.

اليوم م الموافق ‏18/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

الحملات المسعورة ضد الإسلام وأهله

4021

العلم والدعوة والجهاد

المسلمون في العالم

عكرمة بن سعيد صبري

القدس

21/10/1425

المسجد الأقصى

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- الحملة الصليبية المسعورة على الدين الإسلامي. 2- كتاب الفرقان الحق. 3- مخططات أمريكا. 4- حسد أعداء الإسلام لأمة القرآن. 5- حفظ الله تعالى للقرآن الكريم. 6- القنوات الفضائية الهدامة. 7- النهي عن المرور بين يدي المصلي. 8- وثيقة جنيف اللعينة.

الخطبة الأولى

أما بعد: فيقول الله عز وجل في سورة التوبة: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة:32]، ويقول سبحانه وتعالى في سورة الصف: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف:8].

أيها المسلمون، يا أمة القرآن، يا أحباب محمد عليه الصلاة والسلام، إن الحملة الصليبية المسعورة لم تقتصر في حربها ضد المسلمين فحسب، بل تعدت هذه الحملة الحاقدة ضد ديننا الإسلامي العظيم في هذه الأيام، وهي مستمرة وفي تزايد بهدف تشويه صورة الإسلام، وقد سبق أن نبهنا لخطورة هذه الحملة الصليبية الجديدة منذ سنتين أو أكثر.

فقد صدر مؤخّرا في أمريكا كتاب يحمل عنوان "الفرقان الحق" باللغتين العربية والإنجليزية، وقد وزع على المكتبات الأمريكية والأوروبية وعلى الإنترنت، كما وزع بشكل واسع في المدارس الأجنبية الموجودة في البلاد العربية، وقد وصلت نسخة منه إلى فلسطين. ومع الأسف لم نسمع أي ردة فعل من الأنظمة الرسمية في العالم العربي والإسلامي، فكأن الأمر لا يعنيهم.

هذا الكتاب المزيف الذي أطلق عليه اسم: "الفرقان الحق" هو ليس بالفرقان، وليس بالحق. إن هدفه التشكيك بالقرآن الكريم ودستور المسلمين، وهدفه إبعاد المسلمين عن دينهم، بل إن شياطين الإنس يخططون لأن يكون هذا الكتاب المزعوم بديلا عن القرآن الكريم، وهيهات لهم ذلك، لقد خابوا وخسئوا، لقد خاب ظنهم وطاش سهمهم.

أيها المسلمون، يا أمة القرآن، لقد صدر فعلا الجزء الأول من الكتاب المزعوم: "الفرقان الحقّ" بالرسم العثماني، وأن عدد صفحات هذا الجزء ثلاثمائة وثمان وستون. وكما يزعم شياطين الإنس بأن الأجزاء الأخرى من هذا الكتاب المزيف ستصدر تباعا لتصل إلى اثني عشر جزءا. أي: أن كتاب "الفرقان الحق" المليء بالمغالطات والافتراءات والتناقضات يتكون من اثني عشر جزءا. وهو يمثل حربا ثقافية وغزوا فكريا ضد الإسلام والمسلمين بشكل واضح سافر حاقد، كمحاولة يائسة لصرف المسلمين عن القرآن الكريم ولإبعادهم عن دينهم.

أيها المسلمون، يا أمة القرآن، إن شياطين الإنس القائمين على إعداد ما يسمى بكتاب "الفرقان الحق" قد خططوا لإعلان حرب صليبية جديدة ضد الإسلام والمسلمين، وذلك بممارسة أشد أنواع القهر السياسي والاقتصادي والعسكري بحق المسلمين المتمسكين بعقيدتهم وديارهم، وإن أمريكا الكافرة المتغطرسة ستحاول أن تعمل خلال الثلاثة الأعوام القادمة على إضعاف الشرق الأوسط الكبير، وذلك بتفريغ المنطقة العربية من القوة العسكرية والاقتصادية وتغيير المناهج التعليمية والتربوية، وبالمقابل تقوية إسرائيل اقتصاديا وعسكريا وإطلاق يدها على البلاد العربية. ويشمل مشروع منطقة الشرق الأوسط أيضا إنشاء قنوات ووسائل إعلام أمريكية في المنطقة كلها تنطق باللغة العربية بهدف إجبار المسلمين للتخلي عن القرآن الكريم والعمل بالكتاب المزعوم "الفرقان الحق".

أيها المسلمون، يا أمة القرآن، نتساءل: أين ما يسمى بالديمقراطية التي تنتهج بها أمريكا وهي تدعي حرية الرأي والفكر؟! لماذا سيجرون المسلمين حسب مخططاتهم الاستعمارية لترك القرآن الكريم وإلزامهم حسب زعمهم بما يسمى بكتاب "الفرقان الحق"؟! إننا نستذكر محاكم التفتيش التي وقعت في بلاد الأندلس إسبانيا، فكانت وصمة عار في جبين إسبانيا. ثم لماذا تحاول أمريكا تقسيم وتجزئة أقطار إسلامية؟! لماذا تنادي بتقسيم العراق وتقسيم السعودية إلى أجزاء وأجزاء؟! ألا يكفي العالم الإسلامي ما يعانيه من تقسيمات على ضوء اتفاقيات سيكس بيكو، وتريد أمريكا أن تجدد هذه الاتفاقيات الظالمة لتزيد في تقسيماتها؟! ثم لماذا لا تقسم أمريكا نفسها وهي مكونة الآن من إحدى وخمسين ولاية؟!

أيها المسلمون، يا أمة القرآن، إن شياطين الإنس الذين يعدون ما يسمى بكتاب "الفرقان الحق" يحاولون جاهدين محاكاة وتقليد القرآن الكريم في أسلوبه وشكله وحروفه ورسمه، وقد أخذوا بعض التعابير القرآنية وأسماء السور، وأقحموها في هذا الكتاب المزيّف، وذلك لإقناع المسلمين بأن هذا البديل أفضل من القرآن الكريم.

ويزعم شياطين الإنس بأن القرآن الكريم من وضع البشر، وأنه مزيف، وأنه غير صالح لحياة البشرية في هذه الأيام. كما يزعمون بأن القرآن الكريم يدعو للإرهاب والتطرف حسب تفسيراتهم، وأنه يثير روح العداء بين الشعوب حسب افتراءاتهم.

إن هؤلاء الحاقدين لا يدركون بأن القرآن الكريم جاء لهداية البشرية جمعاء ولإسعادها، وأنه دعا للإيمان والتوحيد وإلى إعمال العقل والتفكير.

أيها المسلمون، يا أمة القرآن، إن شياطين الإنس ينكرون الوحي الذي هو من عند الله العلي القدير، والذي نزل على قلب نبينا الأكرم محمد ، والمعلوم أن الذي ينكر الوحي على سيد الخلق محمد فإنه ينكر الوحي عن سائر الأنبياء والمرسلين.

لقد اغتاظ شياطين الإنس من المسلمين؛ لأن كتاب المسلمين ودستورهم القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد في الكون كله الذي لم يطرأ عليه تغير ولا تحريف ولا تبديل ولا زيادة ولا نقصان.

أيها المسلمون، إن مئات الملايين من المسلمين يحفظون القرآن الكريم بقلوبهم وعقولهم، وإن الملايين من مراكز تحفيظ القرآن منتشرة في أرجاء المعمورة، وصدق الله العظيم إذ يقول في سورة النساء: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القرآن وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا [النساء:82]، ويقول تعالى في سورة الإسراء: لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإنس وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القرآن لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء:88]، ويقول عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:41، 42].

لا يدركون بأن الله رب العالمين قد تكفل بنفسه بحفظ القرآن الكريم بقوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]. وهذا الحفظ هو مظهر من مظاهر إعجاز القرآن الكريم.

أيها المسلمون، يا أمة القرآن، لم يكتف الاستعمار الدولي بما يخطط ضد القرآن الكريم، بل إنه يسعى إلى تقويض الأسرة المسلمة وتدمير الأخلاق الإسلامية القويمة، وذلك من خلال عرض بعض المحطات الفضائية لبرامج تلفازية هابطة مدمّرة للقيم والأخلاق، وتسخير الجهود العربية والأموال العربية لهذه المهام الاستعمارية الكافرة، والتي تستهدف الجيل الصاعد من الشباب والفتيات، بالإضافة إلى التدخّل في المناهج المدرسية بهدف نشر الرّذيلة والأفكار المسمومة وما يترتب على ذلك من نتائج سلبية تؤدي إلى بثّ روح الفرقة والهزيمة والتبعية وهدم الأسرة والمجتمع وإلهاء الناس عن القضايا المصيرية للأمة، وعليه يتوجب شرعا مقاطعة هذه المحطات المشبوهة الهابطة الرخيصة، ويحرم شرعا مشاهدة البرامج اللاأخلاقية، كما يحرم التعامل معها والمشاركة فيها، وكم من الملايين من المكالمات الهاتفية التي شارك الشباب والشابات من خلالها في هذه البرامج الهابطة، والله سبحانه وتعالى يقول: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال:25].

الخطبة الثانية

قبل البدء بالخطبة الثانية أشير إلى مسألة فقهية تتعلق بالمرور بين المصلين: لقد لوحظ مرارا وبخاصة أيام الجمع بأن المصلين يقطعون صلاة بعضهم بعضا، وذلك من خلال المرور بين يدي المصلين، فكأن هذا المرور أصبح شائعا ومألوفا ومعتادا، وكأن الناس يشعرون أنهم في سجن يريدون الهرب منه بسرعة، ولا يدرك هؤلاء المتسرعون الحكم الفقهي حيث نهى الرسول عليه السلام عن المرور بين يدي المصلين من خلال عدة أحاديث نبوية شريفة، وعليه ينبغي للشخص حين الانتهاء من صلاته للسنة البعدية أن يلتفت خلفه قبل الانصراف حتى يتأكد أن الذي وراءه قد انتهى من صلاته أم لا.

يا أبناء الإسراء والمعراج، من المؤسف والمؤلم أن يروج من جديد لما يسمّى بوثيقة جينيف، وسبق أن تعرضنا لوثيقة جينيف قبل عام تقريبا وأخمدت في مهدها، ولكن البعض من أبنائنا أخذوا يدعون لها ويرجون لها من جديد، هذه الوثيقة التي تمثل تنازل فوق تنازل لحقوقنا الشرعية في أرضنا المباركة المقدسة، إنهم يتوهمون بأن الاحتلال الإسرائيلي سيتوقف عن بناء الجدار العنصري اللاأمني، إنهم يتوهمون بأن الاحتلال سيتوقف عن مخططاته التوسعية وعن القتل وسفك الدماء وعن مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات، ثم ماذا بقي من الأرض التي سيفاوضون عليها إذا لم يتم الانسحاب؟! ثم من فوضهم ليتحدثوا باسم اللاجئين الفلسطينيين مع التأكيد على أن حق العودة للاجئين هو حق شرعي لا يسقط مع مرور الزمان؟!

أيها المسلمون، نتساءل: من أعطى هؤلاء الذين وقّعوا على ما يسمى بوثيقة جنيف اللعينة، من أعطاهم الصلاحية لتسليم حائط البراق لسلطات الاحتلال؟! وهل أن فرض أمر الواقع يغير من الأحكام الشرعية؟! وهل يضيع الحقوق المشروعة؟! إن هذا الحائط هو جزء من سور المسجد الأقصى المبارك، وهو وقف إسلامي من الناحية الشرعية، حتى إن عصبة الأمم المتحدة قبل ما يزيد عن سبعين عاما قد اعترفت بملكية حائط البراق للمسلمين باعتباره وقفا إسلاميا، وكذلك لجنة شو البريطانية أقرت بذلك. فالمؤسسات غير الإسلامية سبق وأن اعترفت وأقرت بأن حائط البراق للمسلمين، فما بال هؤلاء يتنازلون عنه؟! وعليه فإن هذه الوثيقة المزعومة هي غير شرعية ولا نعترف بها لا سابقا ولا لاحقا، كما أن المسلمين يرفضون سائر المبادرات المحلية والدولية التي تمس حق شعبنا في العودة إلى أرضه أو تساوم على القدس ومقدساتها.

أيها المسلمون، سيظل أبناء أرض الإسراء والمعراج أوفياء لبلادهم التي باركها الله وقدسها وقرر إسلاميتها مهما طالت مدة الاحتلال والاغتصاب والاستعمار، هذه الأرض التي ورثناها والتي ارتبطت بقرار من الله رب العالمين وورثناها أمانة غالية عن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.

ويتوجب على شعبنا الفلسطيني المرابط المزيد من التكاتف والتعاون ورص الصفوف ووحدة الموقف للمحافظة على مقدساته ومقدراته وحقوقه المشروعة ليقضي الله أمرا كان مفعولا.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً