أيها الإخوة، المؤمنون موضوع حديثنا اليوم تَحَدَّد في أحد المساجد حيث كنت قد أتيت لأصلي على جنازة الفيصلية، وبعد أن أقيمت الصلاة كان المسجد ممتلئا بالمصلين والمشيعين، فوقف كثير من الناس ليصلوا بين السواري أي: بين الأعمدة، فخرج رجل بين الصفوف وصار ينادي الناس بعدم الصلاة بين السواري ويكثر في ذلك، وعمل شوشرة على المصلين، وتعالت الأصوات بين مؤيد ورافض، حتى أعلن الإمام بجواز الصلاة بين الأعمدة.
وهدأت الضوضاء، وبعد صلاة الجنازة ذهبت إلى القائل بمنع الصلاة بين السواري وقلت له: ليس لك الإصرار على منع الناس من الصلاة بين السواري، فقال: هناك نهي عن الصلاة بينها، فقلت له: هل النهي هنا للتحريم أم للكراهة؟ أي: هل يحرم الصلاة بين السواري أم أنه مكروه؟ وفي الحقيقة يجوز الصلاة بين السواري أثناء الزحام وامتلاء المسجد، وانظر إلى الحرمين تر الناس تصلي بين الأعمدة. وفي أثناء النقاش كان بجوارنا شاب فقال: يا أخي، المطلوب من خطباء المساجد أن يبينوا لنا مثل هذه الأخطاء الشائعة، وكان لرأيه هذا وقع حسن لدي.
فموضوع خطبتنا: الأخطاء التي يقع فيها بعض المصلين وهي كثيرة، وسوف نختار بعضها.
فمن الأخطاء: ترك الاغتسال يوم الجمعة، فبعض المصلين يتهاون في هذا الأمر ولا يعطي أهمية خاصة ليوم الجمعة، يقول : ((غُسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم)) وقال أيضًا: ((إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل)).
ومن الأخطاء التي ترتكب يوم الجمعة، وهذا سبق لنا أن نبهنا عليه وهو: تخطي رقاب الناس، يبقى الرجل في بيته في استرخاء كلي، ثم يأتي مستعجلًا ويريد أن يكون في الصفوف الأولى، ويريد بعمله هذا أن يتساوى مع الذي جاء مبكرًا للجمعة، وهذا لا يجوز، فعن عبد الله بن بسر قال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي يخطب، فقال النبي : ((اجلس؛ فقد آذيت وآنيت)). حتى إن بعض العلماء ذهب إلى حرمة هذه الأمر؛ لأنه من الظلم والتعدي لحدود الله، وأيضًا فيه إيذاء للمصلين واعتداء على حقوقهم.
ومن الأخطاء يوم الجمعة: أن بعض الناس إذا دخل المسجد لأداء صلاة الجمعة ووجد المؤذن يؤذن الأذان الثاني توقف وأصبح يتابع الأذان مع المؤذن، وبعد انتهاء الأذان يشرع في صلاة السنة ويكون الخطيب قد بدأ الخطبة، فهو بعمله هذا يكون قد فرط في واجب وعَمِلَ سنة، فالاستماع للخطيب واجب ومتابعة المؤذن في الأذان سنة، ومما يؤكد ذلك أن الداخل إلى المسجد مأمور بأن يتفرغ لسماع الخطبة ما أمكنه ذلك لقول النبي : ((إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما)) رواه مسلم، أي: يخفف فيهما حتى يستمع للخطبة، فالشرع سمح للمأموم أن يصلي أثناء الخطبة والسماع لها واجب، فمن باب أولى أن يصلي أثناء الأذان لأن المتابعة للأذان سنة.
أحبتي في الله، من الأخطاء أيضًا: أن من فاتته ركعة أو أكثر فإنه يقوم ليقضي ما فاته قبل انتهاء الإمام من التسليم وهذا خطأ، قال : ((أيها الناس، إني إمامكم؛ فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالقعود ولا بالانصراف)) رواه مسلم. قال النووي: "والمراد بالانصراف السلام"، وقال الإمام الشافعي رحمه الله: "ومن سبق الإمام بشيء من الصلاة فلا يقوم لقضاء ما عليه إلا بعد فراغ الإمام من التسليمتين". فبعض الناس -هداهم الله- بمجرد أن يقول الإمام: السلام عليكم نهض واقفًا بسرعة، وهذا خطأ ينقص من كمال الصلاة.
كذلك من الأخطاء: مسابقة الإمام، بل لقد ورد نهي شديد عن النبي : ((أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل صورته صورة حمار)) حتى إن بعض أهل العلم ذكر أن من يفعل ذلك لا صلاة له عياذًا بالله، ونسأل الله عز وجل أن يفقهنا في ديننا، لا سيما الصلاة.
نفعني الله وإياكم بالقرآن والسنة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العلي العظيم.
|