.

اليوم م الموافق ‏11/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

الصحابة رضي الله عنهم بين الإجلال والإخلال

4354

قضايا في الاعتقاد

الصحابة

نايف بن أحمد الحمد

غير محدد

غير محدد

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- ضرورة العناية بالسنة النبوية. 2- أهمية معرفة نقلة السنة. 3- فضل الصحابة رضي الله عنهم. 4- تعريف الصحابي. 5- ما ورد في فضل الصحابة في القرآن والسنة. 6- التحذير من سب الصحابة وبغضهم. 7- تعظيم السلف للصحابة رضي الله عنهم. 8- فضل الصحابة مقرر في كتب العقائد.

الخطبة الأولى

وبعد: فإن أولى ما نظر فيه الطالب وعني به العالم بعد كتاب الله عز وجل سنن رسوله صلى لله عليه وآله وسلم، فهي المبيِّنة لمراد الله عز وجل من مجملات كتابه، والدالة على حدوده، والمفسرة له، والهادية إلى الصراط المستقيم صراط الله، مَن اتبعها اهتدى، ومن سُلِبها ضلّ وغوى وولاّه الله ما تولى.

ومِن أَوكد آلات السنن المعينة عليها والمؤدية إلى حفظها معرفة الذين نقلوها عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم إلى الناس كافة، وحفظوها عليه، وبلغوها عنه، وهم صحابته الحواريون الذين وعوها وأدوها ناصحين محسنين حتى أكمل بما نقلوه الدين، وثبت بهم حجة الله تعالى على المسلمين، فهم خير القرون، وخير أمة أخرجت للناس، ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم وثناء رسوله عليه السلام، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته، ولا تزكية أفضل من ذلك، ولا تعديل أكمل منه، قال الله تعالى ذكره: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود [الفتح:29].

والصحابة أبرّ هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلّفا، وأقومها هديا، وأحسنها حالا، اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، كما قاله ابن مسعود . فحبهم سنة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة.

وهم صفوة خلق الله تعالى بعد النبيين عليهم الصلاة والسلام، روى الطبري (20/2) عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله عز وجل: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى [النمل:59] قال: (أصحاب محمد )، وروى سعيد بن منصور (5/435) عن سفيان في قوله عز وجل: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ [الرعد:28] قال: "هم أصحاب محمد "، وروى عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب بن منبه رحمه الله في قوله تعالى: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ [عبس:15، 16] قال: "هم أصحاب محمد "، وقال قتادة في قوله تعالى: يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِه [البقرة:121]: "هم أصحاب محمد ، آمنوا بكتاب الله، وعملوا بما فيه"، وروى أحمد (1/379) والطيالسي (246) بإسناد حسن عن ابن مسعود قال: (إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوبَ أصحابهِ خيرَ قلوبِ العبادِ، فجعلهم وزراءَ نبيهِ يُقاتِلون على دينه).

والصحابي هنا هو مَن لقي النبيَّ مؤمنًا به ومات على ذلك. فقد جاء في حديث قَيلَة العنبرية رضي الله عنها: خرجت أبتغي الصَّحابةَ إلى رسول الله . رواه ابن سعد (1/318) والطبراني (25/8) قال الهيثمي في المجمع (6/12): "رجاله ثقات".

وقد ورد في فضلهم آيات وأحاديث كثيرة، منها قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100]، وقال تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح:18]، وقال تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الفتح:29]، وفي آيات عديدة ذكرهم الله تعالى وترضّى عنهم.

ومما جاء في السنة: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدَّ أحدهم ولا نصيفه)) رواه البخاري (3470) ومسلم (2540) واللفظ له.

وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة وضيق الحال بخلاف غيرهم، ولأن إنفاقهم كان في نصرته وحمايته وذلك معدوم بعده، وكذا جهادهم وسائر طاعاتهم، وقد قال تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا [الحديد:10]، وهذا كله مع ما كان فيهم في أنفسهم من الشفقة والتودد والخشوع والتواضع والإيثار والجهاد في الله حق جهاده، وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل ولا تُنال درجتها بشيء، والفضائل لا تؤخَذ بقياس، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

وقال البيضاوي رحمه الله تعالى كما في فتح الباري (7/34): "معنى الحديث لا ينال أحدكم بإنفاق مثل أحدٍ ذهبًا من الفضل والأجر ما ينال أحدُهم بإنفاق مدّ طعام أو نصيفه، وسبب التفاوت ما يقارن الأفضل من مزيد الإخلاص وصدق النية"، مع ما كانوا عليه من القلة وكثرة الحاجة والضرورة.

وقيل: السبب في ذلك أن تلك النفقة أثمرت في فتح الإسلام وإعلاء كلمة الله ما لا يثمر غيرها، وكذلك الجهاد بالنفوس لا يصل المتأخّرون فيه إلى فضل المتقدمين لقلة عدَد المتقدمين وقلة أنصارهم، فكان جهادهم أفضل، ولأن بذل النفس مع النصرة ورجاء الحياة ليس كبذلها مع عدمها.

ومما جاء في فضلهم رضي الله عنهم حديث ابن مسعود عن النبي قال: ((خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) رواه البخاري (2509) ومسلم (2533). وإنما صار أول هذه الأمة خير القرون لأنهم آمنوا به حين كفر الناس، وصدقوه حين كذبه الناس، وعزروه ونصروه وآووه وواسوه بأموالهم وأنفسهم، وقاتلوا غيرهم على كفرهم حتى أدخلوهم في الإسلام.

ومما جاء في فضلهم ما رواه أبو بردة قال: قال رسول الله : ((النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعَدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون)) رواه مسلم (2531). وهو إشارة إلى الفتن الحادثة بعد انقراض عصر الصحابة من طمس السنن وظهور البدع وفشو الفجور في أقطار الأرض.

وها هو أمير المؤمنين علي يصف حال الصحابة، فعن أبي أراكة قال: صليت خلف علي صلاة الفجر، فلما سلم انفلت عن يمينه ثم مكث كأن عليه الكآبة، حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح قال: لقد رأيت أصحابَ محمد ، فما أرى اليوم شيئا يشبههم، كانوا يصبحون ضُمرا شُعثًا غبرا، بين أعينهم أمثال ركب المعزى، قد باتوا لله سجَّدا وقياما، يتلون كتاب الله، ويراوحون بين جباههم وأقدامهم، فإذا أصبحوا ذكروا الله، مادوا كما تميد الشجر في يوم الريح، فهملت أعينهم حتى تبتل ثيابهم. رواه أبو نعيم في الحلية (1/76) وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (272) والخطيب في الموضح (2/330) وابن عساكر في تاريخ دمشق (42/492).

ومن الوعيد الشديد فيمن آذى أصحاب النبي ما رواه أحمد (5/54) والترمذي (3862) والبيهقي في الشعب (2/191) عن عبد الله بن مغفل المزني قال: قال رسول الله : ((الله الله في أصحابي، الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه)).

قال المناوي رحمه الله تعالى في الفيض (2/98): "((الله الله في)) حق ((أصحابي)) أي: اتقوا الله فيهم، ولا تلمزوهم بسوء، أو اذكروا الله فيهم وفي تعظيمهم وتوقيرهم، وكرره إيذانا بمزيد الحثّ على الكف عن التعرض لهم بمنقص. ((لا تتخذوهم غرضا)) هدفا ترموهم بقبيح الكلام كما يرمَى الهدف بالسهام، هو تشبيه بليغ، ((بعدي)) أي: بعد وفاتي".

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((مَن سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)) رواه الطبراني في الكبير (12/142) وله شواهد ولذا حسنة الألباني رحمه الله في الصحيحة (2340).

ولقد عرف السلف الصالح فضل الصحابة الكرام، وبيَّنوا ذلك، وردوا على كل من أراد انتقاصهم رضي الله عنهم، قال ابن عمر رضي الله عنهما: (لا تسبوا أصحاب محمد ، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عُمره) رواه أحمد في الفضائل (1/57) وابن أبي شيبة (6/405) وابن ماجه (162) وابن أبي عاصم في السنة (2/484) وصححه البوصيري في الزوائد: (1/24).

وجاء رجل إلى عبد الله بن المبارك وسأله: أمعاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: "لتُراب في منخرَي معاوية مع رسول الله خير وأفضل من عمر بن عبد العزيز" رواه ابن عساكر (59/208).

وجاء رجل إلى الإمام أبي زرعة الرازي رحمه الله فقال: يا أبا زرعة، أنا أبغِض معاوية، قال: لِمَ؟ قال: لأنه قاتَل عليّا، فقال أبو زرعة: إنّ ربَّ معاوية ربٌّ رحيم، وخصم معاوية خصمٌ كريم، فما دخولك أنت بينهما رضي الله عنهم أجمعين. رواه ابن عساكر (59/141).

وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "إذا رأيت رجلا يذكر أصحاب رسول الله بسوء فاتهمه على الإسلام" رواه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (7/1252).

وقال رحمه الله تعالى: "لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقص، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته، ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه، فإن تاب قبل منه، وإن ثبت أعاد عليه العقوبة وخلّده الحبس حتى يموت أو يراجع".

وقال بشر بن الحارث رحمه الله تعالى: "مَن شتم أصحاب رسول الله فهو كافر وإن صام وصلى وزعم أنه من المسلمين" رواه ابن بطة في الإبانة.

ولعل كثيرا من الكتّاب ممن في قلوبهم مرض الذين ينتقصون أصحاب رسول الله في الصحف وغيرها يرون أن الوقت لم يحن بعد لانتقاص القرآن والسنة، فرأوا أن تقليل شأن الصحابة الكرام عند الناس هو من أخصَر الطرق لردّ الكتاب والسنة، كما قال أبو زرعة رحمه الله تعالى: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول حقّ والقرآن حقّ، وإنما أدّى إلينا هذا القرآن والسنة أصحابُ رسول الله ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليُبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة".

وقال السرخسي رحمه الله تعالى في أصوله (2/134): "فمن طعن فيهم فهو ملحد منابذ للإسلام، دواؤه السيف إن لم يتب".

وقال الإمام محمد بن صُبيح بن السماك رحمه الله تعالى لمن انتقص الصحابة: "علمتَ أن اليهود لا يسبون أصحاب موسى عليه السلام، وأن النصارى لا يسبون أصحاب عيسى عليه السلام، فما بالك ـ يا جاهل ـ سببت أصحاب محمد ؟! وقد علمتُ من أين أوتيتَ؛ لم يَشغَلك ذنبك، أما لو شغلك ذنبك لخِفت ربَّك، ولقد كان في ذنبك شغل عن المسيئين، فكيف لم يشغلك عن المحسنين؟! أما لو كنت من المحسنين لما تناولت المسيئين، ولرجوت لهم أرحم الراحمين، ولكنك من المسيئين، فمِن ثَمَّ عِبت الشهداء والصالحين. أيها العائب لأصحاب محمد ، لو نمتَ ليلك وأفطرت نهارك لكان خيرًا لك من قيام ليلك وصوم نهارك مع سوء قولك في أصحاب رسول الله ، فويحك، لا قيامَ ليل، ولا صوم نهار، وأنت تتناول الأخيار، فأبشر بما ليس فيه البشرى إن لم تتب مما تسمع وترى، وبم تحتج ـ يا جاهل ـ إلا بالجاهلين؟! وشر الخلف خلفٌ شتَم السلف، لواحد من السلف خير من ألف من الخلف" رواه المعافي في الجليس الصالح (2/392).

وقال ابن الصلاح رحمه الله تعالى في مقدمته (428): "إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة, ومَن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يُعتد بهم في الإجماع".

وقد ذكروا فضلهم في كتب العقائد رفعًا لشأنهم وعلوًّا لمنزلتهم، فقال الطحاوي رحمه الله تعالى: "ونحب أصحاب رسول الله ، ولا نُفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الحق يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبّهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان".

وذكر الحميدي رحمه الله تعالى أن من السنة الترحم على أصحاب محمد كلهم، فإن الله عز وجل قال: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ [الحشر:10]، فلم نؤمر إلا بالاستغفار لهم، فمن سبهم أو تنقصهم أو أحدا منهم فليس على السنة، وليس له في الفيء حق، أخبرنا غير واحد عن مالك بن أنس. ".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في العقيدة الواسطية: "ويمسكون عما شجر بين الصحابة، ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغُيِّرَ عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون؛ إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون... ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر، حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم ؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم... ثم القَدْر الذي يُنكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح، ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما منَّ الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله".

وفي الختام لا نقول إلا كما قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10].

اللهم ارض عن أصحاب نبيك أجمعين، واحشرنا وإياهم في زمرة سيد المرسلين...

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً