.

اليوم م الموافق ‏19/‏رمضان/‏1445هـ

 
 

 

الدين النصيحة

1634

الرقاق والأخلاق والآداب, العلم والدعوة والجهاد

الآداب والحقوق العامة, الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وليد بن إدريس المنيسي

مينيسوتا

دار الفاروق

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- تعريف النصيحة. 2- معنى النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين ولعامة المسلمين. 3- النصح وظيفة الرسل. 4- النصيحة حق من الحقوق. 5- نماذج من نصح السلف للحكام. 6- آداب النصيحة.

الخطبة الأولى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فقد روى مسلم عن تميم الداري قال رسول الله : ((الدين النصيحة)) قلنا: لمن يا رسول الله ؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم))، هذا حديث جليل عدّه بعض السلف رُبع الدين أي أحد أربعة أحاديث يقوم عليها الدين.

والنصيحة في اللغة هي الإخلاص وتخليص الشيء من الشوائب وإصلاح الخلل وهي في الشرع كلمة جامعة جعلها النبي ترادف الدين فإذا ضاعت النصيحة ضاع الدين، والنصيحة لله تعالى هي توحيده وعبادته وطاعة أمره وترك نهيه.

والنصيحة لكتاب الله إتقان تلاوته وفهم معانيه والعمل بأحكامه، والنصيحة لرسول الله محبته وطاعته وتصديقه والعمل بسنته، والنصيحة لأئمة المسلمين تشمل نصح الأمراء والعلماء فنصيحة الأمراء بكفهم عن الظلم وجمع كلمة الناس عليهم وإعانتهم على الخير والنصيحة للعلماء بتوقيرهم ونشر علومهم وإحسان الظن بهم.

والنصيحة لعامة المسلمين بأن تحب لهم من الخير ما تحبه لنفسك وأن ترشدهم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم وألاّ تغشهم.

وقد أرسل الله تعالى رسله الكرام ليكونوا ناصحين لأقوامهم، قال تعالى عن نوح عليه السلام: أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون [الأعراف:62]. وقال تعالى عن هود عليه السلام: وأنا لكم ناصح أمين [الأعراف:68]. وقال تعالى عن صالح عليه السلام: ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين [الأعراف:79].

والنصيحة من حق المسلم على أخيه المسلم روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : ((حق المسلم على المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه)).

وروى البخاري عن جرير بن عبد الله أن رسول الله بايعه على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم، فروى الطبراني أن جريراً اشترى من رجل فرساً فقال البائع: بثلاثمائة فقال جرير: إنه خير من ثلاثمائة فما زال يزيده حتى أعطاه ثمانمائة، وروى ابن حبان أن جريراً كان إذا اشترى شيئاً أو باعه قال لصاحبه: اعلم أن ما أخذنا منك أحب إلينا مما أعطيناك فاختر، وروى أبو داود عن أبي هريرة والطبراني عن أنس رضي الله عنهما قال : ((المؤمن مرآة المؤمن)) [صححه الألباني صحيح الجامع 6655]. أي المؤمن ينصح أخاه ويريه عيوبه كما يرى الإنسان نفسه في المرآة.

كان سلفنا الصالح رضي الله عنهم يتناصحون فيما بينهم ويقبلون النصيحة ولو كان الناصح دونهم في السن أو العلم أو الجاه وحذروا من رد النصيحة، قال ابن مسعود في تفسير قوله تعالى: وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم [البقرة]. هو الرجل ينصح أخاه فيقول: [عليك نفسك] أو [مثلك لا ينصحني].

وقد كان لسلفنا الصالح رضوان الله عليهم مواقف إيمانية عظيمة في نصح الحكام لا تأخذهم في الله لومة لائم وهذه نماذج منها:

-       دخل محمد بن سيرين على ابن هُبيرة أمير البصرة فقال لابن سيرين: ماذا رأيت مذ قربت من بابنا؟ قال: رأيت ظلماً فاشياً، فغمزه ابن أخيه، فقال: إنك لست تُسأل، ولكن أنا أُسأل، فلما انصرف أرسل إليه الأمير بثلاثة آلاف فلم يأخذها.

-       ودخل سفيان الثوري على الخليفة المهدي فنصحه وأغلظ له في القول فقال له وزير المهدي: تكلم أمير المؤمنين بمثل هذا؟ فقال له سفيان: اسكت ما أهلك فرعون إلا هامان، فلما ولّى سفيان قال الوزير للمهدي: أتأذن لي أن أضرب عنقه؟ فقال له: اسكت، ما بقي على وجه الأرض من يُستحيا منه غير هذا.

-       وكان الإمام النووي رحمه الله كثيراً ما ينصح الظاهر بيبرس وكان الظاهر يقول: إني أخاف من هذا الرجل، إذا رأيته كأني رأيت سَبُعاً.

-       وخرج السلطان أيوب في يوم عيد في عساكر وأبهة والأمراء يقبلون الأرض بين يديه فرآه العز بن عبد السلام فقال: يا أيوب ما حجتك عند الله إذا قال لك: ألم أبوئ لك ملك مصر، ثم تبيح الخمور؟ فقال: هل جرى هذا، قال: نعم، الحانة الفلانية يباع فيها الخمور فقال السلطان: يا سيدي هذا ما أنا عملته هذا من زمان أبي فقال العز: أنت من الذين يقولون: إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون [الزخرف]. فأمر السلطان بإبطال تلك الحانة، فقيل للعز بن عبد السلام: أما خفته؟ فقال: استحضرت هيبة الله تعالى، فكان السلطان في عيني كالقط.

قال السلف رحمهم الله: من خاف الله تعالى أخاف الله منه كل شيء ومن لم يخف الله تعالى أخافه الله من كل شيء.

أيها المسلمون: للنصيحة آداب لابد من مراعاتها أهمها:

1-    الإخلاص لله تعالى فيها وألا يكون الغرض منها الشماتة في المنصوح والفرح بأنك ظفرت له بعيب فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم، ولا يجوز للمسلم أن يشمت في أخيه المسلم بل يحب له ما يحب لنفسه.

2-    أن تكون النصيحة سراً إلا إذا كان المنصوح مجاهراً بالفسق أو البدعة يدعو الناس إليه أو تقتدي به الناس في بدعته أو فسقه فيمكن أن ينصح علناً من باب تحذير المسلمين قال بعض السلف: من نصح أخاه سراً فقد نصحه وزانه ومن نصحه علانية فقد فضحه وشانه.

وقال الإمام الشافعي رحمه الله:

تعمدني بنصحك في انفراد           وجنبني النصيحة في الجماعة

فإن النصح بين الناس نوع            من التعيير لا أرضى استماعه

3-    أن يسلك الناصح أفضل الوسائل التي يرجى معها استجابة المنصوح فيمكن أن يُعرِّض فيقول: ((ما بال أقوام يفعلون كذا)) ويمكن أن يهدي إليه شريطاً أو كتاباً، وكذلك على الناصح اختيار الوقت الملائم حتى لا يعين الشيطان على أخيه.

أيها المسلمون: لما جَبُن الناس عن النصيحة فشت فيهم الغيبة فصاروا إذا رأى أحدهم عيباً في أخيه لم ينصحه في وجهه بل فضحه به في غيابه والغيبة من كبائر الذنوب.

عن أنس قال: قال رسول الله : ((لما عُرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم)) [رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 533].

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً