.

اليوم م الموافق ‏16/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

972

الإيمان, سيرة وتاريخ

الإيمان بالرسل, الشمائل

محمد النمر

الطائف

17/3/1414

الهويش

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

- اتصافه صلى الله عليه وسلم بالأخلاق الفاضلة حتى أحبّه قومه فلما بعثه الله تعالى أحبه أصحابه حباً عظيماً حتى أصبحوا يتعبدون الله تعالى بذلك – من لوازم محبته صلى الله عليه وسلم إن كان حباً صادقاً طاعته

الخطبة الأولى

وبعد:

فيا عباد الله:

ولد المصطفى صلى الله عليه وسلم فكان لمولده الآيات والدلائل التي تبشر بما يكون لهذا المولود المبارك من شأن، وما سيحصل على يديه من خير وبركة.

ونشأ صلى الله عليه وسلم على أكمل ما تكون نشأة الإنسان من أخلاق فاضلة وكرم وجود وبر وإحسان.

نشأ صلى الله عليه وسلم متحليا بمكارم الأخلاق متصفا بكل فضيلة بعيدا عن كل رذيلة، يصل الرحم، ويحمل الكل، ويقري الضيف، ويكسب المعدوم.

ويعين على نوائب الحق.   

اشتهر صلى الله عليه وسلم بين قومه وعشيرته بالفضل والأمانة ومكارم الأخلاق، وسموه بالصادق الأمين.

أيها الإخوة المؤمنون: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قوم هم أهل شرك وأصحاب أوثان، شاع فيهم الجهل ،ووقعوا أسرى الأوهام والأباطيل.

وكانوا قبائل متفرقة لا تجمعها صلة دينية ولا مصلحة اقتصادية، ولا تضمهم رابطة سياسية فكانوا يعيشون في حيرة وعمى، و كانت الحروب تتقد نيرانها.

بين قبائل الجزيرة عشرات السنين من جراء سباق حصان أو خيانة في رهان. أو نحو ذلك من الأسباب التافهة. ولم يكن حال الناس خارج الجزيرة العربية.

أحسن مما كانت عليه حال العرب، فقد انتشرت المساوئ والمفاسد في كل مكان، وعم الجهل ونبتت العداوات، وتوارت الفضائل، وغرق الناس في بحار.

من الضلال، وصاروا أسرى الأهواء حتى ضجت الأرض مما تنوء به من شر وبغي وهمجية وعدوان. ولما بلغ الأربعين من عمره المبارك أوحى الله إليه وأرسله.

إلى الناس كافة عربهم وعجمهم بشيرا ونذيرا وهاديا إلى الخير والرشاد، محذرا من الشر والفساد، فبلغ رسالة ربه أحسن تبليغ، وأدى الأمانة التي حملها على أتم.

وجه وأحسن أداء، فجاهد في دين الله وصبر على الأذى، وفارق بلاده وعشيرته في سبيل الله ومرضاته حتى أظهره الله وأظهر دينه على سائر الأديان.

وجاهد معه رجال آمنوا به وصدقوه وأحبوه حبا دونه حبهم لأنفسهم بعدما رأوا من صدقه وشمائله يقول عبد الله بن سلام :أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة إنجفل الناس إليه، فكنت فيمن جاءه، فلما تأملت وجهه واستثبته علمت أن وجهه ليس بوجه كذاب.

كان أول ما سمعت من كلامه أن قال: ((يا أيها الناس:أفشوا السلام، وأطعموا الطعام ،وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام)).

على أن الذين عاشروا محمدا أحبوه إلى حد الهيام وما يبالوا أن تندق أعناقهم ولا يخدش له ظفر، فقد أسر المشركون أحد المسلمين وقبل أن يقتلوه سألوه إن كان يحب أن يكون محمد في مكانه يقتل، فأجاب: لا ولا يشاك بشوكة فتمثل هذا القول شاعر فقال:

أسرت قريش مسلما في غزوة                  فمضى بلا وجل إلى السياف

سألوه هل يرضيك أنك سالم                    ولك النبي فدى من الإتلاف

فأجاب كلا لا سلمت من الأذى                 ويصاب أنف محمد برعاف

وما أحبوه ذلك الحب إلا لأن أنصبته من الكمال الذي يعشق عادة لم يرزق بمثلها بشر.

كان ثوبان مولى رسول الله شديد الحب له قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه، يعرف الحزن في وجهه، فقال له رسول الله : ((ما غير لونك))، فقال: يا رسول الله، ما بي مرض ولا وجع، غير أني إذا لم أرك استوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم إني إذا ذكرت الآخرة أخاف ألا أراك لأنك ترفع إلى عليين مع النبيين، وإني إن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك، وإن لم أدخلها لم أرك أبدا، فنزل قوله تعالى: ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .

أخرج الشيخان عن أنس أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم متى الساعة؟ قال: ((وما أعددت لها قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله، قال: أنت مع من أحببت))، قال أنس: فأنا أحب النبي وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، والمقصود هنا حب الأسوة، لا حب الهوس، الحب الذي يدفع إلى طاعة المحبوب، باتباع ما جاء به والحرص عليه، وإلا فدعوى المحبة باطلة، والله عز وجل يأمر نبيه أن يقول: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم وما أقبح دعوى المحبة مع المخالفة يقول الشاعر:

تعصي الإله وأنت تظهر حبه               هذا لعمري في الأنام بديع

لو كان حبك صادقا لأطعته                إن المحب لمن يحب مطيع

إذا كنا نحب رسول الله فلنحرص على متابعته والتزام ما جاء به ولنحذر من البدع والمخالفات.

وما أرخص الحب إذا كان كلاما، وأغلاه عندما يكون قدوة وزماما وما أعظم الفرق بين من اتخذ من محمد بن عبد الله إماما وقدوة يفهم سنته ويعمل على تطبيقها ويهتدي بهديه وبين من اتخذ من الضلال قدوة يضربون به يمنه ويسره فهم لا يستطيعون حتى هداية أنفسهم.

اللهم وفق المسلمين للعمل بكتابك وسنة نبيك، اللهم خذ بنواصيهم إلى الحق واهدهم سبل الرشاد، وأصلح فساد قلوبهم، وانصرهم على أعدائهم.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر والحكيم.


 

الخطبة الثانية

إن المسلمين اليوم يعرفون عن السيرة قشورا لا تحرك القلوب ولا تثير الهمم، وهم يعظمون النبي وصحابته رضوان الله عليهم عن تقليد موروث ومعرفة قليلة، ويكتفون من هذا التعظيم بإجلال اللسان، أو ما قلت مؤونته من عمل، ومعرفة على هذه النحو تساوي الجهل بها، إنه من الظلم للحقيقة الكبيرة أن تتحول إلى أسطورة خارقة، ومن الظلم لفترة نابضة بالحياة والقوة أن تعرض في أكفان الموتى، إن حياة محمد ليست بالنسبة للمسلم مسلاة شخص فارغ، ولا دراسة ناقد محايد، إنها مصدر الأسوة التي يقتدى بها، ومنبع الشريعة العظيمة التي يدين بها.

ومحمد ليس قصة تتلى في يوم ميلاده، ولا التنويه به يكون في الصلوات المخترعة، ولا إكنان حبه يكون بتأليف مدائح له أو صياغة نعوت مستغربة يتلوها العاشقون. فرباط المسلم برسوله أقوى وأعمق من هذه الروابط الملفقة على الدين، إن المسلم الذي لا يعيش الرسول في ضميره ولا تتبعه بصيرته في عمله وتفكيره، لا يغني عنه أدبا أن يحرك لسانه بألف صلاة في اليوم والليلة، والله عز وجل يقول: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ويقول عليه الصلاة والسلام: ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)).

فاتقوا الله أيها المسلمون وحققوا إسلامكم بسيركم على منهاج نبيكم فإنكم لن تضلوا بعد ذلك أبداً.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً