.

اليوم م الموافق ‏17/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

المسؤولية في الإسلام

2607

الرقاق والأخلاق والآداب

الآداب والحقوق العامة

عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ

الرياض

30/5/1423

جامع الإمام تركي بن عبد الله

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- تميُّز المسلم عن غير المسلم بالمسؤولية. 2- عظم المسؤولية في الإسلام. 3- مسؤولية الإمام ومن دونه في الولاية. 4- مسؤولية الرجل في أهل بيته. 5- مسؤولية المرأة في بيت زوجها. 6- مسؤولية الخادم والخازن. 7- الذكر الحسن يبقى لمن أدَّى المسؤولية على وجهها المطلوب.

الخطبة الأولى

أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.

عباد الله، للمسلم في هذه الدنيا خصوصيةٌ وتميُّز ليس لغيره. غيرُ المسلم في هذه الحياة جهدُه منصبٌّ على ذاته وحده، فهو يسعى ويكدح لتحقيق المصلحة الذاتية لنفسه. لا يرى نفسه مسؤولاً عن أحد، لا عن أمٍّ، ولا عن أب، ولا عن ولد، ولا عن جار، ولا عن رحِمٍ، ولا عن غير أيِّ مخلوق، إنما عملُه وسعيه يخصُّه ذاته، [سعيه] في هذه الدنيا إنما هو لتحقيق مصلحته الذاتية فقط. هو لا يرجو ثواباً، ولا يخاف عقاباً، ولا يرى عملاً يمتدّ له بعد موته، إنما هي الحياة فقط، مادة فقط يسعى لأجلها، ولتحقيق سعادته الذاتية كما يتصورها، مع قطع النظر عن مصالح الآخرين.

أما المؤمن فبعكس ذلك، يرى نفسه في هذه الدنيا مؤتمَناً، ويرى أن عليه مسؤوليةً، وأن عليه واجباً نحو ربه قبل كل شيء، ثم نحو نفسه وأبويه وولده ورحِمِه وجاره والمسلمين أجمعين. فهو يرى نفسه أنه مسؤول ومؤتمَن في هذه الدنيا، فهو يسعى فيما يُسعد نفسَه وفيما يسعد غيره، هو عضو صالح في مجتمعه، يرى أنه مؤتمن ومسؤول، ولا بد من القيام بحق الأمانة وواجب المسؤولية، لكي يتقرب بها إلى الله، ويرى تلك الأعمال وسيلةً للقرب من رب العالمين، ليكتسب رضا الله عنه ومحبةَ الله له، فهو يسعى مخلصاً في تحقيق ذلك. ولهذا نبينا حدد المسؤولية في هذه الدنيا في أربعة، وهذه الأربعة يتفرَّع منها غيرها، فيقول فيما صح عنه: ((الإمام راع ومسؤول عن رعيته، الرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، الخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته))[1].

فإذا تأمل المسلم هذا الحديث، ورأى أهميةَ المسؤولية والرعاية وأنها تتناول من في القمة إلى الخادم، وكل مسؤول وكل راع على قدره، علم أهميةَ المسؤولية في الإسلام، وأنها مسؤولية عظيمة وعنها السؤال يوم القيامة، فَلَنَسْـئَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْـئَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ [الأعراف:6-7].

أيها المسلم، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والإمام يتناول قبل كل شيء الرجل الأول في الأمة، فالله الذي هيأه لهذا الأمر ومكنه في هذه المسؤولية هو راع والله سائله عن رعيته، فإن أحاطهم نصحاً وتوجيهاً وأقام العدل فيهم واتقى الله فيهم نال ثواب الله، فكان أحد السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله وهو الإمام العادل، وكان أحد الثلاثة الذين لا تردُّ دعوتهم إن دعوا ربهم، وقد ذكر منهم إماماً عادلاً، وكان من المقسطين الذين هم على منابر من نور عن يمين الرحمن يوم القيامة وكلتا يدي الرحمن يمين، وكانت له الذكرى الحميدة والحياة الطيبة والذكر الحسن يمتدّ له ما ذكر إلاّ أُثني ودعي له وتُرحِّم عليه، فهو راع والله سائله عن رعيته، سائله عنهم إن اتقى الله فيهم فلم يحتجب عن حاجتهم ولا خلتهم ولا فقرهم، وأقام عدل الله فيهم، فسينال الثواب العظيم يوم قدومه على الله. نسأل الله أن يوفق قادتنا لما فيه الخير والصلاح.

وهذا الإمام إن تناول الرجل الأول في الأمة فمن دونه في أي أمر هو مسؤول عنه، فالإمام الرجل الأول ثم من دونه على قدر كلِّ مسؤول على وظيفته وعمله، فكل من دونه ممن هو مسؤول اللهُ سائله يوم القيامة عما استرعاه عن تلك الرعية، وما استرعاه من تلك المسؤولية وتلك الأمة التي هو مسؤول عنها. مسؤولٌ كلٌّ عن مهمته، مسؤولٌ الوزيرُ عن وزارته، هل اتقى الله فيما استؤمن عليه، واتقى الله فيما استرعي عليه فكان قائماً بمسؤوليته خير قيام، أم كان مضيِّعاً أو مفرطاً؟ فما استرعى الله عبداً رعيةً إلا سيسأله عنها: حفظ ذلك أم ضيَّع؟ فالقاضي في قضائه مسترعىً على الأحكام، اللهُ سائله عما استرعاه عليه: هل حكم بالعدل والقسط؟ هل اتقى الله وأدى الأمانة، وحكم بن الناس بما يعلم من شرع الله، حكماً عادلاً منصفاً، أم كان مقصراً في واجبه؟ الطبيب في عيادته الله قد استرعاه على علاج أولئك، فالله سائله عن مهمته: هل أداها على المطلوب، أم كان مقصراً أو مهملاً؟ كلُ مسؤول عظمت مهمته أو قلَّت فالله سائله عن عمله، سائله عن أداء العمل الذي اؤتمِن عليه، فمن تحته هو راع عليهم، الله استرعاه عليهم وسيسأله يوم القيامة عنهم: هل سار فيهم بالعدل والإنصاف؟ هل أعطى كل ذي حق حقه، أم كان مقصراً ومهملاً، أم كان ذا ميول وهوى، يحب بعض الناس دون بعض ويقدم هذا دون هذا لا لمصلحة العمل ولكن لما يمليه الهوى والنفس الأمارة بالسوء؟ والله سائل ذلك ومحاسبه. المسؤولون عن أمن الأمة هم رعاة على أمنها، الله سائلهم عما استرعاهم: من أدَّوا الواجب عليهم أم قصَّروا في ذلك؟ رجال التحقيق والنظر في الأمور اللهُ استرعاهم على تلك المهمة، والله سائلهم عنها. المتولُّون للبيع وأنواع البيوع الله سائلهم عما استرعاهم: هل كانوا على أمانة وصدق أم غش وخيانة وتدليس على الأمة؟ كلٌ سيسأل يوم القيامة، وكل مسؤول سيسأل يوم القيامة عما أدى وما قام به من واجب، لأن الله استرعاه فسائله عن رعيته، فلو حقق المسلمون تلك المسؤولية وعرفوا أهمية المسؤولية لأدى كلٌ واجبه نحو ربه، وراقب الله قبل أن يراقبه الخلق. إن من شعر بأن الله رقيب عليه وعالمٌ بسره وعلانيته يكون أداؤه لعمله أداءً عن إخلاص وطاعة لله، يرجو الثواب ويخاف العقاب.

الرجل راع في أهله والله سائله عن رعيته، نعم إنه راع، وإن أهل البيت رعية في عنقه، الله سائله عنهم، الأبوان: الأب والأم هما رعية عند الابن، لا سيما بعد الكبر وضعف القوة وقلة الحيلة وعدم الاستطاعة على القيام بشؤون أنفسهما، فالأب عند ضعف قوته وقلة حيلته وعدم قدرته على مصلحة نفسه الله سائل ذلك الابن عنه، وسائل تلك البنت عنه، فالرجل راع في أهله، يرعى الأبوين وينظر في حقهما، ويبرهما ويحسن إليهما، فهما رعية، والله سائله عنهما، إن كان الأبوان عند البنت، فالبنت أيضاً مسؤولة عن أبويها براً وإحساناً وخدمة وقياماً بالواجب. إذاً الرجل في بيته راع ومسؤول عن الأبوين: هل قدم لهما خدمة؟ هل أطاعهما؟ هل أحسن إليهما؟ هل قابل المعروف والجميل السابق بمثله، أم جعلهما من سقيط المتاع، فتجاهلهما وجفاهما وأعرض عنهما، أو حاول إلقاءهما في أي ملجأ للتخلص منهما والراحة منهما؟ هو مسؤول عن زوجته، تعاملاً بالمعروف، عشرة بالمعروف، وقياماً بالواجب، نفقة وكسوة وسكنى، لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا ءاتَاهُ ٱللَّهُ [الطلاق:7]، مسؤول عن أخلاقها وأعمالها وتصرفاتها حتى يضمن بتوفيق من الله أنه أدى الواجب نحو المرأة، فصانها وحفظ عرضها ودينها، فهي أمانة عنده بعد عقد الزواج، الله سائله عنها.

أولاده بنين وبنات الله سائله عنهم؛ عن تربيتهم، عن توجيههم، عن أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، على الأخذ على أيديهم، وإبعادهم من جلساء السوء وأماكن الريبة، وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132]، يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ [التحريم:6]، و((ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصرانه أو يمجسانه))[2]، مسؤول ليكون قدوة صالحة لهم في الخير، مجنِّباً لهم طرق السوء وأماكن الفساد في المنزل أو في غيره.

المرأة المسلمة هي راعية على بيت زوجها، والله سائلها عن رعيتها، أجل إنها راعية، ترعى بيت زوجها، ترعى ماله، وترعى أولاده، وترعى كل شؤون البيت، فهي المسؤولة الأولى عنه، أيُّ نقصٍ وخلل فهي المخاطبة عن ذلك، وفي الحديث: ((خير مال الرجل امرأة صالحة، إن نظر إليها أسرته، وإن أمرها أطاعته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله))[3]، فمال زوجها أمانة عندها، بيت زوجها أمانة عندها، لا تأذن بالدخول لمن لا يريد زوجها أن تأذن له فيه، ولا تتصرف في ماله إلا بإذنه، وترعى البيت الرعاية المطلوبة، لا تكل الأمر إلى خادمة وإلى غيرها، بل ترى مسؤوليتها الأولى عن المنزل قليلة وكثيرة، لتكون المرجع لأهل البيت أمانة وديانة، هكذا جاء الإسلام.

الخادم الذي ينفذ أوامر سيده هو راع في مال سيده، والله سائله عما استرعاه عليه من تلك الأموال، وهكذا كل مسؤول عن مال ما فالله سائله عنه: فيم أنفقه؟ فيم صرفه؟ فيم اكتسبه؟ وهكذا المسؤولية على الخادم والخازن، عن مدى تصرفه، وهل التصرف الذي أداه متصرفٌ شرعي اتقى الله فيه أم تصرف أملاه الهوى والنفس الأمارة بالسوء، فصار التصرف تصرف الخائن غير المبالي؟

أيها المسلم، هكذا المسؤولية في الإسلام، وهكذا يتقرب المسلم لربه، بأدائه واجبَ ما استُرعي عليه، ليلقى الله يوم يلقاه وقد أدى الأمانة التي اؤتمن عليها، إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَـٰنُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً [الأحزاب:72].

فالمسلم أمام مسؤوليته يتقي الله، ويراقب الله، ويلزم العدل، ويعمل بالعدل، ويحمل من تحت يده على التزام العدل في التصرفات كلها، فلا يُظلم أحد عنده، ولا يرضى بالظلم والجور، وإنما يتعاهد رعيته بالعدل والإنصاف، يحيطهم بنصحه وتوجيهه، ويحملهم على الخير، وينأى بهم عن الشر، هكذا المسلم الذي يرى أنه مؤتمن وأن الله سيسأله، فإن أدى الأمانة كان من الصادقين، يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ [التوبة:119].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.




[1]  أخرجه البخاري في الجمعة (893)، ومسلم في الإمارة (1829) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

[2]  لفظ حديث أخرجه البخاري في الجنائز (1358)، ومسلم في القدر (2658) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[3]  أخرجه أبو داود في الزكاة، باب: في حقوق المال (1664)، والحاكم (1/408-409)، والبيهقي في السنن (4/83) من طريق غيلان عن جعفر بن إياس عن مجاهد عن ابن عباس، وفيه انقطاع بين غيلان وجعفر، وقد بينه الألباني في الضعيفة (1319).

الخطبة الثانية

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.

عباد الله، يقول الله جل جلاله: إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ وَءاثَارَهُمْ وَكُلَّ شىْء أَحْصَيْنَـٰهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ [يس:12].

فآثارك أيها العبد، وأعمالك الصالحة، أعمالك الخيرة، مسؤوليتك التي أديتها، الأمانة التي تحمَّلتها وقمت بها خيرَ قيام آثارٌ حميدة تكتب لك ويمتدُّ نفعها لك بعد موتك، فمن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثلُ أجور من تبعه إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيء.

فيا أيها المسلم، اعمل في دنياك ما يكون زاداً لآخرتك، اعمل لتلقى الله والله راض عنك، اعمل ليكون هذا العمل عملاً صالحاً تُذكَر به بعد موتك.

إن الخائنين لأماناتهم والمضيعين لمسؤولياتهم إذا ماتوا ذُكروا بشر حال، ووصفوا بالخائنين والمفسدين والمحابين وكذا وكذا. فكن ـ يا أخي ـ  حذراً من تلك الأخلاق، واتق الله، وأبق لنفسك بعد رضا الله أعمالاً صالحة تُذكر بها بعد موتك، ويشاد بها بعد موتك وكم أشاد التاريخ بأعمال أقوام وبمآثر آخرين، ما زالت ذكرياتهم في نفوس الأمة دائماً وأبداً. نسأل الله للجميع العون والتوفيق، وأن يوفق من تولى أمراً من أمور أمة الإسلام لما فيه خير الإسلام والمسلمين، إنه على كل شيء قدير.

أيها الإخوة، اعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله، أو خير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار.

وصلوا ـ رحمكم الله ـ على محمد ، كما أمركم بذلك ربكم حيث يقول: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين...

 

 

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً