.

اليوم م الموافق ‏10/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

صلاة الجماعة

341

فقه

الصلاة

عبد الحميد بن جعفر داغستاني

مكة المكرمة

4/5/1405

ابن حسن

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- فضل صلاة الجماعة والحث عليها. 2- التحذير من التهاون في صلاة الجماعة. 3- ضرورة حث الأبناء وتربيتهم على صلاة الجماعة. 4- التهاون في الوظيفة بحجة صلاة الجماعة. 5- فوائد ومنافع لصلاة الجماعة.

الخطبة الأولى

أما بعد:

فلقد شرع الله ما فيه صلاحنا وأكرمنا بدين وصفه بالكمال والتمام ، فهو صالح لكل زمان ومكان، ولكل طائفة متقدمة أو متأخرة من بني الإنسان: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً [المائدة:3].
وإن من أعظم النعم على المسلمين صلاة الجماعة ، إذ فيها المصالح والحكم والعبر ما لا يدركه إلا من أداها كما أمر الله تعالى بأدائها وفيها يقول : ((  صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة ))(5)رواه البخاري وفي رواية لغيره: (( بسبع وعشرين درجة ))

ويقول الحبيب : (( ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ))(6)رواه أحمد والنسائي.

ويشدد النبي النكير على المتهاون بها فيقول: (( والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم ))(1)متفق عليه.

 ولم يأذن النبي في آخر الأمر للأعمى الذي جاء يطلب الرخصة في ترك صلاة الجماعة إذ جاءه هذا الصحابي الأعمى رضي الله عنه قائلا: (( يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فسأل رسول الله أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال : هل تسمع النداء بالصلاة؟ فقال : نعم . قال: فأجب )) رواه مسلم(2).

ويخشى والعياذ بالله من عدم قبول صلاة تارك الجماعة فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : (( من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر – قالوا: وما العذر ؟ قال : خوف أو مرض – لم تقبل منه الصلاة التي صلى )) أخرجه أبو داود(3).

ويذوب القلب أسى وحسرة عندما يرى المسلم كثيراً من المساجد وسط البيوت وزحمة الأحياء لا تمتلئ بالمصلين وخاصة في صلاة الفجر والعشاء اللتين هما أثقل الصلاة على المنافقين ومن أعظم الصلوات بركة على المؤمن .

ويحزن القلب كذلك عندما يرى بيوت الله لا تزدان إلا بالقلة من الراكعين، وأن بعض هذه المساجد في غير ديار المسلمين فهي لا تمتلئ إلا في الجمعات والأعياد .

وتشكو صفوف بعض المساجد من قلة الشباب المصلين الذين كان أسلافهم في مثل سنهم في عهد النبي الأمين قادة وأئمة هذا الدين، ولربما رأيت أباً لا يأمر أولاده بصلاة في المسجد، أو أخـا لا يغري إخوانـه بالصـلاة في المسجد بل قد ترى أولاد الأول وإخوان الثاني لاهين وعابثين في الشارع أمام المسجد والناس في صلاتهم قائمون، ولعلك ترى صاحب متجر لا يجيب النداء ابتغاء كسب دنيوي ، مؤملا كان أو مؤكدا ، فما عسى لعمرو الله أن يكون مقدار هذا الكسب في دقائق معدودة يصلي فيها فريضة مع الجماعة، وكم لعمرو الله تكون عظم البركة عليه وعلى ماله إذا أدى صلاته مع الجماعة .

ولعلك ترى من اتخذ صلاة الجماعة شعارا رسميا وتقليدا فهو يصلي جماعة إن كان في دائرته أو عمله، ويصلي إذا رجع إلى بيته في بيته كما تصلي النساء . وبعض من يصلي في دائرته جماعة يتخذ من صلاته هذه ستارا لهروبه من العمل وقضاء حوائج المراجعين، فهو لا يقبل مراجعة قبل الصلاة بنصف ساعة وبعد الصلاة بنصف ساعة أخرى متظاهرا بعد الفراغ منها بإطالة التسبيح والاستغفار ثم تراه يسمع نداء الله: حي على الصلاة حي على الفلاح فلا يلبي، بل ربما كان منشغلا بالاستماع لأغنية ماجنة أو شريط فيديو خليع . فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .


 



(5) صحيح البخاري : كتاب الصلاة باب فضل صلاة الجماعة 1/158  .

(6) المسند 6/446 ، سنن النسائي كتاب الإمامة باب التشديد في ترك الجماعة 2/106  .

(1) البخاري كتاب الأذان باب وجوب صلاة الجماعة 1/158 .

(2) صحيح مسلم : كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب فضل صلاة الجماعة والتشديد في التخلف عنها 5/155  .

(3) سنن أبي دواد : كتاب الصلاة  باب التشديد في ترك الجماعة 1/151  .

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، يوفق من يحبه للخير ، ويهديه إليه، ويحرم من يبغضه عن الخير ويصرفه عنه ، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله وصفوته من خلقه وبعد :

فإن لصلاة الجماعة فوائد ومنافع عظيمة إذ في أدائها إجابة لأمر الله سبحانه وتعالى ولأمر رسوله المصطفى وفي السير لها إلى المساجد تكفير للخطايا والذنوب، وفي انتظار الصلاة رباط في بيت من بيوت الله، وعمار بيوت الله هم ضيوف الله، وحق على المضيف أن يكرم زواره، ولا يعمر بيوت الله بأداء الصلوات فيها إلا مشهود له بإيمان فأبو سعيد الخدري – رضي الله عنه – يقول : إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان ثم يشير إلى قوله تعالى: إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر [التوبة:18].

وفي وقوف الناس خلف الإمام صفوفا متراصة مستوية دلالة على وحدة المسلمين وقوة الرابطة بينهم، ألا وهي رابطة العقيدة والدين ، التي هي أقوى من روابط النسب

 ثم إن في هذا التراص إشارة إلى المساواة بين المسلمين وأن التفاضـل إنمـا يكون بالتقوى: إن أكرمكم عند الله أتقـاكـم [الحجرات:13].

 فيقف الغني والفقير، والقوي والضعيف، والصغير والكبير، والرئيس والمرؤوس في صف واحد، المنكب حذو المنكب والقدم حذو القدم، ولربما قبلت الصلاة من الجمع كله إكراما لضعيف أشعث أغبر لا يؤبه له .

 ثم إن في انتظام وتقييد حركات المأمومين بالإمام دلالة على وجوب طاعة القائد المسلم، وأن الطاعة للقائد المؤمن إنما تكون ذاتية لا قسرية، رغبة لا رهبة، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

 وفي تكرار اللقاء بين أهل الحي الواحد في الصلاة تحصل المودة والألفة والتعارف: وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا [الحجرات:13].

فإذا تغيب مصل تفقده إخوانه، فـإن كان مريضا عادوه، أو مسافرا كفوه مؤونة بيته وأهله وحموا عرضه، أو كان ذا حاجة أعانوه، أو مات شيعوه .

 وغير هذا كثير من المنافع العظيمة التي لا يعيها إلا من حافظ على صلاته .

 وأختم خطبتي بكلام الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إذ يقول فيما رواه أبو داود: (( حافظوا على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن، فإنهن من سنن الهدى، وإن الله شرع لنبيه صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق بين (2) النفاق ، ولقد رأيتنا وإن الرجل ليهادى (3) بين الرجلين حتى يقام في الصف، وما منكم من أحد إلا وله مسجد في بيته، ولو صليتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم تركتم سنه نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لكفرتم ))(4) كلام عظيم لصحابي جليل يوضح مدى اهتمام صحابة رسول الله بصلاة الجماعة.



(2) أي واضح النفاق .

(3) أي يمشي بينهما معتمدا عليهما من ضعفه وتمايله النهاية في غريب الحديث والأثر 5/255  .

(4) سنن أبي داود : كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة 1/150  .

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً