أما بعد: فإن أصدقَ الحديث كلامُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمد ، وشرَ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدثة بدعةٌ، وكلَ بدعة ضلالةٌ، وكلَ ضلالة في النار.
أيها المسلمون، إن الله لم يخلقنا عبثًا، ولم يتركنا سدى، أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ، أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُّتْرَكَ سُدى. لا والله، بل خلقنا الله عز وجل لعبادة قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، فالله خلق الجن والإنسان لكي يعبدوه ويوحدوه، فيا خسارة من نسي أو تناسى أو جحد الأمر الذي خُلق من أجله.
وحياة الكفار والمشركين الذين يأكلون ويشربون ويمرحون بلا مبدأ ولا رسالة ولا إيمان، إنما هي حياة البهائم الأنعام، قال جل وعلا: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ، وقال تعالى: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا، وقال جل وعلا: وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ.
وكرة القدم -عباد الله- مما فتن به الملايين، وأشغل به المسلمون، وسرق به الأوقات، وينبغي أن نقف معها وقفات، عل الله أن ينفع بها، وحتى لا تكون رياضتنا أو لهونا سببا لخسارتنا في الدنيا والآخرة.
إذا كنت تجري وراء الكرة وتجذبـــــك الشــــاشــــة المبهــــرة
وخلفك نادٍ وألف صديق تباروا على النـت فـي الثرثرة
فطاعة رب العبـــاد متى؟! وقل لي: متى حصة الآخرة؟!
فمن المحاذير الشرعية في كرة القدم الانشغال التام بها، بحيث تكون هي حياة الإنسان، يستقيظ فيقرأ عنها، ثم يذهب ليلعب بنفسه، ثم يعود ليتابع مباراةً وتحليلًا بعدها، ثم يجلس بعد المباراة يحلل ويجادل أصدقاءه فيما شاهده، ثم يذهب ليتابع أخبارها في الإنترنت، ثم يكتب، وبعضهم تأتيه رسائل أخبار أولًا بأول، فتكون حياته كلها كرة بكرة، وعبث بعبث، والمسلم العاقل يعلم أن الله لم يخلق ليكون العبث واللهو حياته، أين العبادة؟! أين القرآن؟! أين ما ينفعه في دينه ودنياه؟!
ومن المحاذير الشرعية ما يصاحب مشاهدة المباريات من سباب وشتام للمسلمين، بل ولعن لآبائهم وأمهاتهم، والطعن في أعراضهم، والتنابز بالألقاب، فيعود من هذه المباريات مثقلًا بكبائر الذنوب والموبقات، فيكون من الخاسرين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وبعض الناس يهمل ما أوجبه الله عليه تجاه بيته أو أولاده إذا كان هناك مباراة، وبعضهم يعق والديه من أجلها، بل بعضهم يعصي رب الأرض والسماء، الذي خلقه من العدم، وسواه وغذاه بالنعم، فتقام الصلاة ويصلي المسلمون، وربما خرج وقت الصلاة، وهو أصم أبكم أعمى إلا عن هذه المباراة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومن المحاذير أن بعض الناس عندما يلعب يتعمّد ضرب أو إصابة أخيه المسلم الذي يلعب معه، معتقدا أن حق هذا المسلم في الأخطاء التي يشاهدها الحكم، أو يمنح الكروت الملونة عليها، لا والله إن حق المسلم عظيم عند الله، ودمه عظيم، وإيذاؤه محرم، والتعدّي عليه ظلم، وسوف يكون القصاص يوم القيامة أمام رب العالمين وأعدل العادلين، وقد خاب من حمل ظلما.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
|