.

اليوم م الموافق ‏18/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

العدوان الإسرائيلي

4884

العلم والدعوة والجهاد, موضوعات عامة

المسلمون في العالم, جرائم وحوادث

محمد أحمد حسين

القدس

11/6/1427

المسجد الأقصى

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- استمرار العدوان الإسرائيلي. 2- محنة الشعب الفلسطيني. 3- ضرورة الاتحاد والتعاون. 4- اعتداء الاحتلال على الآثار الإسلامية في فلسطين.

الخطبة الأولى

أيها المسلمون، أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، ويستمرّ العدوان الإسرائيلي الذي ندينه ونندّد به على شعبنا الصابر المرابط، ويتوسّع هذا العدوان ليتّخذ أبعادا خطيرة تطال الإنسان الفلسطيني قتلا وجرحا وتشريدا؛ لترتفع إلى مراقي العلا أرواح الشهداء من أبناء هذا الشعب الذين تصدّوا للآلة العسكرية الإسرائيلية بكلّ صبر وثبات وإيمان بحقهم في الحياة فوق هذا الثرى الطاهر بكرامة تحفظ لأبناء شعبنا معنى العزّة بإيمانهم وانتمائهم إلى أرض باركها الله تعالى، واختارنا مرابطين فيها إلى يوم القيامة؛ ليكون هذا الشعب طليعة الأمة الإسلامية المتقدّمة في ميدان العطاء والوفاء إلى الدفاع عن كرامة الأمة ومقدّساتها وتاريخها وحضارتها في ديار قد رتّبها لتكون الحلقة المتّصلة في سلسلة الرباط مع ما يترتّب على هذا الرباط من بلاء وابتلاء، وصدق الله العظيم: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:155، 156]، فكان جزاؤهم أكبر من مصيبتهم، وكان إكرامهم أعظم من ابتلائهم، أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:157]. وفي هذا المعنى يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (نعم العِدلان، ونِعمَت العِلاوة، أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ فهذان العدلان، وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ فهذه العلاوة) أي: ما زيد على الحمل، فالصابرون على البلاء لهم أجر عند ربهم وزيادة، والله جل وعلا يقول: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10].

أيها المسلمون، يا أبناء ديار الإسراء والمعراج، إن العدوان الإسرائيلي الآثم على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزّة وما يرافقه من مداهمات واعتقالات واغتيالات وإغلاق لكثير من المؤسّسات المدنية والخدماتية في الضفّة الغربية، إن هذا العدوان ليستوعِب مفردات الآية الكريمة التي مرّ ذكرها؛ مِن خوف وجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، الخوف الذي يروع الأطفال والنساء والشيوخ جراء القصف الجوي والبري والبحري الذي استهدف ويستهدف المؤسّسات العامة كمقارّ الوزارات والجامعات والمدارس وبيوت المواطنين، ويوقع الشهداء والجرحى بين صفوفهم، أما الجوع فمن أسبابه هذا الحصار الجائر الذي فرضه الاحتلال من خلال الجدران الفاصلة والمناطق العازلة التي يستهدفها القصف المدفعي بشكل متواصل لمنع أهلها من الوصول إليها واستغلالها، وتجريف الأراضي الزراعية وإتلاف محاصيلها وضرب البُنَى التحتية من جسور وطرق ومحطات الماء والكهرباء هو استنزاف للاقتصاد الفلسطيني الذي يعاني قبل العدوان الأخير من أزمة خانقة جراء الحصار المضروب على دخول الأموال والمساعدات للسلطة الفلسطينية.

أيها المسلمون، يا أبناء ديار الإسراء والمعراج، إن مواجهة هذا العدوان الغاشم الذي يستهدف الأرض والإنسان والشجر والحجر وكلّ مقدرات هذا الشعب من مؤسّسات رسمية وشعبية وبُنى تحتية، إن مواجهة هذا العدوان لتقتضي من جميع أبناء شعبنا أن يكونوا صفّا واحدا ويدًا واحدة في تصديهم لهذا العدوان الذي يسعى لكسر إرادتهم، وإن شعبنا الذي أفشل في الماضي مخططات الاحتلال من النيل من إرادته لجدير أن يفشل هذا العدوان الدموي الذي ينذر بكارثة إنسانية تحلّ في قطاعنا العزيز من وطننا الغالي، هذا الوطن الذي ما تخلّى أبناؤه يوما في تقديم التضحيات الجسام من أجل حريته وكرامة أبنائه، وكان شعارهم وما يزال الموت واقفين ولا نرفع الراية البيضاء، ومهما كانت المصائب فدعاؤنا: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، وشعارنا وشاحذ عزيمتنا نداء الله الخالد: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200]، وهادي ركبنا ومُلهِم نفوسنا قول رسولنا الأكرم : ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا من البلاء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك))، قالوا: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: ((في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس)).

 

الخطبة الثانية

وبعد: أيها المسلمون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج، أيها الصابرون على البلاء في الوقت الذي يوسّع فيه الاحتلال عدوانه الغاشم على شعبنا لترتفع أرواح الشهداء من الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ والشباب إلى بارئها تشكو ظلم الظالمين وتخاذل المتخاذلين، في هذا الوقت تخرج علينا وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية لتكشف عن مخطّط يهدف إلى إزالة طريق باب المغاربة المؤدية إلى المسجد الأقصى المبارك، هذه الطريق التي تربط باب المغاربة وهو بوابة رئيسية من بوابات المسجد المبارك بحائط البراق وما تبقى من أملاك الوقف الإسلامي والآثار الأموية في الجهة الغربية الجنوبية للمسجد الأقصى، بعد أن نالت يد الهدم حيّ المغاربة في بدايات الاحتلال لمدينة القدس عام ألف وتسعمائة وسبعة وستين.

إن هذه الطريق تحتوي على الآثار الإسلامية منذ الفترات المتقدمة للوجود الإسلامي في هذه الديار، وهي وقف إسلامي على المسجد الأقصى المبارك، وإن العبث في هذه الطريق أو إزالتها لهو اعتداء صارخ على المسجد الأقصى المبارك الذي يشكل جزءًا من عقيدة المسلمين، وهو قبلتهم الأولى وثالث مسجد تشد إليه الرحال في الإسلام، وهو منتهى معجزة الإسراء بالنبي وبوابة معراجه إلى السماوات العلا، وإن الإقدام على إزالة هذه الطريق يحمل في طياته مخاطر جسيمة على أمن وسلامة المسجد الأقصى خاصة وأن المتربّصين بالمسجد من المستوطنين والمتطرفين اليهود لا يخفون نواياهم العدوانيّة تجاه المسّ بقدسية المسجد ووجوده، وهذا ما تظهره تفوّهاتهم من خلال وسائل الإعلام ودعواتهم الصريحة لدخول المسجد الأقصى ضمن مجموعات كبيرة.

أيها المسلمون، يا أبناء ديار الإسراء والمعراج، إننا ونحن نحذر من المخاطر المترتبة على هذه الأعمال غير المسؤولة لنحمّل سلطات الاحتلال كافة النتائج التي تؤدي إليها مثل هذه المغامرة الحمقاء، فقد أصبح واضحا أن كل الحفريات التي قامت بها السلطات الإسرائيلية المحتلّة لم تسفر إلا عن الحضارة الإسلامية وآثارها من قصور أموية ومبان إسلامية، وإن العبث بالقدس وحضارتها وتاريخها وحقوق مواطنيها في أرضهم وإقامتهم لن يغيّر من الحقيقة الناطقة بإسلامية القدس ووجهها العربي والإسلامي، ولن يخالف الحقيقة من قال: إن القدس متحف لحضارة الإسلام والمسلمين، وهذه مساجدها درّة جبينها المسجد الأقصى المبارك بما اشتمل عليه من قباب ومساطب ومحاريب ومصليات، وهذه زواياها وتكاياها ومدارسها وأسواقها الإسلامية تشهد لكل ذي بصر وعقل على ارتباطها بالمسلمين وارتباط المسلمين بها؛ لهذا كله نهيب بالمسلمين دوَلا وشعوبا وحكومات أن يتحمّلوا مسؤولياتهم في المحافظة على إسلامية وعروبة هذه المدينة والدفاع عن أقدس مقدساتهم فيها، كما نطالبهم أن يقفوا موقف العزّة في العمل على وقف هذا العدوان الدموي الذي يشنّ على أبناء هذا الشعب الصابر المرابط، ولا يقولوا كما قال الشاعر:

مررت علـى المروءة وهي تبكـي       فقلت: علام تنتحب الفتـاة

فقالـت كيف لا أبكـي وأهلـي      كلهم من دون خلق الله ماتوا

 

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً