.

اليوم م الموافق ‏16/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

أثر الإيمان في العبد

261

الإيمان, التوحيد

أهمية التوحيد, فضائل الإيمان

عثمان بن جمعة ضميرية

الطائف

غير محدد

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- التوحيد دعوة جميع الأنبياء. 2- أثر الإيمان في حياة الصحابة في العفة والشجاعة والصدق.

الخطبة الأولى

وبعد: أيها الإخوة، إن الإيمان بالله تعالى وحده لا شريك له هو الهدف الأسمى للدعوة الإسلامية، التي حملها الموكب الكريم من الرسل عليهم الصلاة والسلام منذ آدم إلى أن ختموا بمحمد ، فكان الإسلام هو الكلمة التي رضيها الله لعباده وأمرهم بها قال الله تعالى عن نوح: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وقال عن إبراهيم عليه السلام: وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، وقال تعالى عن الحواريين وعن عيسى عليه السلام: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمْ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.

وإذا تصفحنا آي الذكر الحكيم نجد الدعوة إلى التوحيد والإيمان والتنزيه لا تخلو منها سورة بل لا تكاد تخلو منها صفحة من الكتاب الكريم تصريحًا أو تلميحًا.

وكان هذا الإيمان حارسا لأمانة الإنسان وعفافه وكرامته بملك نفسه أمام المطامع والشهوات الجارفة، وفي الخلوة والحدة، حيث لا يراها أحد وفي سلطانه ونفوذه حيث لا يخاف أحدا.

وقد وقع في تاريخ الفتح الإسلامي من قضايا العفاف عند الغنم والثبات أمام مطامع المال، وأداء الأمانات إلى أهلها والإخلاص لله، وقع ما يعجز التاريخ البشري عن نظائره، وما ذاك إلا نتيجة رسوخ الإيمان ومراقبة الله واستحضار علمه في كل مكان وزمان.

فقد جاء في تاريخ الطبري أن المسلمين لما هبطوا المدائن وجمعوا الغنائم، أقبل رجل بحق معه، فدفعه إلى خازن الأموال، فقال والذين معه ما رأينا مثل هذا قط، ما يعد له ما عندنا ولا يقاربه، قالوا: هل أخذت منه شيئا؟ فقال: أما والله لولا الله ما أتيتكم به، فعرفوا، أن للرجل شأنا، فقالوا من أنت؟ قال: لا والله لا أخبركم لتحمدوني، ولا أخبر غيركم ليقرظوني، ولكني أحمد الله وأرضى بثوابه، فاتبعوه رجلا حتى انتهى إلى أصحابه، فسأل عنه فإذا هو عامر بن عبد قيس.

وكأن هذا الإيمان بالله رفع رأسهم، وأقام صفحة عنقهم، فلن تحنى لغير الله أبدا، لا ملك جبار، ولا لحبر من الأحبار، وملأ قلوبهم وعيونهم بكبرياء الله تعالى وعظمته، فهانت وجوه الخلق، وزخارف الدنيا ومظاهر العظمة والفخفخة .

أرسل سعد قبل معركة القادسية ربعيّ بن عامر رسولا إلى رستم قائد الجيوس الفارسية وأميرهم، فدخل عليه ربعي، وقد زينوا مجلسه بالنمارق والزرابي والحرير، وأظهر رستم اليواقيت واللآلئ الثمينة العظيمة، وعليه تاجه وغير ذلك من الأقيقة الثمينة وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي بثياب خشنة وترس، وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد وأقبل وعليه سلاحه ودرعه، فقالوا له: ضع سلاحك، فقال: إني لم آتكم وإنما جئتكم حين دعوتني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت، فقال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق، فقالوا له: ما جاءبكم؟ فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.

ولقد بعث الإيمان بالآخرة في قلوب المسلمين شجاعة خارقة للعادة، وحنينا عربيا إلى الجنة واستهانة نادرة بالحياة، تمثلوا الآخرة وتجلت لهم الجنة بنعميها، كأنهم يرونها رأي العين، فطاروا إليها طيران حمام الزاجل لا يلوي على شيء، تقدم أنس بن النضر يوم أحد، وانكشف المسلمون، فاستقبله سعد بن معاذ فقال أنس: يا سعد: الجنة ورب الكعبة، إني أجد ريحها من دون أحد قال سعد: فوجدنا به بضعا وثمانية ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون فشوهوا جسده، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه قال يوم بدر: ((قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض))، فقال عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول الله، جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال: ((نعم))، قال: بخ بخ، فقال عليه السلام: ((ما يحملك على قول: بخ بخ؟)) قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: ((فإنك من أهلها))، فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهم ثم قال: لئن أنا حييت حتى أكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة، فرمى بها، ثم قاتل حتى قتل.

وجاء رجل من الأعراب إلى النبي فآمن به واتبعد، فقال: أهاجر معك، فأوصى به بعض أصحابه، لما كانت غزوة خيبر، غنم رسول الله شيئا فقسمه وقسم الأعرابي، فأعطى أصحابه ما قسم له وكان يرعى وكان عندئذ يرعى دوابهم فلما جاء دفعوا إليه نصيبه، فأخذه وجاء به إلى النبي فسأله عن هذا المال؟ فقال: ((قسم قسمته لك))، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكن اتبعتك على أن أرمى ها هنا -أشار إلى حلقه- بسهم فأموت فأدخل الجنة، فقال عليه السلام: ((إن تصدق الله ليصدقك))، ثم نهضوا إلى قتال العدو، فأتى به إلى النبي وهو مقتول، فقال: ((أهو هو؟)) قالوا: نعم، قال: ((صدق الله، فصدقه)).

هذه -أيها الإخوة المؤمنون- لمحات من الآثار الرائعة التي يتركها الإيمان في نفوس المؤمنين بعد أن يصوغ منهم رجالا أتقياء يعملون ويجاهدون وينكر الواحد منهم ذاته ليذكر اخوانه، وينسى نفسه ليذكر ربه ويرجوا ثوابه، وصدق الله العظيم: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم...

الخطبة الثانية

أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله...

وإن من هدي الرسول أنه لا يشرع في تطوع إذا أقيمت الصلاة، فعن أبي هريرة أن النبي قال: ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة))، وقد دخل رجل المسجد ورسول الله في صلاة الصبح فصلى ركعتين في جانب المسجد ثم دخل مع رسول الله ، فلما سلم الرسول قال: ((يا فلان بأي الصلاتين اعتددت: بصلاتك وحدك أم بصلاتك معنا؟)). ولما رأى النبي رجلا يصلي ركعتي الفجر حين أخذ المؤذن بالإقامة غمز النبي منكبه وقال: ((ألا كان هذا قبل هذا؟!)).

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد...

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً