.

اليوم م الموافق ‏10/‏ذو القعدة/‏1445هـ

 
 

 

خطبة استسقاء

3054

الرقاق والأخلاق والآداب

آثار الذنوب والمعاصي

سليمان بن إبراهيم الحصين

الهفوف

جامع الخزان

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- حاجة الأحياء للماء. 2- الذنوب سبب القحط والجدب. 3- الدعوة للاستغفار والتواصي بالحق. 4- الدعاء.

الخطبة الأولى

أما بعد: فاتقوا الله ـ عباد الله ـ وأطيعوه، وعظموا أمره ولا تعصوه، فتقوى الله هي الجامعة لكل خير، المانعة من كل شر، واعلموا أن الماء هو مادة الحياة: وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَاء كُلَّ شَىْء حَىّ [الأنبياء:30]، بل أصل خلق الحياة من الماء: وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَاء كُلَّ شَىْء حَىّ. انظروا إلى حياة الأرض بالماء ونضرتها وتغيرها: وَتَرَى ٱلأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَاء ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [الحج:5]، أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء فَتُصْبِحُ ٱلاْرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ لَّهُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَا فِى ٱلأرْضِ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ [الحج:63، 64].

الماء به استمرار الحياة وبقاؤها، وبفقده وزواله تزول الحياة وتتلاشى، ذكَّر الله به الكفار إعذارًا وإنذارًا، فقال سبحانه: أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ ٱلسَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ [النمل:60]، ولذا اعترف المشركون بإنزال الله تعالى للماء وعجز آلهتهم عن فعل ذلك: وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ ٱلأرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ [العنكبوت:63].

تفكر ـ أخي المسلم ـ في طعامك الذي تأكله، فالماء عنصرُه ومادتُه التي لا يكون إلا بها: فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَـٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَاء صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقًّا فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَـٰكِهَةً وَأَبًّا مَّتَـٰعًا لَّكُمْ وَلأَنْعَـٰمِكُمْ [عبس:24-32]، وَهُوَ ٱلَّذِى أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلّ شَىْء فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوٰنٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّـٰتٍ مّنْ أَعْنَـٰبٍ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَـٰبِهٍ ٱنْظُرُواْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِى ذٰلِكُمْ لأَيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأنعام:99].

عباد الله، هذا هو الماء الذي خرجتم تسألون الله تعالى إنزاله وإغاثتكم به، لا يشعر بحاجته إليه وافتقاره إلى من خلقه وأوجده إلا من فقد الماء أو تعسر عليه الحصول عليه. انظروا إلى من حولكم ممن ابتلاهم الله بالقحط والجدب كيف هلكت أنعامهم، واحترقت زروعهم، وانقطعت بهم السبل، فاحمدوا الله تعالى واشكروه على هذه النعمة العظيمة، واجعلوها وسيلة لعبادة الله وطاعته.

عبد الله، أقبل نبينا على المهاجرين فقال لهم: ((يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المَؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القَطْر من السماء ولولا البهائم لم يُمطروا)) رواه ابن ماجه.

إن كل نقص وبلاء وقحط وجدب واضطراب في الأمن وغلاء في المعيشة وخوف وهلع، كل ذلك سببه ما كسبت أيدي الناس من الذنوب والمعاصي، يعاقبهم الله بنقص الأموال والأنفس والثمرات، يعاقبهم بالقحط والجدب ونقص المياه؛ ليرجعوا إليه ويتوبوا من ذنوبهم ويُقلعوا عن معاصيهم.

إننا نشكو إلى الله ما نقع فيه من مخالفة وعصيان، حتى في هذا الشهر الكريم المبارك شهر رمضان، ما زالت وسائل الإعلام وقنوات الفضاء تنشر الرذيلة والفساد وتحارب الدين والأخلاق، تغزو البيوت يتربى عليها الأجيال، ينشأ على أفكارها الأطفال، حتى خرج جيل مُتَميّع في خُلقه، ضائع في ولائه، لا يهمه شيء إلا شهوة بطنه وفرجه، فظهر العقوق وسوء الجوار، ووقع التناكر بين الناس، فهجر الناس تلاوة كتاب الله، كما هجروا العمل به، وتسلّط الأعداء على أمتنا الإسلامية، بعد أن فرقوا بين أبنائها بالشعارات والحزبيات والحدود.

إن واجبنا عظيم في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، يٰبُنَىَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأمُورِ [لقمان:17]، ولا تيأس ولا تَمَل ولا تتخاذل، فعليك بالصبر واحتساب الأجر، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.

وأكثروا في هذا الشهر الكريم المبارك من الدعاء والاستغفار، فإن الله تعالى يحب من يدعوه ويفرح به، وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دٰخِرِينَ [غافر:60]، وقال تعالى عن نبيه نوحٍ عليه السلام: فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا [نوح:10-12]، وقال تعالى: وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ [هود:3].

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، ربنا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، ولا حول ولا قوة إلا بك، لا نملك لأنفسنا نفعًا ولا ضرًا، ولا نقدر على مثقال ذرة من الخير إن لم تيسر لنا ذلك، فإنا ضعفاء عاجزون، نشهد أنك إن وكلتنا إلى أنفسنا طرفة عين وكلتنا إلى ضعف وعجز وخطيئة، فلا نثق يا ربنا إلا برحمتك التي بها خلقتنا ورزقتنا، وأنعمت علينا بما أنعمت من النعم الظاهرة والباطنة، وصرفت عنا من النقم، فارحمنا رحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك، فلا خاب من سألك ورجاك.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا هنيئًا مريئًا طَبَقًا سَحًّا مُجللاً، عامًا نافعًا غير ضار، اللهم سُقيا رحمة، لا سقيا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق، اللهم سقيا رحمة، لا سقيا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق، اللهم اسق عبادك وبلادك وبهائمك وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت، اللهم أنبت لنا الزرع، وأَدِر لنا الضرع، وأنزل علينا من بركاتك، واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغًا إلى حين، اللهم إنا خلق من خلقك، فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، اللهم إنا خلق من خلقك، فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، سبحان الله، على الله توكلنا، ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الكافرين.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر، اللهم أصلح ولاة أمور المسلين، ووفقهم للعمل بكتابك وسنة نبيك، اللهم أصلح ولي أمرنا وارزقه البطانة الصالحة، وقِهِ بطانة السوء برحمتك يا أرحم الراحمين.

عباد الله، اقتدوا بنبيكم في قَلْبِ أَرْدِيَتِكم، تفاؤلا بقلب الأحوال وتبدلها من حال إلى حال، واستقبلوا القبلة وأكثروا من الدعاء.

 

الخطبة الثانية

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً