.

اليوم م الموافق ‏11/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

لا للحلول المستوردة

2586

العلم والدعوة والجهاد, فقه

المساجد, المسلمون في العالم

محمد أحمد حسين

القدس

24/4/1423

المسجد الأقصى

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- التحذير من المنافقين والكافرين. 2- عداوة الكافرين لنا باقية خالدة ظاهرة وباطنة. 3- حلول أمريكية جائرة ومذلة للقضية الفلسطينية. 4- دعوة لتطهير المسجد الأقصى من رجس اليهود. 5- رفض الحلول الممسوخة التي أضاعت الحقوق وقلبت الموازين والحقائق. 6- دعوة للمبادرة إلى العمل الصالح والتلاحم والتكاتف.

الخطبة الأولى

عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم وطاعته، وأحذركم وإياي من عصيانه ومخالفة أمره لقوله تعالى: مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ [فصلت:46].

أما بعد: فيقول سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَاء مِنْ أَفْوٰهِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الاْيَـٰتِ إِنْ كُنتُمْ تَعْقِلُونَ [آل عمران:118].

أيها المسلمون، أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، ينهى الله عباده المؤمنون عن اتخاذ بطانة من المتعاونين والمستشارين من غير المسلمين، لأن هؤلاء لا يقصرون في البحث عن ما يفسد أخلاق المسلمين، إذ مقصدهم أن يقع المسلمون في المشقة   والضعف والهوان ليسهل السيطرة عليهم.

ويكشف الله أحوال هؤلاء الأعوان بما يفصح عنهم من تصريح أو تلميح بعداوتهم للمسلمين، قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَاء مِنْ أَفْوٰهِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ [آل عمران:118]، فهل يبقى لعاقل بعد هذا البيان أن يوالي غير المسلمين أو يستضيء بنار غير المشركين، وفي مثل هذا المعنى يقول تعالى: كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوٰهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَـٰسِقُونَ [التوبة:8]، ومعنى إِلاًّ القرابة والعدل وحينما يكون الكفر ظاهراً يبدي عداوته بجلاء للمسلمين ويبسط يده ولسانه في إيذائهم، ولعل حال المسلمين اليوم شاهد على تسخير قوى الكفر كل وسائل القوة المادية للبطش بالمسلمين والاستعانة بوسائل الإعلام لتشويه صورة الإسلام والمسلمين وإلحاق الأذى بعقيدتهم وبتعليم دينهم الحنيف، يبدو ذلك واضحاً من خلال الحرب المسعورة التي تشنها قوى الاستكبار على كثير من شعوب الأمة الإسلامية بوسائل مختلفة، وتنفذها تحت ذرائع واهية وبحجج بالية مردها إلى العداوة المتأصلة والصراع المستديم بين الإيمان والكفر، والإسلام واللا إسلام، وبين الحق والباطل، ورحم الله القائل:

كل العداوات قد ترجا مودتها    إلا عداوة من عاداك بالدين

أيها المسلمون، يا إخوة الأيمان في كل مكان، وفي هذا السياق يأتي العدوان الأمريكي السياسي على شعبنا الفلسطيني متجاهلاً هذا العدوان أبسط الحقوق الإنسانية والشرعية والطبيعية لشعبنا في بناء كيانه ونيل حريته وفق إرادته فوق تراب أرضه الطهور، لا بل يحاول هذا العدوان أن يسلب شعبنا حقه في اختيار من يراه حريصاً على تحقيق أهدافه ورعاية مصالحه والوفاء بتضحيات هذا الشعب الذي قدم قوافل الشهداء من أبنائه على امتداد تاريخه النضالي دفاعاً عن حقه وحق أمته في هذه الديار المباركة التي شرفها الله بأولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، وجعلها حلقة الوصل بين ديار المسلمين في رباط عقدي جسدته معجزة الإسراء والمعراج في رحلة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس، لتكون مكة والقدس ومقدساتهما أمانة في أعناق المسلمين توجب عليهم دفع غوائل الزمان عنهما وعن ديارهما المباركة ولتكون حرية هذه الديار علامة على عزة المسلمين ومؤشر على صلاح حالهم وأحوالهم على امتداد التاريخ الإسلامي منذ الفتح العمري إلا إن يرث الله الأرض ومن عليها، ورحم الله من قال:

المسجد الأقصى له عادة          ثارت فصارت مثلاً سائرا

إذا غدا للشرك مستوطَنا                   أن يبعـث الله له ناصـرا

فناصــر طهـره أولا                   وناصـر حـرره ثـانيـا

فمن للأقصى اليوم أيها الحكام والمحكومون، أما آن لكم أن تنالوا هذا الشرف الرفيع فإنه

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى                   حتى يراق على جوانبه الدم

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، لقد جاء هذا العدوان السياسي السافر من رأس الإدارة الأمريكية على شعبنا ليزيد من حدة العدوان العسكري الذي تنفذه سلطات الاحتلال بآلة الحرب الأمريكية لتدمير مقدرات هذا الشعب الصامد المرابط، للنيل من إرادته الصلبة التي غدت عصيَّة على كل مخططات الاستعمار والاستيطان والاحتلال الهادفة إلى إذلال شعبنا وإهانته والمس بكرامته، ودفعه إلى القبول بما تمليه أمريكا وتقوده الغطرسة والعدوان بحلول استسلامية للقضية الفلسطينية، التي طالما انتظر حكام الأمة من أمريكا حلولاً لها أو خلاصاً من تبعاتها.

إن حلول المسخ التي تهدف الى تصفية القضية وحقوق شعبنا تعيد للأذهان أنظمة الفصل العنصري وروابط القرى وإبراز دور العملاء في ظل إدارات مدنية وعسكرية تكرس الاحتلال وتعيد جروحه.

إن هذا العدوان لن ينطلي على شعبنا الذي قدم ولا زال يقدم التضحيات الجسام لنيل حريته وتحرير أمره والمحافظة على كرامته، لا يوجد شعب في العالم يعاني ويلات الاحتلال والاستيطاني ويذوق مرارة الظلم التي حولت الضحية إلى جلاد، والمعتدى عليه إلى معتد، وجعلت من الجلاد حمْلاً وديعاً يدافع عن نفسه من خلال الاجتياحات المتكررة للمدن القرى والمخيمات الفلسطينية وفرض العقوبات الجماعية، التي تطال كل الشعب في الحصار، والأطواق وفرض نظام منع التجول ومنع إقامة الصلاة في المساجد لمنع وصول المصلين إليها، وإقامة الجدران السياسية والعسكرية ونصب الحواجز العسكرية التي تفيض عندها أرواح الأطفال والمرضى والجرحى، ليكونوا شهداء، لترتفع أرواحهم شاكية إلى الله ظلم الظالمين واعتداء المعتدين.

ومع هذا كله فلن ينالوا من هذا الشعب مناهم، ولن يكون كالهنود الحمر غريباً في وطنه، وصدق الله العظيم إذ يقول: إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوء وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ [الممتحنة:2].

جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم)) أي بادروا إلى الأعمال الصالحة، بادروا بأعمال قبل أن تجيء فتن ((كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا))[1]. أو كما قال.

ويا فوز المستغفرين، استغفروا الله..


 



[1] أخرجه مسلم في الإيمان [118] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

الخطبة الثانية

الحمد لله الهادي إلى الصراط المستقيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اقتدى واهتدى بهداه إلى يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله أحب لعباده أن يعملوا بدينهم ودنياهم حتى يفوزوا بنعم الله وينالوا رضوانه، وبعد:

أيها المسلمون، يا أبناء ديار الإسراء والمعراج، إن اجتياز هذه المرحلة في حياة شعبنا وقضيته العادلة يتطلب منا في ظل استمرار العدوان وممارساته الجائرة في حق أرضنا وشعبنا مزيداً من الصبر والثبات والتمسك بالحق، والوعي بما يحيط هذا الشعب وقضيته من مؤامرات ومخططات، يحاول العدوان تمريرها بتوسيع العدوان وفرض الأمر الواقع، في ظل عجز عربي وتخاذل إسلامي وصمت دولي في عالم غابت فيه الحقائق واختل فيه ميزان القوى، وشوهت فيه الصورة المشروعة في مقاومة الاحتلال والمحتلين، وكأنه لا يحق للشعب الذي اكتوى بويلات اللجوء والشتات والحرمان أن يعيش كسائر شعوب العالم في أمن وحرية وكرامة فوق تراب وطنه الغالي.

أيها المسلمون، يا أبناء ديار الإسراء والمعراج، إن التعاون والتكاتف والتلاحم بين أبناء شعبنا يعينه على الصمود والاستمرار في الدفاع عن كرامة الأمة ومقدساتها وحضارتها وتاريخها في هذه الديار المباركة، فمزيداً أيها الشعب المرابط والمكافح من الوحدة ورصّ الصفوف وتوحيد الجهود ونبذ كل خلاف وتطويق كل فتنة، وليكن الحوار البناء سبيلاً لتجاوز كل العقبات وطريقاً للوصول إلى ما يحقق نفع الوطن والمواطن ويعين على الخلاص من نير الاحتلال والمضي قدماً نحو تحرير البلاد والعباد، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))[1].



[1] أخرجه مسلم في البر [4685] من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً