.

اليوم م الموافق ‏18/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

بين الاتباع و الابتداع

364

قضايا في الاعتقاد

البدع والمحدثات

سليمان بن حمد العودة

بريدة

14/7/1415

جامع الراشد

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- كمال الدين قبل وفاته . 2- أقوال أهل العلم في التحذير من البدعة. 3- انتشار البدع بسبب الجهل. 4- دور الباطنية العبيدية في إنشاء البدع والمحدثة كالمولد. 5- بدع شهر رجب. 6- مفاسد الابتداع. 7- انكار ابن مسعود للبدع.

الخطبة الأولى

 

إخوة الاسلام:   ويعجب المرء حين يلحظ فئاماً من المسلمين كلفوا أنفسهم مالم يأذن به الله. واتبعوا شرائع وطرائق لم يعملها صفوة الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم   ولا صحابته الأخيار، فابتدعوا في الدين، ولو كلفوا أنفسهم السؤال عن أصلها والهدف منها   وما فيها من المغرم والمأثم لما عادوا إليها مرة أخرى، فليس الدين _ معاشر الآخوة شهوة جامحة ولا تقليدا أبلها .. إنما هو الشرع الموحى والسنة الموروثة عن أولي البصائر والأخلاق والنهى: ((عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، إاياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)).

نعم إن الاسلام أيها الأخوة دين الله، والله تعالى أعلم بما يصلح للبشر ويقيم سلوكهم ويطهر قلوبهم ، ولم يمت محمد صلى الله عليه وسلم إلا وقد أكمل الله دينه وأتم شريعته.

وكان من أواخر ما خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً [المائدة:2].

وشرائع الإسلام وسننه كافية شافية، وليس يسوغ للمسلم كلما سمع صيحة هنا أو دعوة هناك تشبث بها حتى وإن كانت بدعة محدثة في الدين .. وحتى وإن كانت قصورا عما صح وأمر به وفعل رسوله صلى الله عليه وسلم له.

فلا بد للمسلم إذاً أن يستسلم لشرع وأمر رسوله ويسأل هل فعله الذي يفعل موجود في سنته  أم عمل به سلف الأمة وخيارها؟

فإن لم يجد من ذلك شيئا فلا يغتر بكثرة الهالكين  ، ولا يكن دليله أنه وجد الناس يعملون هذا العمل،فهو لهم تبع، فالله تعالى يقول: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله وقال تعالى: وأن هذا صرطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق عن سبيله وينعي القرآن على الذين قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون.

إخوة الايمان:   شأن البدعة عظيم  ، وأمر العبادة لا يسوغ من مجرد التقليد، ولزوم السنة والاتباع فضل من الله عظيم.

ولخطورة البدع  وما ظهر منها وما بطن  اسمعوا ما قاله الأئمة الأعلام لتحذير الأمة من ضلالات الشيطان.

يقول الإمام مالك رحمة الله: من أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الدين، لأن الله تعالى يقول اليوم أكملت لكم دينكم فما لم يكن يومئذ دينً لا يكون اليوم ديناً[1].

ويقول سفيان الثوري رحمه الله: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية  ، المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها [2]

وذلك أن المبتدع يتخذ ديناً لم يشرعه الله ورسوله، قد زين له سوء عمله فرآه حسناً،   فهو لا يتوب مادام يراه حسناً, لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيء ليتوب منه، فالتوبة ممكنة لمن وفقه الله وهداه كما هدى الله الكفار وأصحاب الباطل الذين أبصروا ما هم عليه من الباطل ورغبوا في الحق[3].

إخوة الإسلام : وقد يسأل سائل ويقول: ما هي الظروف والأزمان التى تنتشر فيها البدع؟ ولماذا تعلق بعض النفوس بالبدع؟

و الجواب: إذا انتشرت الجهالة بدين الرسل عليهم السلام بين الناس ونما زرع الجاهلية في نفوسهم  وكثر الدعاة المبطلون واختفى أو قلّ دور الدعاة المصلحين سارعت الطباع إلى الانحلال من ربقة الاتباع  ، لأن النفس فيها نوع من الكبر فهي تحب أن تخرج من العبودية بحسب الامكان وكما قال أحد السلف: ما ترك أحد سنة إلا تكبراً في نفسه.

فهى تصير إلى البدعة كمخرج من تكاليف الشرع إلى ضروب البدعة والأعمال للنفس لديمومتها على ذلك حتى تلقى الله وهو راض عنها ..

أما البدع فهي عبادات مؤقتة   وهي لقاءات موسمية. وهي أحيانا اجتماعات عامة قد تطرب لها بعض النفوس المريضة وتظنها نوعاً من القربة والمغنم، وهي في واقع الحال معصية ومأثم.

و البدع  معاشر المسلمين   كثيرة ومتنوعة.

فمنها مالا يتكرر في العام إلا مرة واحدة كبدعة المولد التى أحدثها العبيديون في مصر، والمسمون ظلماً بالفاطميين  ، وهؤلاء العبيديون كانوا يظهرون الرفض أي ينتسبون إلى الرافضة ويبطنون الكفر المحض  ، يقول عنهم شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: واتفق طوائف المسلمين علماؤهم وملوكهم وعامتهم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم على أنهم كانوا خارجين عن شريعة الإسلام وأن قتالهم كان جائزا .. والذين يوجدون في بلاد الاسلام من الإسماعيلية والنصيرية والدرزية وأمثالهم من أتباعهم[4].

ويقول عنهم ابن كثير رحمه الله: وقد كان الفاطميون من أغنى الخلفاء وأجبرهم وأظلمهم. وأنجس الملوك سيرة وأخبثهم سريرة، ظهرت في دولتهم البدع والمنكرات وكثر أهل الفساد وقلّ عندهم الصالحون من العلماء والعباد، وكثر بأرض الشام النصرانية والدرزية والحشيشية  وتغلب الافرنج على سواحل الشام بكامله حتى أخذوا القدس وغيرها.. وقتلوا من المسلمين خلقا وأمما لا يحصيهم إلا الله (2).

فإذا  كانت بدعة المولد وأمثالها من البدع من ترويج هؤلاء الضالين المضلين فأي خير يرتجى في هذه البدع .. وكيف ساغ للمسلمين أن يتشبثوا بها إلى زماننا هذا  ، زمان العلم والمعرفة والوعي بتاريخ الأمة سلفاً وخلفاً.

ومن هذه البدع بدعة القيام ليلة النصف من شعبان  وتخصيصها بعبادات وأذكار وأدعية لم ترى في الشرع المطهر ولم تؤثر عن النبي ولا صحابته الغر.

ومن هذه البدع بدعة الرجبية الذين يعظمون أياماً أو ليالي من شهر رجب. ولاسيما ليلة السابع والعشرين منه إذ يزعمون أن ليلة الاسراء وقعت فيه ولم يثبت ذلك بالنقل الصحيح، ولو ثبت لكم يكن مسوغاً لتعظيم الليلة أو غيرها من ليالي رجب  ، وهناك من يعتقد أفضلية بعضهم على شهر رمضان..و هكذا تفعل البدع أصحابها.

وكذلك يصرف الشيطان الجهلة عن الفاضل إلى المفضول  ، وصدق من قال: لا تعمل بدعة إلا أبطلت سنة.

ومن البدع ما يتكرر في اليوم أكثر من مرة   كبدعة النية في الصلاة حيث أراد الدخول فيها فيقول: اللهم إني نويت أن أصلي كذا وكذا من الركعات لصلاة كذا، فيسميها.

أين؟ ومن قال ذلك من الصالحين والائمة المهدين؟ هذا من ناحية النقل.

أما العقل فيسوغ أن تعلم أن الذي يعلم السر وأخفى يعلم أنك  تصلي له كذا وكذا؟ إنها بدع متوارثة حري بالمسلم أن يسأل عن أصلها وحكمها .. وقمن به أن يقلع عنها إذا تيقن له الخطأ في فعلها.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين [5] [القصص:50].

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه...




[1] الاعتصام 2/35 عن الولاء والبراء للقحطانى /143

[2] شرح السنة 1/216

[3] الولاء والبراء بتصرف /305

[4] الفتاوى 28 /636

(2) البداية والنهاية 12 / 84 .

([5]) القصص /50

الخطبة الثانية

 

الحمد لله القائل في محكم التنزيل أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً فإن الله يضل من يشاء وأشهد أن لا إله إلا الله وفق من شاء لاتباع الملة والسنة ،وأبعد من  أبى إلا المخالفة والابتداع أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنـون

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه .. وهو القائل ((ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله وقد أمرتكم به، وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله إلا وقد نهيتكم عنه)) اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر المرسلين.

إخوة الإسلام: ويرد السؤال وما هي مفاسد البدعة لاسيما وأصحابها يزعمون أنهم يتقربون بها إلى الله زلفى؟

وللبدع مفاسد كثيرة: ومن أول هذه المفاسد: أن أصحابها يتهمون شريعة الله بالنقص، إذ يصرون على قربات لم يأذن بها الله، ولم تثبت عن رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما عبدوا الله. بمستحسنات العقول، وفي ذلك قدح في كمال هذا الدين، وكأن أولئك يستدركون علىالشريعة .

ومنها أن أصحاب البدع يزهدون في السنن الثابتة، وتفتر عزائمهم عن العمل بها، وينشطون في البدع،  فتراهم ينفقون أموالهم وينصبون أبدانهم، ويضيعون أوقاتهم في إحياء البدع،   وربما وجدوا خفة ونشاطًا لما يشعرون به من موافقة الهوى، ولو كان الجهد على غير هدى النبي .

ولو كان ينفع أصحابه لاتنفع به الرهبان الذين كانوا ينقطعون في صوامعهم وأديرتهم على غير هدى، فقال في هؤلاء وأمثالهم وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نار حامية [الغاشية:2-4].

وتأمل قوله تعالى قل هل ننبأكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً [الكهف:103-104].

ومن مفاسد البدع أنها للفرقة والخلاف،  فتحيا شعارات الجاهلية وتنطمس أنوار الإسلام،   إذ يحس كل فريق أن ما هو ،فتنشأ الإحن والعداوات بين المسلمين، ولو اعتصموا بحبل الله واستمسكوا بشريعته المنزلة الجامعة لكان فيها أمان من الفرقة والخلاف.

قال تعالى:  واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناُ (5)[آل عمران:53].

ولا يقف الامر عند الفرقة والخلاف مع ما فيها من شر وبلاء، بل يحتدم الجدل ويروج سوق المراء بين المسلمين، وتحصل الخصومة في الدين، ويضيع بها جزء من وقت المسلمين دون فائدة، قال قتادة رحمه الله في قوله تعالى: ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات [آل عمران:105].قال أهل البدع. وتأملوا حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وهديه إذ يقول: ((ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل))(7).

ومن مفاسد البدع أنها تفسد الدين الصحيح، حتى يظن من لا يعرف حقيقة الإسلام أنه مجموعة من الخرافات والطقوس الفارغة، فينصرف عنه من يريد الدخول فيه، وهذا ما يريده ويخطط له الكافرون والمنافقون حتى يصدوا المسلمين عن الدين الحق ويشغلوهم بترهات باطلة وعقائد محرفة وبدع فاسدة.

وهل يستطيع أرباب البدع مقاومة الباطل والمبطلين، وهم في الباطل واقعون؟ وهل يستطيعون محاربة الشيطان وصده وهم له متبعون؟

كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى عدي بن أرطاة بشأن بعض القدرية يقول له: "أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وترك ما أحدث المحدثون فيما لم تجرت به سنة، فعليك بلزوم السنة، فإن السنة إنما سنها من قد عرف،و في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعميق، فارض لنفسك بما رضي به القوم لأنفسهم   فإنهم على علم وقفوا، وببصر ناقد كفوا، وهم على كشف الأمور أقوى، وبفضل كانوا فيه أحرى، إنهم هم السابقون، تكلموا بما يكفي، ووصفوا بما يشفي، فما دونهم مقصر،  وما فوقهم محسر، ولقد قصر منهم قوم فجفوا، وتجاوز آخرون فغلوا، وإنهم في ذلك لعلى هدى مستقيم"(1).

معاشر الاخوة: كلمات تكتب بماء الذهب لمن عقل وتدبر ووعى، على أن دور السلف الصالح لم يقف عند الحدود والتحذير المجرد   للبدع،  فقد أخرج الدرامي بسند صحيح أن أبا موسى الأشعرى قال لابن مسعود رضي الله عنهما: إنى رأيت في المجلس قوم ينتظرون الصلاة قد تحلقوا حلقات، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة،   هللوا مائة، فيهللون مائة، سبحوا مائة، فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيء انتظار رأيك أو انتظار أمرك.

قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسانتهم شىْ، ثم أتى حلقة من تلك الحلق فوقف عليهم فقال: ما هذا الذى أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن   حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد.

قال: فعدوا سيئاتكم، لأنا ضامن أن لا يضيع من حسانتكم شىء، ويحكم يا أمة محمد  ما أسرع هلكتكم. هؤلاء أصحابه متوافرون، وهذا ثيابه لم تبل، والذي نفسي بيده أنتم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحوا أبواب ضلالة؟ قالوا :والله يا أبا عبد الرحمن ماأردنا إلا الخير. قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه(2).

هذه كلمات واضحة صريحة تكتب بماء الذهب لمن عقل ووعى، وهي نهي مبكر عن الابتداع في الدين، وهى تحذيرات من جيل الصحابة والتابعين، وليست نظرات وهابية كما تخيل للجاهلين وأصحاب الاهواء المبتدعين.

وتأمل أخي المسلم كيف يدخل الشيطان على الإنسان من باب القربة والطاعة حتى يبعده عن السنة والجماعة، ويرحم الله الإمام الشافعي وهو القائل: لأن يلقى الله العبدُ بكل ذنب خلا الشرك  خير من أن يلقاه بشيء من الهوى.

وقيل لسفيان بن عيينة رحمه الله: ما بال أهل الأهواء لهم محبة شديدة لأهوائهم؟ فقال: أنسيت قوله تعالى وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم   [البقرة:93].

وقال أبو قلابة: لا تجالسوا أهل الاهواء، لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون(1).

فاتقوا الله معاشر المسلمين، وإياكم والبدع واتباع الهوى وعليكم بالاتباع والسنة ..

واعلموا أن قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم(2).

رزقنى الله وإياكم العالم النافع والعمل الصالح، وسددنا في الأقوال والأفعال، وجنبنا الأهواء والبدع ومقالات السوء.

 



(5) الخطب المنيرة للشيخ صالح الفوزان 1/72

(7) حديث حسن  أخرجة أحمد والترمذى وغيرهما  صحيح الجامع 5/146

(1) صالح الحميد  المجموعة الثانية لخطبة : ‍‍‍‌ 11‍12

(2) خطب الشيخ صالح الحميد  المحموعة الثانية /13 14 وانظر خطب الشيخ الفوزان 73 من اختلاف في الرواية

(1) الولاء والبراء، القحطاني / 312

(2) شرح السنة 1/171

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً