.

اليوم م الموافق ‏10/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

عداوة اليهود ومجزرة الأقصى

4867

العلم والدعوة والجهاد

المسلمون في العالم

حمزة بن فايع الفتحي

محايل

9/7/1421

جامع الملك فهد

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- تكالب الأعداء على المسلمين. 2- تاريخ عداء اليهود للمسلمين. 3- عداء اليهود في العصر الحاضر. 4- قضية الأقصى. 5- المسلمون أمة واحدة. 6- الحث على مساعدة الفلسطينيين.

الخطبة الأولى

أما بعد: فإن أصدق الحدث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران:102].

معاشر المسلمين، لا تزال أمتنا المنكوبة هدفًا للأمم الكافرة، والشعوب الباغية يسعون في إبادتها، ويحصدون خيراتها، وينتهكون مقدساتها. لقد أحاطت الأمم الكافرة بهذه الأمة إحاطة السوار بالمعصم، يَهُدون كيانها، ويزلزلون إيمانها، ويفُلون جموعَها. لقد استعملوا جُلَّ أساليب الإبادة، فمرةً الإبادة الشاملة، ومرة الحرب الفكرية، ومرة بإثارة الضغائن والبلبلة، ولم تزل كل ألوان الحرب المعاصرة تُستخدم ضد المسلمين.

فالمسجد الأقصى أولى القبلتين ومسرى نبينا الأمين لا يزال جرحه ينزف من عبث اليهود المجرمين، فقد غُلَّ واحتُكر دون انفتاح أو هوادة، وغابت من أمتنا نسمات الضياء والأمل.

فالنـورُ طـال غيـابُـه      والليـلُ مسدول الجناحِ

والقدسُ فِي أسْر اليهـودِ      وهـم علـى دَنٍ ورَاحِ

والْمسجد الأقصـى غدا       في الأسر مغلولَ السراحِ

لندائـه في كـل قلـب       مؤمـن وخْزُ الرمـاحِ

أيـن الذيـن يقـودهم       للبذل ذبْحي واجتياحي

إن فعائلَ اليهود في المسلمين ليست وليدة هذا العصر، بل من حيث قيام الدعوة وظهورها، باتوا يكيدون لها كيدًا، ويجمعون لها جمعًا، فالكيد عتيد، والحنَق شديد، والعداوة مستديمة، ويكفيك كمسلم تقرأ القرآن أن تعتقد ذلك، وأنت تتلو: وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120].

قدم رسول الله المدينة فاتحًا منصورًا، واستقبله أهلها، وما إن عرفه اليهود بعلامات النبوة إلا وناصبوه العداء. حدثت صفية رضي الله عنها بحديث حصل لها قبل إسلامها، وهي بنت حيي بن أخطب، قالت: لم يكن أحد من ولد أبي وعمي أحبَّ إليهما مني، لم ألقهما قط مع ولد لهما إلا أخذاني دونه، فلما قدم رسول الله قباء قرية بني عمرو بن عوف غدا إليه أبي وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلِّسين أي: ليلاً، فوالله ما جاءانا إلا مع مغيب الشمس، فجاءنا فاترَين كَسلانَين ساقطين، يمشيان الهوينا، فهششت إليهما كما كنت أصنع، فوالله ما نظر إليَّ واحد منهما، فسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي: أهو هو؟ قال: نعم، قال: أتعرفه بنعته وصفته؟ قال: نعم والله، قال: فماذا في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت.

وكان اليهود في المدينة ثلاث طوائف: يهود بني قينقُاع، ويهود بني النَّضير، ويهود بني قُريَظة، ولما حل رسول الله المدينة كاتبهم وعاهدهم على حماية المدينة والدفاع عنها، لكنهم نقضوا العهود، وضيعوا الحقوق، فبعد انتصار النبي في بدر على مشركي مكة قام وجمَع يهود بني قينقاع في سوقهم وقال لهم: ((يا معشر يهود، احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، وأسلموا، فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسَل، تجدون ذلك في كتابكم، وعهد الله إليكم))، فقالوا: يا محمد، إنك ترى أنا قومك، لا يَغُرنَّك أنك لقيت قومًا لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة، أما والله لئن حاربناك لتعلمنَّ أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا.

وكان اليهود إبّان مكثهم في المدينة يؤججون النعرات، ويثيرون الخلافات بين المسلمين، ويكيدون لرسول الله بألوان المكائد.

وفي السنة الخامسة من الهجرة، قام عشرون من رؤوسهم، وانطلقوا إلى مشركي مكة يحرضونهم على حرب رسول الله ، ويأملون إبادته والقضاء على دعوته بالكلية.

وفي تلك السنة أيضًا قام حُيي بن أخطب اليهودي إلى بني قريظة وهم آخر طوائف اليهود بالمدينة, فأزهم في الأحزاب لنقض العهد، فنقضوه، وتنكروا لرسول الله، وأزمعوا لحربه، فردّهم الله بكيدهم وغيظهم لم ينالوا خيرًا، فحصدهم رسول الله في يوم مشهود، وهم قرابة السبعمائة، فقال الخبيث حيي بن أخطب لعنه الله: والله، ما لمتُ نفسي في معاداتك، ولكن من يُغالب الله يُغلب.

ومع استئصال خضرائهم من المدينة إلا أن كيدهم وتربصهم لم ينقضِ، فعاد ابن السوداء اليهودي لعنه الله يفُتّ في الخلافة الراشدة، ويفكك صف الوحدة والاجتماع، وتوالت مكائد اليهود عبر حِقب التاريخ الإسلامي ساعية بالمكر والدس والأذى، حتى تمَّ لها إسقاط الخلافة العثمانية الإسلامية على يد المجرم اليهودي اللعين مصطفى كمال أتاتورك، فحلّت الفرقة في الأمة، وتمزقت صفوفها، وهاجت نعراتها وأعراقها، وهان رباط الإيمان الشامل.

وفي هذا العصر اتسعت جراح المسلمين، وغُزوا في عُقر دارهم، وديست كرامتهم، ولم يبق لهم شعار يرفعونه غير الإسلام، فبه يجتمعون، وبه يقاتلون، وبه ينتصرون. ولقد رُزئت الأمة باليهود المعتدين في الأرض المباركة فلسطين، وسالت دماء الأقصى تئن: (وا إسلاماه، وا إسلاماه)، تطلب الغوث والنصرة والتأييد، فكم من دماء سالت، وكم من أدمع جرت، وكم من فضيلة مُحيت وقُتلت. وفي هذه الأيام العصبية تشتعل مجزرة الأقصى، وينتفخ إخوان القِردة والخنازير، لينالوا من أقصى المسلمين، ويسلبوهم دينهم وعزتهم، ولكن تأبى الجنود المسلمة إلا أن تدافع عن دينها، وتعلي راية التوحيد مجددةً جهاد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، فأسفرت تلك المقاومة عن ستة وسبعين شهيدًا، نرجو الله أن يتقبلهم في عداد الشهداء.

إخواني، إنَّ قضية الأقصى قضيةُ أمةٍ مسلمة، ضيّعت دينها، ونسيت مجدها، وغرتها دنياها. هل نسي المسلمون ما للأقصى من مكانةٍ في الإسلام، وأنه مسرى رسولنا الكريم، وأنه أحد المساجد الثلاثة التي تشد لها الرحال كما صح بذلك الحديث، وأنه منارة من منارات الإسلام الشامخة؟!

لندائهِ في كل قلبٍ    مؤمن وخْزُ الرماحِ

أيها المسلمون، إن الحرب مع اليهود حرب عقائدية تستهدف إفناء المسلمين وطردهم من فلسطين وتأسيس (إسرائيل الكبرى) كما يزعمون، فهل نعي صراعنا مع اليهود؟! وهل نترقب ذلك اليوم المشهود الذي قال فيه النبي كما في الصحيحين: ((تقاتلون اليهود، فتُسلَّطون عليهم، حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول الحجر: يا عبد الله، هذا يهودي ورائي فاقتله))؟!

نعم، إن وعد الله لا يتخلف، وإن نصره لآتٍ، بعز عزيز أو بذل ذليل، ولكنَّ النصر والفتح لا يتم إلا على جماجم الأبطال ومزيد من الفدائية والتضحيات، كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [المجادلة:21].

أيها الإخوة، لا أظنكم غافلين عما يحدث لإخوانكم المسلمين في فلسطين، فلقد نزف الأقصى دماءً مسلمة، تذود عن حياض هذا الدين، فهبّوا إلى نجدة إخوانكم بكل ما تملكون.

أيها الجنديُّ يا كبشَ الفداء     يـا شعاعَ الأمل الْمبتسمِ

ما عرفتَ البخل بالروح إذا    طلبتها غُصص المجد الظّمِي

بورك الجرح الذي تحملـه      شرفًا تَحت ظلال العلـمِ

لقد استخدم اليهود المجرمون مختلف الأسلحة لضرب المسلمين هذه الأيام، ولم يبالوا بصغير ولا كبير، ولا عجوز ولا كسير، فأين غيرتكم يا مسلمون؟! إنكم لتغضبون لأموالكم ومصالحكم، أفلا تغضبون لدينكم وإخوانكم؟!

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ [محمد:7، 8]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين ولا عدوانَ إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عباد الله، إن الكيان المسلم كيان واحد، جمعه الإيمان، ووحده القرآن، مع اختلاف الألوان واللهجات، فلا ينبغي أن تمزقه العرقيات أو النزاعات أو الشعارات، والمسلمون إخوة متحابون بمقتضى الانتساب لهذا الدين، تغشاهم المحبة، ويسودهم الإخاء والصفاء.

والأخوة الإسلامية والرابطة الإيمانية هي أشد وأوثق روابط التواصل والتضامن، وإنها لأقوى وأمتن من رابطة النسب، قال : ((مثَل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)).

فالإسلام ـ يا مسلمون ـ لا يعترف بالعنصريات ولا المساحات.

فأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ      عددت أرجاءه من لبّ أوطاني

معاشر المسلمين، أغيثوا إخوانكم جنود الأقصى الصابرين، أغيثوهم بالمال، والدعاء لهم، والاهتمام، وبالمشاعر الحية الصادقة، إننا لنحتاج إلى مسلمين يهبون لإخوانهم ويتأثرون لمصابهم ويحزنون لحزنهم. كم هو عظيم بذل المسلم ماله لإخوانه المنكوبين، فبه يجمع شملاً ويستر عورة ويحيي بسمة ويفرج كربًا وينكأ عدوًا.

وكم هو عظيم أن يلتفت المسلم بشعوره تجاه إخوانه المضطهدين فيعيش مصابهم وقضيتهم، ويلجأ إلى الله بدعوات صادقات، متحريًا ساعات الإجابة، يدعو لهم بالنصرة والفرج والتمكين، ويدعو على عدوهم بالهزيمة والعذاب والخسران. لئن كنا عجزنا عن النصرة الحقيقة فهل نعجز عن النصرة بالدعاء واللجوء إلى الله أن ينصر إخواننا المسلمين في كل مكان ويقهر أعداءهم؟!

يا مسلمون، إن الدعاء عبادة، فاجعلوا لإخوانكم منها نصيبًا، ولقد كان النبي يدعو وهو بالمدينة للمستضعفين بمكة.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين...

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً