.

اليوم م الموافق ‏17/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

بعض آيات النبي صلى الله عليه وسلم

469

سيرة وتاريخ, قضايا في الاعتقاد

الشمائل, معجزات وكرامات

محمد بن صالح العثيمين

عنيزة

الجامع الكبير

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- لكل نبي معجزة تثبت صدقة في دعوى النبوة. 2- القرآن الكريم معجزة نبينا الخالدة. 3- استدلال ملك غسان بحسن أخلاق النبي على صدقه ونبوته. 4- ذكر بعض المعجزات الكونية والحسية للنبي الكريم. 5- من آيات رسول الله اخباره بالغيب.

الخطبة الأولى

أما بعد:

فإن الله تعالى أرسل الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ولذلك أيدهم بالآيات البينات الدالة على صدقهم وصحة رسالتهم قال الله تعالى: لقد أرسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط . وقال النبي : ((ما من الأنبياء نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر)) فأيدهم الله تعالى بالبينات لتقوم الحجة على كل معاند وليؤمن من آمن عن اقتناع وبصيرة فينشرح صدره للإيمان ويطمئن إليه قلبه. ولقد كان لنبينا محمد من هذه الآيات أعظمها وأجلها كانت آياته آيات شرعية وآيات كونية. أما الآيات الشرعية فأعظمها هذا القرآن العظيم، يقول الله تعالى للذين يطلبون آيات للنبي : أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون . ويقول النبي : ((وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة))، نعم إن هذا القرآن العظيم لآية كبرى للنبي لأنه جاء مصدقا لكتب الله السابقة وحاكما عليه وناسخا لها: وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق . كان هذا القرآن آية كبرى للنبي لأنه كان على وصف رسالته في عمومها وشمولها وصلاحها وإصلاحها فهو كتاب عام شامل صالح لكل زمان ومكان مصلح لأمور الدنيا والآخرة فهو أساس الشريعة شاهدة له كان القرآن آية كبرى للنبي لما يشتمل عليه من الأخبار الصادقة الهادفة والقصص الحسنى المملوءة عبرة وتربية والأحكام العادلة المرضية والإصلاحات الاجتماعية والفردية. وكان القرآن آية كبرى في لفظه ومعناه وأثره في النفوس وآثاره في الأمة فهو آية للأمة كلها من أولها إلى آخرها، كل المسلمين يتلونه اليوم كما يتلوه أول هذه الأمة ويمكنهم أن ينهلوا من معين أحكامه وحكمه كما نهل منها الرعيل الأول: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون . ومن آيات النبي هذه الشريعة الكاملة في العقيدة والعبادة والأخلاق والآداب والمعاملات وتنظيم سلوك العبد فيما بينه وبين ربه وفيما بينه وبين الخلق، لو اجتمع العالم كلهم على أن يأتوا بمثل هذه الشريعة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا لأنها شريعة الله العليم بما يصلح خلقه الحكيم بما يشرعه لهم الرحيم بما يكلفهم به. وإن كل ما جاء من صلاح أو إصلاح في أي نظام من النظم فإن في الشريعة المحمدية الإسلامية ما هو أصلح منه وأنفع للخلق. وإذا كان البشر لا يستطيعون أن يأتوا بمثل هذه الشريعة في صلاحها وإصلاحها كان ذلك آية وبرهانا على أن شريعة محمد هي شريعة الله تعالى.

وأما الآيات الكونية الدالة على رسالته فكثيرة جدا لا تمكن الإحاطة بها فمنها ما جبله الله عليه من مكارم الأخلاق ومعالي الآداب ومحاسن الأعمال قال ملك غسان وقد دعاه النبي إلى الإسلام: والله لقد دلني على هذا النبي الأمي أنه لا يأمر بخير إلا كان أول آخذ به ولا ينهى عن شر إلا كان أول تارك له وأنه يغلب فلا يبطر ويغلب فلا يضجر ويفي بالعهد وينجز بالموعود وأشهد أنه نبي. وقال شيخ وقال الإسلام ابن تيميه في كتابه (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) وهو كتاب قيم ينبغي للمسلم قراءته لا سيما في هذا العصر الذي كثر فيه انتشار النصارى بين المسلمين في القطاع الحكومي والشعبي ليكون الإنسان على بصيرة من أمرهم قال شيخ الإسلام: إن سيرة النبي وأخلاقه وأقواله وأفعاله وشريعته من آياته فإنه كان من أشرف أهل الأرض نسبا من صميم سلالة إبراهيم وكان من أكمل الناس تربية ونشأة لم يزل معروفا بالصدق والبر والعدل ومكارم الأخلاق وترك الفواحش والظلم لا يعرف له شيء يعاب به ولا جرت عليه كذبة قط ولا ظلم ولا فاحشة بل كان أصدق الناس وأعدلهم وأوفاهم بالعهد مع اختلاف الأحوال عليه من حرب وسلم وأمن وخوف وغنى وفقر وظهور على العدو تارة وظهور العدو عليه تارة.

ومن آيات النبي الكونية ما شاهده الناس في الآفاق السماوية والآفاق الأرضية ففي الآفاق السماوية كثرت الشهب في السماء لإحراق الشياطين التي تستمع أخبار السماء كثرت الشهب حماية لوحي الله الذي نزله على محمد قال الله تعالى عن الجن: وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا . وطلبت قريش من النبي آية فأراهم القمر شقين حتى رأوا غار حراء بينهما وكانت كل شقة منه على حذاء جبل وأسري بالنبي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى واجتمع إليه الأنبياء فصلى بهم إماما ثم عرج به إلى السماوات وقابل في كل سماء من قابل من الأنبياء والرسل وسلم عليهم فردوا عليه وحيوه وبلغ سدرة المنتهى ومكانا سمع فيه صريف الأقلام وكلمه الله تعالى بما أراد وتراجع بين الله تعالى وبين موسى فيما فرض الله عليه من الصلوات وعرضت عليه الجنة وأدخلها وعرضت عليه النار فرآها كل هذا كان في ليلة بل في بعض ليلة وهو من أعظم آيات الله الدالة على صدق نبينا محمد قال الله عز وجل: لقد رأى من آيات ربه الكبرى .

وجاءه رجل وهو يخطب يوم الجمعة فقال ادع الله أن يغيثنا فثار السحاب أمثال الجبال فما نزل عن المنبر حتى كان المطر يتحادر عن لحيته فبقي أسبوعا حتى دخل رجل في الجمعة الأخرى فقال ادع الله أن يمسكها عنا فدعا ودعا يشير إلى السحاب فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت فخرج الناس يمشون في الشمس.

وفي الآفاق الأرضية شاهد الناس من آيات النبي شيئا كثيرا فمنها ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: عطش الناس وكان بين يدي النبي ركوة الركوة إناء من جلد فجهش الناس نحوه فقال مالكم قالوا ليس عندنا ماء نشرب ولا نتوضأ إلا ما بين يديك فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور بين أصابعه كأمثال العيون فشربنا وتوضأنا قيل لجابر: كم كنتم كنا ألفا وخمسمائة ولو كنا مائة ألف لكفانا.

وأتى أنس إلى رسول الله وهو في جملة من أصحابه قد عصب بطنه من الجوع فذهب أنس إلى أبي طلحة وهو زوج أمه فأخبره بما شاهد من النبي فقال أبو طلحة لأم سليم زوجته: هل من شيء؟ قالت: نعم كسر من خبز وتمرات إن جاء رسول الله وحده أشبعناه وإن جاء معه آخر قل عنهم. قال أنس: فذهبت إلى النبي فنظر إلي فقلت: أجب أبا طلحة فقال النبي لمن معه: ((قوموا)) فإذا أبو طلحة على الباب فقال يا رسول الله إنما هو شيء يسير فقال: ((هاته فإن الله سيجعل فيه البركة)) ثم أمر بسمن فصب عليه ودعا فيه ثم قال: ((ائذن لعشرة)) فقال: ((كلوا وسمو الله)) ثم أدخلهم عشرة عشرة وكانوا ثمانين حتى شبعوا ثم أكل رسول الله وأهل البيت حتى شبعوا وأهدوا البقية للجيران.

وكان النبي يخطب الجمعة إلى جذع نخلة في المسجد فلما صنع له المنبر وقام عليه أول جمعة حن الجذع إلى رسول الله كما تحن العشار حتى نزل النبي إليه فوضع عليه يده يسكنه حتى سكن. وكان من آياته ما أخبر به من أمور الغيب التي وقعت طبقا لما أخبر كأنما يشاهدها بعينه كقوله : ((يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم)). وقوله : ((لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك)) فقد كان ذلك ولله الحمد فما زال في هذه الأمة أمة قائمة بأمر الله تعالى لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم على كثرة ما غزي دينهم من أعدائهم حتى في عهد النبي من اليهود والنصارى والمشركين فعن أنس بن مالك قال: كان رجل نصراني فكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبت له فأماته الله فدفنوه فأصبح وقد لفظته الأرض فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحفروا له وأعمقوا فأصبح وقد لفظته الأرض فقالوا هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحفروا له وأعمقوا في الأرض ما استطاعوا فأصبح وقد لفظته الأرض فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه وتركوه منبوذا وهكذا ينتصر الله من أعداء الله تعالى ويري الناس فيهم آياته حتى يتبين لهم الحق.

فاتقوا الله أيها المسلمون وثقوا بوعد الله إن كنتم صادقين ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً