معاشر المسلمين، اعلموا أننا في غفلة كبيرة عن أمور عظيمة يشيب لها مفارق الولدان؛ الموت والحشر والجنة والنار. تذكر يا من ضيعت الصلاة، تذكر يا من أكلت الربا، تذكر يا من اقترفت المعاصي وقصرت في الفرائض، تفكر يا مغرور في الموت وسكرته وصعوبة كأسه ومرارته، فيا للموت من وعد ما أصدقه، ومن حاكم ما أعدله، كفى بالموت مقرحًا للقلوب ومبكيًا للعيون ومفرقًا للجماعات وهادمًا للذات وقاطعًا للأمنيات، فهل تفكرت في يوم مصرعك وانتقالك من موضعك؟! وإذا نقلت من سعة إلى ضيق وهجرك الأخ والصديق وغطوك من بعد لين الفراش بتراب ومَدَر، فيا جامع المال والمجتهد في البنيان ليس لك والله من المال إلا الأكفان، بل هي والله للخراب والذهاب وجسمك للتراب والمآب.
مثل لنفســـــــــك أيــــــــهــــــا المـــــــغـــــــرور يوم القيـــــــامة والسمــــــــاء تمــــــــور
إذ كـــــــــورت شمس النهـــــار وأدنيت حتى علــــــــى رأس العبـــــــاد تسير
وإذ النجــوم تســـــــــاقطت وتنـــــاثرت وتبدلــــــــت بعد الضياء كــــــــدور
وإذا البحـــــار تفجــــرت من خــوفها ورأيتها مثــــــــل الجحيــــــــم تفــــــــور
وإذا الجبــــــــال تقلعـــــــت بـــــــأصولهـــــــا فرأيتها مثل السحــــــاب تسيــــــــر
وإذا الوحوش لدى القيامة أحشرت وتقول للأمــــــــلاك أيــــــــن تسيــــــــر
وإذا الصحـائف نشرت فتطــــــايرت وتهتكـــــــــت للمؤمنيــــــــن ستـــــــــــور
وإذا الجحيـــــــم تسعـــــرت نيـــــــرانهـــــا فلها علــى أهل الذنــوب زفير
وإذ الجنـــــان تزخرفـــــت وتطيـبـــــــــت لفتى على طــــــول البلاء صبــــــــور
وإذا الجنـــــــــيـــــــن بــــــأمــــــه متعــــــــــلــــــق يخشى القصاص وقلبه مذعـــــــــور
هذا بلا ذنــــــــــــب يخــــاف جنـــــاية كيف المصر على الذنوب دهور
اللهم أيقظنا من غفلاتنا، اللهم نور قلوبنا بالإيمان، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة... |