.

اليوم م الموافق ‏10/‏ذو القعدة/‏1445هـ

 
 

 

السحر

1864

التوحيد

نواقض الإسلام

صالح بن محمد الجبري

الطائف

جامع الحمودي

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- معنى السحر.2- السحر في الأمم القديمة.3- أنواع السحر (تخييل ، عقد ورضى ، أدوية وعقاقير).4- سحر الصرف والعطف.

الخطبة الأولى

أما بعد :

السحر هو المرض العضال والوباء الأسود الذي ابتليت به البشرية كلها ، ويتم ذلك باتحاد بين شيطان من الجن وشيطان من الإنس على أن يكون الهدف بينهما واحداً ، وهو اتعاس مجموعة من البشر.

والسحر أخطر أمراض العصر لأنه سلاح فتاك خفي يستخدمه شياطين الإنس في إشقاء أعدائهم من بني آدم.

ولغباء البشر وحقد بعضهم على بعض ولأن قلوبهم تنطوي على شر كثير وحسد كثير للناس ولأنهم أصحاب شهوات حقيرة ، ولا يعرفون طريقاً إلى إيقافها أو منعها ، لذلك يرون طريق الضلال والسحر هو الطريق الذي يحققون من خلاله بعض ما في نفوسهم من الرغبات الشريرة في أذية خلق الله والتنكيل بهم والإفساد في الأرض بغير الحق فحق عليهم قول الله تعالى : فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى ٱلأرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ أَوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَـٰرَهُمْ [محمد:21، 22].

وهم مع ذلك لغبائهم الذي لا حدود له قد اشتروا الدنيا بالآخرة ، وآذوا إخوانهم المسلمين ، والمصيبة أنهم بعد ذلك قد يصلون ويصومون ويتصدقون ، فتباً لهم ، ومقتاً لهم ما أحقرهم ، وما أسفلهم ، إنهم مجرمون ، مجرمون يستحقون اللعن في الدنيا والآخرة أُولَـئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَـٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ وَٱلْعَذَابَ بِٱلْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ [البقرة: 175].

إن موضوع السحر موضوع مهم وخطير.وقد انتشر انتشاراً كبيراً خاصة في السنوات الماضية، ومحترفو السحر يعملون ليل نهار للفساد والإفساد مقابل دراهم يتقاضونها من ضعاف النفوس وشرار الناس الذي يحقدون على إخوانهم المسلمين ، ويشفون برؤيتهم وهم يعانون ويتعذبون من آثار السحر ، لهذا فلابد بل هو من الواجب أن نبين هذا الأمر للناس ، وأن يوضح لهم خطره وضرره ، وأن نبين لهم العلاج الشرعي له حتى لا يذهب الناس إلى السحرة الفجرة ليعلموا لهم سحراً ، أو ليعالجوا لهم مريضًا.

هناك تعريفات عدة للعلماء عن السحر منها:قول الإمام ابن قدامة المقدسي:هو عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئاً يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له، وله حقيقة، فمنه ما يقتل وما يمرض ، وما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها ، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه ، وما يبغض أحدهما إلى الآخر أو يحبب بين اثنين.

ولا يمكن عمل السحر إلا بالاتفاق بين الساحر وشيطان من الجن يساعده في ذلك.قال العلماء السحر:هو اتفاق بين ساحر وشيطان على أن يقوم الساحر بفعل بعض المحرمات أو الشركيات في مقابل مساعدة الشيطان له وطاعته فيما يطلب منه.

والشيطان لا يساعد الساحر حتى يثبت الساحر ولاءه المطلق له ويخضع له ويؤمن به ويكفر بالله قال العلماء : من السحرة من يرتدي المصحف في قدميه يدخل به الخلاء، ومنهم من يكتب آيات من القرآن بالقذارة. ومنهم من يكتبها بدم الحيض ومنهم من يكتب آيات من القرآن على أسفل قدميه، ومنهم من يصلي بدون وضوء ، ومنهم من يظل جنباً ، ومنهم من يذبح للشيطان ، ومنهم من يخاطب الكواكب ، ويسجد لها من دون الله، ومنهم من يأتي أمه أو ابنته ، ومنهم من يكتب طلسماً بألفاظ غير عربية تحمل معان كفرية.

ومن هنا تبين لنا أن الجني لا يساعد الساحر ولا يخدمه إلا بمقابل وهذا المقابل هو الكفر ، وكلما كان الساحر أشد كفراً كان الشيطان أكثر طاعة له ، وأسرع في تنفيذ أمره، وإذا قصر الساحر في تنفيذ ما أمره به الشيطان من أمور كفرية ، امتنع الشيطان من خدمته وعصى أمره.فالساحر والشيطان قرينان التقيا على معصية الله، وهذا واضح للعيان، وإذا نظرت إلى وجه الساحر فإنك ستجد ظلمة الكفر مسدولة على وجهه كأنها غمامة سوداء.ولو تبينت أكثر لوجدت الساحر يعيش في شقاء نفسي مع زوجته وأولاده.فهو لا يستطيع أن ينام هادئ البال مرتاح الضمير بل إنه يفزع من النوم مرات ومرات.وصدق الله وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً [طه: 124].

والسحر موجود على ظهر الأرض منذ القدم قال تعالى كَذَلِكَ مَا أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَـٰحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ [الذاريات: 52]. وهذه الآية تدل على أن جميع الأمم واجهت رسلها بهذه المقالة الظالمة وهي اتهامهم بالسحر أو الجنون. وهذا يعني أن جميع الأمم عرفت السحر.

ومن الأمم السابقة التي مارست السحر وضلت به أهل بابل قال تعالى وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ [البقرة: 102].

ومن ذلك قوم فرعون:وقد أخبرنا الله سبحانه في كتابه الكريم عن المواجهة بين موسى الذي بعثه الله بالآيات البينات وبين قوم فرعون من السحرة والكهان، فهذا فرعون يقول كما حكى الله عنه قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرٌ عَلِيمٌ  يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ   قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَٱبْعَثْ فِى ٱلْمَدَائِنِ حَـٰشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ فَجُمِعَ ٱلسَّحَرَةُ لِمِيقَـٰتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ  لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ إِن كَانُواْ هُمُ ٱلْغَـٰلِبِينَ [الشعراء: 34 ـ 40].

لهذا فالسحر موجود على مدى الأزمان والأعوام.

ولما جاء الإسلام ، شن حرباً لا هوادة فيها على السحرة والكهان والعرافين، وعدّ الرسول السحر واحداً من الجرائم السبع الكبرى ، قال : ((اجتنبوا السبع الموبقات)) قالوا: وما هن يا رسول الله ، قال: ((الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)).

بل وأخبر أن الذي يأتي كاهناً فإنه يكفر والعياذ بالله فقال ((من أتى كاهناً أو عرافاً فقد كفر بما أنزل على محمد)). هذا بالذي يذهب إلى الساحر فكيف بالسحر، فهو بالكفر أولى، لهذا قال الله تعالى وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسّحْرَ [البقرة: 102].

وذهب العلماء إلى وجوب قتل الساحر وعدم صحة توبته، وصح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه أمر ولاته في شتى الأنحاء الإسلامية بقتل كل ساحر وساحرة وروى هذا عن أكثر من واحد من الصحابة.

وتلاحظون أننا لم نناقش هنا مسألة هل السحر حقيقة أم لا: فالأمر واضح، والسحر قد ذكر في القرآن في آيات كثيرة. بل إن الرسول قد سحر.سحره اليهود لعنهم الله وقبح وجوههم لكن الله فضحهم وشفى نبيه . وللعلم فوقوع المرض للنبي بسبب السحر لا يؤثر على نبوته فهو معصوم ومحفوظ فيما يبلغ عن الله.لكنه يصيبه ما يصيب الناس من المرض والوجع زيادة في مرتبته في الآخرة .

إذن فالسحر حقيقي:وهو ينقسم إلى أقسام.

منها : قسم يسمى التخييل:وهو أن يقوم الساحر بعمل أشياء يخدع بها عيون الناس فيرون هذه الأشياء على غير صورتها الحقيقية.تماماً كسحرة فرعون كما حكى الله عنهم في القرآن قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِىَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ قَالَ بَلْ أَلْقُواْ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ.[طه: 65،66] وفي آية أخرى قَالَ أَلْقَوْاْ فَلَمَّا أَلْقُوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءو بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الأعراف: 116]

وهنا فالساحر يجعل الناس يعتقدون وهم يرون فعلاً بأن العصا قد انقلبت حية أما هو فيظل يراها عصاً كما هي. أي أن فعله هذا لا يقلب الأعيان والجوهر ، بل ينحصر عمل الساحر بسحر العيون أي تحويلها عن رؤية حقيقة الأشياء ، فترى العيون ما يريد أن يراه الساحر. وهذا هو الذي فعله سحرة فرعون بالضبط أمام موسى عليه السلام.الذي جاز عليه سحرهم أيضاً لكن الله نصره عليهم وقال له قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلاْعْلَىٰ وَأَلْقِ مَا فِى يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُواْ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّـٰحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ [طه: 68، 69].

وهنا نريد أن ننبه على أمر هام جداً، وهو أن فعل موسى عليه السلام مع سحرة فرعون لم يكن سحراً بل كان معجزة ربانية أمره الله بها.فعصا موسى انقلبت إلى ثعبان حقيقي أخذ يمر على حبال وعصي سحرة فرعون ويبتلعها الواحدة تلو الأخرى.حتى ما أبقى منها حبلاً واحداً.فبطل بذلك عمل السحرة المرتكز على الإيهام والخداع.لهذا فقد أدرك سحرة فرعون أن هذا الأمر ليس سحرًا بل هو معجزة ، وزيادة على ذلك أن هذه الحية التقمت حبالهم ثم عادت سيرتها الأولى.فصاح السحرة بصوت واحد وقالوا ءامَنَّا بِرَبّ هَـٰرُونَ وَمُوسَىٰ [طه: 70].

القسم الثاني:عقد ورقى أي قراءة وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى الإشراك بالشياطين فيما يريد لضرر المسحور.قال الله تعالى وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسّحْرَ [البقرة: 102].

القسم الثالث:أدوية وعقاقير : أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور وعقله وإرادته، وهذا هو النوع الأكثر انتشاراً في عصرنا الحاضر ، وله أنواع كثيرة سنعرفها بعد قليل إن شاء الله تعالى.

من الأنواع المنتشرة من السحر في هذا العصر.نوع يسمى سحر التفريق، وهو المذكور في القرآن في قوله تعالى : وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ وَمَا يُعَلّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْء وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ [البقرة: 102].

والمقصود بالتفريق: هو عمل السحر للتفريق بين أفراد العائلة الواحدة أو بين الأصدقاء أو بين الشركاء في التجارة أو بين الأزواج، وهذا أكثر الأنواع انتشاراً وأعراضه:

1- انقلاب الأحوال فجأة من حب إلى بغض.

 2- كثرة الشكوك وتعظيم أسباب الخلاف بين الزوجين وعدم التماس الأعذار.

3 كراهية المسحور لكل عمل يقوم به الطرف الآخر.

4 كراهية المسحور للمكان الذي يجلس فيه الطرف الآخر، فترى الزوج خارج البيت في حالة نفسية جيدة فإذا دخل البيت شعر بضيق شديد. وهكذا.

وهناك نوع آخر هو عكس هذا النوع تماماً وهو سحر المحبة:وهذا النوع يجمع بين الكفر والشرك قال : ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)) التولة:ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره ، ومن أعراضه:

1- الشغف والمحبة الزائدتان للمرأة.

2- عدم الصبر عنها والتلهف الشديد لرؤيتها وطاعتها لها طاعته عمياء حتى يصبح كالبهيمة تقوده كما تشاء.

وهذا النوع أكثر انتشاراً بسبب بعض النساء الحقيرات المجرمات اللواتي يسعين إلى سحر أزواجهن خوفاً من الطلاق وطمعاً في مال الزوج إذا كان غنياً ، أو لأنها تشعر بأنه قد يتزوج عليها بأخرى. فيكلفها هذا التصرف الخروج عن دين الإسلام وإن صلت وصامت وتصدقت.

ومن أنواع السحر : سحر تعطيل الزواج:وهو أن يذهب مثلاً مجرم حاقد حقير إلى ساحر خبيث ويطلب منه أن يعمل سحراً لابنة فلان حتى لا تتزوج ، لأن أهلها رفضوا أن يزوجوه إياها، وأعراضه على المرأة تتركز في معاناتها من الخوف الشديد ، والغضب الشديد ، والغفلة الشديدة ، والانكباب على الشهوات إضافة إلى بعض الأعراض الأخرى كالصداع والضيق الشديد في الصدر خاصة في الليل.

 

 

      

 

الخطبة الثانية

لم ترد

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً