إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللهم صلي وسلم عليه وآله وصحبه وآله أجمعين.
أما بعد: فيا عباد الله قد سمعتم ما سمعتم ولن يدخل معك قبرك إلا عملك، يتبع الميت ثلاثة عمله وأهله وماله فيرجع اثنان ويبقى واحد يرجع أهله وماله ويبقى عمله، يقول ابن آدم مالي مالي وليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت وما سوى ذا فذاهب وتاركه لورثتك، يا من خطه الشيب حذار من طول الأمل، صح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يشيب ابن أدم وتشب معه خصلتان حب الدنيا وطول الأمل)) فاحذر منهما يا ذا الشيبة المسلم فإن إكرامك من إجلال الله فاستحي من الله أن يرى منك ما يكره، قال صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم)) فأري الله من نفسك خيراً وأقبل علي الله بالعمل الصالح وسل الله أن يختم لك بخير، واحذر الشح فما أغنى عن أبي لهب ماله وما كسب وما نفع قارون خزائنه، ولا تكن كمن ذمهم الله بقوله: إن الإنسان خلق هلوعاً إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعاً بل أعطي وأوصي وأنفق وأعلم أن الله يخلفه وهو خير الرازقين.
يا من غره سواد شعره وشد جسده وقوة بطشه إن الموت قريب فكم من شاب فاجأه الموت وهو لاهي غافل، مات الشافعي وعمره أربعة وخمسون، ومات النووي وعمره خمسة وأربعون، ومات معاذ بن جبل وعمره ستة وثلاثون، ومات أئمة كثر من أئمة الإسلام وما جاوزوا الأربعين والواقع أكبر شاهد فعلام الغفلة والتسويف فلا وصية كتبتها ولا حقوق بينتها حتى يفجأك الأجل فتتعب من بعدك، فبادروا يا عباد الله جميعاً بالقربى من مال الله الذي آتاكم وجعلكم مستخلفين فيه لينظر كيف تعملون، فأروا الله من أنفسكم خيراً وردوا المظالم وأطعموا الجائع وبينوا الحقوق لكم أو عليكم وإن استطعتم فأوصوا في أوجه الخير التي يحبها الله:
ومن يتحرى الخير يعطى ومن يتوقى الشر يوقي
إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث وذكر منها صدقة جارية وهو الوقف يصلك أجره مادام باقياً بعد موتك.
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يختم لنا بخير. اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أعمارنا أواخرها وخير أيامنا يوم نلقاك.
|