.

اليوم م الموافق ‏11/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

نصائح للزوجين

3235

الأسرة والمجتمع, فقه

النكاح, قضايا الأسرة

صلاح بن محمد البدير

المدينة المنورة

11/5/1424

المسجد النبوي

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- فطرة الميل إلى السكون والاستقرار. 2- عظم الرابطة الزوجية. 3- أهمية الأسرة في المجتمع. 4- أسباب المشكلات الأسرية. 5- نصائح للزوجين. 6- كلمات للزوجة المسلمة. 7- كلمات للزوج المسلم. 8- التحذير من المعاصي والمخالفات في البيوت. 9- نصائح للمعدِّدين.

الخطبة الأولى

أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، اتّقوا الله وأطيعوه، فإنَّ تقواه أفضل مكتسَب، وطاعته أعلى نسب، يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].

أيّها المسلمون، إنَّ الله تعالى بلطيفِ حكمتِه وما أودَعَه في إبداع العالَم من عجائبِ قدرتِه خلق الإنسانَ مجبولاً إلى السّكَن والاستقرار، وطبَعَه في أصلِ خِلقته على الحاجة لذلك والاضطرار، ويسَّر له برحمتِه وفضلِه زوجًا من نفسِه ليسكنَ إليها ويرتبطَ بها؛ إذِ الإنسان لجنسِه أميَل وعليه أقبل، وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21].

أيّها المسلمون، الرّابطة الزوجيّة رابطةٌ عظمى، صدرت عَن رغبةٍ واختِيار، وانعقدَت عن خِبرة وسؤال وإيثار، عقدُها مأمورٌ بِه شرعًا، مستحسَن وضعًا وطبعًا، والأسرةُ هي اللبِنة الأولى لبناء المجتمعات، وبصلاحِها تصلح الأوضاع، وبفسادِها تفسد الأخلاقُ والطّباع، ركناها وقائداها زوجٌ وزوجَة، يجمَع بينهما ولاءٌ ووفاء ومودّة وصفاء وتعاطف وتلاطف ووفاق واتّفاق وآدابٌ وحُسن أخلاق، تحت سقفٍ واحد، في عِيشة هنيّة ومعاشرة مرضيّة. وفي كتاب الله وسنّة رسوله من الإصلاح التامّ والعدل العامّ ما يؤيِّد قواعدَ هذه الرابطة فلا تنثلِم، ويؤكّد عقائدَها فلا تنخَرِم.

أيّها المسلمون، إنَّ سببَ كثرةِ المشكلات وتفاقُم الخلافات وظهور المنازَعات وشُيوع الطلاق والفِراق لأسبابٍ تافهة إنّما هو التقصير في معرفة الأحكام الشرعية وآداب الحياة الزوجيّة وما تقتضِيه المسؤوليّة الأسريّة؛ إذ كيف تكون الأسرَة في هناءٍ وصفاء والزّوج ذو بذاءٍ وجفاء، إذا غضِب نفخ ونَفَث، واكفهرّ وازمجرّ، فيه حبّ الأنى والذّات، خيرُه مُقفَل وشرُه مرسل، كفٌّ يابِس ووجه عابس، ومعاملة فاسدة وأقوالٌ سافلة، تُورِث كَلْمًا لا يندمِل وصدعًا لا ينشعِب، وتترك المرأةَ حسيرةً كسيرة، حائرةً بين مُرَّين: طلبِ تطليقها أو الصبرِ على تعليقِها. وإنّ مَن الأزواج مَن إذا أبغضَ المرأةَ كدَّها وهَدَّها، وكهَرَها وظلمَها، وأكلَ مالَها ومنعَها حقَّها، وقطع نفقتَها، وربّما أخَذ ولدَها وهو تحتَ حضانتِها ورعايتِها، وتركها أسيرةَ الأحزان، تعاني كُرَب الأشجان، فأين الإحسان؟! أين الإحسانُ يا أهلَ القرآن؟!

أيّها المسلمون، وكيف يكون للأسرةِ هناءٌ وصفاء والزّوجة ولاّجة خرّاجة، ثرثارةٌ مِهذارة، طعَّانة لعّانة، لا تُجيب إلى إنصاف، ولا ترضَى بعَيش كفاف، تئنُّ عند طلبِها كسلاً تمارضًا، ولا ترضى لأمرِها مُعارضًا، مقصِّرة مفرِّطة، ومسرفة مفرِطة، كثيرة النّوم واللّوم، مَرهاء ملداء، لا كحلٌ ولا حنّاء، شَوهاء فَوهاء، تبطِل الحقَّ بالبكاء، تنسى الفضلَ وتُنكر الجميل، وتُكثِر على ذلك التّعليل والتّدليل، يقول النبي : ((اطَّلعتُ في النار فإذا أكثر أهلها النساء))، فقيل: لِم يا رسول الله؟ قال: ((يكفُرن العشير ـ يعني: الزوج ـ ويكفُرن الإحسان، لو أحسنتَ إلى إحداهن الدّهرَ ثمّ رأت مِنك شيئًا قالت: ما رأيتُ منك خيرًا قطّ)) أخرجه البخاري[1].

أيّها الزّوجان الكريمان، اتَّقيا الله في حياتِكما الزوجيّة، بُلاَّها بالحقوق، ولا تدمِّراها بالعُقوق، وليقُم كلّ واحدٍ منكما بما أوجبَ الله عليه تِجاه رفيق عمُره وشريك حياته، واخضعا لنصوص النّقل ومَنْطِق العقل قبل أن يستبدَّ بكما الشّقاق ويحصلَ الطلاق والفراق ويأكلَ أحدكما مِن النّدم كفَّيه ويعضَّ على يديه ويقُدَّ شعرَه ويمضغَ شفتَيه، واحتكِما لقول المولى جلّ وعلا: وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِى عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ وَلِلرّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228]، وقولِ النبيِّ : ((ألا إن لكم مِن نسائكم حقًّا، ولنسائكم عليكم حقًّا)) أخرجه الترمذي[2].

أيّها المسلمون، إنَّ من رام شريكًا للحياة بريئًا من الهفوات سليمًا من الزّلاّت فقد رام أمرًا مُعوِزًا، وطلب وصفًا معجِزًا، يقول النبيّ : ((لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً، إن كرِه منها خُلقًا رضيَ منها آخر)) أخرجه مسلم[3]، ويقول عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: ((أيّما امرأةٍ سألت زوجَها الطلاق من غير بأسٍ فحرامٌ عليها رائحة الجنة)) أخرجه أحمد[4].

أيّتها المرأة المسلمة والزّوجة المؤمنة، كوني لبعلك أرضًا يكن لكِ سماء، وكوني له مِهادًا يكُن لك عمادًا، وكوني له أمَة يكن لك عَبدًا، تعهَّدي وقتَ طعامِه، والزَمي الهدوءَ عند منامِه، فإنّ مرارة الجوع ملهَبَة، وتنغيصَ النوم مغضَبَة، اصحبيه بالقناعة، وعاشريه بحُسن السّمع والطّاعة، ولا تُفشي له سرًّا، ولا تعصي له أمرًا، واحذري أنواعَ التقصير، واجتنبي أسبابَ التّكدير، ولا تصومي صيامَ تطوّعٍ وزوجُك شاهد إلاّ بإذنه، ولا تأذني في بيتِه لمن يكرَه إلا بإذنِه، واعلمي أنّك أشدّ ما تكونين له إعظامًا أشدّ ما يكون لك إكرامًا، ولا تلحِفي به فيقلاك، ولا تتباعدِي عنه فينساك، واجتهدي على نفسك بما هو أدعى لرغبته وأملأ لعينِه، وليكُن ذلك وفقَ القيود الشرعيّة والآداب المرعيّة، وإذا دعاك لحاجتِه فحقِّقي رغبتَه وأجيبي دعوتَه، يقول رسول الهدى : ((إذا دعا الرجل امرأتَه إلى فراشه فأبت أن تجيبَ فبات غضبانَ عليها لعنتها الملائكة حتّى تصبح)) متفق عليه[5].

قومي بخدمتِه بنفسٍ راضية؛ فإنّ في خدمته تقويةَ مودَّة وإرساءَ محبّة، ولتكن أسماء بنتُ أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنها وعن أبيها لكِ في ذلك أسوةٌ وقدوة، تقول رضي الله عنها: تزوَّجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضحٍ وغير فرسه، فكنت أعلفُ فرسَه وأستقي الماءَ وأخرز غَربَه، وأعجن ولم أكن أحسِن أخبز، فكان يخبز لي جارات لي من الأنصار، وكنَّ نسوةَ صدق، وكنت أنقل النّوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله على رأسي، وهي منّي على ثلثَي فرسخ. أخرجه البخاري[6].

ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وصفِ ما قامت به زوجه فاطمة بنتُ رسول الله ورضي عنها: إنّها جرّت بالرّحى حتى أثّرت بيدها، واستقت بالقربة حتّى أثّرت في نحرها، وقمّت البيتَ حتّى اغبرّت ثيابها، وأوقدت القِدر حتّى دكِنت ثيابُها. أخرجه أبو داود[7].

وحسبُ المرأةِ طوبَى وبشرَى قولُ الصّادق المصدوق : ((أيّما امرأةٍ ماتت وزوجُها راضٍ عنها دخلت الجنّة)) أخرجه الترمذي[8]، وقوله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: ((إذا صلّت المرأة خمسَها وصامت شهرَها وحفظت فرجَها وأطاعت زوجَها قيل لها: ادخلي الجنةَ من أيّ أبواب الجنّة شئتِ)) أخرجه ابن حبان[9].

أيّها الزوج الكريم، اتّق الله في زوجك، لا تكلِّفها ما لا تطيق، وأعِنها عند الضِّيق، وأشفِق عليها إذا تعِبت، ودارِها إذا مرِضت، وراعِها عندَ ظرفِ حملِها ونفاسها ورضاعها، وأجزِل لها الشّكر، وتلقّاها ببرٍّ وبِشر، واعلَم أنَّ قوامتَك لا تعني القهرَ والغلبةَ والاستبداد والاحتقار، بل هي قوامة تحفَظ لها كرامتَها، وتستوجب تعليمَها وتأديبها وإعفافها، ولا يكن جلَّ همِّك مراقبة أخطائها وإحصاءُ زلاّتها، ولا تبالِغ في إساءة ظنٍّ بلا ريبَة، ولا تتغاضَ عمَّا يُخلُّ بالدّين والمروءة، واحذَر شكًّا قاتِلاً وظنًّا مدمِّرًا، يقول النبيّ : ((غَيرتان: إحداهما يحبُّها الله، والأخرى يبغِضها الله. الغيرةُ في الرّيبة يحبّها الله، والغيرة في غيره يبغضها الله)) أخرجه أحمد[10].

أيّها الزوجُ الكريم، إيّاك والمعاتبةَ الكثيرة، فإنّها تورث الضّغينة، ولا تمنَع أهلَك رِفدَك فيملّوا قربَك، ويكرَهوا حياتَك، ويستبطِئوا وفاتَك، يقول النبي: ((كفى بالمرء إثمًا أن يضيِّع من يقوت)) أخرجه أبو داود[11].

كُن جوادًا كريمًا، فمَن جاد ساد، ومن أضعَف ازدَاد، ولا خيرَ في السّرف، ولا سَرَف في الخير، وعاشروهن بالمعروف، أطعموهنّ واكسوهنّ، أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيّقُواْ عَلَيْهِنَّ [الطلاق:6]، لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا ءاتَاهُ ٱللَّهُ لاَ يُكَلّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا ءاتَاهَا سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطلاق:7]، يقول رسول الله : ((اتَّقوا اللهَ في النّساء، فإنّكم أخذتموهنّ بأمانةِ الله، واستحللتم فروجهنَّ بكلمةِ الله، ولهنّ عليكم رزقهنّ وكسوَتهنّ بالمعروف)) أخرجه مسلم[12]، ويقول عليه الصلاة والسلام: ((إذا أنفقَ الرجل على أهله نفقةً يحتسبُها فهي له صدقة)) متفق عليه[13].

أيّها المسلمون، لقد كان سيّدُ الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام جميلَ العشرة، دائمَ البِشر مع أهله، يتلطَّف معهنّ، ويضاحكهنّ ويداعبهنّ، ويقول بأبي هو وأمّي صلوات الله وسلامه عليه: ((خيركم خيرُكم لأهله، وأنا خيركم لأهلي))[14]، ويقول : ((أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلَقًا، وخياركم خيارُكم لنسائهم)) أخرجه البخاري[15]، ويقول عليه الصلاة والسلام حاثًّا وآمرًا: ((استوصوا بالنّساء خيرًا)) أخرجه البخاري[16].

أيّها الأزواج، لا تتجاوَزوا ما شرَع الله لكم من الضّرب غيرِ المبرِّح حالَ النشوز إلى ما حرّم عليكم من الضّرب المفظع والاعتداءِ الموجِع والجَلد المروِّع، فإنّ عواقبَه وخيمة وأضراره جسيمة، وفي البخاريّ أنّ النبيَّ قال: ((لا يجلِد أحدكم امرأتَه جلدَ العبد، ثم يجامعها في آخر اليوم))[17].

لقد تجاوَز رجالٌ على عهدِ رسول الله ، فطاف النّساء بآلِ رسول الله يشتكين الضربَ من أزواجهنّ، فقال رسول الله : ((لقد طاف بآل محمّدٍ نساء كثير يشتكين مِن أزواجهن، ليس أولئك بخياركم)) أخرجه أبو داود[18]، وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه أنَّ رسول الله قال: ((ولا تضربِ الوجهَ ولا تقبِّح)) أخرجه أحمد[19]، فويل للظالم، ويل للظالم يوم اقتصاصِ المظالم.

أيّها الأزواج، إنَّ السهرَ والسمَر خارجَ المنزل من مثيرات القلق والأرق، ينغِّص على الزّوجة حياتَها، ويزعزع ويزلزل استقرارَها، ويَضيع بسببه الأولاد فلذةُ الأكباد وثمرة الفؤاد، حتّى يصيروا فريسةً لوحوش الظلام وفتنِ هذا الزّمان، فاحذروا هذا السهرَ واجتنبوه ولا تقربوه.

أيّها المسلمون، إنّ ظهورَ المعاصي والمخالفات وانتشارَ المنكرات في كثير من البيوتات من أعظم أسباب خرابِها ودمارها، ولقد دبَّ الشّقاء والشقاق وثارَت ثائرة الغيرة واشتعلت نيران الشكّ والحيرة بين كثير من الأزواج بسبب طبَق القنوات الخطرِ المحدِق والشرّ المطبق، فحين رأى غيرَها ورأت غيرَه رغِب عنها وزهدت فيه، وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [آل عمران:117]، نعوذ بالله من الخزيِ والعار ومن فعل يقرِّب إلى النار.

فاتّقوا الله عبادَ الله، وطهِّروا بيوتكم ممّا يستوجب اللعنةَ والطرد والإبعاد، قُل إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ [الرعد:27].

أيّها المسلمون، ألا فلتذهبِ المرأةُ مربيةَ أجيال برقِّة طَبع ولطافة حسّ وذكاءِ عاطفة، وليذهَبِ الرجل قوّامًا وقائدًا بقوّةِ بأس وجلالة فِكر وسلامة تقدير وتدبير، وليذهبِ الاثنان إلى حياةٍ كريمة في ظلِّ تمسّك بالدين وفعلٍ للواجبات واجتنابٍ للمحرمات وتعاونٍ على البر والتقوى، و((رحم الله رجلاً قام من الليل فصلّى، ثمّ أيقظ امرأته فصلّت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحِم الله امرأةً قامت من الليل فصلّت، ثمّ أيقظت زوجها فصلّى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء))[20].

وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرّيَّتُهُم بِإِيمَـٰنٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَـٰهُمْ مّنْ عَمَلِهِم مّن شَىْء كُلُّ ٱمْرِىء بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ [الطور:21].

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنّة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.




[1] صحيح البخاري: كتاب الإيمان (29) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما بنحوه، وأخرجه أيضا مسلم في الكسوف (907).

[2] سنن الترمذي: كتاب الرضاع (1163) من حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وأخرجه أيضا النسائي في الكبرى (9169)، وابن ماجه في النكاح (1851)، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (929، 2464).

[3] صحيح مسلم: كتاب الرضاع، باب: الوصية بالنساء (1469) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[4] مسند أحمد (5/277، 283) عن ثوبان رضي الله عنه، وأخرجه أيضا أبو داود في الطلاق (2226)، والترمذي في الطلاق (1187)، وابن ماجه في الطلاق (2055)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن"، وصححه ابن الجارود (748)، وابن خزيمة كما في الفتح (9/410)، وابن حبان (4184)، وانظر تخريجه في الإرواء (2035).

[5] صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق (3237)، صحيح مسلم: كتاب النكاح (1436) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[6] صحيح البخاري: كتاب النكاح (5224)، وأخرجه أيضا مسلم في السلام (2182).

[7] سنن أبي داود: كتاب الأدب (5062)، وأخرجه أيضا أبو نعيم في الحلية (1/70، 2/41)، وأورده الألباني في ضعيف سنن أبي داود (1075).

[8] سنن الترمذي: كتاب الرضاع، باب: ما جاء في حق الزوج على المرأة (1161)، وأخرجه أيضا ابن ماجه في النكاح، باب: حق الزوج على المرأة (1854)، وأبو يعلى (6603)، والطبراني في الكبير (23/374)، والحاكم (4/173) من طريق مساور الحميري عن أمه عن أم سلمة رضي الله عنها، ومساور هذا وأمّه مجهولان، قال الذهبي في الميزان (4/95): "مساور الحميري عن أمه عن أم سلمة فيه جهالة، والخبر منكر"، ولذا ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (1426).

[9] صحيح ابن حبان (4163) من طريق هدبة عن عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه أيضا الطبراني في الأوسط (4598)، وقال ابن حبان: "تفرد بهذا الحديث عبد الملك بن عمير من حديث أبي سلمة، وما رواه عن عبد الملك إلا هدبة بن المنهال وهو شيخ أهوازي". وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن عوف، أخرجه أحمد (1/191)، والطبراني في الأوسط (8805)، قال المنذري في الترغيب (2/671): "رواته رواة الصحيح خلا ابن لهيعة، وحديثه حسن في المتابعات". وفي الباب عن أنس عند أبي نعيم في الحليلة (6/308)، و عن عبد الرحمن بن حسنة عزاه الهيثمي في المجمع (4/306) إلى الطبراني، وقد حسنه الألباني في آداب الرفاف (ص286).

[10] مسند أحمد (4/154) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه، وأخرجه أيضا معمر في جامعه (10/409 ـ المصنف ـ)، والروياني (186)، والطبراني في الكبير (17/340)، وصححه ابن خزيمة (2478)، والحاكم (1525)، وقال الهيثمي في المجمع (4/329): "رجاله ثقات"، وأعله الألباني في السلسلة الضعيفة (3962) بجهالة أحد رواته.

[11] سنن أبي داود: كتاب الزكاة (1692) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وأخرجه أيضا أحمد (2/160، 193، 194، 195)، والنسائي في الكبرى (9177)، والبزار (2415)، والطبراني في الأوسط (4354، 5155)، والبيهقي في الكبرى (7/467، 9/25)، وصححه ابن حبان (4240)، والحاكم (1515)، والنووي في رياض الصالحين (ص94)، وانظر تخريجه في الإرواء (989). وهو عند مسلم في الزكاة (996) بلفظ: ((كفى بالمرء إثما أن يحبس عمّن يملِك قوته)).

[12] صحيح مسلم: كتاب الحج (1218) من حديث جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي .

[13] صحيح البخاري: كتاب الإيمان (55)، صحيح مسلم: كتاب الزكاة (1002) من حديث أبي مسعود رضي الله عنه.

[14] أخرجه الترمذي في المناقب، باب: فضل أزواج النبي (3895)، والدارمي في النكاح (2360) دون الشطر الثاني، والبيهقي في السنن الكبرى (7/468) من حديث عائشة رضي الله عنها، قال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه"، وصححه ابن حبان (4177)، وله شواهد، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (285).

[15] أخرجه أحمد (2/250)، والترمذي في الرضاع، باب: ما جاء في حق المرأة على زوجها (1162)، وأبو داود في السنة، باب: الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه (4682) دون الشطر الأخير من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان (4176)، والحاكم (1/3)، والألباني في السلسلة الصحيحة (284). ولم يخرجه البخاري بهذا السياق.

[16] صحيح البخاري: كتاب النكاح (5186) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه أيضا مسلم في كتاب الرضاع (1468).

[17] صحيح البخاري: كتاب النكاح (5204) من حديث عبد الله بن زمعة رضي الله عنه، وأخرجه أيضا مسلم في كتاب الجنة (2855) بنحوه.

[18] سنن أبي داود: كتاب النكاح (2146) من حديث إياس بن عبد الله رضي الله عنه، وأخرجه أيضا النسائي في الكبرى (9167)، وابن ماجه في النكاح (1985)، والدارمي في النكاح (2219)، والبيهقي في الكبرى (7/304، 305)، وصححه ابن حبان (4189)، والحاكم (2765)، وقال الحافظ في الفتح (9/303-304): "له شاهد من حديث ابن عباس في صحيح بن حبان، وآخر مرسل من حديث أم كلثوم بنت أبي بكر عند البيهقي"، وأورده الألباني في صحيح سنن أبي داود (1879).

[19] مسند أحمد (4/447)، ووأخرجه أيضا أبو داود في النكاح، باب: حق المرأة على زوجها، وابن ماجه في النكاح (1850)، والنسائي في الكبرى (9171)، وصححه ابن حبان (4175)، والحاكم (2/187-188)، والدارقطني كما في التلخيص الحبير (4/7)، وصححه الألباني في الإرواء (2033).

[20] أخرجه أحمد (2/250)، وأبو داود في الصلاة، باب: قيام الليل (1113)، والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار، باب: الترغيب في قيام الليل (1592)، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: ما جاء فيمن أيقظ أهله من الليل (1326) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه ابن خزيمة (3/183-1148)، وابن حبان (6/307-3567)، والحاكم (1/309)، وهو في صحيح سنن أبي داود (1287).

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: فيا أيّها المسلمون اتّقوا الله وراقبوه، وأطيعوه ولا تعصوه، يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ [التوبة:119].

أيّها المسلمون، العدلُ يدعو إلى الألفَة ويبعَث على الطّاعة، وبالعدل والإنصاف يدوم الحبّ والائتلاف، وليس للجائر جار، ولن تُعمَر له دار.

أيّها المعدِّدون، اتقوا الله واعدلوا بين أزواجكم، اعدِلوا بينهنّ في مسكنهنّ وملبسهنّ ومأكلهنّ ونفقةٍ عليهنّ والمبيتِ عندهنّ، واحذَروا الجورَ والحيف، فإنّه من أسباب العذاب وموجبات العقاب، يقول النبيّ : ((إذا كانت عندَ الرجل امرأتان فلم يعدِل بينهما جاءَ يوم القيامة وشقُّه ساقط)) أخرجه أحمد[1]، وكان رسول الله إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائِه، فأيتهنّ خرج سهمُها خرج بها معه. متفق عليه[2]. وكان يقسِم بين نسائه ويعدِل بينهن، ويقول : ((اللهمَّ هذا قسمي فيما أملك، فلا تلُمني فيما تملك ولا أملك)) يعني القلب، أخرجه أبو داود[3].

اعدِلوا بينهن، وراعوا ما يحصل بينهن من الغيرة التي لا يقدرن على دفعها، ولا سبيل لهن إلى رفعها ومنعها، غيرةٌ تغيّر القلبَ والطبع، وتهيّج الغضب وتقلِب الوضع، فعن جسرةَ عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيتُ صانعةَ طعام مثل صفية، أهدت إلى النبي إناءً فيه طعام، فما ملكتُ نفسي أن كسرتُه، فقلت: يا رسول الله، ما كفارته؟ قال: ((إناءٌ كإناء، وطعام كطعام)) أخرجه أحمد[4]، وعن عائشة مرفوعًا: ((إنَّ الغيرى لا تبصِر أسفلَ الوادي من أعلاه)) أخرجه أبو يعلى[5].

فتعاملوا بالعقل والحِكمة، واحذَروا قالةَ السوء وصاحبَ السوء وعملَ السوء، وَتُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].

واعلموا أنّ الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنّى بملائكته المسبّحة بقدسه، وثلّث بكم ـ أيّها المؤمنون ـ من جنّه وإنسه، فقال قولاً كريمًا: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب: 56].

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمّد، وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين...

 



[1] مسند أحمد (2/347، 471)، وأخرجه أيضا أبو داود في النكاح (2133)، والترمذي في النكاح (1141)، والنسائي في عشرة النساء (3942)، وابن ماجه في النكاح (1969) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه ابن الجارود (722)، وابن حبان (4207)، والحاكم (2/186)، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ في البلوغ (1085): "إسناده صحيح"، وهو في صحيح سنن الترمذي (912).

[2] صحيح البخاري: كتاب الهبة (2594)، صحيح مسلم: كتاب التوبة (2770) عن عائشة رضي الله عنها.

[3] سنن أبي داود: كتاب النكاح (2134) من حديث عائشة رضي الله عنها، وأخرجه أيضا أحمد (6/144)، والترمذي في النكاح (1140)، والنسائي في عشرة النساء (3943)، وابن ماجه في النكاح (1971)، وقد اختلف في إرساله ووصله، ورجح الترمذي وغيره من الحفاظ إرساله، وصحح الموصول ابن حبان (4205)، والحاكم (2761)، وقال ابن كثير في تفسيره (3/502): "إسناده صحيح، ورجاله كلهم ثقات"، وانظر تخريجه في الإرواء (2018، 2024).

[4] مسند أحمد (6/148)، وأخرجه أيضا أبو داود في البيوع (3568)، والنسائي في عشرة النساء (3957)، والبيهقي في الكبرى (6/96)، كلهم من طريق فليت عن جسرة عن عائشة، قال البيهقي: "فليت العامري وجسرة بنت دجاجة فيهما نظر"، أما الحفظ فحسن إسناده في الفتح (5/125)، وأورده الألباني في ضعيف أبي داود (762).

[5] مسند أبي يعلى (4670)، قال الحافظ في الفتح (9/325): "سنده لا بأس به"، وقال الهيثمي في المجمع (4/322): "فيه محمد بن إسحاق وهو مدلس، وسلمة بن الفضل وقد وثقه جماعة ابن معين وابن حبان وأبو حاتم، وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح"، وبهاتين العلتين أعله الألباني في السلسلة الضعيفة (2985).

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً