.

اليوم م الموافق ‏10/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

سنن الله في الظالمين: أمريكا نموذجا

4903

الرقاق والأخلاق والآداب

آثار الذنوب والمعاصي

سعيد بن عبد الباري بن عوض

جدة

سعد بن أبي وقاص

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- التفاؤل بمستقبل الإسلام والمسلمين. 2- طغيان أمريكا. 3- من سنن الله في الظالمين. 4- حال المسلمين اليوم وبعدهم عن الله. 5- من أسباب النصر.

الخطبة الأولى

حين تكفهر الأجواء وتتلبد بالغيوم السماء إيذانًا بحرب يشنها الباطل على الحق والكفر على الإسلام وقد اغتر الكفر بقوته على أهل الإسلام بضعفهم تبدو الوجوه وقد اكفهرت، والنفوس وقد انقبضت، والقلوب وقد ارتجفت، تشاؤما مما تخبئه الليالي والأيام، توقعا للشر وتحسبا للخطر، وتضج المجالس بأحاديث لا تعد ولا تحصى كمًا ونوعًا، والقاسم المشترك بينها التشاؤم والخوف واليأس.

معاشر المسلمين، ما لنا نرى الوجوه كئيبة والسعادة قد غدت سليبة؟! ليت ذلك يكون لما يجري على الدين وما يصيب إخواننا المسلمين، لكن البلاء أن كثيرًا من أحاديثنا حول خوفنا من الموت أو ضيق العيش، فلا إله إلا الله! إذا كنا ونحن في هذه الحال همنا الأول وشغلنا الشاغل دنيانا وأموالنا كيف نرجو بعد ذلك رفع البلاء؟!

أيها المؤمنون، ومع ذلك كله فإنني جئتكم اليوم متفائلا، نعم، جئت متفائلا بما سيكون إن شاء الله. إنني أرى ـ والله ـ من وراء هذه الأزمات بشائر خير وإرهاصات صحوة للأمة، تخرجها من كهوف الأزمة الحاضرة. فليتشاءم من شاء، وليبك من شاء، ولتفعل أمريكا ما تشاء، فوالله ثم والله ثم والله لن تذهب هذه الدماء بالمجان. نعم، إن دماءنا تراق ودمعنا يهراق لكنني مع ذلك أستشرف العطاء من وراء هذا البلاء. إنها ليست تكهنات ولا تخرصات، ولست ـ عياذا بالله ـ بكاهن، لكنني مستقرئ لسنة الله الكونية من خلال آياته الشرعية والأحاديث النبوية.

لقد ظلمتنا أمريكا ـ عليها من الله ما تستحق ـ ظلمًا عظيمًا؛ يحتل اليهود أرضنا بدعمها، ويهدمون ديارنا ويقتلون نساءنا وأطفالنا وشبابنا وشيوخنا، وإذا واجهناهم بالحجارة واجهونا بالدبابات والطائرات والمدافع والرشاشات ثم يتهموننا بالإرهاب، ليُسمَّ من يقذف الحجر في وجه الدبابة إرهابيًا، ومن يدافع المحتل المغتصب لأرضه مجرمًا. ويسلطون علينا إعلامهم الكاذب الخبيث، ويخصون بالذكر بلاد الحرمين الشريفين ليرموها بالتهم الباطلة والدعاوى الكاذبة.

لقد شابهت هذه الدولة الخبيثة فرعون في طغيانه، وقالت بلسان حالها مقولة فرعون: "أنا ربكم الأعلى". فها هي قد هاجمت العراق واحتلتها، وتضرب بعرض الحائط رأي العالم كله على المستوى الشعبي وعلى المستوى الدولي وعلى مستوى الهيئات العالمية التي تفرض على المسلمين ما تشاء، بينما لا يطبق من هذه القوانين الوضعية عليها إلا ما ترتضيه لنفسها، فأي عتو هو أشد من هذا العتو؟! وأي استكبار هو أشد من هذا الاستكبار؟!

إنها ـ والله ـ بداية النهاية لهذه الدولة الكافرة الظالمة. إنه ـ عباد الله ـ ليس رجما بالغيب. ودعونا نقف مع كتاب الله لنستقرئ منه مصير هذه الدولة الخبيثة.

معاشر المؤمنين، يقول الله جل وعلا: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ [إبراهيم:42]. فهو يخبرنا سبحانه أنه مطلع على أفعالهم عالم بأحوالهم، وإذا كان الأمر كذلك فلن يتركهم، ويشهد لذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي موسى قال: قال رسول الله : ((إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته))، قال ثم قرأ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102].

وإن من سنة الله تعالى في الظالمين المعتدين أن ينزل عليهم أنواعا من العذاب الذي يكون كالمنبهات؛ ليرجعوا إلى صوابهم ويثوبوا إلى رشدهم ويستكينوا لربهم ويتضرعوا إليه. فإذا لم يفعلوا فإنه سبحانه لا ينزل عليهم العذاب مباشرة بل يمتعهم قليلا، وينعم عليهم بالرخاء زمنا معينا، ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، سنة ماضية وحكمة قاضية فلتكن النفوس راضية. واقرؤوا إن شئتم قول المولى عز وجل: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:42، 43]، وقال جل من قائل: وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ [الأعراف:130]، وقال سبحانه مبينا أنواعا من العذاب أنزلها على فرعون وقومه، تنبيها وتذكيرا ليتوبوا ويعودوا إلى ربهم، فماذا كانت النتيجة؟ استمع إلى قول الله تعالى: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ [الأعراف:133]، وقال جل ذكره مبينا حالهم مع هذه التنبيهات: وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ [المؤمنون:76]. فهذه ـ عباد الله ـ عدة أنواع من العذاب أدب الله بها الأمم الغابرة، وهداهم إليه بواسطتها، ولكنهم أبوا إلا الجحود والكفران، ورفضوا التوبة والعودة إلى الله.

وإن من سنته بعد ذلك أن يمتحن هؤلاء الكفرة الظلمة بالرخاء بعد الشدة فتنة لهم، كما حكى ذلك في التنزيل فقال: ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ [الأعراف:95]. وهكذا يغترون وينخدعون، ثم ماذا بعد؟ يقول سبحانه: فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [الأعراف:95]. ومع ذلك فإن الله بكرمه وفضله قد يرحمهم نسبيا؛ فيرفع عنهم بعض الشدائد ليرجعوا عما هم فيه، ولكنهم كما قال تعالى: وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [المؤمنون:75] أي: لتمادوا واستمروا في طغيانهم وتمادوا في ضلالهم وعمى بصيرتهم.

ومن سنة الله كذلك أنه قد يمهل الظالمين ويرجئ عذابهم إلى وقت آخر، ويمدهم مع ذلك بالأموال والبنين ويوسع عليهم في حياتهم، ويسهل لهم الصعاب ويمهد لهم سبل المعاش، فيظن الجهال بسنة الله أنهم على خير، وأنهم ناجون غير معاقبين، وهم لا يعلمون أن الله يستدرجهم ويملي لهم من حيث لا يشعرون حتى يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، واقرؤوا إن شئتم: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ [المؤمنون:55، 56]، ويقول سبحانه: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ [الحج:48]، وفي الصحيحين من حديث أبي موسى قال: قال رسول الله : ((إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته))، ثم قرأ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102].

ألا فليعلم النصارى واليهود بأن الله تعالى قد أهلك أقوامًا وقرونًا وأجيالاً كانوا أشد منهم قوة وأطول أعمارًا وأرغد عيشًا وأكثر أموالاً، فاستأصلهم وأبادهم ولم يبق لهم ذكر ولا أثر، وتركوا وراءهم قصورا مشيدة وآبارا معطلة وأراضي خالية ونعمة كانوا فيها فاكهين، وأورث كل ذلك قوما آخرين، فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين، قال تعالى: أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ [الأنعام:6]، وقال جل وعلا: فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وهذا كفعل النصارى اليوم وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً [فصلت:15]. وقد قالها النصارى اليوم بلسان حالهم ولسان مقالهم، والله يرد عليهم: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ [فصلت:15]. فماذا كانت النتيجة، نتيجة أولئك المتكبرين المغترين بقوتهم الذين ظنوا أن لا أحد يستطيع الوقوف أمام قوتهم؟ هل تعلمون كيف أهلكهم الله جلت قدرته؟

لم يسقط السماء عليهم كِسفًا وهو قادر سبحانه، ولم يخسف بهم الأرض وهو قادر سبحانه، ولم يزلزل الأرض من تحتهم أو يرسل عليهم ملائكة لتهلكهم بأمره، وهو قادر سبحانه، بل أهلكهم بالهواء، هذا الهواء الذي نستنشقه، ذلك النسيم العليل الذي نتلقى هبوبه ونستنشق عبيره، جعله الله سببًا لهلاكهم؛ حتى يعلم المتعاظمون والمستكبرون أن إهلاكهم أهون على الله مما يتصورون، واستمع إلى قوله تعالى: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ [فصلت:16].

قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: "فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا قال بعضهم: وهي شديدة الهبوب، وقيل: الباردة، وقيل: هي التي لها صوت. والحق أنها متصفة بجميع ذلك، فإنها كانت ريحا شديدة قوية لتكون عقوبتهم من جنس ما اغتروا به من قواهم، وكانت باردة شديدة البرد جدا، كقوله تعالى: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ أي: باردة شديدة وكانت ذات صوت مزعج" انتهى كلامه رحمه الله. واقرؤوا قول الله تعالى: وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ [الحاقة:6-8].

نع عباد الله، هذه هي سنة الله في خلقه، فليفعل النصارى ما شاؤوا، وليستكبروا كما يحلو لهم، وليعتدوا على من شاؤوا، وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [هود:121-123]. فهل عرفتم الآن لماذا أنا متفائل؟

إنها سنة الله في إهلاك الأمم السابقة لأسباب مختلفة في كل أمة، بعض منها تسبب في هلاك بعض الأمم، وقد اجتمع اليوم في أمريكا ما لم يجتمع في غيرها من الأمم السابقة؛ ولذلك فنحن ننتظر سنة الله فيها، فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً [فاطر:43].

 

الخطبة الثانية

إخوة الإيمان، لقد بلغت هذه الدولة قمة قوتها وعنفوانها وجبروتها وطغيانها، وليس بعد الوصول إلى القمة إلا الهبوط والانحدار، وتلك سنة أخبر بها المصطفى ، فقد روى البخاري من حديث أنس بن مالك قال: كان للنبي ناقة تسمى العضباء لا تسبق أو لا تكاد تسبق، فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فشق ذلك على المسلمين حتى لاحظ النبي ذلك، فقال: ((حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه)).

وكما قيل:

إذا تَمّ شيء بـدا نقصه        ترقب زوالا إذا قيل: تَمّ

معاشر المسلمين، إن مما يدمي القلب ويدمع العين ويفتت الكبد ما تعيشه الأمة اليوم من واقع أليم في غفلتها وبعدها عن الله وانشغالها بالترهات والأباطيل وانغماسها في الشهوات والملذات المحرمة.

أيها الإخوة، إنه ينبغي أن يكون بكاؤنا على أنفسنا وحالنا مع الله ومع كتابه ومع رسوله أكثر من بكائنا على قتلانا من النساء والأطفال؛ لأن أولئك قد قتلوا في سبيل الله، والله يقول: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [آل عمران:169، 170]، أما نحن فلمن نشكو حالنا بل

كيـف نشكو والمسامع مغلقـات       والرجـال اليوم همهم المتاجر

ثلـة منهم تبيـع الديـن جهـرا      تلثم الحسنـاء والكأس تعاقر

ثلـة أخرى تبيـت علـى كنوز        لا تبالـي كان بؤسا أم بشائر

نعم عباد الله، هذه حالنا إلا من رحم الله، ثلة شغلتهم شهواتهم فوقعوا في المعاصي صغيرها وكبيرها، وثلة أخرى شغلهم جمع الأموال ووسع الله عليهم فبخلوا به على إخوانهم ولم ينفقوا في سبيل الله. ولقد جرت سنة الله في خلقه كما مضى قضاؤه في كتابه أن يعامل عباده حسبما عملوا؛ إن خيرا فخير وإن شرا فشر. يقول تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30]، وقال جل وعلا: ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ [آل عمران:182]، وقال سبحانه: فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ [العنكبوت:40].

أيها المؤمنون، لنعد إلى الله ولنترك مخالفة أمره، فنحن بحاجة إلى رعايته لنا وحفظه لنا ونصرته لنا، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الأنفال:29]. وعندها سوف تحل البركات وتعم الخيرات وتذهب الأوزار وتهطل الأمطار.

ولننتظر سنة الله في أعدائنا، فإنها متحققة لا محالة، ولنتفاءل ولنبشر بالخير. واعلموا أنني لا أحدثكم هنا عن نصر يحل للأمة بخروج المهدي أو نزول عيسى ابن مريم عليه السلام، وإن كنا نؤمن بذلك يقينا أنه كائن، وإنما أتحدث عن إهلاك الله لعدونا بأمر من عنده إن نحن عدنا إليه وأصلحنا أحوالنا وأخذنا بالأسباب بإعداد القوة؛ ليكون هلاك هذا العدو على أيدينا بإذن الله. والله المستعان.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً