.

اليوم م الموافق ‏11/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

خطبة عيد الفطر المبارك

336

الرقاق والأخلاق والآداب

الكبائر والمعاصي

عبد الحميد بن جعفر داغستاني

مكة المكرمة

1/10/1407

ابن حسن

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- التهنئة بتمام شهر الفضل (رمضان). 2- تحذيرات من أخطاء يرتكبها الناس في العيد كالتبرج والإسراف وحفلات الموسيقى. 3- فرح المؤمن لا يخرجه إلى معصية الله. 4- أيام العيد يظهر المؤمن فيها أثر نعمة الله عليه. 5- في العيد يتذكر المسلم إخوانه في بلاد نكبت بغزو الكفار. 6- حديث خاص عن المسجد الأقصى.

الخطبة الأولى

 

الحمد لله الذي من علينا بشهر رمضان وتمامه، ونسأله المزيد من توفيقه في شوال وسائر أيام زمانه، وفق الله عز وجل عباده فيما مضى للتنافس في التراويح وقيام الليل وتلاوة القرآن العظيم، وبذل الصدقات والإحسان إلى ذوي الحاجات من الأقارب والجيران والمعوزين، عملاً بقوله تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوٰتُ وَٱلاْرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّاء وَٱلضَّرَّاء وَٱلْكَـٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَـٰفِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ [آل عمران:133، 134]، شرع لنا ربنا الشرائع فما كلفنا فوق طاقتنا: لاَ يُكَلّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [البقرة:286]. ومن شرائعه الكبيرة الفرحة بيوم العيد وأداء صلاة العيد، ولكنه الفرح الشرعي الذي لا يدعو إلى أشر ولا يجر إلى خيلاء وكبر وبطر، فرح لا إسراف فيه ولا تبذير: وَلاَ تُبَذّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوٰنَ ٱلشَّيَـٰطِينِ وَكَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لِرَبّهِ كَفُورًا [الإسراء:27].

فـرح لا تهتك فيه ولا تبرج، ولا تزين أو تعطر للرجال الأجانب: وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ [الأحزاب:33]. فرح لا اختلاط فيه، وليس فيه الغناء المشجع على الزنا وعلى الحب والخنا، ولا آلة زمر أو لهو أو طرب، يقول الرسول فيما يرويه البخاري: ((ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف))[1]، أو كما قال ، فرح لا غفلة فيه، لا إضاعة للصلوات، لا نظر فيه إلى المحرمات: قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـٰرِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30].

فرح لا إقبال فيه على العصيان ولا نسيان لما كان في رمضان.

إن المؤمن يفرح ولكن لا ينسى ذكر الله عز وجل، والذاكر لا يغفل ولا يبطر ولا ينسى مصاباً بفاقة، إن المؤمن الذاكر شعاره في عيده قول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، إن المؤمـن لا ينسى قول الله بعد آيات الصيام في كتابه: وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:185]، إن نبينا يقول: ((أيام العيد أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى)) [2].

فهو يأكل ويشرب ولكن في إطار توجيه ربه: وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ [الأعراف:31].

إن المسلم يلبس في العيد أحسن ثيابه لتوجيه نبيه : ((إن الله يحب إذا أنعم على عبده أن يرى أثر ذلك عليه))[3]، فلا يلبس ما شف عن عورته، وما انجر ذيله على الأرض، لأن الله لا ينظر إلى العبد الذي يجر ثوبه خيلاء وكبراً.

إن المؤمن يمارس بعض أنواع الترفيه البريء الذي لا يؤدي إلى حقد أو صرف عن الفرائض، فالأحباش كانوا يلعبون بالحراب والدرق في مسجد رسول الله [4]، إن المسلم يستمتع في عيده إلى الأناشيد الإسلامية والقصائد التي تحث على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور وعظائم الهمم. إن المسلم لا ينسى إذا أعجبه شيء أو جاء عيد أن يقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

إن المؤمن إذا فرح في عيده فإنه يفرح وفي قلبه غصة وفي نفسه حسرة وألم لما آل إليه حال المسلمين اليوم من تفرق فيما بينهم، ونسيان دينهم وربهم، وتداعي الأمم عليهم، يحزن وهو يتذكر حال كثير من المسلمين اليوم من موالاة وتحالف مع اليهود: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُواْ مِنَ ٱلآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلْكُفَّـٰرُ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلْقُبُورِ [الممتحنة:13].

إن المسلم الحق لا ينسى في العيد إخوانه الأفغان المجاهدين الصناديد، ولا ينسى ما فعله البعد عن الدين من تفرق بين الأشقاء وتنازع وتحارب، ولا ينسى إذا ما طعم لذيذ الطعام وذاق حلو الشراب إخوانه الفقراء في بلده أو فيما جاوره من البلدان، الذين يعانون من الجوع والعطش والقحط والجدب.

إن المسلم إذا سمع الله أكبر الله أكبر في العيد يطأطئ رأسه لوقوع الأقصى تحت اليهود الأنجاس المناكيد الذين كتب الله عليهم الذلة إلى يوم القيامة، ولكن لما بعدنا عن ديننا أصبحنا أضعف منهم، وأصبح منا من يسارع في ابتغاء رضاهم، ويئن المسجـد الأقصى جريحاً يقول ويصرخ وينادي: أين المجاهدون في سبيل الله؟! أين الذين لا يرضون بالذل والهوان؟! أين الذين يفضلون موت الشرفاء على عيش الدهماء؟‍! أين الذين يحبون الله؟! أين المسلمون لينقذوني من تبجح يهود؟ أماتت الهمم؟! أذهبت المروءات والشيم؟! أفي القوم أحياء أم أدركهم الفوات؟! أما في القوم مثل عمر بن الخطاب؟! أعجزت النساء أن تلد صلاح الدين من جديد؟! أين موسى بن نصير وطارق بن زياد ؟! وأين محمد بن القاسم ؟! بل أين خالد بن الوليد وأسامة بن زيد؟!

لا، لا، يا أيها المسجد الأقصى ولكنها نبوءة تحققت، فقد قال رسول الله : ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها))، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: ((بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن))، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت))[5].

 أقول لك أيها المسجد الأقصى، أقول لكم أيها الممتحنون في دينكم: إن المسلمين قادمون، وبحول الله عائدون، وبكتاب الله وسنة رسول الله متمسكون، لا بالشرائع والنظم والقوانين الغربية، وإنا عازمون بإذن الله على القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ به قوام الأمم: وَٱلْعَصْرِ إِنَّ ٱلإِنسَـٰنَ لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ [سورة العصر].



[1]  أخرجه البخاري معلقا مجزوما به في : الأشربة ، باب: ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه (5590) من حديث أبي مالك الأشعري.وهو داخل في شرط البخاري كما ذكر ذلك ابن تيمية في الاستقامة (1/294)، وكذا قال غيره.

[2]  أخرجه مسلم في : الصيام ، باب: تحريم صوم أيام التشريق (1141) بلفظ : ((أيام التشريق أيام أكل)) من حديث نبيشة الهذلي رضي الله عنه.

[3]  أخرجه الترمذي في : الأدب ، باب: ما جاء إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده (2819) والحاكم (1/150) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بنحوه ، وحسنه الترمذي وقال: "وفي الباب عن أبي الأحوص عن أبيه وعمران بن حصين وابن مسعود". وكذا عن أبي هريرة رضي الله عنه عند أحمد (2/311) ، وقال الحاكم : "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ، وصححه الألباني في غاية المرام (75).

[4]  أخرجه البخاري في الصلاة، باب: أصحاب الحراب في المسجد (455)، ومسلم في صلاة العيدين، باب: الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد (892) من حديث عائشة رضي الله عنها.

[5]  أخرجه أحمد (5/278)، وأبو داود في : الملاحم ، باب: في تداعي الأمم على الإسلام (4297) واللفظ له من حديث ثوبان رضي الله عنه ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3610).

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً