.

اليوم م الموافق ‏10/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

من سير الحبيب

4767

الإيمان, سيرة وتاريخ, موضوعات عامة

الإيمان بالرسل, الشمائل, جرائم وحوادث

مشعل بن عبد العزيز الفلاحي

القنفذة

27/12/1426

جامع الفلحة

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- شمائل المصطفى . 2- صبر النبي وتضحيته في سبيل تبليغ دين الله. 3- جريمة الاستهزاء بالنبي . 4- واجبنا تجاه الجريمة الدنماركية.

الخطبة الأولى

أما بعد: أيها الناس، من أين أبدأ حديثي اليوم؟ حين أتحدث عن المحبوب، من أين أبدأ؟ من نعوت الجمال والكمال، أم من محاسن الأخلاق والأمثال؟! يا ليت شعري اليوم يسمح بمزيد من الوقت لأروي قصّةَ الحبّ من أوسع أبواب العشق التي عرفتها الأمة.

عفوًا أيها المسلمون، أرخوا أسماعكم إليّ، امنحوني قدرًا من الوقت، أقبلوا إليّ هذه الوهلة لأنّني سأتحدّث حديثًا خاصّا، سأتحدث هذا اليوم عن سيرة أعظم رجل وطأ بقدمه الأرض، وسأعرض بعضًا من حياة أفضل قدوة مرّ في حياة الأمة، سأتحدّث اليوم عن رسولنا ، سأتحدث عن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي.

تحدث جابر بن سمرة رضي الله عنه فقال: رأيت رسول الله في ليلة أضحيان ـ ليلة مضيئة مقمرة ـ وعليه حلة حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلى القمر، فلهو عندي أحسن من القمر. وتحدث أبو هريرة رضي الله عنه فقال: كان رسول الله أبيض كأنما صيغ من فضة رَجِل الشعر. وتحدث أبو الطفيل رضي الله عنه فقال: رأيت النبي وما بقي على وجه الأرض أحد رآه غيري، فقيل له: صفه، فقال: كان أبيض مليحًا مقصّدًا.

كان شبيهًا بأبي الأنبياء إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام. أثنى الله تعالى عليه وعدّد محاسنه فقال تعالى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]، ومنّ الله تعالى علينا به فقال: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [آل عمران:164]، وجعله الله رحمة فقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107]، ويوم تعرّض لتهمة انقطاع الوحي ولمزه المشركون بأن ربه تركه أنزل الله لذلك قرآنًا يتلى دفاعًا عن نبيه فقال تعالى: وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى [الضحى:1-3]. وامتن الله تعالى عليه امتنانًا لم يدوّن مثله التاريخ إلى يومنا هذا، فرفع الله ذكره وأعلى شأنه مصداقًا لقوله تعالى: وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ [الشرح:4]، قال قتادة: "رفع الله ذكره في الدنيا، فليس خطيب ولا متشهّد ولا صاحب صلاة إلا يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله".

وصفه ربه إبان رسالته بأعظم وصف فقال تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف:157].

وزادنا الله تعالى به منّة فجعله لنا أمَنة من العذاب فقال تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ [الأنفال:33]، وجعل الله تعالى رسالته رحمة خالصة فقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.

وكان جميلاً أنيقًا روحانيًا، تحدث أنس رضي الله عنه فقال: ما شممت عنبرًا قط ولا مسكًا ولا شيئًا أطيب من ريح رسول الله . وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبي مسح خدّه في يوم من الأيام قال: فوجدت ليدِه بردًا وريحًا كأنما أخرجها من جؤنة عطار. وظلّ عليه الصلاة والسلام ينام في بيتِ أنس، فتأتي أم أنس رضي الله عنهما بقارورة، فتجمع فيها عرقَه لتجعله طيبًا لهم في البيت.

زكاه الله تعالى في كتابه الكريم بأعظم الصفات فقال تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4]، وشهدت له بذلك ألصق الناس زوجه عائشة رضي الله عنها فقالت: كان خلُقُه القرآن.

وصَل عظيم خلُقِه عليه الصلاة والسلام إلى أنه لم يضرب في حياته قطّ، وشهد بذلك أعظم الناس محبة له وقربة عائشة رضي الله عنها فقالت: ما ضرَب بيده شيئًا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما ضرب خادمًا قطّ ولا امرأة.

كان عليه الصلاة والسلام مثالاً للكرم والبذل والسخاء، شهد له بذلك أصحابه والمقرّبون إليه، قال جابر رضي الله عنه: ما سئل النبي شيئًا فقال: لا. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: كان النبي أجود الناس بالخير. تحدّث أنس رضي الله عنه عن هذا الجانب فقال: سأله رجل فأعطاه غنَمًا بين جبلين، فرجع إلى بلده وقال لقومه: أسلِموا فإن محمدًا يعطي عطاءَ من لا يخشى الفقر.

وبلغ في الشجاعة مبلغ الأمثال، ففي يوم حنين حين كان الفرار وقف ثابتًا على بغلته بين هزيج الأعداء وقوّتهم وهو يردّد بينهم: ((أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب))، قيل: فما رئي يومئذ أحد كان أشدّ منه. وذات ليلة فزع أهل المدينة من صوت ثارَ في جنباتها، فانطلق الناس قبل الصوتِ فإذا برسول الله راجعًا من جهة الصوت على فرس عُري والسيف في عنقه وهو يقول: ((لن تراعوا)).

كان عظيمَ الشفقة بهذه الأمّة لدرجة أخبرت عنها زوجه عائشة قالت: ما خيِّر رسول الله بين أمرين إلا اختار أيسرهما. خشي أن يشقّ على أمته فلم يوجِب السواك عليهم وقال: ((لولا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء))، وترك صلاة الليل خشية أن تفرض عليهم. وكان من شدة شفقته حين يسمع بكاء الصبي وهو في صلاته يتجوّز في صلاته ويخفّف فيها. ووقف يومًا من الأيام فقال عليه الصلاة والسلام: ((أيما رجل سببته أو لعنتُه فاجعل له ذلك زكاة ورحمة وصلاة وطهورًا وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة)).

كذبه قومه، وردوا دعوته، فناداه جبريل وهو في طريقه فقال له: إن الله سمع قول قومك وما ردوا عليك، وقد أمر ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فقال عليه الصلاة والسلام: ((لا، بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئًا)).

كان من تواضُعه أنه يركبَ الحمار، ويردف خلفه وِلدان المدينة، ويعود المساكين، ويمسح على رؤوس الأيتام، ويجيب دعوةَ الفقراء، ويجلس حيث انتهى به المجلس. كانت تأتيه الأمَة فتقول له: إنّ لي إليك حاجة، فيقول: ((يا أم فلان، اجلسي في أي طرق المدينة شئتِ أجلس إليك حتى أقضِيَ حاجتك)). ونقلت زوجه عائشة بعض تواضعه فقالت: كان في بيته في مهنة أهله، يَفلي ثوبه، ويحلِب شاته، ويرقّع ثوبه، ويخصِف نعله، ويخدم نفسَه، ويقمّ البيتَ، ويعقِل البعير، ويعلف ناضحه، ويأكل مع الخادِم، ويعجن معَها، ويحمل بضاعته إلى السّوق.

وصفه ابن القيم في أكله فقال: "كان لا يردّ موجودًا، ولا يتكلَّف مفقودًا، فما قرّب إليه شيء من الطيبات إلا أكله إلا أن تعافه نفسه، فيتركه من غير تحريم، وما عابَ طعامًا قطّ، إن اشتهاه أكله وإلا تركه" اهـ.

أيها المسلمون، هذه فقط بعض معالم القدوة، وفي سيرته ما يعجز البيان عن ذكره، وصدق الغزالي حين قال: "إن المسلم الذي لا يعيش الرسول في ضميره ولا تتبعه بصيرته في علمه وتفكيره لا يغني عنه أبدًا أن يحرّك لسانه بألف صلاة في اليوم والليلة" اهـ.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العليّ العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

وبعد: وقف النبي طيلةَ عمره مجاهدًا في سبيل هدايتكم أيها المسلمون، وظلّ ثلاثة وعشرين عامًا يكابِد الدعوة ويجهد في البلاغ، وفي سبيل هدايتكم أخرج من مكة ووقف على أطرافها وهو يقول: ((والله، إنك لأحبّ أرض الله إليّ، ولولا أنّ قومك أخرجوني ما خرجت)). وفي طريق الهجرة لبلاغ هذا الدين لقِي في الطريق لأواء عظيمة، وطورد، وخرج وهو خائف وجِل. ورحل للطائف بغيةَ تغيير الأجواء، فلم يجد أهل الطائف بدًّا من أن يَؤُزّوا أطفالهم لرميِه بالحجارة حتى سالت قدميه وعاد يائسًا قانعًا، وأراد أن يدخل مكة فرفض قريش أن يدخلها، فلم يقف إلا المطعم بن عديّ وأدخله في جواره. وأوذي في سبيل هذه الدعوة حتى كسرت رباعيته وشجّ وجهه ، وسقط في حفرة حفَرها له الأعداء يوم أحد حتى صاح أبو جهل ممتنًّا بهذه الوقيعة فقال: اعلُ هُبَل.

وبعد كل هذا وقف على المقبرة فبكى، فقال له صحابته: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: ((وددت أني رأيت إخواني))، قالوا: أوَلسنا إخوانك يا رسول الله؟! قال: ((لا، أنتم أصحابي، إخواني قوم يأتون بعدي، يؤمنون بي ولم يروني)).

أيها المسلمون، فاجعة نقلَتها لنا الصحف الغربية، ومصيبة دوّت في آذانِنا، وعار خلّده الأعداء في تاريخ قدوتنا، الصحف الدنمركية تتبنى رسومَ كَركتير تستهزئ فيها برسول الله ، وتلمزه، وتحقّر من شأنه، وتصوّره في موقف رجل حَرب ودمار؛ تصنع هذا تشفيًّا منه عليه الصلاة والسلام، وتستهين بالمسلمين في أقطار الدنيا كلّها، تقدح في قدوتهم، وتشنّ حربًا على دينهم.

فيا لله، كم هي المصيبة والعار والفضيحة أن يُنال من عرض أكرَم من مشى على وجه الأرض وتُسفَك قِيَم الدين بسفك قدواته. هذا الحادث وقع في دولة الدنمرك على مرأى ومسمع من تلك الدولة، والعالم يتفرج ويتسلى على تلك الصور المشينة.

وإنني أبين في هذه الخطبة عن آثار هذا الجانب وخطورته وعظم المساس به، ولعلّي أبين عن الواجب تجاهه:

أولاً: لقد قرّر الله تعالى في كتابه الكريم اللعنة على من آذى النبي فقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا [الأحزاب:57]، وقال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة:61]، وقال تعالى: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا [الأحزاب:53]. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: إن مَن سب النبي من مسلم أو كافر فإنه يجب قتله. هذا مذهب عامة أهل العلم، قال ابن المنذر رحمه الله تعالى: أجمع عوام أهل العلم على أن حدّ من سبّ النبي القتل. اهـ. وقال الخطابي رحمه الله: لا أعلم أحدًا من المسلمين اختلف في وجوب قتله. اهـ. وقال محمد بن سحنون: أجمع العلماء على أن شاتم الرسول المتنقّص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله له، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر. اهـ. قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: كل من شتم النبي أو تنقّصه مسلمًا كان أو كافرًا فعليه القتل، وأرى أن يقتل ولا يستتاب. اهـ. وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "فعلم أن السب جناية زائدة على الكفر... على وجه يقطع العاقل أن سبَّ رسول الله جناية، لها موقع يزيد على عامّة الجنايات، بحيث يستحق صاحبها من العقوبة ما لا يستحقه غيره وإن كان كافرًا حربيًّا مبالغًا في محاربة المسلمين، وأن وجوب الانتصار ممن كان هذا حاله كان مؤكّدًا في الدين، والسعي في إهدار دمه من أفضل الأعمال وأوجبها وأحقّها بالمسارعة إليه وابتغاء رضوان الله تعالى فيه، وأبلغ الجهاد الذي كتبه الله على عباده وفرضه عليهم... ذلك أن سبَّ النبي تتعلق به عدة حقوق: حق الله تعالى من حيث مَن كفر برسوله وعادى أفضل أوليائه وبارزه بالمحاربة وطعن في كتابه ودينه، فإن صحتهما موقوفه على صحّة الرسالة، وطعن في أولوهيته فإن الطعن في الرسول طعن في المرسِل، وتكذيبه تكذيب لله تعالى وإنكار لكلامه وأمره وخبره وكثير من صفاته، ويتعلق به كذلك حقّ جميع المؤمنين من هذه الأمة ومن غيرها من الأمم"، إلى إن قال رحمه الله: "إنّ تطهير الأرض من إظهار سبّ رسول الله واجب حسب الإمكان؛ لأنه من تمام ظهور دين الله تعالى وعلو كلمة الله وكون الدين كله لله، فحيث ما ظهر سبّه ولم ينتقم ممن فعَل ذلك لم يكن الدين ظاهرًا ولا كلمة الله عالية" اهـ.

ثانيًا: سؤال يبدو ظاهرًا وجيها: ما واجبنا ـ أيها المسلمون ـ تجاه هذا العدوان الذي أصبح حديث العالم كله؟

إنه لا يسعنا ـ أيها المسلمون ـ إلا النّفرة لنصرة نبينا بكل الوسائل والطرق، إن ذلك من مقتضيات هذا الدين وواجباته، ومن لم يتمعّر وجهه اليوم فمتى يتمعّر لنصرة دينه؟! ومن لم يحرقه ألم هذه السخرية فمتى يألم لدينه؟!

إن الواجب علينا ـ أيها المسلمون ـ أن نقلب الحدث رأسًا على عقب، وأن نعطي الأعداء درسًا بليغًا في الرد والنصرة:

وأول واجب هذه النصرة أن نجدّد متابعة النبي في أفعاله وأقواله، في مظهره ومخبره، في سمته وحديثه، علينا أن ندرك تمامًا أن الواجب علينا أن نتابعه متابعة روحية واقعية. ما أحرانا ـ أيها المسلمون ـ اليوم بتمثّل سنة النبي في كل شؤوننا وحياتنا.

ثانيًا: أراد أولئك الأنجاس أن يذيبوا سيرةَ هذا النبي الكريم في حياتنا، ولن يكون هناك ردّ أبلغ من أن نجدّد هذه السيرة في حياتنا، وذلك من خلال إعادة قراءة كتب السيرة النبوية، وإعادة ترتيب ثقافتنا من خلال هذا الكنز العظيم بين أيدينا. نحن في أمسّ الحاجة إلى إعادة قراءة السيرة قراءة متأنية، قراءة تبحث عن مواضع القدوة وتجهد في تمثلها. علينا جميعًا أن نحدِّد درسًا لأبنائنا وزوجاتنا وأسَرِنا في ثنايا هذه السيرة. أرجو ـ أيها المسلمون ـ أن لا يخرج الحدث دون هذه الفائدة.

ومن أهم الكتب في هذا الباب: "زاد المعاد" لابن القيم، و"مختصر الشمائل المحمدية" للألباني، و"المهذب من كتاب الشفاء" لصلاح الشامي، و"من معين السيرة النبوية" و"الخصائص النبوية" كلاهما لصالح الشامي، و"كتاب السيرة النبوية في ضوء مصادرها الأصلية" لمهدي رزق الله.

ثالثًا: علينا ـ أيها المسلمون ـ المشاركة في الحدث بفاعلية، وذلك من خلال كتابة رسائل الشجب والاستنكار من خلال الصحف اليومية أو مواقع النت أو الرسائل عبر الفاكس.

رابعًا: علينا جميعًا أن نكون في موقف الحزم، وأن نكون في مستوى الحدث، وذلك بمقاطعة صادرات هذه الدولة، وعدم شرائها مهما كان مسيس الحاجة إليها.

هذا ـ أيها المسلمون ـ بعض الواجب في مواجهة هذه الفتنة، وهو أقلّ الواجب، وقد كوّن المسلمون ردّة فعل قوية إن شاء الله تعالى، فقد استنكر مجلس الوزراء ومجلس الشورى بهذه البلاد، وتكلم المفتي حفظه الله تعالى وطالب المسلمين بالنصرة، وتفاعل العلماء والدعاة وعموم المسلمين في هذه البلاد وفي غيرها. ومن البشائر أن البدايات مبشرة، وأن الحدث قلب كليًا على رؤوس الأعداء، وأن التجار تفاعلوا لدرجة وقعوا اتفاقيات بالمقاطعة، وتبرّع بعضهم بطباعة سيرة الرسول وتوزيعها في بلاد أصحاب الوقيعة وفي غيرها، واقترحت قنوات فضائية خاصّة بسيرة هذا الرسول العظيم وتبني طباعة كتب لهذا الحدث. والمؤمل منا أن نشارك بقدر وسعنا، وأن لا نحتقر أدوارنا.

ألا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة...

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً