.

اليوم م الموافق ‏17/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

صيام عاشوراء

2872

الرقاق والأخلاق والآداب, فقه

الصوم, فضائل الأعمال

عبد المجيد بن عبد العزيز الدهيشي

المجمعة

7/1/1420

الجامع القديم

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- وداع عام هجري. 2- حرمة الأشهر الحرم. 3- فضل الصيام في المحرم. 4- فضل صيام عاشوراء. 5- بدع الرافضة في عاشوراء.

الخطبة الأولى

أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله تعالى حق التقوى، وأنيبوا إليه واستغفروه، ففي الإنابة والتقوى الخير والفلاح في الدنيا والأخرى، وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفّرْ عَنْهُ سَيّئَـٰتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق:5]، وَأَنِـيبُواْ إِلَىٰ رَبّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ [الزمر:54].

أيها المؤمنون، ها نحن قد ودعنا عامًا هجريًا كاملاً، قد مضى بما أودعناه فيه، ولا رجعة له إلى يوم الدين، قد طويت أيامه، وأحصيت أعماله من حسن وسيئ، وعمل صالح أو خبيث، ولا نزال نطوي الأيام حتى يقف عمر كل واحد منا حيث كتب له من السنين والأيام، فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34]، والعاقل من اتعظ بمرور أيامه وطي سجلاته، واستعد لما أمامه، فاليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل، وَٱتَّبِعُـواْ أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُـمْ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يٰحَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّـٰخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِى لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِى كَـرَّةً فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ [الزمر:55-58].

عباد الله، نحن الآن في شهر الله المحرم أول شهور السنة الهجرية، وقد امتاز ببعض الفضائل التي يجدر التنبيه إليها، فهو من الأشهر الحرم التي قال الله تعالى فيها: إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَـٰبِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمٰوٰت وَٱلأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذٰلِكَ ٱلدّينُ ٱلْقَيّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ [التوبة:36]، وفي صحيح البخاري: ((السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان)).

ولهذا فإن هذه الشهور الحرم لها حرمتها، والذنب فيها أعظم منه في غيرها، كما أن العمل الصالح فيها أعظم أجرًا كما ذكره ابن عباس رضي الله عنهما.

وقد ورد عنه الترغيب في صيام شهر المحرم حيث قال: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم)) رواه مسلم.

أما اليوم العاشر منه فقد اختص بفضيلة لم يفُقْه فيها إلا يوم عرفة المبارك، وقد كان النبي يراعي هذا الفضل ويُعنى به، فعن ابن عباس قال: ما رأيت النبي يتحرّى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان. رواه البخاري. ومعنى يتحرى أي: يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه.

وقد بين لنا النبي فضل صيام يوم عاشوراء فقال: ((صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)) رواه مسلم، فيا له من فضل عظيم لا يفوِّته إلا محروم، فصيام يوم واحد لا يتجاوز خمس عشرة ساعة يكفر الله به خطايا عام كامل، وهذا من رحمة الله تعالى بنا ولطفه، فالذنوب كثيرة، والتقصير حاصل، والتوبة والاستغفار يغفل عنها الكثير منا. غير أن أهل العلم قد ذكروا أن الذي يكفر بصيام عاشوراء الذنوب الصغائر فقط، أما كبائر الذنوب فلا بد لها من التوبة النصوح.

وقد أمر النبي بصوم يوم التاسع معه استحبابًا، مخالفةً لليهود والنصارى، فعن ابن عباس قال: حين صام رسول الله يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى! فقال: ((فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع))، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله . رواه مسلم.

ولو صام العاشر والحادي عشر لكفى لوروده في بعض الأحاديث، ولو صام اليوم العاشر وحده لم يكره له ذلك، كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

ومن لم يتأكد من دخول شهر المحرم والتبس الأمر عليه وأراد الاحتياط للعاشر فإنه يكمل شهر ذي الحجة ثلاثين ثم يصوم التاسع والعاشر، ولو صام ثلاثة أيام التاسع والعاشر والحادي عشر من باب الاحتياط فلا بأس به، حيث إن صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحب ولا سيما في شهر المحرم، ولما كان صوم عاشوراء مستحبًا فإن من عليه صيام واجب كقضاء رمضان أو كفارة أو نذر وجب عليه المبادرة بالواجب، ولو صام التاسع والعاشر بنية القضاء أجزأه عن الواجب، والله سبحانه واسع الفضل والإحسان، ولكن يشترط له أن ينوي ذلك قبل الفجر؛ لأن ابتداء الصوم الواجب بنية شرط للصحة، أما الصيام المستحب فلا يشترط له تبييت النية من الليل.

عباد الله، اعلموا أن يوم عاشوراء لا يميز عن غيره من الأيام بفرح أو حزن، إذ إن هذا من صنيع الضالين والمبتدعين، فقد كان هذا اليوم عند اليهود عيدًا كما أشار إلى ذلك أبو موسى الأشعري في الحديث الصحيح، وهو عند الرافضة يوم مأتم وحزن بحجة أنه اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي رضي الله عنه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن ذلك: "فصارت طائفة جاهلة ظالمة ـ إما ملحدة منافقة وإما ضالة غاوية ـ تتخذ يوم عاشوراء يوم مأتم وحزن ونياحة، وتظهر فيه شعار الجاهلية من لطم الخدود وشق الجيوب والتعزي بعزاء الجاهلية وإنشاد قصائد الحزن ورواية الأخبار التي فيها كذب كثير، والصدق فيها ليس فيه إلا تجديد الحزن والتعصب وإثارة الشحناء والحرب وإلقاء الفتن بين أهل الإسلام والتوسل بذلك إلى سب السابقين الأولين، وشر هؤلاء وضررهم على أهل الإسلام لا يحصيه الرجل الفصيح في الكلام" اهـ كلامه رحمه الله تعالى.

فكونوا على علم بذلك أيها المؤمنون، وإن لنا فيما شرع الله لنا الكفاية والخير بحمد الله.

فاحرصوا ـ رحمكم الله ـ على صيام يوم عاشوراء محتسبين الأجر من الله تعالى، سائلين منه القبول والإعانة.

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وارزقنا الإخلاص لوجهك يا كريم...

 

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً