الحمد لله رب العلمين والعاقبة للمتقين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم أمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين.
اللهم آمنا بك وبكتابك الذي أنزلت على خاتم أنبيائك ورسلك. آمنا بنبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.
لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوقع أمر الوحي فضلا عن أن يتطلبه ويسعى إليه, لقد كان غافلا عنه صلى الله عليه وسلم ولذلك فجأه في غار حراء, تأملوا كيف كان قد رعب لما فجأه الوحي ولما ظهر له جبريل بل قبل أن يفجأه في غار حراء كان جبريل قبل ذلك يظهر للنبي صلى الله عليه وسلم ويناديه: يا محمد أنا جبريل. فيرعب منه صلى الله عليه وسلم ويفر منه. إن هذه ليست أحوال من يتوقع الوحي ومن يتطلبه ويسعى إليه ويدعيه ويحرص عليه. إن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يدع الوحي ولم يصطفِ نفسه بل الله تبارك وتعالى هو الذي اختاره واصطفاه واختاره لهذه النبوة واصطفاه لهذه الرسالة. وياله من أمر عظيم ومن عبء ثقيل اختاره لذلك وهيأه لذلك وأعد له إعداداً خاصا فرعاه منذ طفولته صلى الله عليه وسلم وحماه وعصمه فيصباه وفي فتوته وفي شبابه كل ذلك من أجل هذا الأمر العظيم, أمر النبوة وعبء الرسالة, اختاره الله لذلك واصطفاه, لم يدع ذلك صلى الله عليه وسلم ولا تطلبه وسعى إليه إنما هي نعمة كبرى أنعم الله بها تبارك وتعالى عليه ورحمة كبرى أنزلها الله على خلقه وأدرك بها خلقه فسبحانه ما أدركه وما أعلمه.
ولم يكن أمر الوحي ملتبسا على كل من كان عنده علم من الكتاب وعلى كل من كان عنده عقل راجح وبصيرة متفتحة, كان أمرها واضح كالشمس ولذلك هذا ورقة بن نوفل من القرشيين وقد كان عنده شيء من علم الكتاب بمجرد أن سمع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف له أمر الوحي الذي فجأه في غار حراء ويصف له جبريل إذا بورقة يقول: هذا الناموس الذي نزل الله على موسى. يعني جبريل عليه السلام فالناموس في لغة العرب معناه أمين السر وجبريل عليه السلام هو أمين وحي رب العالمين.
وهاهي أم المؤمنين خديجة تلك المرأة الفاضلة العظيمة الجليلة الشأن بعقلها الراجح الكبير وبصيرتها المتفتحة ونفسها الصافية النقية في وقت تملك الاضطراب النفس الشفافة الصافية نفس سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من هول ذلك الموقف ومهابته , إذا بتلك المرأة العظيمة تثبته وتطمئنه وتبشره بأن هذا الحدث العظيم الجليل هو خير كبير ساقه الله إليه, فلا يفزعن وليطمئن نفسه, فيا له من عقل راجح ويالها من امرأة عظيمة عاقلة وهكذا المرأة المؤمنة الصالحة هي ظهير وسند في حياة العظماء لها أثر عظيم في حياة العظماء, إنها سند وعضد للرجل تشاركه في حمل الرسالة فلها مهمة عظيمة وأي مهمة, ولها أثر عظيم وأي أثر, وصدق الله تعالى الذي وصفها بأنها سكن فقال ومن أصدق من الله قيلا: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها [الروم:21]. وهذا الموقف من تلك المرأة العظيمة أم المؤمنين خديجة من أعظم مواقف السكن, فعلى المرأة المؤمنة الصالحة في كل زمان ومكان أن تتنبه إلى هذه الحقيقة إلى حقيقة مهمتها ووظيفتها وأثرها في هذه الحياة والمجتمع. فإن أذناب اليهود والنصارى عبيد الشهوات, إن المتفرنجين يحرصون كل الحرص على إخفاء هذه الحقيقة عنها.
أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الجماعة هي التمسك بالكتاب والسنة وبمنهج الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه وكن كما شئت فكما تدين تدان ثم صلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال عز من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما [الأحزاب:56]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي واحدة صلى الله بها عليه عشرا)) اللهم صل وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبى بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين علي وعن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
|