.

اليوم م الموافق ‏09/‏رمضان/‏1445هـ

 
 

 

نعمة الأمن

3192

الأسرة والمجتمع

قضايا المجتمع

علي بن عبد الرحمن الحذيفي

المدينة المنورة

23/2/1424

المسجد النبوي

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- فضل تذكّر النعم وشكرها. 2- أعظم النعم الإيمان. 3- فضل الأمن. 4- مفاسد الخوف. 5-لا أمن إلا بالإسلام. 6- وجوب شكر النعم. 7- لا تنفع النعم بلا إيمان.

الخطبة الأولى

أمّا بعد: فاتَّقوا اللهَ ـ عبادَ الله ـ بامتثال ما أمَر والبُعد عمَّا نهى عنه وزجَر، فتقوى الله خيرُ زادٍ ليوم المعاد، وحصنٌ للعباد في الدّنيا من كلّ ما يخافون، ورجاءٌ لهم في كلِّ ما يحبّون.

أيّها المسلمون، إنَّ ممَّا يصلِح القلوبَ ويزكِّي الأعمالَ ويوجب الحياءَ من ربِّ العزة والجلال ويُثمر التوبةَ والإنابة إلى الله تذكّرَ نعم الله العباد والخلقِ عامّة، ونعمَ الله على الفردِ خاصّة. وقد أمَر الله بتذكّر النّعم في كلّ وقتٍ ليشكرَها الخلق ويوفّوا بحقوقِها لتدومَ عليهم ويزدادوا من خزائن جودِ ربّهم، قال الله تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَـٰلِقٍ غَيْرُ ٱللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مّنَ ٱلسَّمَاء وَٱلأرْضِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ [فاطر:3]، وقال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ [المائدة:11]، وقال تعالى: وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَـٰقَهُ ٱلَّذِى وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ [المائدة:7]، وقال عزّ وجلّ: إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱذْكُرْ نِعْمَتِى عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وٰلِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ تُكَلّمُ ٱلنَّاسَ فِى ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ ٱلطّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ بِإِذْنِى فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِى وَتُبْرِىء ٱلأكْمَهَ وَٱلأبْرَصَ بِإِذْنِى وَإِذْ تُخْرِجُ ٱلْمَوتَىٰ بِإِذْنِى وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِى إِسْرٰءيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِٱلْبَيّنَـٰتِ فَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ [المائدة:110]. وقد وعَد الله تعالى بالزيادة للشاكرين فقال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ [إبراهيم:7].

وأعظمُ النّعم وأجلُّها الإيمانُ بالله عزّ وجلّ الذي يكرِّم الله به الإنسانَ في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ أَمَّا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَلَهُمْ جَنَّـٰتُ ٱلْمَأْوَىٰ نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ كُلَّمَا أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَا أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ [السجدة:18-20].

الإيمانُ الذي يثبِّت في العبد كلَّ خلُق كريم، الإيمان الذي يثبِّت في العبد الرحمةَ والعطفَ والعدلَ والصِّدق والإيثار والحِلم والصّبر والشّكر والتّواضعَ لله والاعتزازَ بالدّين والشجاعة الكرَم والوفاءَ بالوعد والعهود والمواثيق والبرَّ والصلاحَ وحبّ الخير والأمر به وبغضَ الشرِّ والنهيَ عنه، وغيرَ ذلك من كلِّ ما أمر الله به أو أمر به رسولُه .

الإيمانُ الذي يطهِّر العبدَ ويمنعه من الشّرك والقتلِ والظلم والعدوان والبغيِ والقسوةِ والغفلة والمكر والخداع والكذبِ وأكلِ الحرام والربا والزّنا والمسكراتِ والمخدِّرات والموبقات والغلِّ والحسد والكِبر والفسوق، وغيرِ ذلك ممَّا نهى الله عنه أو نهى عنه رسولُه .

قال الله تعالى: أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيّئَـٰتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ سَوَاء مَّحْيَـٰهُمْ وَمَمَـٰتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَـٰوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ [الجاثية:21-23].

ومن أعظمِ نعمِ الله بعدَ الإيمان بالله عزّ وجلّ الأمنُ والطمأنينة، الأمنُ على الدّين فلا يخاف المسلم الفتنةَ على دينه، يعبُد الله لا يشرك به شيئا، لا يُصَدّ عن ذلك، والأمنُ على عرضه فلا يخاف اعتداءً عليه ولا على دمِه، الأمنُ على مالِه فلا يخاف ضياعَه، الأمنُ في حلّه وترحالِه. ذلك الأمنُ لله علينا فيه شكرُه وعبادته سبحانه ومجانبةُ معاصيه، قال الله تعالى: فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِى أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ وَءامَنَهُم مّنْ خوْفٍ [قريش:3، 4]، وعن عبيد الله بن محصن الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((من أصبَح منكم آمنًا في سِربِه، معافًى في جسدِه، عنده قوتُ يومِه، فكأنّما حيزَت له الدّنيا بحذافيرها)) رواه الترمذي وقال: "حديث حسن"[1].

الأمنُ تصلح به الحياة وتزدهِر، الأمنُ ينبسط معه الآمال وتتيسَّر معه الأرزاقُ وتزيد معه التجارات، الأمنُ تفشو معه الماشية وتكثر الأمّة، الأمن تتقدَّم معه التنمية، الأمن ينتشر فيه العلمُ والتّعليم، الأمن يعزّ فيه الدين والعدل ويظهَر فيه الأخيارُ على الأشرار، الأمن يستتبّ به الاستقرار، الأمن توظَّف فيه الأموال في كلِّ مشروع نافعٍ للفرد والمجتمع، الأمن تحقَن فيه الدّماء وتصَان الأموال والأعراض، الأمن تنام فيه العيون وتطمئنّ المضاجع، الأمن يتنعَّم به الكبير والصغيرُ والإنسان والحيوان، الأمن مِن نعم الله العظمى وآلائه الكبرى، لا تصلُح الحياة إلا به، ولا يطيب العيش إلا باستتبابِه، ولذلك جعَله الله من نَعيم أهلِ الجنّة الدائم، قال الله تعالى: ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ ءامِنِينَ [الحجر:46].

وضدّ الأمنِ الخوفُ الذي تضيع به الدّماء والأموال، ويضعُف الدين، وتتقطَّع في الخوف السُّبُل والتّجارات، وتتعطَّل المصالح، وتتعطَّل التّنمية، ويسطو الأشرار، وتنتشر الفوضى، ويختفي الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر، وتتراجع الأموال، وتقسو الحياة، الخوف الذي يشلُّ الحياةَ كلَّها ويدمّرها.

عبادَ الله، إنَّ الأمن لا يكون إلا في ظلِّ الإسلام والإيمان، قال الله تعالى: ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَـٰنَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱلأمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ [الأنعام:82].

والمؤمنُ بتعاليم دينِه يحافظ على الأمنِ ورعايةِ المصالح العامّة، قال : ((لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمِن، ولا يسرق السارق حين يسرِق وهو مؤمِن، ولا يشرَب الخمرَ حين يشربها وهو مؤمِن))[2].

ولا يقوِّض أركانَ الأمنِ إلا الكفّار والفجرةُ الأشرار، ولا تعمّ الفوضى ولا ينتشِر السلبُ والنّهب والقتل ولا تتكاثر المآسي ولا تنزِل الكوارث والطّامات بالبلدان إلاّ في ظلّ صولة الباطِل وغياب العدل والعقل، والتاريخُ شاهدٌ بذلك، قال الله تعالى: وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَعْمَـٰلُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَاء حَتَّىٰ إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّـٰهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ أَوْ كَظُلُمَـٰتٍ فِى بَحْرٍ لُّجّىّ يَغْشَـٰهُ مَوْجٌ مّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَـٰتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ [النور:39، 40]، وقال تعالى: ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَـٰهُمْ عَذَابًا فَوْقَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ [النحل:88].

معشرَ المسلمين، حافِظوا على تعاليمِ دينِكم، فهي ملاذُكم من كلِّ بلاء، وأمنُكم من كلِّ خوف، وعزّكم من كلّ ذلّ، وقوَّتكم أمام كلِّ قوة، وعصمتُكم من الضّلال، وعدَّتكم لكلّ شدّة، واشكروا نعمَ ربّكم عليكم التي أسبغها ظاهرةً وباطنة بالدَّوام على طاعاته والبُعد عن محرَّماته، قال الله تعالى: فَٱذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ [البقرة:152].

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآياتِ والذّكر الحكيم، ونفعنا بهديِ سيّد المرسلين وبقولِه القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.




[1] سنن الترمذي: كتاب الزهد، باب: التوكل على الله (2346)، وأخرجه أيضا البخاري في الأدب المفرد (300)، وابن ماجه في الزهد، باب: القناعة (4141)، والحميدي في مسنده (439)، وله شواهد من حديث أبي الدرداء وابن عمر وعلي رضي الله عنهم، ولذا حسنه الألباني السلسلة الصحيحة (2318).

[2] أخرجه البخاري في المظالم (2475)، ومسلم في الإيمان (57) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله ذي المجدِ والكرم، الذي خلق الإنسان وعلمه القلَم، أحمده سبحانه على عظيم نعمائِه، وأشكره على عطائِه، وأشهد أن لا إله إلا الله الأعزّ الأكرم، وأشهَد أن نبيّنا وسيّدنا محمّدًا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين، اللهمّ صلّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وعلى آله وصحبِه أجمعين.

أمّا بعد: فاتّقوا الله حقَّ التقوى، وتمسَّكوا من الإسلام بالعُروة الوثقى.

أيّها المسلمون، اشكُروا نعمَ الله عليكم الظاهرةَ والباطنة التي أسبغها، فقد أنعَم عليكم لتعبدوه، وأعطاكم لتسلِموا له الوجوه، ومنَّ عليكم لتطلبوا مرضاته وتبتعِدوا عن محرَّماته، قال الله تعالى: كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ [النحل:81].

حاسِبوا أنفسَكم قبلَ أن تحاسَبوا، ولا تحتقِروا أيَّ نعمة من نعمِ ربّكم، فليس في نِعم الله حقير، وليس في آلائه صغِير، فالنّعم تحتاج إلى شكر، وتحتاج إلى صبر.

واعلَموا أنَّ عليكم من الله حافظًا، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم ونيَّاتكم ومقاصدِكم وإراداتكم، يُحصي الله ذلك في كتاب، ويومَ القيامة يقول الله لكلِّ إنسان: ٱقْرَأْ كَتَـٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [الإسراء:14]، ويقول الله تعالى في الحديثِ القدسي: ((يا عبادي، إنّما هي أعمالُكم أحصيها لكم ثم أوفّيكم إيّاها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسَه))[1].

واعلَموا أنّه لا ينفع أحدًا دخل النار نعمٌ تمتَّع بها في الدنيا، ولا يضرّ أحدًا بؤس وشدّة جرت عليه في الدنيا، قال الله تعالى: أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَـٰهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ مَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ [الشعراء:205-207]، وفي الحديث عن النبيّ : ((يُؤتى بأنعمِ أهل الدنيا في النار، فيغمَس في النّار ويقال له: يا ابنَ آدم، هل مرّ عليك نعيم قطّ؟ فيقول: لا والله، ما مرّ عليَّ نعيم قط. ويؤتَى بأشدِّ النّاس بؤسًا من أهلِ الجنّة، فيغمَس في الجنّة ويقال له: هل مرّ بك بؤسٌ قطّ في الدّنيا؟ فيقول: والله، ما مرّ بي بؤس قط))[2].

فاحذَروا النارَ وخافوها واترُكوا سبلَها، فإنَّ حرَّها شديد، وقعرها بعيد، وطعام أهلِها الزّقّوم والضّريع، وشرابهم المهل والصّديد، ولباسهم القطران والحديد، وعذابهم أبدًا في مزيد، واطلبوا جنّةً عرضُها السماوات والأرض، لا يفنى نعيمُها ولا يبيد، يجدِّد الله النعيمَ المقيم لأهلِها، قال الله تعالى: لَهُم مَّا يَشَاءونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق:35].

عبادَ الله، إنّ الله أمرَكم بأمر بدأ فيه بنفسه، فقال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب:56]، وقد قال : ((من صلّى عليَّ صلاة واحدةً صلّى الله عليه بها عشرًا)).

فصلّوا وسلّموا على سيّد الأوّلين والآخرين وإمام المرسلين.

اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وسلّم تسليماً كثيراً.

اللهمَّ وارضَ عن الصّحابة أجمعين...



[1] أخرجه مسلم في البر (2577) عن أبي ذر رضي الله عنه في حديث طويل.

[2] أخرجه مسلم في صفة القيامة (2807) من حديث أنس رضي الله عنه بنحوه.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً