.

اليوم م الموافق ‏27/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

دعائم البيت المسلم 2

1766

الأسرة والمجتمع

قضايا الأسرة

سعيد بن يوسف شعلان

جدة

عمار بن ياسر

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- النظر إلى المخطوبة. 2- خطبة المرء على خطبة أخيه المسلم. 3- نكاح الكتابية. 4- حديث المرأة التي عرضت نفسها على النبي والعبر والآداب المستخلصة من الحديث. 5- أحكام متعلقة بالمهر. 6- دعوة لتيسير أمور الزواج.

الخطبة الأولى

أما بعد:

فإنا كنا قد بدأنا في الجمعة الماضية الكلام على ما ورد في الكتاب والسنة بشأن الزواج، ومر بنا كيف أن الإسلام حث على الزواج وكره تركه لمن يقدر عليه ومر بنا كذلك بيان رسول الله لصفة المرأة التي تنكح لأجلها، وأنه رغب في المرأة ذات الدين، فذكر أن الرجل يعرض عن هذه الصفة غالباً ويقدم عليها الصفات الثلاث: الحسب والجمال والمال، وأرشد إلى أنه ينبغي أن يقدم الدين على هذه الصفات ومر بنا بيانه لصفة الرجل التي يقبل لأجلها زوجهاً وأنه قال: ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه)).

فبين أنه لابد من النظر في دين الرجل وخلقه، ولا ينبغي أن يقدم عليه ما سواه كما بين ذلك في أمر المرأة.

 واليوم نستكمل بعض ما ينبغي علمه في أمور الزواج فنقول وبالله التوفيق: إذا تقدم الرجل إلى امرأة ليخطبها فلا ينبغي أن يحال بينه وبين النظر إليها، وقد شاع في بعض الناس كراهية ذلك ويحولون بين الرجل وبين النظر إلى مخطوبته فلا يراها إلا ليلة الزفاف، وكيف يكره الناس ما رضيه رسول الله وأرشد إليه بل أمر به، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)) قال جابر فخطبت جارية - والجارية لا يراد بها الأمة إنما الأنثى حديثة العهد بالسن صغيرة السن - خطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها. [رواه الإمام أحمد وأبو داود ورجاله ثقات].

وللحديث شاهد عن المغيرة بن شعبة قال فيه رسول الله لرجل خطب امرأة: ((انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)) أي إن النظر إليها يكون سبباً في دوام العشرة بينكما وفي ارتياحك إليها. رواه الترمذي والنسائي.

 وله أيضاً شاهد عن محمد بن سلمة عند ابن ماجه وابن حبان.

 وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي قال لرجل تزوج امرأة: ((هل نظرت إليها؟ قال: لا، قال: اذهب فانظر إليها)).

ودلت الأحاديث على أنه يندب تقديم النظر إلى من يريد نكاحها وهو قول جماهير العلماء.

والنظر أيها الإخوة الكرام على الصحيح من أقوال العلماء يكون إلى الوجه والكفين لأنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده، وبالكفين على خصوبة البدن أو عدمها، وقال بعض العلماء: يستحب للرجل أن ينظر إلى المرأة قبل الخطبة، إن كرهها تركها من غير إيذاء يعني ينظر إليها من غير أن تعلم بذلك، فلا يشترط علمها لما جاء في حديث جابر فإن الأمر يكون بخلافه بعد الخطبة إذا نظر إليها وتركها قد يؤذيها ذلك.

ومما قالوا: إن عز عليه النظر إليها قبل الخطبة استحب له أن يبعث إليها امرأة يثق بها تنظر إليها وتخبره بصفتها ثم يمكنه بعد ذلك أن يذهب لينظر إليها نظر الخاطب بعد أن تكون المرأة قد أعلمته بما فيها من الصفات التي يحب أن تكون في زوجته.

ثم بعد الكلام على النظر إلى المخطوبة يأتي الكلام على ما ينبغي مراعاته من عدم جواز تقدم الرجل على أخيه في الخطبة.

إذا خطب رجل امرأة فلا ينبغي لمسلم أن يتقدم عليه بعد أن يجيب أهل الزوجة وأولياؤها الخاطب الأول لما رواه ابن عمر رضي الله عنهما والحديث متفق عليه واللفظ للبخاري قال رسول الله : ((لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له)) والمراد بالخطبة التي نهى المسلم أن يتقدم على أخيه فيها ما يتم بعدها ربط وإجابة بالقبول، فإذا لم يقبل وإذا لم يتلق رداً جاز أن يتقدم غير واحد كما جاء في حديث فاطمة بنت قيس الصحيح: أنه تقدم لها معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم وأسامة بن زيد رضي الله عنهم جميعاً وأنها استشارت رسول الله واختار لها أسامة.

وهذا ما لم يكن أهل الزوجة قد ردوا وأجابوا الخاطب الأول.

وأفتى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تبارك وتعالى بأن من تقدم على خاطب أجيب وتلقى رداً بالقبول ثم عقد على هذه المرأة صح العقد على قول العلماء.

ولكن ينبغي أن يؤدب من أخل بحق الخاطب الأول بعقوبة تردعه وتردع أمثاله، لأن هذا على التحريم، يحرم على المسلم أن يتقدم على أخيه وأن ينازعه في حق له وأن ينافسه فيه إنما المؤمنون إخوة.

وأما الكافر فإذا تقدم إلى كتابية مع العلم أن الكتابية يجوز للمسلم أن يتزوجها، إذا تقدم الكافر لخطبة كتابية وأجيب وتلقى رداً فإنه يجوز للمسلم أن يتقدم عليه لأنه لا يدخل في لفظ أخيه: إنما المؤمنون أخوة وهذا ليس من المؤمنين.

وأما الفاسق فلا كفاءة، الكفاءة ينبغي مراعاتها في الدين، فإذا قبلت فلا كفاءة، ولهذا إذا وافق جميع الأولياء على هذا الفاسق إلا ولياً واحداً فيجوز لهذا الولي من أولياء الزوجة أن يرفض وأن يفسخ نكاح هذا الفاسق لما ينبغي مراعاته من الكفاءة في الدين.

ثم على الخاطب أن يقدم بين يديه إذا خطب المرأة تشهد الحاجة الذي علمه رسول الله لأصحابه كما روى الإمام أحمد وأصحاب السنن وحسنه الترمذي عن عبد الله بن مسعود قال: ((علمنا رسول الله التشهد في الحاجة: إن الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا)) زاد ابن كثير في الإرشاد إلى النكاح ((ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله)).

ويقرأ ثلاث آيات: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً.

يستحب له أن يقدم بين يديه هذا التشهد للحاجة، وقد روى البيهقي هذا الحديث بإسناده إلى شعبة رحمه الله أنه قال: قلت لأبي إسحاق: هذا في خطبة النكاح وغيرها؟ قال: في كل حاجة.

 ويؤكد سنية ذلك في النكاح وغيره، وهذا من السنن المهجورة، هذا من السن الذي هجرت ولم يعد الخطاب يستعملونها، ولم يعودوا يقدمون بها بين أيديهم إذا تقدموا إلى أولياء أمور الزوجة.

 ثم هذا أيها الأخوة الكرام حديث كثير الفوائد، أقرأ نصه فقط الآن، وأذكر فوائده بعد جلسة الاستراحة إن شاء الله وقدر: فعن سهل بن سعد الساعدي قال: ((جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت يا رسول الله جئت أهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله ، فصعّد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله إن لم تكن لك بها حاجة فزوجنيها، قال: فهل عندك من شيء؟ قال: لا والله يا رسول الله، قال فاذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئاً، فذهب ثم رجع، فقال: لا والله يا رسول الله ما وجدت شيئاً، فقال: اذهب فانظر ولو خاتماً من حديد فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتماً من حديد، ولكن هذا إزاري قال سهل بن سعد الراوي: مالَه رداء، إزار ليس له رداء فلها نصفه، فقال رسول الله : ما تصنع بإزارك إن لبسَته لم يكن عليها منه شيء وإن لبسْته لم يكن عليك منه شيء، فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام فرآه رسول الله مولياً فأمر به فدعي به، فلما جاء قال: ماذا معك من القرآن؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا. عدَدَها.

 قال: اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن)) [متفق عليه واللفظ لمسلم].

 وفي رواية قال له: ((انطلق فقد زوجتكها فعلمها من القرآن)) وفي رواية للإمام البخاري: ((أمكناكها بما معك من القرآن)) وفي رواية لأبي داود عن أبي هريرة قال له : ((ماذا تحفظ؟ قال: سورة البقرة والتي تليها. قال: قم فعلمها عشرين آية)).

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.


 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن نبينا وإمامنا وقدوتنا ورسولنا محمد عبد الله ورسوله خاتم الأنبياء وإمام المرسلين، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

في هذا الحديث جواز النظر إلى من يريد نكاحها كما تقدم فإن رسول الله صعد فيها النظر وصوبه،

وفيه من الفوائد أيها الأخوة الكرام:

الفائدة الأولى جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح.

والفائدة الثانية للإمام الولاية على المرأة التي لا قريب لها إذا أذنت، وأنه يعقد للمرأة من غير سؤال عن وليها هل هو موجود أم لا.

الفائدة الثالثة: لا تثبت الهبة إلا بالقبول فإنها لما وهبت نفسها ولم يقبل رسول الله ما ثبتت الهبة.

الفائدة الرابعة: لابد من الصداق في النكاح ويصح أن يكون شيئاً يسيراً لقوله ولو بخاتم من حديد، فيصلح بكل ما تراضى عليه الزوجان أو من إليه ولاية العقد بما فيه منفعة، وضابطه أن كل ما يصلح أن يكون قيمة وثمناً لشيء صح أن يكون مهراً.

الفائدة الخامسة: ينبغي ذكر الصداق في النكاح لأنه أقطع للنزاع وأنفع للمرأة، ولو عقد بغير ذكر الصداق صح العقد ووجب لها مهر المثل بالدخول، إذا لم يذكر صداقاً صح العقد ووجب للمرأة بعد الدخول مهر مثلها من النساء، ويستحب تعجيل المهر.

 وهنا أقول يظن بعض الناس عندما يشترطون على الرجل عاجلاً من المهر وآجلاً أن العاجل هو المهر وأن الآجل عقاب رادع لكل من سولت له نفسه أن يطلق امرأته، وهذا شائع، ويغالون في تعين هذا القدر المؤجل ويبالغون مبالغة شديدة لكي لا يفكر أبداً مهما أساءت إليه امرأته أن يطلق، وهي نفسها تذكره كلما ضاقت نفسه أن يتخلص منها إذا كانت سيئة الخلق وغير ذات دين تذكره وتقول له: إذا أردت أن تطلق فعليك أن تتذكر أن عليك كذا وكذا من الأموال التي اشترطوها عليه. وهذا كلام غير صحيح بل الذي يتعين على كل زوج إن رضى بعاجل وآجل من المهر أن يعلم أن عليه أن يؤدي لزوجته هذا الآجل لا كما يظنون أنه لا يدفع إلا عند الطلاق.

إن اتفقا أن يكون العاجل ثلاثين ألفاً مثلاً والآجل عشرين ألفا فينبغي أن يعلم أن عليه أن يؤدي هذه العشرين متى استطاع.

ومما قال العلماء: يستحب تعجيل المهر يعني لو أراد خاطب أن يدفع المهر كله لأولياء الزوجة فليسوا لهم أن يمنعوا ذلك، وليس لهم أن يقولوا لا بل عاجل وآجل، لأن هذا يدل على أنهم عند نفس الظن بأن الآجل عقاب رادع لمن أراد أن يطلق، من أحب أن يعجل المهر فليسمح له بذلك، وينبغي أن تختفي هذه العادة، أي مال يساوي أن تعود المرأة بعد حين إلى بيت أبويها كأنها لم تكن بالأمس متزوجة.

وتبدأ المشاكل مشاكل الإنفاق عليها والأولاد إن كانت قد رجعت بأولاد وما ليس بخاف من المشاكل الكثيرة التي غصت بها بيوت المسلمين في هذه الأيام.

الفائدة السادسة: يجوز الحلف وإن لم يكن عليه يمين لأن الرجل كان يحلف لرسول الله من غير أن يستحلفه رسول الله ولم ينكر عليه ذلك، ويجوز أيضاً الحلف على ما يظنه لأن رسوله قال: ((اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئاً)) فدل هذا على أن الرجل حلف على ما يظن ولو كانت لا تكون إلا على العلم لما كان أمر رسول الله له بالذهاب إلى أهله.

الفائدة السابعة: لا يجوز للرجل أن يُخرج من ملكه ما لا بد له منه كالذي يستر عورته أو ما يسد خلته من الطعام والشراب، لأن رسول الله علل منعه عن قسمه ثوبه بأنها إذا لبسته لم يكن عليه منه شيء، فلا ينبغي أن يُخرج الرجل من ملكه ما لا بد له منه إلا أن يفرض عليه ذلك فرضاً، لأن هذا الرجل لو أراد أن يفيء لها بما اشترطه على نفسه وقسم الإزار بينهما وأعطاها النصف وبقي له النصف لما عاد النصف صالحاً لستر عورته فلا ينبغي.

الفائدة الثامنة: اختبار مدعى الإعسار فإن رسول الله لم يصدقه في أول دعواه الإعسار حتى ظهر له قرائن صدقه، وفيه دليل على أنه لا يسمع دليل مدعي الإعسار حتى تظهر قرائن إعساره، يعني الذي يقول: أنا في عسر، أنا في ضنك، أنا في فقر، أنا في ضيق، لا ينبغي أن يصدق حتى تظهر قرائن إعساره وقرائن فقره وضنكه، فإن النبي لم يوافقه عندما قال: لا أجد شيئاً. قال: ((اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا))ً.

ومما ينبغي التحري في أمور الذين يتكففون الناس ويسألونهم كثيراً ويعتادون هذه المسألة فينبغي أن ينظر في أمورهم كي لا يكون عطاؤهم من باب الإعانة على البطالة وعلى استجلاب الأموال من غير تعب ولا جد ولا معاناة فيها، وهذه فائدة كما ترون مستنبطة من هذا الحديث العظيم وهي جلية وواضحة.

التاسعة: لا تجب الخطبة للعقد، فلو تم العقد من غير خطبة، من غير أن يتقدم الرجل ويقول: أخطب إليك ابنتك مثلاً، واتفقوا على أن يعقد مباشرة صح ذلك، لأن الخطبة لم ترد في شيء من طرق هذا الحديث، حديث سهل بن سعد .

 ويجوز أن يكون الصداق منفعة كالتعليم لأن صداق هذه المرأة على الرجل أن يعلمها ما معه من القرآن، فيجوز أن يكون الصداق منفعة كالتعليم، ويدل عليه قصة موسى مع شعيب إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج.

الفائدة العشرة: قوله : ((ملكتكها وزوجتكها وأمكناكها))، هذه الروايات في حديث واحد دلت على أنه لا يشترط صيغة معينة للعقد، فإذا عقد بلفظ يفيد معنى النكاح صح النكاح، خاصة إذا قُرن به الصداق أو قصد به النكاح.

 وأختم هذا الحديث أن أقول: ينبغي علينا جميعاً أن نعلم بأن من يسر الزواج فقد عسّر الزنا، ومن عسر الزواج فقد يسر الزنا، فمن يسر على المسلمين الزواج فقد أغلق الأبواب دون ارتكاب هذه الفاحشة ذات الأثر السيء على المسلمين، حيث تنذرهم ببطش الله وانتقامه وعقابه.

 فمن يسر الزواج فقد غلق الأبواب على هذه الفاحشة المنكرة التي يكفينا من نكارتها أنها قرنت بالشرك في سورة النور حيث قال الله تبارك وتعالى: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك الزاني لا تمكنه من الزنا إلا زانية أو مشركة، لا تمكنه من ذلك إلا من كانت فيها هذه الصفات الذميمة، وكذلك بالنسبة للزانية لا ينكحها إلا زان فيه هذه الخصال.

 فمن عسر الزواج فقد فتح أبواب الزنا على مصراعيها لمن لا طاقة له بهذه الشروط يستسهل من خلالها تصريف غريزته التي أودعت فيه.

ومما قال النووي رحمه الله في الحديث المتفق عليه عن أنس بن مالك قال النبي : ((يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا)) قال النووي رحمه الله تبارك وتعالى قوله : ((يسروا)) مقترن بقوله: ((ولا تعسروا))، لأنه لو قال: يسروا فقط ولم يعطف عليها بقوله: ((ولا تعسروا)) لفهم المخاطبون أن من يسر مرة واحدة فقد نفذ أمر رسول الله ، فأضاف ((ولا تعسروا)) ليفيد منع التعسير مطلقاً، وأن على المسلم أن ييسر دائماً، وهذا من بلاغة كلام رسول الله ، لو قال يسروا واكتفى، لقال كل أحد: يسرت مرة، وتقال هذه الكلمات كثيرة: لقد أعطيت مرة، لقد تصدقت مرة، لقد فعلت مرة، لا تطالبوني بالمزيد، فقد فعلت هذا مرة سابقة وهنا لو قيل: يسروا فقط لكان الناس فيهم غلظة وشدة، ولاحتجوا أنهم قد يسروا مرة من المرات في حياتهم، ولسوف يكونون معسرين بعد ذلك ولا حجة عليهم.

 لكن قوله ((ولا تعسروا)) منع منعاً باتاً.

وأقول أيضاً: من رمي بسهم مسموم من سهام إبليس فأصيب بداء العشق المحرم بسبب النظرة فإنه يوصف له الدواء الآتي: عليه أن يبادر إلى الزواج لأنه كما قال رسول الله ((أغض للبصر وأحصن للفرج)) وهذا لمن ليس بمتزوج.

 وأما المتزوج فإن أصيب بنفس الداء فليعمل بما قاله رسول الله قال: ((فليأتي أهله فإن معها مثل الذي معها)).

 ثم عليه أيضاً أن يحافظ على الصلوات الخمس، من أصيب بهذا الداء، داء العشق المحرم، عليه أن يبادر إلى الزواج، وإن كان متزوجاً عليه أن يأتي أهله عليه، كذلك أن يحافظ على الصلوات الخمس، فبالمحافظة عليها خير كثير خاصة إذا كانت في جماعة.

ثالثاً: عليه أن يكثر من التضرع وقت السحر بالدعاءين الصحيحين الواردين عن رسول الله : ((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك))، ((اللهم مصرف القلوب صرّف قلبي إلى طاعتك)) عليه أن يكثر من هذا الدعاء ليصرف الله قلبه إلى طاعته، وليفرغ قلبه من محبة ما سوى الله إلا ما كان لله تبارك وتعالى كمحبة الزوجة لله والأهل لله والأخوة لله، نحبهم لأن الله أمرنا بمحبتهم والرفق بهم ونحبهم لأن بهم خصالاً يحبها الله تبارك وتعالى.

أسأل الله العلي العظيم أن يجعلنا جميعاً من يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً