.

اليوم م الموافق ‏18/‏رمضان/‏1445هـ

 
 

 

بدعة الاحتفال بالمولد النبوي

1897

قضايا في الاعتقاد

الاتباع, البدع والمحدثات

محمد بن عبد الله السبيل

مكة المكرمة

9/3/1422

المسجد الحرام

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- فضل القرآن الكريم. 2- وجوب اتباع النبي . 3- فضل النبي على هذه الأمة ، وعظم الشريعة التي جاء بها. 4- افتراق المسلمين. 5- بدعة أعياد الموالد. 6- بدعة الاحتفال بالمولد النبوي. 7- وجوب محبة النبي . 8- حقيقة محبة النبي .

الخطبة الأولى

لقد أنزل الله تعالى هذا القرآن العظيم على أفضل رسله، وخير أنبيائه محمد ، وأمرنا بالتأسي به ، واتباع هديه، والتمسك بسنته، يقول عز وجل: لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب:21].

إنه القدوة في كل شيء، إذ لا خير إلا دلّ الأمة عليه، ولا شر إلا حذرها منه، لقد دعا إلى كل خير بأفعاله وأقواله وتقريراته، وإن الله تعالى قد ملأ به القلوب علماً ويقيناً وإيماناً، وشمل به العباد عدلاً ورحمة وحناناً، وطهّر الله به الأخلاق من جميع الرذائل، واستكملت به جميع الفضائل، استبدل المؤمنون به بعد الشرك إخلاصاً لله وتوحيداً، وبعد الانحراف عن الحق هداية واستقامة وتوفيقاً، وبعد الفتن والافتراق ألفةً واعتصاماً، وبعد القطيعة والعقوق براً وصلة وتعاطفاً، وبعد الظلم والجور وسوء المعاملات عدلاً ووفاءً بجميع الحقوق والواجبات.

إنه رحمة للعالمين، وهدى للناس أجمعين، جعل الله به بعد الفساد صلاحاً، وبعد الشقاء فلاحاً، إن شريعته السمحة وتعاليمه القيمة هي الكفيلة بجمع الشمل، واستتباب الأمن، وحصول الطمأنينة، وهذه حال المسلمين حينما كانوا مطبقين لها، عاملين بها، مستضيئين بنورها، فلما استبدل كثير منهم بنور الوحيين سواهما، وانفصلوا أو كادوا ينفصلون من حبله المتين، وتقاطعوا وتدابروا وتباغضوا وتنافروا، وضعفت فيهم الغيرة الدينية، والأخوة الإيمانية، وتباينت الآراء، وكثرت الأهواء، وأعجب كل ذي رأي برأيه، ورأى أن الحق فيما يراه ويهواه، واكتفى كثير منهم من دينهم بالمظاهر عن الحقائق، فجاءهم ما كانوا يوعدون، وتكالب عليهم الأعداء، وتشتت الأصدقاء، فلم يزالوا في بعد وافتراق، وتنازع وشقاق، نتج عن هذا ضعف البصيرة في الدين، والإعراض عن سنة سيد المرسلين.

فاتقوا الله عباد الله، وتمسكوا بسنة نبيكم تفلحوا، وإياكم والمحدثات في الدين، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

عباد الله:

إن مما أحدثه بعض الناس هذه الأعياد التي يسمونها أعياد الموالِد، وليس في الإسلام سوى عيد الفطر وعيد الأضحى، وإن هذه الأعياد التي أحدثت بعد القرون المفضلة كلها من الأمور المحدثة، دخلت على هذه الأمة بسبب المتابعة لأهل الكتاب، والتأثر بهم وتقليدهم، ولقد حذرنا من ذلك، وأخبر أن هذه الأمة لا بد وأن تعمل عملهم، فقد قال : ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القُذّة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه))[1]، والنبي يخبرنا بما سيكون تخويفاً وتحذيراً لنا من متابعتهم.

وإن مما أحدث بعض الناس في هذا الشهر من المحدثات الاحتفاء بمولده مشابهة لأهل الكتاب في إقامة عيد ميلاد المسيح عليه السلام، كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من العلماء رحمهم الله.

وإن مما لا شك فيه أن الاحتفال بمولده لا يزيده شرفاً ولا رفعةً، فإن شرفه وفضله في القمة بين البشر أجمعين، فهو سيد الأولين والآخرين، وأكرم الخلق على رب العالمين، وإن محبته دين يدان الله بها، ولا يصح إسلام المرء حتى يحب نبيه ، ولا يكمل إيمانه حتى يكون الرسول أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين، بل حتى يكون أحب إليه من نفسه التي بين جنبيه، كما في قصة عمر رضي الله عنه[2].

ومن المعلوم أن سلف هذه الأمة أكمل وأتمّ محبة منا له ومع ذلك لم يفعلوا شيئاً من هذه الاحتفالات، بل حذروا ونهوا عنها لعدم الدليل على مشروعيتها، وليس عنوان المحبة بإقامة الاحتفال بمولده ، ولكن محبته باتباع أمره، والاهتداء بهديه، والاقتداء بسنته، وتفهم سيرته كل وقت وحين، وسلوك طريقته التي كان عليها هو وأصحابه، ومتابعته على ذلك.

فاتقوا الله عباد الله، وتمسكوا بكتاب ربكم تهتدوا، واعملوا بسنة نبيكم تفلحوا.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَمَا ءاتَـٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ [الحشر:7].

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.



[1] أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء [3456]، ومسلم في العلم [2669] من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بنحوه.

[2] قصة عمر أخرجها البخاري في كتاب الأيمان والنذور [6632] عن عبد الله بن هشام قال: كنا مع النبي وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إليّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي : ((لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك))، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي : ((الآن يا عمر)).

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه سبحانه، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه وإخوانه.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى وأطيعوه، وامتثلوا أمره ولا تعصوه، واعلموا أن هذا الشهر، شهر ربيع الأول قد كان فيه مولده ، وفيه هجرته ووفاته، فلا يجوز أن نجعله موسماً للأفراح، ولا للأتراح، بل الواجب أن نتذكر حالته على الدوام، وأن نقتدي به في قيامه بعبادة ربه، ودعوته إلى دين الله، وتبليغ رسالة ربه، وجهاده في سبيل إعلاء كلمة الله، حتى أكمل الله به الدين، وأتمّ به النعمة على الخلق أجمعين، فلتقتدوا به في أقواله وأفعاله، فذلك سبب محبته لكم ومغفرته تعالى لذنوبكم، كما قال عز وجل: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [آل عمران:21].

فاتقوا الله عباد الله، وامتثلوا أمر بكم، واقتدوا بهدي نبيكم تفلحوا وتسعدوا.

وصلوا وسلموا على الهادي النذير والسراج المنير، كما أمركم بذلك ربكم في محكم التنزيل في قوله عز من قائل عليم: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً