.

اليوم م الموافق ‏17/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

التحذير من التستر على الإرهابيين

630

الرقاق والأخلاق والآداب, موضوعات عامة

الكبائر والمعاصي, جرائم وحوادث

عبد العزيز بن محمد القنام

وادي الدواسر

جامع النويعمة القديم

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- بشاعة التفجير في مبنى المرور بالرياض على ضوء الوحيين. 2- تغليظ الشريعة الإسلامية في شأن الدماء. 3- تحريم التستر على المجرمين بجميع أصنافهم. 4- كلمة لرجال الأمن.

الخطبة الأولى

أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله حق التقوى، ولا تموتن إلاّ وأنتم مسلمون.

ثم أما بعد: فيا عباد الله، لقد تابعنا ببالغ الأسف والألم حادث التفجير الذي وقع في مبنى الإدارة العامة للمرور بوسط مدينة الرياض، وما نتج عنه من قتلٍ لأنفس مسلمة معصومة وإصابات متنوعة لعدد كبير من المسلمين العاملين في المبنى أو المراجعين أو من كانوا في الطريق أو في المباني المجاورة، وإتلاف للممتلكات من مبان وسيارات وغيرها. وإن هذا العمل محرّم، بل هو من أكبر الكبائر لأدلة كثيرة، منها قول الله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]، ويقول سبحانه وتعالى: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ [الأنعام:151]، ويقول عز وجل: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70]. ويقول النبي : ((اجتنبوا السبع الموبقات))، قيل: يا رسول الله، وما هنّ؟ قال: ((الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلاّ بالحق)) الحديث أخرجه البخاري ومسلم، ويقول : ((أول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء)) أخرجه البخاري ومسلم، ويقول : ((لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا))، وقال ابن عمر : (إنّ من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حلّه) أخرجه البخاري، ويقول : ((كل ذنب عسى الله أن يغفره إلاّ الرجل يموت مشركًا أو يقتل مؤمنًا متعمّدًا))، ويقول : ((من قتل مؤمنًا فاعتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاً))، ويقول : ((لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبّهم الله في النار))، ويقول وهو يطوف بالكعبة: ((ما أطيبك وما أطيب ريحك! وما أعظمك وما أعظم حرمتك! والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك؛ ماله ودمه وأن يظن به إلا خيرًا))، ويقول : ((لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم))، ويقول : ((يأتي المقتول متعلقًا رأسه بإحدى يديه متلببًا قاتله باليد الأخرى، تشخب أوداجه دمًا، حتى يأتي به العرش، فيقول المقتول لرب العالمين: هذا قتلني، فيقول الله للقاتل: تعست، ويُذهب به إلى النار)).

عباد الله، إن من القواعد المقررة في الأصول أن الأمة لا تجتمع على ضلالة، وقد أجمع المسلمون إجماعًا قطعيًا على عصمة دم المسلم وتحريم قتله بغير حق، وهذا مما يُعلم من دين الإسلام بالضرورة، ومما سبق من النصوص الثابتة الصريحة تتضح عدة أمور، أهمّها:

أولاً: تحريم قتل المسلم بغير حق وأنه من أكبر الكبائر.

ثانيًا: أن النبي جعله قرينًا للشرك في عدم مغفرة الله لمن فعله.

ثالثًا: أن من قتل مسلمًا متعمّدًا فقد توعده الله بالغضب واللعنة والعذاب الأليم والخلود في النار.

رابعًا: أن الدم الحرام هو أول المظالم التي تُقضى بين العباد، وحصول الخزي يوم القيامة لمن قتل مسلمًا بغير حق.

خامسًا: أن قتل المسلم بغير حق من أعظم الورطات التي لا مخرج منها.

سادسًا: عظم حرمة المسلم، حتى إنه أعظم حرمة من الكعبة، بل زوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم.

سابعًا: أن الإعانة أو الإشارة أو تسهيل قتل رجل مسلم كلها اشتراك في قتله، وهؤلاء جميعًا متوعّدون بأن يكبّهم الله في النار، حتى لو اشترك في ذلك أهل السماء والأرض؛ لعظم حرمة دم المسلم.

ثامنًا: أن من فرح بقتل رجل مسلم بغير حق لم يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاً.

تاسعًا: أن قتل المسلم من أعظم ما يرضي عدو الله إبليس عليه لعنة الله.

هذا كله ـ يا عباد الله ـ في قتل المسلم بغير حق، فكيف إذا انضمّ إلى ذلك تفجير الممتلكات وترويع الآمنين من المسلمين والانتحار وغير ذلك من كبائر الذنوب التي لا يُقدِم عليها إلاّ من طمس الله على بصيرته وزيّن له سوء عمله فرآه حسنًا؟! كما قال تعالى: وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ [البقرة:204-206].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

إن الحمد الله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، فصلاة الله وسلامه عليه.

أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله حق التقوى، ولا تموتن إلاّ وأنتم مسلمون.

ثم أما بعد: فيا عباد الله، وإن البيان لهذه الأفعال القبيحة المنكرة يتضح لنا بعدّة أمور:

منها: دين الإسلام يحارب هذه الأفعال، ولا يقرها، وهو بريء مما ينسبه إليه أولئك الضالون المجرمون.

ومنها: أن الله قد فضح أمر هذه الفئة الضالة المجرمة، وأنها لا تريد للدين نصرة، ولا للأمة ظفرًا، بل تريد زعزعة الأمن وترويع الآمنين وقتل المسلمين المحرم قتلهم بالإجماع والسعي في الأرض فسادًا.

ومنها: أنه لا يجوز لأحد أن يتستر على هؤلاء المجرمين، وأن من فعل ذلك فهو شريك لهم في جرمهم، وقد دخل في عموم قول النبي : ((لعن الله من آوى محدثًا)). فالواجب على كل من علم شيئًا من شأنهم أو عرف أماكنهم أو أشخاصهم أن يبادر بالرفع للجهات المختصة بذلك حقنًا لدماء المسلمين وحماية لبلادهم.

ومنها: أنه لا يجوز بحال تبرير أفعال هؤلاء القتلة المجرمين.

ومنها: أن هذه البلاد ـ ولله الحمد ـ متماسكة تحت ظل قيادتها وولاة أمرها، وأننا جميعًا نَدين لله عز وجل بالسمع والطاعة لولاة أمرنا في غير معصية الله عز وجل اتباعًا لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59]، وقول النبي : ((عليكم بالسمع والطاعة)).

ومنها: أن ما أصاب المسلمين من شيء فبسبب ذنوبهم، يقول الله عز وجل: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30]، فالواجب على الجميع تقوى الله والمبادرة بالتوبة من الذنوب والمعاصي.

ونبشّر إخواننا رجال الأمن في هذه البلاد الطاهرة بأنهم على خير عظيم، وهم في ثغر من ثغور الإسلام، فعليكم بالحرص واليقظة والعزيمة في الدفاع عن دينكم أولاً، ثم عن بلاد المسلمين ضد هؤلاء الضالين. سدّد الله خطاهم، وأعانهم على الخير.

ثم إنه من سوّلت له نفسه القيام بمثل هذه الأفعال الإجرامية المحرمة أو زلت قدمه بذلك أو تعاطف مع أولئك عليه المبادرة بالتوبة إلى الله عز وجل قبل حلول الأجل، وأن يراجعوا أنفسهم، ويتأمّلوا نصوص الكتاب والسنة مما سقناه وغيره، وأن لا يعرضوا عنها، فإن الله سائلهم عنها وعما اقترفوه، يقول الله عز وجل: وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [البقرة:281].

هذا وصلوا على البشير النذير كما حثّكم بقوله حين قال: ((من صلّى عليّ صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا)).

اللهم صلّ وسلّم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، اللهم دمّر الشرك والمشركين، اللهم عليك بأعداء الملة والدين، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في كل مكان، اللهم انصرهم في كل مكان يا حي يا قيوم... 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً