الحمد لله كما أمر، والشكر له وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغامًا لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله الشافع في المحشر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه السادة الغرر وسلم تسليمًا كثيرًا.
معاشر المسلمين، من الملاحظ على كثير من إخواننا المصلين أنهم لا يأتون إلى المسجد إلا بعد أن يسمع الإقامة، وهو حريص على أن يصلي الفرض كاملًا، لكنه بعمله هذا يخسر خسائر كثيرة، منها استغفار الملائكة لمن ينتظر الصلاة وهو في المسجد؛ لأنه في حكم المصلي ما دام ينتظر الصلاة، ومنها أن المتأخر يفوت عليه الصف الأول الذي قال فيه النبي : ((لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير -أي: التبكير- لاستبقوا عليه)) متفق عليه.
معنى الحديث لو يعلم الناس ما في الأذان والصف الأول من الأجور والخيرات الكثيرة واستشعروا هذه الفضائل لعملوا قرعة بينهم من يدخل أولًا، ولكن نظرًا لعدم استشعارهم هذه الخيرات يتأخرون عن الصف الأول والتبكير إلى الصلاة بسبب غفلتهم، لأن النبي أخبرنا عن هذه الفضائل فكان الأجدر بنا أن نصدق ونتنافس دون إبطاء أو تلكع.
كذلك إن التأخر عن إدراك الصلاة من بدايتها فيها خسارة كبيرة وهي عدم إدراك تكبيرة الإحرام كما قال النبي في الحديث المرفوع: ((لكل شيء صفوة وصفوة الصلاة التكبيرة الأولى)) وقد ذكر الشيخ محمد المختار الشنقيطي أن تكبيرة الإحرام تُدرك لمن حضر تكبيرة الإمام وهو في المسجد.
ومن تأخر عن الصلاة حتى تقام يفوت عليه وقت إجابة الدعاء وهو ما بين الأذان والإقامة، قال : ((الدعاء لا يُرد بين الأذان والإقامة)) وكثرة التأخر عن إدراك الصلاة يجعل المصلي من ضمن من قال عنهم النبي : ((لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله)) رواه مسلم.
نسأل الله السلامة من ذلك، وأن يجعلنا من المحافظين على صلاتهم في أوقاتها في المساجد.
واعلموا أن الله صلى وسلم على نبيه قديمًا فقال تعالى ولم يزل قائلا عليما وآمرًا حكيمًا تنبيهًا لكم وتعليمًا وتشريفًا لقدر نبيه وتعظيمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56] لبيك اللهم صل على عبدك ورسولك...
|