.

اليوم م الموافق ‏17/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

السحر آفة خطيرة

235

التوحيد

الشرك ووسائله, نواقض الإسلام

عبد المحسن بن عبد الرحمن القاضي

عنيزة

22/6/1415

جامع السلام

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- حكم السحر والسحرة. 2- التحذير من المروجين للسحر. 3- الطرق الشرعية لعلاج السحر.

الخطبة الأولى

أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله تعالى وتمسكوا بكتاب ربكم وسنة نبيكم... يقول الله تعالى في كتابه الكريم: واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون [البقرة:102].

إخوة الإيمان: لكثرة الملحين على تناول هذا الموضوع وطرحه ولتعلقه الكبير بإيمان الناس وعقيدتهم، رأيت لزاما علي أن نتحدث اليوم عن موضوع السحر.

ولست أزعم إخوة الإيمان: أنني سأغوص في تفاصيل هذا الموضوع وطرقه ودروسه وتاريخه، فهذا ما لا أراه مجديا ولا الوقت كافيا، وللأسف أننا نرى الآن انتشار بعض الكتب التي يتداولها عامة الناس من صغار وكبار ورجال ونساء في هذا الأمر وهم لا يعلمون شرها وضررها، أما لماذا نطرح هذا الموضوع، فلأنه موضوع مهم وقضية هامة من قضايا المجتمع كل فرد ينتمي إلى هذا المجتمع ولهذه الأمة هو من المعنيين بحديثنا هذا اليوم عن السحر، إن حديثنا عن السحر، حديث القرآن عن السحر، ذلك الحديث الذي ذكر الله سبحانه وتعالى فيه أن السحر ضلالة وكفر وذكر فيه المولى جل وعلا أن السحر ينتج عنه التفريق بين المرء وزوجه، وقِسْ على ذلك ما تشاء من التفريق بين الأم وأبنائها وبين الوالد وأولاده وبين الجار وجيرانه والقريب وأقربائه.

إننا نعرف أنا هناك من يرى أن طرح هذا الموضوع لا أهمية له بجانب قضايا كبيرة أهم منه ولكن هؤلاء ربما لم يقدروا الآثار العظيمة التي دعتنا للحديث عنه:

أولها: تنبيه الأمة على خطر السحر والشعوذة في المجتمع، فلقد شاع وذاع وراج في مجتمعنا من قضايا السحر والشعوذة الكثيرة، فهو الجزاء الرادع الذي ينتظر الزوج من زوجته أو العكس، وهو كذلك الترجمة الحقيقة لما يحيك في النفس الشريرة من مؤامرات، ومن تدبير لتفريق الأسر، وهدم المجتمع وضياع الأفراد ،ويصاحب ذلك من الهوى المتبع ومن الشيطان المريد ومن ضعف الإيمان ما يجعله تجارة سائغة موجودة في المجتمع يجب التنبه إليها.

ثاني هذه الأسباب: التي دعتنا لطرح هذا الموضوع هو قلة زواج أو لتحقيق نجاح يعتقده الإنسان، ويكون في أكثر الأحيان للتخلص من عدو يراه الإنسان وإنني أقول أن من يسلك هذا المسلك هو من الذين فقدوا المعنى الحقيقي لـ لا إله إلا الله تلك الكلمة التي حملها بين جنبيه ورددها بلسانه وأشهرها وأعلنها مبدأ من مبادئه ولكنه يفقد معنى هذه الكلمة حينما يسلم نفسه إلى الساحر أو الكاهن ليفعل به ما يريد، يقول جل وعلا: أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ، أما الأسباب التي أدت بالإنسان إلى ذهابه إلى السحرة فهي:

أولها: ضعف الإيمان : هو سبب لكثير من القضايا حيث يقل توكل الإنسان على ربه فتضعف نفسه لدواعي الشيطان ومهلكاته بالسحر وغيرها.

ثاني هذه الأسباب: الجهل بالدين وقلة العمل فإن كثيرا من الذين يذهبون إلى السحرة لا يعلمون أنه منكر وكفر بل قد يظن الرجل أحيانا أن السحرة مثل القراء الذين يقرؤن الرقى الشرعية، بل يظن البعض أنها قربة له في أن يفرج عن المريض أو المصاب كربته، أو كخدمة لقريب له أو صديق يقول : ((من أتى ساحرا أو عرافا فسأله فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد)) رواه أحمد، وقال : ((من أتى كاهنا أو عرافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوما))، وعد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب من نواقض الإسلام:

الإعراض عن دين الله لا يعلمه المرء ولا يتعلمه، وأيضا من الأسباب التي تدعو إلى هذا العمل كثرة الفراغ لدى الشباب والشابات وغيرهم وهو منبع كل شر.

أما السبب الذي لا نستطيع أن نخفي أثره في نشر السحر وتهوين أمره فهي تعرض لنا مثل هذه البائقة التي عدها رسول الله من الموبقات من خلال البرامج المطروحة، فنرى أطفالنا يتلقون الأفلام الكرتونية التي تبين السحر والسحرة وكيف أثرهم حتى أن الساحر منهم بعصاه ذي النجمة يستطيع تحويل كل شيء لما يحب، من تحويل الجو وبناء القصور في لحظة والمدافعة عن المظلومين لكي يحبه هذا الطفل الصغير بل وقد يقلده وكل ذلك يعرض ونحن في غفلة، كذلك ما يعرض في الأفلام والمسلسلات من استعانة بالسحرة واللجوء إليهم عند الشدائد ألا ترون إخوة الإيمان أن لذلك كبير الأثر على الأسرة المسلمة الموحدة.

هذا فضلا عن الجرائد والمجلات التي تجلب لنفسها الإثارة والمتعة بالتشويق مثل هذه الأمور حتى أن جريدة عربية واحدة منها على سبيل المثال استمرت في عرض حلقات مطولة وعبر ثلاث صفحات على الأقل بعنوان كيف تتعلم السحر؟! وغيرها من المجلات والجرائد التي تغفل عنها وهي تعرض المقابلات مع السحرة والكهنة وكيف يتعلمون السحر وما هي طرقكم في السحر إلى أخر ذلك من الأسئلة التعليمية، وانظر مثالا للإيمان بالشعوذة والكتابة والأبراج والحظ فأنت إن ولدت في يوم كذا ستكون مشئوما وفي يوم كذا ستكون سعيدا أو حظك اليوم سعيد أو حظك اليوم شقاء وغير ذلك من ترهات نشتريها بأموالنا ونغذي بها عقول أولادنا ونسائنا.

ومن الأسباب كذلك لإنتشار السحر: سوء بعض العمالة الوافدة، وأكثرها غير مسلم من الخادمات على وجه الخصوص اللاتي يختلطن في البيوت وكذلك السائقين والعمال من الديانات الهندوسية والبوذية والنصرانية وغيرها، وإنني على يقين من أن بعضكم يعرف قصصا تثبت ما أقول.

عباد الله إن أحوال السحرة وعاداتهم وطبائعهم غريبة كل الغرابة، بل وشاذة أنزه أسماعكم وهذا المنبر من ذكر بعضها أو كلها، ولا يفلح الساحر حيت أتى ويكفي هذا الأمر لكي نعلم مدى السوء الذي يصلون إليه حينما يكونوا من السحرة أو الكهنة ولذلك فقد كان حد الساحر ضربة بالسيف كما ورد ذلك عن النبي ، قال الإمام مالك رحمه الله في الموطأ : " الساحر الذي يعمل السحر ولم يعمل ذلك له غيره هو مثل الذي قال الله تبارك وتعالى في كتابه: ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلق فأرى أن يقتل إذا عمله بنفسه .." وقال مثل ذلك الإمام الشافعي رحمه الله . وإن مما يساعد السحرة ويجعل سوقهم رائجة الوهم الذي يصيب الكثير منا لأي هاجس يصاب به الإنسان أو حالة نفسية طبيعية تصيبه أو مرض غير معروف للوهلة الأولى وخصوصا لدى النساء اللاتي يسارعن إلى الشك بأن هذا الوهم عمل من السحر، بل ونسارع إلى علاجه قبل كل شيء بالذهاب إلى السحرة وتصديقهم فيما يقولون ودفع المبالغ الطائلة لهم بل والإشراك بالله في بعض الأحيان إما بقول فيه شرك أو بالذبح لغير الله وغير ذلك وهذا من أعظم الطوام، وعلى فرض أن السحر وقع حقيقة لا تجد أننا نسعى لكتاب الله نطلب فيه الشفاء الذي يقول الله تعالى عنه : وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين  [سورة الفلق]. ولا شك أن القرآن أثبت أن فيه العلاج لكثير من الأمراض والأسقام وهناك مع ذلك الطرق المشروعة التي قال بها الفقهاء عند الإصابة بالسحر أو قبل الإصابة به كقراءة الأوراد والأذكار الحافظة للإنسان من كل شر وكذلك الرقى الشرعية أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد ، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، أمرنا باتباع كتابه وهدي رسوله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، بين لنا الحق بدليله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الهادي إلى سبيله، صلى الله عليه وسلم على آله وأصحابه وكل من الصف باتباع الحق وقبوله، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد:

أيها الإخوة المؤمنون: بالله ورسوله، لا شك أن لكل داء دواءا علمه من علمه وجهله من جهله إلا الموت كما ورد ذلك عن الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه ولا شك أن هناك طرقا شرعية لعلاج السحر والوقاية منها يجب علينا أن نعرفها ونشير بها على الناس ومنها:

أولا: الصبر وقوته على المرض أو الوهم وعدم الخوف والضعف، فإن هذه الأمور كثيرا ما تصيب ضعيف الإرادة ذا الإيمان الضعيف، وكذلك الصبر بعدم التعجل للشفاء مع استخدام الرقى الشرعية من القرآن الكريم، فقد تطول مدة القراءة، والناس مع الأسف يملون ثم يتجهون إلى السحرة، لقد جلس النبي ستة أشهر وهو يستخدم القراءة بالرقى الشرعية حينما أصيب بالسحر، فما بالكم إذا علمتم أن صبر الإنسان لهذه الصيبة رافع لدرجاته زيادة لحسناته فإنه من الابتلاء.

الثاني: من الطرق الشرعية لعلاج السحر: تقوية الإيمان بالله ،والتوحيد في نفوسنا والاتكال على الله وكثرة الاستعاذة بالله واللجوء إليه من شياطين الإنس والجن كما قال سبحانه    وتعالى:  وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون         [المؤمنون:97-98]. وكما قال تعالى:  وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله.. [فصلت:36] الآية، واجعل قلبك أخي المؤمن مملوء بتقوى الله ومخافته في السر والعلن وأن تكون متوكلا على الله في جميع أمورك ومن يتوكل على الله فهو حسبه  [الطلاق:3].

الثالث: من الطرق الواقية من السحر: عدم الظلم للآخرين لأنه يورث البغض والعداوة في قلب المظلوم ينسى معه الخوف من الله سواء كان هذا المظلوم هو الزوجة أو الزميل أو العامل أو الخادمة فيلجئه الظالم إلى أن يقع على ضلالة فيما حرم الله فيعمل السحر، فيصيبك على حين غفلة من تركك للأولاد التي وردت عن النبي .

أيضا من الوسائل لمنع السحر ووقوعه: عمل القربات إلى الله سبحانه وتعالى كقراءة القرآن والإكثار منها آناء الليل وأطراف النهار وكذلك الحرص على الأولاد الثابتة عن النبي في الصباح والمساء وكذلك الصدقة والإنفاق فإنها تقي مصارع السوء، وكذلك الإحسان إلى الغير بشتى أنواع الإحسان.

الأمر الخامس من الطرق الواقية من السحر: تجديد التوبة لله جل وعلا من كل ذنب يرتكبه الإنسان فإن الفساد الذي يحوم في نفوسنا مرتع خصب لنمو هذه البوائق واستمرائها لدى الفرد والمجتمع.

وإنني على يقين إخوة الإيمان أن كل هذه الوسائل وما لم يذكر منها كفيلة بأن يحبط كيد الساحر حيث أتى وهي كفيلة أيضا بأن تلغي كل دور للوسوسة والهم والغم الذي يعتري قلوبنا ولا شك أنه ما كان للسحر أن ينتشر في المجتمع وفي بلاد التوحيد على وجه الخصوص لولا ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيجب علينا جميعا أفرادا ومسئولين أن ندرك أننا مسئولون عن مقاومة مثل هذا الشرك وغيره وذلك بفضح هؤلاء السحرة والكهنة والإخبار عنهم وعن أماكنهم، وطريقهم، بل وفضح من يدل عليهم ويجلب لهم الزبائن، وكذلك يجب علينا أن ننشر هذا الدين ونعلمه الناس في المساجد والجوامع والمدارس والمنتديات، لأن الجهل كما ذكرنا آنفا باب لكل شر وفتنة فما بالكم الجهل بالتوحيد، أسأل الله العظيم الجليل أن يحمي أنفسنا ونسائنا وذرياتنا من كل من في نفسه شر وفتنة، وأن يرد كيد السحرة والمشعوذين في نحورهم وأن يكفي البلاء والعباد خطرهم وضررهم إنه سميع مجيب.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً