجر العظيم بحجة عمل أو دراسة، فما هي إلا ساعات معدودة ويفطر المسلم على تمرات حامدا الله تعالى على تيسير هذه الطاعة، بينما يتحسر ذلك الذي ما صام وهو يرى الناس حوله وقد وفقهم الله لطاعته وخذله هو من بين الناس، فاستعينوا بالله ـ عباد الله ـ في صيام هذين اليومين، استعدادا لعطش يوم القيامة وحره، أجارنا الله وإياكم منه.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً