.

اليوم م الموافق ‏24/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

إشارات من سورة القدر

4164

الرقاق والأخلاق والآداب

فضائل الأزمنة والأمكنة

فرج بن حسن البوسيفي

بنغازي

الأرقم بن أبي الأرقم

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- أنزل الله القرآن في ليلة القدر. 2- فضيلة ليلة القدر وعظم منزلتها. 3- نزول الملائكة في ليلة القدر. 4- علامات ليلة القدر. 5- الأقوال في تعيين ليلة القدر. 6- تحري النبي ليلة القدر واجتهاده في العبادة فيها. 7- ما يسن قوله في ليلة القدر.

الخطبة الأولى

وبعد: يقول الحق سبحانه: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، يخبر الحق سبحانه أنه أنزل القرآن ليلة القدرة، وهي الليلة المباركة التي قال الله فيها: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ [الدخان:3-5]، والليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن هي ليلة القدر، إنا أنزلناه في ليلة القدر، أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله .

وزاد تعظيم الله لهذه الليلة بقوله: وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر، قيام ليلة القدر والعبادة فيها خير من عبادة ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر.

وذكر النبي رجلاً من بني إسرائيل، وكانت أعمارهم طويلة، ذكر رجلاً منهم لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر بالنهار، ويقوم الليل بالصلاة والعبادة، فعجب المسلمون من ذلك، واستثكروا أن يستطيع إنسان منهم ذلك، فبشر الرحيم سبحانه الأمة المرحومة أن قيام ليلة القدر خير من عبادة ألف شهر، ليلة القدر خير من ألف شهر.

وذكر ابن أبي حاتم بإسناده إلى رسول الله أنه ذكر أربعة من بني إسرائيل عبدوا الله ثمانين عامًا، لم يعصوه طرفة عين، فذكر أيوب وزكريا وحزقيل بن العجوز ويوشع بن نون، قال: فعجب أصحاب رسول الله من ذلك، فأتاه جبريل فقال: ((يا محمد، عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة لم يعصوه طرفة عين، فقد أنزل الله خيرًا من ذلك، فقرأ عليه: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ، هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك، قال: فسُرّ بذلك رسول الله والناس معه.

ومما جاء في فضلها أن رسول الله قال لما حضر رمضان: ((قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِم خيرها فقد حُرِم)).

هي ليلة القدر التي شرفت على كلّ الشهور وسائر الأعوام

من قامهـا يمحو الإلـه بفضله عنه الذنوب وسـائر الآثام

تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ، يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم تعظيمًا له.

تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ، تنزل الملائكة وجبريل عليه السلام، أو تنزل الملائكة والروح أرواح بني آدم، أو خلق من خلق الله على صور بني آدم وليسوا ملائكة ولا بشرًا، أو الروح هم أشرف الملائكة وأقرب إلى الرب عز وجل وصاحب الوحي، أو الروح القرآن، أو أنه ملك عظيم بقدر جميع المخلوقات، وعلى أيٍّ جاء معنى كلمة الروح ففيه دلاله على عظمة ليلة القدر، حيث نزل فيها القرآن والملائكة والروح، تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ.

سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ سلام هي أي: سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءً، أو يعمل فيها أذى، وتسلّم الملائكة فيها على المصلين حتى يطلع الفجر، سلام هي لا شر فيها.

تنزل الملائكة والروح فيها بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ كقوله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الدخان:3-6]، ففيها تُقضى الأمور وتُقدر الآجال والأرزاق.

وقال : ((ليلة القدر في العشر البواقي، من قامهن ابتغاء حسبتهن فإن الله يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهي ليلة وتر، تسع أو سبع أو خامسة أو ثالثة أو آخر ليلة)).

وعلامتها كما في الحديث أن ليلتها صافية بلجة، كأن فيها قمرًا ساطعًا، ساكنة ساجية، لا برد فيها ولا حر، ولا يحل لكوكب يُرمى به حتى يصبح، وإن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر، ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ.

وعن مالك أنه بلغه أن رسول الله أُرِي أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر خيرًا من ألف شهر.

وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال: ((التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى)). وقد فسر العلماء هذا الحديث على أنها ليالي الأوتار من العشر الأواخر.

وذهب جماعة من السلف إلى أنها ليلة السابع والعشرين، وقال سيدنا أبي بن كعب رضي الله عنه: (والله، إني لأعلم أي ليلة القدر هي التي أمرنا رسول الله بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها).

ومن المستأنس به أن كلمة هِيَ من السورة هي الكلمة السابعة والعشرون، فإذا حسبت عدد الكلمات: من إِنَّا أَنزَلْنَاهُ إلى هِيَ لوجدتها الكلمة السابعة والعشرين، ولقد أودع الله سرًا في الرقم سبعة، فقد خلق الله سبع سماوات وسبع أراضين وسبعة أيام، والإنسان يسجد على سبع، والطواف بالبيت سبع، ورمي الجمار سبع، والبحار سبع، وحرم من نكاح الأقربين سبعًا، وقسم المواريث على سبع، وأعطى الله نبينا سبعًا من المثاني والقرآن العظيم، والرقم سبعة وتر، والله وتر يحب الوتر، ولقد رأى جمع من الصحابة ليلة القدر في السبع الأواخر من رمضان فقال رسول الله : ((أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر)).

وفي الصحيح أن النبي خرج ليخبر الصحابة بليلة القدر، فتلاحى رجلان أي: تخاصم رجلان، فرفعت، وهذه أمارة إلى أن النزاع والمماراة تقطع الخير عن عامة الناس، حيث حرمتِ الناس تعيين وقتها، لخصومة حدثت بين اثنين، فينبغي أن نتسامح ونتعاطف ونتراحم، ليعمنا الله برحمته ورأفته، ويمن علينا من بركات هذا الشهر العظيم، وهذه الليلة المباركة، جعلنا الله ممن يصوم نهارها ويقوم ليلها على الوجه الذي يرضي الله عنا، آمين.

ومن شدة اهتمام النبي بليلة القدر أنه كان يحبس نفسه في المسجد في العشر الأواخر، معتكفًا لله، قارئًا للقرآن، ذاكرًا لله، ساجدًا وقائمًا، مواظبًا على ذلك حتى توفاه الله عز وجل.

ومحل القدوة به عليه الصلاة والسلام في ذلك، أن نضاعف العبادة في هذه العشر الأواخر، فقد كان إذا بقي عشر من رمضان شد مئزره واعتزل نساءه، اجتهادًا منه في العبادة، وقالت عائشة رضى الله عنها: كان رسول الله إذا دخل العشر أحيا ليله، وأيقظ أهله، وشد المئزر.

ويستحب الإكثار من الدعاء في هذه العشر الأواخر، قالت عائشة رضى الله عنها: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها يا رسول الله؟ أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: ((قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)).

لليـلـة القدر عنـد الله تفضيـل     وفي فضلهـا قد جاء تنزيـل

فجدّ فيـها على خيـر تنـال بـه     أجرا فللخير عند الله تفضيـل

واحرص على فعل أعمـال تسرّ بها      يوم المعـاد ولا يغررك تأميـل

فتب إلـى الله واحذر من عقوبتـه      عن كل ما فيه توبيخ وتنكيـل

ولا تغرنـك الدنيـا وزخـرفهـا      فكل شيء سوى التقوى أباطيل

 

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً