.

اليوم م الموافق ‏17/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

أهمية المتابعة للسنة

1722

قضايا في الاعتقاد

الاتباع, البدع والمحدثات

مرزوق بن سالم الغامدي

مكة المكرمة

الرحمة

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- تبرؤ النبي يوم القيامة ممن جاد عن طريقته. 2- الحث على التمسك بالسنة والابتعاد عن البدعة. 3- التحذير من التعصب للرجال أو المذاهب في مخالفة الدليل. 4- صور من الابتداع في الدين.

الخطبة الأولى

أيها الإخوة قال الله تعالى: فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديـل لخلق الله ذلك الـدين القيم ولكـن أكثر الناس لا يعلمون وقال سبحانه: ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله أصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون.

أيها الإخوة: ليس الإسلام بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقته الأعمال .. وقد تكلمنا في خطب كثيرة عن أهمية متابعة النبي صلى الله عليه وسلم فيما عمل وترك، وأن الأعمال لا تقبل إلا إذا كانت موافقة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وخالصة لله فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً.

فعليكم أيها الإخوة بسنة نبيكم، وإياكم والمحدثات والأهواء والمخالفات لعلكم تردون حوض نبيكم يوم القيامة فتشربوا منه، فإن مخالفته صلى الله عليه وسلم سبب للبعد عن ورود حوضه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك حينما يرى أمته يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء، ولكنهم يُردُّون ويمنعون من الحوض فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أمتي، أمتي)) .. فيقال له: إنهم بدلوا بعدك .. لا تدري ما أحدثوا بعدك .. فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((سحقاً، سحقاً)) أي بُعداً. بُعداً.

ولا حظوا أيها الإخوة: أنهم يعرفون بأثر الوضوء على أيديهم ووجوههم وأرجلهم، فهم مصلون ويتوضؤون وهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .. ولكن لما أحدثوه من البدع يبعدون عن حوضه ويحرمون من الشراب منه والعياذ بالله.

فالاستقامة على دين الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم نجاة، والانحراف عنه هلاك وخسارة، وهذا الانحراف أيها الإخوة له أسباب عديدة منها التعصب للآراء والأهواء، وعدم الانتفاع بالوحيين وأقوال السلف الصالح، وعدم الإصغاء إلى المواعظ المبنية على الدليل الصحيح الصريح الموافق لفهم وأقوال السلف رضي الله عنهم أجمعين، والبعد عن تعلم العلم الشرعي الصحيح.

قال حذيفة رضي الله عنه: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وأنا أسأله عن الشر لا حباً له، ولكن خوفاً من أن أقع فيه وأنا لا أشعر .. قلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل من شر؟ قال: ((نعم)) قلت وهل من بعده من خير قال: ((نعم وفيه دخن)) قلت: وما دخنه؟ قال: ((قوم يستنون بغير سنتي، ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر)) الحديث.

فالخير كل الخير في التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهديه، والشر كل الشر فيما يحدثه الناس من البدع والأهواء، فالسعيد من وفقه الله لاتباع السنة، والشقي من خلى بينه وبين نفسه وهواه وشيطانه وقرنائه من شياطين الإنس والجن فهلك على ذلك بدون توبة.

قال أبو العالية: تعلموا الإسلام، فإذا علمتموه فلا ترغبوا عنه لغيره، وعليكم بالصراط المستقيم فإنه الإسلام ولا تعوجوا عنه، وعليكم بسنة نبيكم وإياكم واتباع الأهواء.

أيها الإخوة: قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم لأصحابه، والخطاب لجميع الأمة ((إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)).

فكيف يتعصب بعض النـاس لآراء وأفعــال ما فعلهــا النبي صلى الله عليــه وسلـم ولصحــابته الكــرام وللأئمــة الأعــلام، ألم يسمعوا لقــول ابن عباس رضي الله عنهما للناس في خلافة عمر رضي الله عنه حينما سألوه في مسألة في الحج، عن التمتع والإفراد وهي مسالة معروفة عند طلاب العلم ... وهي مسألة اجتهاديـه اجتهد فيها الشيخان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وعن جميع الصحابة .. ولكن ابن عباس لديــه دليـل صريح صحيح من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحينما أجاب السائلين بقول النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: ولكن أبا بكر وعمر يقولان كذا وكذا .. فقال: (أيها الناس يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول لكم: قال رسول الله، وتقولون: قال: أبو بكر وعمر).

لاحظوا أيها الإخوة: معنى هذا الكلام، والذي هو في مسألة اجتهادية، ولكن إذا استبانت سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يصح العدول عنها لرأي مجتهد حتى ولو كان هذا المجتهد في منزلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وهما من هما، ولن يبلغ أحد من هذه الأمة منزلتهما.

لاحظوا قول ابن عباس رضي الله عنهما .. يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول لكم: قال: رسول الله وتقولون: قال: أبو بكر وعمر. الذي يفيد الوعيد الشديد لمن خالف سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم واتبع رأي أحد من الناس. ويفيد أيضاً أن العالم عليه أن يقول كلمة الحق ولو كان في ذلك مخالفة لرأي ولي الأمر واجتهاده دون محاباة ولا مجاملة. إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتــوب عليهم وأنا التواب الرحيم.


 

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

إن ما ذكرناه في الخطبة الأولى وفي خطب سابقة عن أهمية المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم وخطر العدول عنها إلى آراء واجتهادات مخالفة، ليس بالأمر الخفي فهو أمر واضح في القرآن والسنة وأقوال وأفعال الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

وكل طالب وصل إلى المرحلة الثانوية لديه أصول قوية ثابتة عن طريق مواد القرآن والتفسير والحديث والتوحيد والفقه، ومنها حديث يعرفه طالب المرحلة الابتدائية، وهو أصل في هذه المسألة، وهو حديث: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) أي مردود عليه غير مقبول.

وإنني أعجب ممن يعرف هذا الأمر ثم يحيد عنه إلى البدع والمحدثات التي ليس عليها أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا هديه، ويزداد عجبي عندما يكون ذلك المخالف مدرساً، لقد قال لي أحد المدرسين أنه رأى زميلاً له يردد في كل وقت أثناء الدوام .. يا لطيف .. فسأله ما هذا؟ قال عليــه أن يكمـل 5000 مرة يا لطيف. في كل يوم من شهر رجب حتى يكمل في نهايتـه 150000 مرة يا لطيف، فمن أين لهذا المعلم هذا الذكر وبهذا العدد وبهذه الصفة وفي هذا الزمن؟

ظلمات بعضها فوق بعض، حيث ابتدع في دين الله ما لم يأمر به لا في الكيفية ولا في العدد ولا في الزمن.

ثم إن في هذا النداء وبهذا الأسلوب قلة حياء وقلة أدب مع الله عز وجل، وأضرب لذلك مثلاً فلو أن شخصاً اسمه حسن وناداه صديقه يا حسن يا حسن عدة مرات ولم يطلبه شيء فإنه يعتبر ذلك استهزاءً به واستخفافاً به، فكيف برب العزة والجلال مالك الملك رب العالمين، تناديه ثم لا تطلب شيئاً منه؟ إنه لأمر يثير الدهشة والاستغراب حقاً؟

أيها الإخوة: العبادات ومنها الدعاء والذكر أعمال توقيفية لا يجــوز فعلها إلا بدليل ثابت صحيح صريح .. فمن أين لهذا المعلم الدليل بفعل هـذا الأمر؟ ويدخل في ذلك جميع أنواع البدع المحدثة في الموالد وما يسمى بليلة الإسراء والمعراج أو ليلة النصف من شعبان سواء كانت هذه البدع اجتماعاً للذكر أو لدراسة السيرة أو كانت تقرباً بصلاة أو صيام لأيام مخصوصة مثل تخصيص أيام محدودة في رجب أو شعبان للصيام أو مثل صلاة الرغائب وصلاة الألفية وغيرها من البدع والمحدثات، فكلها من الأمور التي لم يشرعها النبي صلى الله عليه وسلم وليست من سنته وهديه، فهي مردودة وغير مقبولة. بل من يفعل ذلك يكون مأزوراً غير مأجور، لأنه يرى نفسه قد توصل إلى أمر قصر عنه النبي صلى الله عليه وسلم.. نسأل الله العافية.

أيها الإخوة: إن نبينا رؤوف ورحيم بهذه الأمة، وما من خير إلا ودلنا عليه، ولو كانت في هـذه الأمور التي أحدثها الناس قربة أو خير لدلنا عليها أو أمرنا بها .. وإن فيما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لغنية وكفاية لمن أراد أن يتقرب إلى الله,

وإنني في الختام لأقول لهؤلاء المخالفين ولكل مسلم ولنفسي: لنضع أمام أعيننا حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يوضح فيه أن هذه الأمة ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة .. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم من هي هذه الفرقة الناجية؟ الوحيدة إنها هي التي تكون على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .. هذه هي الفرقة الوحيدة الناجية من النار.

فعلي كل واحد منا أن يسأل نفسه سؤالاً، هل هو على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟ فيعبد الله وحده لا شريك له ولا يعبده إلا بما شرعه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فإن كان كذلك فهو على سيل الرشاد بإذن الله تعالى، وإن كان يفعل أموراً ويتعبد الله بما لم يشرعه ويتبع الآراء والأهواء، فإنه على خطر عظيم، وقد يدخل في إحدى الفرق التي هي في النار والعياذ بالله.

فيا أيها الأخ المسلم كن على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في عبادتك، التزم ما أمرك به ربك وبلغك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، واحذر من أن تحيد عن الطريق فتزل بك القدم والعياذ بالله.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً