أيها المسلمون، حدثان بارزان استقطبا اهتمام العالم هذه الأيام، أولهما: فوز الرئيس الأمريكي، والثاني: القضية الفلسطينية في أعقاب مرض ووفاة الرئيس الفلسطيني، ونتناول الموضوعين أو الحدثين من منطلق مفهومنا الإسلامي لتطوّر الأحداث والتي لا يمكن أن نغفل عن تداعياتهما على القضايا الإسلامية بصفة عامة والقضية الفلسطينية المركزية بصفة خاصة.
إن فوز الرئيس الأمريكي الحالي بفترة رئاسة ثانية لمدة أربع سنوات أخرى من حكمه الملطّخ بدماء المسلمين له تداعيات وانعكاسات على القضايا الإسلامية، نبينها هنا لتدرك الأمة الإسلامية أبعاد ومخاطر السياسة الأمريكية الراهنة.
إن نجاح الرئيس الأمريكي يبين مدى تأثير اللوبي الصهيوني والمسيطر على الدوائر الرسمية الحاكمة في الولايات المتحدة سيما في وزارتي المالية والدفاع، فقد جاء فوز الرئيس الأمريكي نتيجة لأصوات اليهود والمؤيدين لسياسته المنحازة والمؤيدة بلا تحفظ لإسرائيل، سواء بالنسبة للفلسطينيين أو لسائر الدول العربية والإسلامية.
تغير المفاهيم داخل المجتمع الأمريكي وتحوله إلى مجتمع عنصري حاقد تجاه من يخالف سياسة التوسع والهيمنة الأمريكية.
إعطاء الضوء الأخضر لمواصلة حملات القمع وملاحقة دعاة الإسلام في أفغانستان واستمرار سياسة العدوان المسلح الواسع والوحشي ضد الشعب العراقي تحت ذريعة مساعدة الحكومة العراقية لاستعادة الأمن وإرساء قواعد الحرية والديمقراطية.
استمرار التهديدات المبطنة والعلنية لكل من سوريا وإيران بهدف الضغط على حزب الله المناوئ لسياسة إسرائيل التوسعية.
استمرار الضغط على حكومة السودان للقبول بتعدد الأديان للدستور السوداني وعدم اعتماد الإسلام كدستور واحد للدولة.
إن على أمتنا الإسلامية التنبه لمخاطر السياسة الأمريكية والتي جلبت الدمار والويلات للشعوب الإسلامية خلال السنوات الأربع الماضية. إن على أمتنا الإسلامية عدم إعطاء الفرصة للإدارة الأمريكية الجديدة لتطويع الحكومات والشعوب الإسلامية لسياسة الانفتاح والتطبيع مع الكيان الصهيوني أعداء الإسلام.
أيها المسلمون، افتحوا آذانكم جيدا لما أقول، إن فلسطين كانت على مر الأزمنة والعصور محط أنظار الغزاة بحكم قداستها وموقعها الإستراتيجي، إن إسلامية فلسطين مرتبط ارتباطا وثيقا بقدسية ومكانة المسجد الأقصى المبارك، هذا المسجد الذي تشهدون فيه صلاة الجمعة الأخيرة من رمضان، هذا المسجد الذي تشد إليه الرحال، هذا المسجد الذي شرفه الله بشرف إسراء ومعراج نبينا ورسولنا وقائدنا وقدوتنا محمد عبد الله ورسوله، هذا المسجد الذي يحاول الغزاة السيطرة عليه وتغيير معالمه وطمس هويته الإسلامية، لكن أنى لهم ذلك، خسئوا برباطكم، خسئوا بالتفافكم حوله.
فالقضية الفلسطينية لم ولن ترتبط بزعيم أو قائد لأن الأساس الذي نحكم به على القيادات أيا كانت هي الإيمان الصادق والجهاد الفعلي لتحرير هذه البقاع، لقد قيض الله لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب فتح بيت المقدس في السنة الخامسة عشرة للهجرة، ونجح القائد المسلم قطز والظاهر بيبرس بدحر الغزاة التتار وهزيمتهم في عين جالوت في فلسطين في القرن الثالث عشر الميلادي، وجاء الغزو الصليبي الحاقد والذي تتجدد معالمه هذه الأيام، غير أن الله قيض لهذه الأمة ولهذه البلاد القائد صلاح الدين الأيوبي لتحريرها من قبضة الغزاة.
نعم أيها المسلمون، التاريخ يسجل في صفحات من نور عطاء وتضحيات وجهاد الأيدي المتوضئة والقلوب الطاهرة، ففلسطين لن تتحرر بالشعارات والهتافات، إن شعبنا اليوم مطالب بتوحيد الصفوف وجمع الشمل ورفض حلول الاستسلام، لا نريد من فلسطين أن تتحول إلى صومال ثانية ولا إلى السودان، هذا هو الرهان رهان الأعداء على إحداث صراع فلسطيني فلسطيني ليتسنى لهم إملاء شروط الاستسلام.
إن عزتنا تكمن في إسلامنا، وقوتنا تكمن بوحدتنا، وتحرير بلادنا لن يكون إلا بإقامة دولة الإسلام، فلتتحد السواعد ولتتحد القلوب في كل بقاع المسلمين.
|