.

اليوم م الموافق ‏16/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

الدعوة إلى الله

624

العلم والدعوة والجهاد

قضايا دعوية

هشام بن عبد القادر عقدة

دمنهور

خالد بن الوليد

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1 – الرسل يقومون بواجب الدعوة إلى الله 2 – دور أمة الإسلام في القيام بمهمة الرسل 3 – الداعية لاينتظر نتيجة عمله الدنيوية 4 – الدعاة يقيمون حجة الله على خلقه 5 – حاجة الناس إلى الدعوة والدعاة

الخطبة الأولى

إخوة الإسلام: يقول الحق جل وعلا في محكم كتابه: ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين .

إن هذه الآية الكريمة بما فيها من تنويه في الدعاة وثناء عليهم وأنه لا أحد أحسن قولا منهم لتهيج هذه الأمة بل ولتحمس كل ذكر فيها وللقيام برسالة هذه الأمة ومهمتها في عزة وسعادة، فإن الله جل وعلا قد حمّل هذه الأمة مسؤولية الدعوة وهداية البشرية .

فإنه من المعلوم أن من رحمة الله تعالى بالبشرية أنه كلما انحرفت البشرية يرسل الله إليهم نبيا يجدد لهم أمر دينهم ويردهم إلى الجادة القوية: ثم أرسلنا رسلنا تترا كلما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضاً وجعلناهم أحاديث فبعداً لقوم لا يؤمنون .

وبعد طي سجل الرسل بمحمد وانقطاع الوحي من السماء جعل الله هذه المهمة إلى أتباعه عليه الصلاة والسلام: وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً .

وعلى هذا فإن هذه الأمة مسؤولة عن هداية البشر هداية إعلام وإرشاد وإظهار للحجة، ومستشهدة وموقوفة لتحاسب عن تبليغ الرسالة إلى البشرية .

إنه لمن المفيد النافع في هذا العصرالذي فترت فيه الهمم ومحقت فيه العزائم وأصيبت قلوب كثيرة باليأس، إنه لمن المفيد النافع في مثل هذا العصر أن ينطلق الداعية في دعوته من شعوره بمسؤولية الدعوة وأمانتها التي جعلها الله في عنقه لا من منطلق كسب الاتباع والحصول على النتائج، بل عليه أن يفكر في مسؤولية الدعوة أولا قبل أن يفكر في قبول المدعو لدعوته .

فإن كثيرا ممن يبدأون الطريق بالتفكير في النتائج قبل التفكير بالمسؤولية والملقاة على عواتقهم ينتهون نهاية خاطئة، فإن الناس إذا بدأوا بالتفكير في النتائج فلم يحصل لهم يقين بالنتيجة ولم يروا شيئا واضحا في الأفق يغريهم بالتقدم أحجموا عن السير في الطريق وعفوا أنفسهم من القيام بالدعوة ظنا أن معهم المبررات التي تسمح لهم القعود .

كلا إن أمر القيام بالدعوة ليس كأمر القيام بالمشاريع والصفقات الدنيوية التي إن لم يظهر نجاحها تركها الإنسان دون حرج، وإنما القيام بالدعوة مسؤولية لا يملك المسلم التنصل منها، شأنه في ذلك شأن أنبياء الله الذين كلفوا بحمل الرسالة، فإن منهم من يأتي يوم القيامة ومعه الرجلان ومنهم من يأتي ومعه الرجل الواحد، ومنهم من يأتي وليس معه أحد، ولو أن الله تعالى أراد من الأنبياء والدعاة القيام بالدعوة لمجرد الحصول على النتيجة ما بعث مثل هؤلاء الأنبياء ولا كلفهم كل هذا العناء إذا كانوا سيأتون وليس معهم أحد وهو عليهم بذلك جل وعلا، ولكنه جل وعلا أراد منهم القيام بمسؤوليتهم وحسابهم إنما هو على ذلك، وإن إبلاغهم الدين لهذه البشرة وإقامتهم الحجة عليها، حتى لا يكون للضال حجة على الله، وليظهر عدله تعالى وإعذارا للخلق، إن هذا كاف لقيام الرسل وأتباعهم بمهمة الرسالة .

رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل .

 وأنت أيها المسلم عليك أن تنطلق اليوم في دعوتك بهذا المفهوم، لئلا يكون للناس على الله حجة يوم القيامة، فإن الله يحب ذلك ويريده، والمحب الصادق يسعى في تحقيق مراد محبوبه، وسواء استجاب الناس وتغير المجتمع أم لم تحدث استجابة، فإن مراد الله من عمل المرسلين والدعاة يتحقق بقطع حجة الخلق على الله حتى لا يكون لهم عذر في ضلالهم، وإن هذا ليفتح بابا واسعا أمام الداعية فلا يقلق، وينطلق من خلاله في دعوته دون أن يصبه اليأس أو الوهن مهما ضعفت النتائج أو انعدمت ، نحسبه أن يسعى في تحقيق مراد الله من الإعذار إلى الخلق حتى لا يكون لهم حجة حين يحاسبهم .

فلو لم يكن إلا هذا الباب الذي يلج من خلاله الداعية ليقوم بدعوته لكفى، فكيف وهناك أبواب كثيرة تقول للمسلم هلم إلى القيام بالدعوة، و هلم إلى القيام برسالتك، فمنها احتياج الخلق إلى الدعوة انتظار كثير من الناس من يعلمهم ويأخذ بأيديهم ويربيهم.

ومنها رؤية الاستجابة لدعوة فعلا في كثير من البيئات والأشخاص رغم الظروف الحالكة والعوانق المتعددة.

ومنها أن القيام بالدعوة يطهر الداعي نفسه ويزكيه، ويجعل له قيمة و يجعل له ولحياته معنى هو المنتفع قبل غيره بقيامه بدعوته ورسالته .

فأين أنت أيها المسلم من هذه المعاني، وكيف تتراخي وتتشاغل أو تمل وتسأم وتنسى هذه المعاني العظيمة الكفيلة بحث المسلم على القيام بالدعوة.

 وكرة أخرى أذكرك بأنه لو لم يكن في قيامك بالدعوة إلى دين الله إلا تحقيق مراد الله بقيام حجته البالغة على خلقه وانقطاع حجة الخلق عليه لكفى بذلك محمسا ومهيجا لك على القيام برسالتك، وإن في القرآن من النصوص ما يلقي ضوءا ساطعا على نوعية مسؤولية الداعي ويحدد موقفه تحديدا واضحا كما في قول المولى جل وعلا: وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون

 اللهم انفعنا بالقران العظيم وثبتنا على الالتزام بالدين والدعوة إليه إلى أن نلقاك، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم . . .


 

الخطبة الثانية

الحمد له الذي شرع الدعوة وأصّلها، والصلاة والسلام على نبي الرحمة الذي حمل لواء الدعوة، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد :

فالمسلم دائما بين جذبين: جذب إيمانه وهمته ووعيه وشعوره بمسؤوليته، فهو من ذلك في عمل صالح أوعلزمة خير، وجذب الشيطان من جهة أخرى، وتزينه الفتور وحب الدنيا، فهو من ذلك في غفلة وفرح وطول أمل .

وعلى الفطن أن يقوي جذب إيمانه بكل الوسائل حتى ينتصر على جذب الشيطان وتزينه، ولعل في تذكير نفسي وإياك -أخا الإسلام- ببعض الآيات والأحاديث التي توقفنا على مسؤوليتنا تجاه هذا الدين وتدعونا إلى القيام بها ما يقوي فينا نداء الإيمان والعزيمة والمسؤولية ويضعف نداء الشيطان بالتخاذل والتكاسل وحب الدنيا: وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً وقال جل وعلا: ولتكن منكم أمة يدعون أي لتكونوا دعاة إلى الخير أي لتكونوا أمة داعية إلى الخير، كما تقول ليكن منك رجل قوي أي لتكن رجلا قويا.

 وهذا القول باعتبار من في الآية للجنس لا للتبغيض: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون .

وقال تعالى: وادع إلى سبيل ربك والأمر للنبي أمر له ولأمته جميعا إلا من استثني .

وقال تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وقال القرطبي رحمه الله : فجعل الله تعالى الأمر المعروف والنهي عن المنكر فرقا بين المؤمنين والمنافقين، فدل على أن أخص أوصاف المؤمنين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورأسها الدعوة إلى الإسلام .

وقال تعالى: ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم      يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين

 قال أبو حامد الغزالي رحمه الله : فلم يشهد لهم بالصلاح بمجرد الإيمان بالله واليوم الآخر حتى أضاف إليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

ولذا قال تعالى في مدح هذه الأمة وبيان رسالتها: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله

وقص الله علينا من خبر بني إسرائيل مافيه تحذير بليغ لنا لمن ترك القيام بالرسالة أو قصر في إنكار المنكر والسعي في إزالته فقال جل وعلا: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون .

لا شك أن حمل رسالة الإسلام والقيام بمهمة الدعوة بمعناها الشامل يدخل فيه النهي عن الفساد في الأرض كما يدخل فيه الدعوة إلى الخير، فالدعوة إلى الله لا تنفصل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . . .

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً