.

اليوم م الموافق ‏20/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

محظورات الإحرام

2523

فقه

الحج والعمرة, المساجد

أمين بن نور الدين بتقة

بوزريعة

عثمان بن عفان

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- محظورات الإحرام. 2- الحج مظهر من مظاهر الأمان والسلام. 3- حرمة مكة المكرمة. 4- الإلحاد في الحرم. 5- مِن حكم التلبية. 6- وقفة بمناسبة عيد الحب.

الخطبة الأولى

أما بعد:

أيها المسلمون، المحرم عليه أن يتجنب تسعة محظورات، وهي: اجتناب قص الشعر والأظافر، والطيب، ولبس المخيط، وتغطية الرأس، وقتل الصيد، والجماع، وعقد النكاح، ومباشرة النساء. كل هذه الأشياء يمنع منها المحرم حتى يتحلل، وهذه محظورات خاصة بعبادة الحج، وهناك محظورات عامة في الحج وغيره، لكنها تتأكد حال الإحرام، كالغيبة والنميمة والكذب والغش والظلم وغير ذلك من المحرمات الشرعية.

أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءامِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِٱلْبَـٰطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ [العنكبوت:67]، لقد أمّن الله في البلد الحرام الناس على أرواحهم وممتلكاتهم وأموالهم وأعراضهم، أمّنهم حتى من القول القبيح واللفظ الفاحش فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي ٱلْحَجّ [البقرة:197].

فيدخل الحاج محرِّما على نفسه التعرض للصيد بأذى، ولا يتعرض لآدمي أيضاً بأذى، ولا يتعرض لشجر بقطع، إنه سلام كامل، حتى شعره وأظافره لا يقص شيئا منهما، فهذا فضلا عن كونها علامة على التقشف، إلا أنها تذكر بالسلام الحقيقي غير المزيف، فلا يتعدى الحاج على أحد، ولا يظلم أحدا، ولا يبغي على أحد، يدرك المسلم من خلال الحج قيمتَه الحقيقية التي وضعه الله فيها، فضلا عن قيمته الإنسانية كإنسان، فيتبين له زيف تجهيل الإعلام العالمي، ويتبين له كذب منظمات حقوق الإنسان التي لا تُعنى إلا بالإنسان الغربي، أما الإنسان المسلم فحوادث التاريخ وأحداث الزمان كشفت عن مدى جرم هذه الهيئات الدولية التي تسمى بأسماء لا حقيقة لها كالعفو والسلم و..و.. ولا أدل على ذلك مما يكابده المسلمون اليوم في القدس المحتلة على مرأى ومسمع من العالم، أمام شرذمة من اليهود والمسلمون أزيد من ألف مليون لو كانوا جرادا لأكلوهم، ولو بصق كل واحد منهم عليهم لماتوا غرقا، لكنه الذل الذي أصاب المسلمين بحب الدنيا والركون إليها على حساب الدين، ((يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها))، قالوا: أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟! قال: ((لا، ولكنكم غثاء كثاء السيل، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن))، قالوا: وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت)).

ولهذا فلا يتصور أمان ولا وئام ولا سلام في ظل هذه المنظمات الدولية، إن كل عاقل ومنصف يشهد فضلا عن المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله، يدرك بأن السلام الحقيقي، والتعاون على البر والتقوى لا ظل له في الواقع إلا في الإسلام وفي تاريخ الإسلام، أما غير المسلمين من شتى الأمم ومختلف الديانات، فإن أقوالهم معسولة مسمومة، وأفعالهم في غاية الفحش والدناءة والفظاعة والبشاعة.

فما أحوج البشرية في هذا العصر، وهي تكتوي بلهيب الصراعات الدموية، والنزاعات الوحشية، ما أحوجها إلى الدخول في الحج إلى بيت الله الحرام، لتتخلص نفوس أبنائها من الأنانية والبغضاء والكراهية والشحناء، وترتقي إلى أفق الإسلام، فتتعلم الحياة بسلام كما أراد الله لعباده المؤمنين، سلاما يتذكره المسلم وكل شيء سلم من شره وهو محرم بالحج.

الوقفة الثالثة: حرمة مكة، ثبت في الحديث المتفق عليه أنه قال: ((هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفّر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرّفها، ولا يختلى خلاه)).

فمكة هي البلد الحرام، ومن حرمتها ما جاء في المعاقبة على الهم بالسيئة فيها وإن لم تفعل لقوله تعالى: وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج:25]، والإلحاد في البلد الحرام يكون بالكفر ويكون بالشرك، ويكون أيضا بفعل أي شيء حرمه الله، ويكون أيضاً بترك ما أوجبه الله، فكل هذا يدخل في الإلحاد بظلم في البلد الحرام، حتى قال بعض أهل العلم: إنه يدخل في ذلك احتكار الطعام بمكة.

يروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان له خيمتان، إحداهما في طرف الحرم، والأخرى في طرف الحل، فإذا أراد أن يعاقب بعض أهله أو غلامه فعل ذلك في الخيمة التي ليست في الحرم، يرى أن مثل ذلك يدخل في الإلحاد فيه بظلم. فتأمل ـ يا عبد الله ـ فعل ابن عمر إن ثبت عنه، كان يتحرز من أن يعاقب أهله أو يعاقب غلامه داخل حدود الحرم خشية أن يقع في الإلحاد فيه بظلم، فكيف بمن يشرب الدخان في البلد الحرام؟! فكيف بمن يأكل لحم أخيه في الحرم؟! كيف بمن يتكلم في جيران بيت الله حتى وأنت تسمع أحدهم يتحدث عن التزام المسلمين هناك وحجاب النساء يخيل إليك أنه يحب لو انتشر الفساد في البلد الحرام؟! أليس هذا من الإلحاد في حرم الله؟! أليس هذا من انتهاك حرمة الله في المكان والزمان؟! بلى والله، إنه لكذلك، وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج:25]، فتوعده بالعذاب الأليم إن هو أراد نشر الفساد في الحرم.

وهذه وقفات سريعة مع التلبية:

التلبية تتضمن المحبة، فلا يقال: لبيك إلا لمن تحبه وتعظمه، ولهذا قيل في معناها: أنا مواجه لك بما تحب، وإنها من قولهم: أمٌّ لبة أي محبة لولدها، ثم هي تتضمن التزام دوام العبودية، ولهذا قيل: هي من الإقامة، أي أنا مقيم على طاعتك، وأيضا فهي تتضمن الخضوع والذل، أي خضوعا بعد خضوع، من قولهم: أنا ملب بين يديك، أي خاضع ذليل، وهذا من لوازم حب الله، وأيضا فهي متضمنة لكلمة الإخلاص والشهادة لله بأنه لا شريك له في كل صفاته وأفعاله، ومن صدق اعترافه بذلك تحرك قلبه إلى الله محبة ورغبة وطمعا، فإن القلب مفطور على التحرك لجلب ما ينفعه، ويستحيل أن يبقى فارغا فإن الزجاجة إذا لم تملأ بالماء أو أي سائل ملئت بالهواء ولا بد، فالتلبية اعتراف بالمحبة، وعنوان المحبة، وأيضا فقد اشتملت على الحمد لله الذي هو من أحب ما يتقرب به العبد إلى الله، وأول من يدعى إلى الجنة أهلُه، وهو فاتحة الصلاة وخاتمتها أحب الأعمال لديه.

فالتلبية من مظاهر المحبة كما أن البيت نفسه قبلة المحبين جعله الله مكانا يؤمه أحباؤه، لئن قال قائلهم:

أمرُّ على الديار ديار ليلى           أقبل ذا الجدار وذا الجدارا

وما حب الديار شغفن قلبي          ولكن حب من سكن الديارا

فلله المثل الأعلى، جعل لمحبيه بيتا يذكرهم به، يفرغون فيه شوقهم إليه، ويظهرون في قصده ما يكنونه له، فلا حاجة للمسلمين أن يتخذوا يوم أربعة عشر فبراير عيدا للحب، مقلديـن في ذلك النصارى الذين ابتدعوا هذا اليوم تذكارا بقسيسهم (st valentin) وبعدهـا (st augustin) تعظيما لقوم أمرنا الله أن نقول لهم: كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة:4].

والكلام على المحبة يحتاج إلى معاينة فليس الخبر كاليقين، ومن ذاق عرف، أما نحن فنسأل الله حبه، وحب من يحبه، وحب عمل يقربنا إلى حبه.

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً