.

اليوم م الموافق ‏10/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

تحكيم شرع الله

1001

فقه

الحدود

عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس

مكة المكرمة

جامع الفرقان

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

فضل العمل بالحدود , ووجوب التحاكم إلى شرعه – كذب أدعياء حقوق الإنسان وأذنابهم في الاعتراض على الحدود – أثر تطبيق الشرع والحدود في إشاعة الأمن والطمأنينة – ارتفاع معدلات الجريمة في الدول المسماة متقدمة وسبب ذلك – شروط القصاص وضوابطه , وضوابط تطبيق الحدود – ارتباط تحكيم الشرع بالإيمان بالله والرضا به رباً – الرد على شبهات المنكرين تطبيق الحدود – الآيات الدالة على وجوب الحكم بشرع الله , وكون ذلك من العبادة – المنكرون لتطبيق شرع الله والمجادلون فيه من أولياء الشيطان

الخطبة الأولى

عباد الله: ما تقولون في مطر يرسله الله على العباد والبلاد فيسقي أرضهم وينبت الله به زرعهم ويدر به ضرعهم ويلطف به هواءهم ويكثر ماؤهم وتنشرح باخضرار الأرض صدورهم وتقضى لهم حوائجهم فهم في رغد وسعد ونعمة ما بها نقمة ثم يدوم ذلك بهم أربعون صباحا إنها النعمة الكبرى تستحق من العباد إجمال الشكر لله إن حداً واحدا يعمل به في الأرض خير من ذلك كله روى الإمام أحمد والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حد يعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحا))[1] إن كل ما يمكن تصوره من رخاء وسعة عيش ورغد كل ذلك لا يعدل في نظر المؤمن الحق تطبيق حد من حدود الله تطبيق حدود الله في أرض الله والحكم بشرع الله في عباد الله الخلق خلقه والأرض أرضه والملك ملكه والحكم حكمه والشرع شرعه فعباد الله في أرض الله يجب أن يحكموا بشرع الله مهما شغب المشاغبون أو لبس الملبسون إن الله هو الذي خلقنا وهو الذي يعلم ما يصلحنا ويصلح لنا:  ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ، قل أءنتم أعلم أم الله ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون لقد كذب دعاة حقوق الإنسان بل وتناقضوا كذبوا حين زعموا أن أحكام الله في القتل والزنا والسرقة وحشية إنها العدل والرحمة والقسطاس أنزله الله بين العباد إنها الخير والبركة تعم البلاد والعباد إن كلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يجل عن الخلف إنه حق وصدق فحد يعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحا وما هذا بمبالغة إنما هو الحق والوحي: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى صح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا الحق))[2] وأشار إلى لسانه إن الأمن والطمأنينة والسعادة في الدنيا قبل الآخرة لن تكون إلا بتطبيق شرع الله في عباد الله وإلا فهو الشقاء والنكد والفوضى والسلب والنهب والهرج والمرج ولنعتبر ذلك حتى بالدول التي تسمى اليوم متقدمة فكم معدلات الجريمة فيها من قتل وسلب ونهب وسرقة وزنا وغيرها إن الوحشية حقا هي في ترك الحبل على الغارب للمجرمين يعيثون في الأرض فسادا أو في إيقاع عقوبة مخالفة لما شرعه الله من الحدود أو القصاص إن الحياة حقا في إقامة القصاص على القتلة:  ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون وللقصاص شروط وضوابط يستوفيها الحاكم الشرعي على نور من الله يرجو ثواب الله فلا انحياز ولا ظلم فمتى استوفيت الشروط والضوابط وانتفت الموانع التي بينها الشرع كان الحكم بما شرع الله: كتب عليكم القصاص في القتلى ومثله الزنا والسرقة وشرب الخمر وحد الحرابة للمفسدين في الأرض بالقتل أو السلب وقطع الطريق ونحوها إن الأمن قرين الإيمان في دعائه صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند رؤية الهلال فهو يدعو بهما رأس كل شهر يقول: ((اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان))[3] وإن الأمن لن يتحقق إلا بتطبيق شرع الله مع الإيمان والرضا بحكمه في كل شؤوننا: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون أي لم يخلطوا إيمانهم بشرك بل آمنوا بالله إيمانا مطلقا فرضوا بكل ما جاء منه قبلوا حكمه ورضوا شرعه في كل شؤون حياتهم كما أمرهم بذلك ربهم بقوله: يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة وقوله: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين فماذا ينقم دعاة حقوق الإنسان على شرع الله وماذا يعيبون عليه أيعيبون عليه قتل نفس بنفس أم يعيبون عليه قطع يد سارقة كما قال سلفهم الزائغ معترضا:

يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار فرد عليه أحد علماء الإسلام في قوله: عز الأمانة أغلاها وأرخصها ذل الخيانة فافهم حكمة الباري نعم إن الذي جعل دية اليد نصف دية الإنسان كاملا حين كانت أمينة  وفية هو الذي أرخصها حين خانت فسرقت فجعلها تقطع في ربع دينار فصاعدا ألا فليعلم دعاة حقوق الإنسان أن مائة إنسان يقتلون في عام كامل فيستتب الأمن بقتلهم ويحصل خير كثير للبلاد والعباد خير بما لا يقاس من الفوضى الناجمة عن تنحية شرع الله في كثير من البلاد فأين هم من التباكي على حقوق الإنسان المهدرة في أنحاء شتى من بلاد الله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون .

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


 



[1] مسند أحمد (2/402)، سنن النسائي (4904) وعنده (ثلاثين صباحاً) سنن ابن ماجة (2538).

[2] مسند أحمد (2/162)، سنن أبي داود (3646)، سنن الدارمي (484).

[3] سنن الدارمي (1687-1688).

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد فيا عباد الله إن الآيات في وجوب الحكم بشرع الله والزجر عن تركه وتنحيته كثيرة جدا في كتاب الله فمن ذلك قول الله سبحانه: أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين وقوله جل شأنه: إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه . فتطبيق شرعه وتنفيذ حكمه عباده لا يجوز صرفها لغيره ومنها: إن الحكم إلا لله عليه توكلت وقوله جل شأنه: إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين وقوله سبحانه: وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله وقوله جل شأنه: ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير وقوله سبحانه: كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون وقوله سبحانه: له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ونهى سبحانه عن الشرك به في الحكم كما نهى عن الشرك به في عبادته فقال جل شأنه: ولا تشرك في حكمه أحدا وفي القراءة الأخرى: ولا يشرك في حكمه أحدا ونعى على قوم يزعمون أنهم آمنوا يزعمون الإيمان وهم يتحاكمون إلى الطاغوت فقال سبحانه: ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا وأنكر على من يتبع شرائع لم يأذن بها الله بقوله سبحانه: أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله وقوله: قل أرءيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل ءآلله أذن لكم أم على الله تفترون وقوله: ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون وبين لنا سبحانه أن كل من يجادل في أحقية شرع الله وحدوده وأحكامه أنه من أولياء الشيطان وأن جداله بوحي من الشيطان وأننا إن أطعناهم في ترك شرع الله والرضا بفرائض البشر وقعنا في الشرك حتى قال الله سبحانه في ذلك: وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون .

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً