أما بعد:
عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فقد أمرنا الله تعالى بها في غير ما آية من كتابه العزيز ومنها قوله عز وجل في مخاطباً رسوله الكريم في أول سورة الأحزاب: بسم الله الرحمن الرحيم: يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليماً حكيماً.
أيها الأخوة والأخوات في الإسلام: لقاؤنا اليوم مع مواصلة الكلام على حقوق الزوجية وبالأخص حق الزوج على زوجته، وقد سبق لنا أن تكلمنا عن هذا الموضوع، وعلمنا أن من حقوق الزوج على زوجته خمسة وهي: الطاعة، ورعاية كرامته وشعوره، وحفظ ماله وعرضه وتدبير شؤون المنزل، وأن لا تأذن لأحد بدخول بيته إلا بإذنه.
ومن الحقوق الأخرى:
- التصدق عليه من مالها في حالة فقره، والصبر على قلة ذات اليد إن كان الزوج فقيراً ولم يكن له مال. قالت زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنها قال رسول الله : ((تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن قالت: فرجعت إلى عبد الله بن مسعود فقلت: إنك رجل عفيف ذات اليد وإن رسول الله أمرنا بالصدقة فأته فاسأله فإن كان ذلك يجزي عني وإلا صرفتها إلى غيرك. فقال عبد الله: ائته أنت، فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله حاجتها حاجتي، وكان رسول الله قد ألقيت عليه المهابة، وخرج علينا بلال فقلنا: ائت رسول الله فأخبره أن امرأتين بالباب يسألانك: أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام حجورهما ولا تخبره من نحن؟ قالت: فدخل بلال على رسول الله أي الزيانب؟ قال: امرأة عبد الله بن مسعود فقال رسول الله لهما أجران أجر القرابة وأجر الصدقة)) رواه البخاري ومسلم.فمن منكن معشر النساء من تساعد زوجها إذا أصيب بفقر أو إفلاس فتخفف آلامه، وتواسيه بمالها ونفسها، الملاحظ أيها المسلمون والمسلمات أن من النساء من يعشن في غنى وترف ذهب وحلي ومال، وترى زوجها يعيش في مشاكل من ضرائب وغيرها، فلا تساعده بل تطالبه بمطالب لا يستطيعها، فأين الرحمة يا مسلمات، وأين المودة يا مؤمنات، أتكون الزوجة معينة لزوجها على الزمان ومشاكله أم تكون معينة للزمان على زوجها؟ فرحم الله امرأة، أعانت زوجها على مشاكل الحياة بنفسها ومالها.
- ومن حقوق الزوج على زوجته ما رواه أبو داود والطيالسي عن عبد الله بن عمر أن رسول الله قال:حق الزوج على زوجته ألا تمنعه نفسها ولو كان على ظهر قت وأن لا تصوم يوماً واحداً إلا بإذنه إلا لفريضة فإن فعلت أثمت ولم يتقبل منها، وألا تعطي من بيتها شيئاً إلا بإذنه فإن فعلت كان له الأجر وعليها الوزر، وألا تخرج من بيته إلا بإذنه فإن فعلت لعنها الله وملائكة الغضب حتى تتوب وترجع وإن كان ظالماً.
من الحديث الشريف أيها الأخوة والأخوات في الإسلام نرى أن من حقوق الزوج على زوجته أن لا تمنع نفسها منه إذا دعاها إلى حاجته، وكثير من الرجال يشتكون من نسائهم يمنعونهم هذا الحق المشروع والذي هو أحد مقاصد الزواج، إنه تحصين النفس وتطهيرها من الوقوع في ما حرم الله، فاتقين الله معشر النساء وأدين هذا الحق لأزواجكن، واسمعن معي إلى هذه الأحاديث الواردة عن رسول الله في هذا الموضوع، فقد روى الطبراني أن رسول الله ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟ قلنا بلى يا رسول الله قال: ((كل ودود ولود، إذا غضبت وأسيء إليها أو غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى)).
وروى الشيخان عنه : ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح)) ورويا أيضاً عنه قوله: ((والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها)).
وصح في الحديث الذي أخرجه أهل السنن أن ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: إمام أم قوماً وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط ومتصابيان.
ومن الحقوق أيضاً أن لا تصوم يوم نافلة إلا بإذنه وألا تحج تطوعاً إلا بإذنه وألا تخرج من بيته إلا بإذنه وسأخصص إن شاء الله خطبتي في موضوع خروج المرأة من البيت ومتى يرفض لها بذلك في الأيام القادمة بحول الله تعالى.
وقد أعطى الإسلام للرجل حق تأديب زوجته عند عصيانها أمره بالمعروف لا في المعصية ولا تحتاج المرأة الصالحة لتأديب لقوله تعالى: فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله. أما اللواتي ينشزن من أزواجهن فقد أمر الله تعالى الرجال بتأديبهن فقال تعالى: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً.
ومعنى النشوز معصيتها إياه فيما يجب عليها، وكراهة كل من الزوجين صاحبه، والخروج من المنزل بغير إذن الزوج، وعلامات النشوز إما بالفعل كالإعراض والعبوس والتثاقل إذا دعاها بعد لطف وطلاقة وجه، وأما بالقول كأن تجيبه بكلام خشن غليظ ويبدأ الزوج بالتأديب عند ظهور أمارات النشور بالترتيب التالي:
- الوعظ والإرشاد: بأن يتكلم معها برفق ولين بأن يقول لها: كوني من الصالحات القانتات الحافظات للغيب، ولا تكوني من كذا وكذا، أو اتقي الله في الحق الواجب لي عليك، وذلك بلا هجر ولا ضرب ولا فحش في القول، ويبين لها أن النشوز يسقط النفقة والقسم مع ضرتها فعلها تظهر عذراً أو تتوب عما وقع منها بغير عذر والخوف في قول تعالى: واللاتي تخافون نشوزهن معناه العام: فمن ظهر له أمارة نشوز وإعراض وتحققه وعظها، والوعظ هو الكلام البليغ المؤثر بالنفس ويكون بالتخويف من عذاب الله والتذكير بما عند الله من الأجر والثواب لمن أطاعت زوجها وأدت حق الله عليها له.
- قال الإمام الأصمعي رحمه الله: دخلت البادية فإذا امرأة حسناء لها بعل قبيح فقلت لها:كيف ترضين لنفسك أن تكوني تحت هذا؟ قالت: اسمع يا هذا، لعله أحسن فيما بينه وبين خالقه فجعلني ثوابه ولعلي أسأت فجعله عقوبتي.
نفعني. .
|