.

اليوم م الموافق ‏16/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

موعظة بداية العام

6331

الإيمان

الجن والشياطين

صلاح بن محمد البدير

المدينة المنورة

4/1/1432

المسجد النبوي

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- التذكير بالموت. 2- الحث على اغتنام الأوقات بالباقيات الصالحات. 2- فضل صيام المحرم وعاشوراء.

الخطبة الأولى

أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، اتقوا الله فإنّ تقواه أفضل مُكتَسَب، وطاعتَه أعلى نسب، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].

أيّها المسلمون، المنايا لزِمَت البرايا، فلا خُلْدَ في الدنيا يُرتَجى، ولا بقاءَ فيها يُؤمَّل، وما النّاسُ إلا راحلٌ وابنُ راحلِ، وما الدهرُ إلا مَرُّ يومٍ وليلةٍ، وما الموتُ إلا نازلٌ وقريبُ، كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن: 26، 27]، كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص: 88]، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران: 185].

مــا أسرعَ الأيـــامَ في طيِّنــا         تمضي علينا ثم تمضِي بنا

في كـــلِّ يـــومٍ أملٌ قد نأى         مَرامُهُ عن أجلٍ قد دنـــــا

الأملُ طويل، والثَّوَاءُ قليل، ورَحى المنونِ تدور، آجالٌ إلى زوال، وآمالٌ إلى اضمِحلال، عامٌ يُبلي عامًا، وأيامٌ تطوِي أيامًا.

سبيـلُ الخلق كلِّهمُ الفنــاءُ        فما أحدٌ يدوم له البقاءُ

يُقرِّبُنا الصّباحُ إلى المنـايــــا        ويُدنينـــا إليهـــــنَّ المســـاءُ

وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون: 11]، لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ [يونس: 49].

فطُوبى لعبدٍ أحسَن الرحلةَ بأحسنَ ما يحضُرُه من النُّقْلة، بينا ابنِ آدم في الدنيا يُنافِس قد قرَّت عينُه بماله وجاهِه إذ دعاه الله بقَدَره، ورماه بيوم حتْفِه، فسَلَبَه آثاره ودنياه، وصيَّر لقومٍ آخرين مصانعه ومغناه.

أيــــن من كان قبلنا أين أينَــا      من أُناسٍ كانوا جمالاً وزَيْنَا

إنّ دهرًا أتــى عليهــــم فأفنَى      عددًا منهمُ سيـــــأتي علينـــا

كم رأينا من مَيتٍ كان حيًّا      ووَشيكًا يُرى بنا ما رأينَـــــا

مــا لنــــا نأمنُ المنايـــــا كأنَّـــــــا        لا نَراهـــــــنَّ يهتديــــنَ إلينـــا

يا من لعِبَ ولهَا، يا من غفلَ وسهَا، يا من نظَر في عاجلِهِ ونسي المنتهى، أفِق مِن خمرة الشهوات، وبادِر إلى التوبة قبل الفَوَات.

ولا يذهبنَّ العُمــــر منــــــك سبَهْلَــــــلاً         ولا تُغبَنَــــــنْ بالنِّعمتَيْــــــنِ بـــــلِ اجهِـــدِ

فمــن هجَرَ اللَّذَّات نـــالَ المَنَى ومَنْ        أكبَّ على اللَّذَّات عضَّ على اليَدِ

يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ما ندِمتُ على شيءٍ ندَمِي على يومٍ غرَبَت شمسُهُ نقَصَ فيه عُمري ولم يَزِد فيه عمَلِي)، وقال بعض السلف: "من أمضى يومًا من عمره في غير حقٍّ قضاه أو فرضٍ أدَّاه أو مجدٍ أثَّلَه أو حمدٍ حصَّلَه أو خيرٍ أسَّسَه أو علمٍ اقتَبَسَه فقد عقَّ يومَه وظلمَ نفسَه".

أيّها المسلمون، قصِّروا الأمل، وأصلِحوا العمل، وحاذِروا بغتَةَ الأجل، وليكن عامُكم الجديد مُشرِقًا بصِدق التوبة وحسنِ الإنابة وردِّ الحقوق إلى أهلها والتحلُّل من أصحابها، كلُّ بني آدم خطَّاء، وخيرُ الخطَّائين التوابون، والتائبُ من الذنب كمن لا ذنب له.

جعلني الله وإيّاكم ممن صدَقَ وتاب، ورَجع وثاب، وأقلَعَ وأناب.

أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه، فقد فاز المُستغفرون، وسعِدَ الآيِبون.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانِه، والشكر له على توفيقه وامتنانِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهد أنَّ نبيَّنا وسيّدنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، اتّقوا الله وراقِبوه، وأطيعوه ولا تعصوه، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة: 119].

أيها المسلمون، أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوفِ الليل، وأفضلُ الصيام بعد شهر رمضان صيامُ شهر الله المُحرَّم، ويتأكَّدُ صيامُ يومِ عاشوراء، وهو اليومُ العاشرُ من المحرم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما رأيتُ النبي يتحرَّى صيامَ يومٍ فضَّلَه على غيرِه إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني رمضان. أخرجه البخاري. وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله سُئِل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: ((يُكفِّر السنة الماضية)) أخرجه مسلم.

ويُستحبُّ أن يصومَ التاسعَ معه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((لئن بقيتُ إلى قابلٍ لأصومنَّ التاسِع)) أخرجه مسلم. وقال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: (صوموا اليوم التاسع والعاشر وخالِفوا اليهود) أخرجه البيهقي. قال الإمام أحمد رحمه الله: "فإن اشتبَهَ عليه أوّل الشهر صامَ ثلاثة أيام، وإنما يفعلُ ذلك ليتيقَّن صومَ التاسِع والعاشر".

أيها المسلمون، إنّ ثمرة الاستماع الاتباع، فكونوا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسَنَه.

واعلموا أنَّ الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه...

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً