.

اليوم م الموافق ‏18/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

آداب تلاوة القرآن الكريم

534

العلم والدعوة والجهاد

القرآن والتفسير

محمد بن صالح المنجد

الخبر

عمر بن عبد العزيز

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- حث الشرع على تلاوة القرآن الكريم وتدبره 2- آداب تلاوة القرآن الكريم

الخطبة الأولى

 

وبعد:

لاشك أن هذا الكتاب هو حبل الله الممدود من ربنا إلينا، من تمسك به هُدي ومن اعتصم به فاز، والفوز هو الجنَّة.

والله عز وجل قد أوصانا بكتابه في كتابه بوصايا كثيرة فيها الأمر بتلاوة القرآن وترتيله:  ورتّل القرآن ترتيلا [المزمل:4]. من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون كتاب الله آناء الليل وهم يسجدون [آل عمران:113]. والذين يذكرون الّله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم      [آل عمران:191]. أمّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه [الزمر:9]. ويقرأ كتاب الله عزوجل لاشك أنه هو الفائز يوم القيامة.

وهذ الكتاب العزيز تلاوته لها آداب، ومن آداب هذه التلاوة: ((ويجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يارب حلّه، فيُلْبس تاج الكرامة، ثم يقول: يارب زدهُ، فيُلبس حلة الكرامة، ثم يقول: يارب ارض عنه فيرضى عنه، فيقول إقرأ وارق، ويُزاد بكل آيةٍ حسنة)). رواه الترمذي وهو حديث حسن .هذا شيء من فضل تلاوة  القرآن وما لقارئ القرآن من الأجر، وهو وصية النبي صلى الله عليه وسلم التي أوصانا بها كما روى الإمام أحمد - رحمه الله تعالى _ في مسنده عن أبي سعيد أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((أوصيك بتقوى الله تعالى فإنه رأس كل شيء، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن فإنه روحك في السماء  وذكرك في الأرض)).

1- الإخلاص لله سبحانه وتعالى:

فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا يوم القيامة عمَّن تُسعربهم النار، وهم ثلاثة: فمنهم قارئ للقرآن والسبب ولاشك في تسعير النار به يوم القيامة هو أنه لم يكن من الذين أخلصوا لله سبحانه وتعالى في ذلك وكذلك هؤلاء الثلاثة الذين هم أول من تُسعر بهم النار قال النبي عليه الصلاة والسلام فيهم: ((إن الله إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية، فأول من يدعوا به رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل  كثير المال، فيقول الله للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلتُ على رسولي؟! قال: بلى يارب. قال: فماذا عملت بما علمت؟!  قال: كنت أقومُ به آناء الليل وآناء النهار. فيقول الله له: كذبت، وتقول له الملائكة: كذبت. ويقول الله له: بل أردت أن يقال فلان قارئ، فقد قيل ذلك - أخذت أجرك في الدنيا. أخذت أجرك في الدنيا ثم  يُسحب به إلى النار)) والعياذ بالله.

فأولاً لا بُدَّ من الإخلاص لله  سبحانه وتعالى في التلاوة.

2-أن يتلوَه على طهارة:

ولاشك أن تِلاوته على طهارة أفضل من تلاوته على غير طهر.

3-التسوك: 

لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح: ((إن أفواهكم طرق للقرآن فطيّبوها بالسواك)). وقد جاء عدد من الأحاديث في هذا الموضوع فمن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا تسوّك أحدُكم ثم قام يقرأ طاف به الملك يستمع القرآن حتى يجعل فاه على فيه فلا تخرج آية من فيه إلاّ في فيّ الملك))، وهذا الحديث صححه الشيخ ناصر وغيره، فمن فوائد السواك لقاريء القرآن أنه لايخرج من فمه أذى يؤذي الملك، فلا يقرأ آيةً إلا دخلت في فم الملك، وأن الملك يضع فاه على فم قارئ القرآن القائم بالليل.

4-الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم:

لأن الله تعالى قال: فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم [النحل:98]. والمعنى: إذا أردت القراءة.

قال بعض أهل العلم: يجب التعوّذ عند قراءة القرآن لظاهر الأمر، وجمهور العلماء على استحباب ذلك.

ومن أفضل الصيغ: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه. كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

5-البسملة:

على القاريء أن يحافظ على قراءة البسملة أولَ كلِ سورة غير سورة "براءة " فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرفُ انقضاء السورة بابتداء السورة التي تليها بالبسملة، إلا في موضع واحد وهو ما بين الأنفال وبراءة.

6- ترتيل القرآن:

لأن الله قال: ورتل القرآن  ترتيلاً . ونعتَت أم سلمة قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها قراءة مفصّلةً حرفاً حرفاً.

وفي البخاري عن أنس أنه سئل عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كانت  مداً. ثم قراً: " بسم الله الرحمن الرحيم "، يمدّ " اللّه "- يعني المدّ الطبيعي حركتين - ويمد "الرحمن " ويمد " الرحيم " وفي الصحيحين عن ابن مسعود أن رجلا قال له: إني أقرأ المفصّل في ركعة  واحدة، فقال عبدالله: هذاً كهذ الشعر؟! - ينكر عليه يعني الإسراع في القراءة - إن قوماً يقرأون القرآن لايجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع. وقال ابن مسعود كما أخرج الآجوري: لا تنثروه نثر الدقل - يعني التمرالرديء- ولا تهذوه كهذّ الشعر،  قفوا عند عجائبه وحرّكوا  به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة.

والترتيل لا شك أنه مما يعين على تدبر القرآن والتأثر به.

8 - الإجتماع لتلاوته:

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلاّ نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم  الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده))، فإذاً الاجتماع لتلاوة القرآن ومدارسته من السنن والمستحبات العظيمة.

9- تحسين الصوت بالقرآن:

الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فِي الْعِشَاءِ وَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا مِنْهُ أَوْ قِرَاءَةً بخ.

لقوله صلى الله عليه وسلم: ((حسنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً)) وفي رواية: ((حسنُ الصوت زينة القرآن)) وكلاهما حديثان صحيحان عن النبي صلى الله عليه وسلم. فتحسين الصوت: يعني تجميلهُ وتزينهُ والإعتناءُ به و الإبداعُ فيه.

10 - أن يتغنى بالقرآن:

وهذا تابع  لما ذكر من تحسين الصوت به. فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن))، وكذلك حديث: ((ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يتغنى به)) فالتغني بالقرآن من آداب التلاوة ومستحباتها،  فمعنى التغني: تحسين الصوت.

7- تفخيم التلاوة:

التفخيم يعني ألاّ يقرأه بصوت كصوت النساء إذا كان القاريء رجلاً، وألاّ تقرأ المرأة بصوت كصوت الرجال، وإنما يقرأ كل شخصٍ بطبيعته، الرجل بطبيعته والمرأه بطبيعتها، فلا تشبّه ولا ميوعة عند تلاوة كلام الله. 

11- أن لا يجهر شخص على شخص بالقراءة فيرفع صوته:

لأن في رفع الصوت في هذه الحال إيذاء لمن جاوره جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا كلكم مناجٍ لربه فلا يؤذينّ بعضكم بعضا، ولايرفع بعضكم على بعض في القراءة)).

12-إذا نعس كفّ عن القراءة:

فقد روى أحمد ومسلم وغيرهما، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قام أحدكم من الليل، فاستُعجِم القرآن على لسانه، فلم يدر ما يقول، فليضطجع))، يعني: يذهب وينام لئلا يخلط القرآن بغيره، أوتلتبس عليه الآيات، فيقدم ويؤخر، أويهذي ويذكر حروفاً ليست فيه، ونحو ذلك مما يفعله النعسان، فإذا جاءه شيء من ذلك فإن عليه أن يذهبَ وينام.

13- الاعتناء بالسور التي لها فضل والإكثار من قراءتها:

فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة  فإنه من قرأ  قل هو الله أحد الله الصمد في ليلة فقد قرأ ليلته ثُلث القرآن)) وفي رواية أنه قال: ((أحشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن، ثم قرأ عليهم سورة قل هو الله أحد)) فإذاً المتابعة والإعتناء بالآيات أو السور التي فيها فضل عظيم وأجر مضاعف مما ينبغي لتالي القرآن الكريم أن يحرص عليه. الكهف في الجمعة، والسجدة في صلاة فجرها، وتبارك قبل النوم والمعوذات كذلك وفي أدبار الصلوات، وآية الكرسي كذلك.

14- أن لا يقرأ القرآن في الركوع والسجود:  

لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((أيهاالناس: إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة، يراها المسلم أوترى له، ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أوساجداً، فأماالركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم)) وعلة هذا ما ذكره شيخ الإسلام - رحمه الله - أنَّ الركوع والسجود من مواضِع الذل، فلا ينبغي أن يقرأ القرآن في مواضع الذل، وإنما فيه تسبيح، تسبيح الله سبحانه وتعالى.

15- أن يصبر الشخص الذي يجد صعوبة في التلاوة عليها:

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الذي يقرأ القرآن وهو ماهرٌ به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأه  وهو عليه شاق له أجران)) فإذاً لو صبر على هذه  المشقة وحاول أن يتعلم ما استطاع فلاشك أنه يؤجر أجراً عظيماً.

17- البكاء عند تلاوة القرآن الكريم:

لقوله تعالى ممتدحاً المؤمنين: ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا .

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابن مسعود قَالَ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اقْرَأْ عَلَيَّ قُلْتُ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي. فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى بَلَغْتُ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا قَال:َ أَمْسِكْ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ)) رواه البخاري.

وقال أحد الصحابة: ((أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي وَلِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَل))ِ يَعْنِي يَبْكِي. رواه النسائي.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: ((قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَأْ عَلَيَّ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ بِسُورَةِ النِّسَاءِ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ)).

ومعلوم قصة أبي بكر في مرض وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، حيث قالت عائشة رضي الله عنها: ((إنّهُ رجلٌ رقيق، إذا قرأ غلبه البكاء)). وفي رواية: ((إن أبا بكر رجلُ أسيف إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس)).

وسمع نشيج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من وراء الصفوف لما  قرأ في سورة يوسف قوله تعالى: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله حتى سالت دموعهُ على ترقوته.

وعائشة رضي الله عنها مرّ عليها القاسم وهي تقرأ: فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم ترددها وتبكي وتدعو.

وعبد الله بن عباس رضي الله عنه لمّا قرأ: وجاءت سكرة الموتِ بالحق ذلك ما كنت منه تحيد [ق:19] جعل يرتل ويكثر النشيج. وعبد الله بن عمر ما قرأ قول الله: وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله [البقرة:284] إلا كان يبكي.

والبكاء عند قراءة القرآن دليل خشوع إذا كان بكاءً صادقاً.  فإن البكاء على أنواع: منه مايكون بكاء رحمة ورقّة، ومنه مايكون بكاء خوفٍ وخشية، منه مايكون بكاء محبة وشوق، منه ما يكون بكاءً من الفرح  والسرور، ومنه مايكون بكاء حزن، وبكاء جزع.

فالبكاء المطلوب عند تلاوة القرآن هو بكاء الخشوع، وليس بكاء النفاق، ولا البكاء المستعار كالتظاهر بالبكاء لأجل أن يقول الناس عنه  خاشع.  

وبكاء خشوع هو البكاء الذي إذا سمعه الشخص إرتاح إليه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((إن من أحسن الناس صوتاً بالقرآن الذي إذا سمعتهُ يقرأ رأيتَ أنه يخشى الله)) رواه ابن ماجه وهو حديث صحيح.

أما التباكي فهو تكلف البكاء والتباكي منه ما هو محمود، ومنه ما هو مذموم. فالتباكي المحمود هو الذي يستجلب رقة القلب وخشية الله، وليس تباكي رياء وسمعه. مثل ما قال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم وقد رآه يبكي هو وأبوبكر في شأن أسرى بدر: أخبرني مايبكيك  يارسول الله، فإن وجدتُ بكاءً بكيت وإن لم أجد تباكيتُ لبكائكما، فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم. كما أنه جاء عن بعض السلف قوله: أبكوا من خشية الله، فإن لم تبكوا فتباكوا. أما التباكي المذموم الذي يستجلب به حمد الخلق وثناءهم عليه، فيتظاهر بالبكاء أمام الناس فهذا تباكي نفاق. فكما أن هناك بكاء نفاق، هناك تباكي نفاق.

وقد سُئل الشيخ عبدالعزيز ابن باز - نفع الله بعلمه - عن ظاهرة إرتفاع الأصوات بالبكاء .. فأجاب: لقد نصحتُ كثيراً ممن اتصل بي بالحذر من هذا الشيء، وأنه لا ينبغي، لأن هذا يؤذي الناس ويشقُ عليهم، ويُشوش على المصلين وعلى القارئ، وهذا ما يلاحظ في بعض المساجد في رمضان حيث يكون الوضع مزعجاً جداً، وكثير من الناس لايستطيع أن يفهم قراءة الإمام ولا يسمع صوته وسط زعيق وصياح بعض الناس، وهذا ليس من الخشوع في شيء.. ولاهو طريقة النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة. لقد كان بكاؤه عليه الصلاة والسلام بكاءً مكتوماً، وما كان صياحاً ولا زعيقاً. فالذي ينبغي للمؤمن أن يحرص على أن لا يُسمع صوته بالبكاء، وليحذر من الرياء، فإن الشيطان قد يجره إلى الرياء، فينبغي له أن لا يؤذي أحداً بصوته. ومعلوم أن بعض الناس ليس ذلك باختياره بل يغلب عليه من غير قصد وهذا معفوٌّ عنه إذا كان بغير اختياره. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا قرأ يكون لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء، وجاء في قصة أبي بكر أنه إذا قرأ لايُسمع الناس من البكاء إلى آخره. ولكن ليس معنى هذا أن يتعمد رفع صوته بالبكاء. وإنما شيء يغلب عليه من خشية الله عزوجل.

كذلك سئل الشيخ عن التباكي فأجاب: ورد في بعض الأحاديث: ((إن لم تبكوا فتباكوا))، ولكن لا أعلم صحته وقد رواه أحمد. إلا أنه مشهور على ألسنة العلماء، لكن يحتاج إلى مزيد عناية، والأظهر أنه لا يتكلف، بل إذا حصل بُكاء فليجاهد نفسه على أن لايزعج الناس، بل يكون بكاء خفيفاً ليس فيه إزعاج لأحد،حسب الطاقه والإمكان.

والمهم أن يحضر الانسان قلبه عند التلاوة ولا يذهب يمينا وشمالا: عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ كَانَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ مِنْ أَفَاضِلِ النَّاسِ وَكَانَ يَقُولُ لَوْ أَنِّي أَكُونُ كَمَا أَكُونُ عَلَى أَحْوَالٍ ثَلاثٍ مِنْ أَحْوَالِي لَكُنْتُ، حِينَ أَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَحِينَ أَسْمَعُهُ يُقْرَأ،ُ وَإِذَا سَمِعْتُ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم،َ وَإِذَا شَهِدْتُ جِنَازَةً وَمَا شَهِدْتُ جِنَازَةً قَطُّ فَحَدَّثْتُ نَفْسِي بِسِوَى مَا هُوَ مَفْعُولٌ بِهَا وَمَا هِيَ صَائِرَةٌ إِلَيْهِ.

27- أنه يتدبر عند تلاوته:

وهذا الأمر يكاد أن يكون أهم آداب التلاوة على الإطلاق وهو الثمرة الحقيقية للتلاوة.. التدبر عند تلاوة القرآن الكريم, وقد قال الله تعالى: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب وهو لا يحصل إلا لمن تفكر في كلام الله عز وجل واستحضر عظمته سبحانه وتعالى وتأمل في مخاطبات القرآن واستحضر أنه يقرأ مريدا التفهم والعمل بالمتلو. أما أن يقرأ القرآن بلسانه وقلبه في واد آخر فلا تحصل له الثمرة المرجوة من تلاوة القرآن.

أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها . ((عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ فَقُلْت:ُ يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ. فَمَضَى فَقُلْت:ُ يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَتَيْن.ِ فَمَضَى فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَة.ٍ فَمَضَى فَافْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ ثُمَّ رَكَعَ..)) الحديث النسائي.

قُلْتُ لِعَائِشَةَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ نَاسًا يَقْرَأُ أَحَدُهُمْ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثاً فَقَالَتْ أُولَئِكَ قرؤوا  وَلَمْ يقرؤوا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ اللَّيْلَةَ التَّمَامَ فَيَقْرَأُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ وَسُورَةَ النِّسَاءِ ثُمَّ لا يَمُرُّ بِآيَةٍ فِيهَا اسْتِبْشَارٌ إِلا دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَغِبَ وَلا يَمُرُّ بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ إِلا دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَاسْتَعَاذَ.

لقد حدّثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن الخوارج بأنهم قوم يقرؤون القرآن لا يُجاوز حناجرهم. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاثٍ))

وعَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ جَالِسَيْنِ فَدَعَا مُحَمَّدٌ رَجُلاً فَقَال:َ أَخْبِرْنِي بِالَّذِي سَمِعْتَ مِنْ أَبِيكَ فَقَالَ الرَّجُل:ُ أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُ أَتَى زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ لَهُ كَيْفَ تَرَى فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي سَبْعٍ فَقَالَ زَيد: حَسَنٌ وَلأنْ أَقْرَأَهُ فِي نِصْفٍ أَوْ عَشْرٍ أَحَبُّ إِلَي:َّ وَسَلْنِي لِمَ ذَاك؟َ قَال:َ فَإِنِّي أَسْأَلُك.َ قَالَ زَيْدٌ: لِكَيْ أَتَدَبَّرَهُ وَأَقِفَ عَلَيْه ,أخرجه مالك في الموطّأ وإنما يُتدبّر للعمل عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْ كَانَ يُقْرِئُنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَرِئُونَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ فَلَا يَأْخُذُونَ فِي الْعَشْرِ الأخْرَى حَتَّى يَعْلَمُوا مَا فِي هَذِهِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ قَالُوا فَعَلِمْنَا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ.

18- التلاوة بين الجهر والإسرار:

أما قضية الجهر بالقرآن فقد وردت فيها أحاديث مثل قوله صلىالله عليه وسلم في الصحيحين: ((ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهرُ به))، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمُسر بالقرآن كالمسر بالصدقة)).

فيجمع بينهما بما ذكره الإمام النووي قال: الجمع بينهما أن: الإخفاء أفضل حيثُ خاف الرياء، أوتأذّى المصلون، -حيث أنه يلبّس على المصلين صلواتهم أو القارئين قراءتهم أو يوقظ النائم - فعند ذلك يكون الإسرار أفضل. والجهر أفضل في غير ذلك لأن العمل فيه أكثر من رفع صوت و بذل طاقة وجهد، ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمعُ همه إلى الفكر، ويصرف سمعه إليه - فيستفيد القارئ ذاته ويكون أكثر تركيزاً، وأطردَ للشيطان وأبعد للنوم وأدعى للنشاط. وكان ـ أبو بكر يُسر وعمر يجهر فسئل عمر فقال: أطرد الشيطان، وأوقظ الوسنان فأمر أبوبكر أن يرفع شيئا ما، وأمر عمرأن يخفض شيئاً ما. ولاحرج في أن يجهر القاريء بالقرآن فترةً فإذا تعب خفض صوته ثم يجهر مرّةً أخرى إذا تنشّط.

19- القراءة في المصحف  و القراءة من الحفظ :

جاء مدح القراءة من المصحف في حديث صحيحٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام: ((من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف)) صححه الشيخ ناصر. فهذا دليل على فضل القراءة  في المصحف، فالقراءة في المصحف مشروعة.

20 ـ  حكم القراءة عند التثاؤب أوخروج الريح:

إذا كان يقرأ فخرجت منه ريح أمسك عن القراءة حتى تنقضي الريح ـ ثم الأفضل أن يتوضأ لمواصلة القراءة وكذلك  لو عُرض له تثاؤب فإنه يُمسك عن  القراءة لأجل التثاؤب حتى لا يتغير الصوت وتخرج الكلمات غير كلمات القرآن.

21ـ سجود التلاوة:

فإذا مرّ بسجدة للتلاوه سجد، وقال أبو حنيفة بالوجوب والراجح قول عمر رضي الله عنه: أن سجود التلاوة مستحب وليس بواجب وهو قول جمهور العلماء. وصفة السجود أن يكبّر ويسجد.

وذكر شيخ الاسلام - رحمه الله - أن الأفضل أن نكون في حال القيام، لأن قول الله تعالى:  ويخرون للأذقان الخرُّ يكون من الوقوف أو القيام.

فإذا سجد يقول في سجوده سبحان ربي الأعلى  قياساً على الصلاة، و قد ورد أيضاً دعاء صحيح ثابت في الترمذي وابن خزيمة أن رجلاً قال: ((يارسول الله إني رأيتني الليلة أصلي خلف شجرة فقرأت السجدة، فسجدت الشجرة بسجودي، فسمعتها وهي تقول: اللهم اكتب لي بها أجرا، وضع عنّي بها وزرا، واجعلها  لي عندك ذُخرا، وتقبّلها مني كما تقبلت من عبدك داود، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم السجدة بعد ذلك ثم سجد قال ابن عباس: فسمعتهُ  يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة)). وجاء في روية أخرى: ((وارفعني بها درجة)).

23- استقبال القبلة:

24- أن يكون حال القراءة على هيئة الأدب ما أمكنه:

يجوز للقارئ أن  يقرأ القرآن قاعداً أو واقفاً  أو ماشياً أو مضطجعاً، كل ذلك جائز، لأن الله تعالى قال: الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض [آل عمران:191] لكن لو جلس متخشعاً كان أفضل من أن يجلس متكئاً على جنبه مثلاُ، فمن ناحية الجواز لا بأس بذلك، لكن الأفضل أن يجلس جلسة المتخشع المتذلل. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتربّع بعد صلاة الفجر ويستقبل القبلة يذكر الله حتى تطلع الشمس. ومن آداب التلاوة كذلك.

25- أن لايُطيل العهد بالقرآن:

فتمر عليه سنوات لا يختم القرآن، والقرآن لا يُقرأ في أقل من ثلاث و لكن لا يُطال عنه العهد. وقد جاءت عدة أحاديث في ذلك. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لشخص: ((اقرأ القرآن في أربعين))، وقال: ((إقرأ القرآن في خمس))، وقال: ((إقرأ القرآن في ثلاث إن استطعت))، وقال: ((كل شهر إقرأه في عشرين ليلة، إقرأه في عشر، إقرأه في سبع، ولاتزد عن ذلك )). هذه الروايات المختلفة تدل على أن الناس طاقات، أشغالهم مختلفة، وجودة تلاوتهم وسرعتها و تمكنهم. كل ذلك يختلف. إذاً كلٌ يقرأ بحسب طاقته وأشغاله، لكن أكثر شي كما ورد: ((أقرأ القرآن في أربعين)). ولعل أفضل مايكون قراءته في أسبوع كما ورد عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، وأنهم كانوا يختمونه في أسبوع بحيث يقسّمون القرآن سبعة أحزاب.

16- أن لايقرأ القرآن في أقل من ثلاثة أيام:

 لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقهُ من قرأ القرآن  في أقل من ثلاث))، كما روى ذلك أبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر مرفوعاً.

26- الوقوف عند رؤوس الآي:

من أدب التلاوة الوقوف عند رؤوس الآي وإن تعلقت في المعنى بما بعدها، لأنه قد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه كان يُقطِّع قراءته آية آية. الحمد لله رب العالمين، ثم يقف،الرحمن الرحيم ثم يقف)).

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كَانَ يُقَطِّعُ قِرَاءَتَهُ آيَةً آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين %َ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.

وعن حَفْصَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّكُمْ لا تَسْتَطِيعُونَهَا قَالَ: فَقِيلَ لَهَا: أَخْبِرِينَا بِهَا؟ قَال:َ فَقَرَأَتْ قِرَاءَةً تَرَسَّلَتْ فِيهَا قَالَ أَبُو عَامِر:ٍ قَالَ نَافِعٌ فَحَكَى لَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ثُمَّ قَطَّعَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ثُمَّ قَطَّعَ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. 

فإذا لو قرأ مثلاً: فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون فلا يجب أن يصل بل إنّ السُّنة أن يقف على رأس الآية وإن تعلقت  في المعنى بما بعدها، لكن لا يقطع التلاوة، فلا يقل: فويل للمصلين ثم يركع. بل يتم الآية التي بعدها لأن المعنى متعلق بها، إنما السنة في التلاوة أن يقف على رؤوس الآيات.

28-السعي إلى حفظه:

على المسلم أن يسعى إلى حفظ كتاب ربّه وتكراره، لأنه أعون على التدبر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا جُمع القرآن في إهاب لم يحرقه الله بالنار)). والإهاب: الجلد، والمقصود جسد الحافظ. فحفظ كتاب الله من أسباب التحريم على النار.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا)).

يقال: أي عند دخول الجنة (لصاحب القرآن): أي من يلازمه بالتلاوة والعمل لا من يقرؤه ولا يعمل به (اقرأ وارتق): أي إلى درجات الجنة أو مراتب القرب (ورتل): أي لا تستعجل في قراءتك في الجنة التي هي لمجرد التلذذ والشهود الأكبر كعبادة الملائكة (كما كنت ترتل): أي في قراءتك, وفيه إشارة إلى أن الجزاء على وفق الأعمال كمية وكيفية (في الدنيا): من تجويد الحروف ومعرفة الوقوف (فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها):

يقال للقارئ: اقرأ وارتق الدرج على قدر ما تقرأ من أي القرآن, فمن استوفى قراءة جميع القرآن استولى على أقصى درج الجنة, ومن قرأ جزء منها كان رقيه من الدرج على قدر ذلك, فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة انتهى. وقال الطيبي: إن الترقي يكون دائما فكما أن قراءته في حال الاختتام استدعت الافتتاح الذي لا انقطاع له. كذلك هذه القراءة والترقي في المنازل التي لا تتناهى, وهذه القراءة لهم كالتسبيح للملائكة لا تشغلهم من مستلذاتهم بل هي أعظمها (عون المعبود(.

29- التلقّي عن أهل العلم:

 من آداب قراءة القران تلقيه عن أهل العلم المجيدين فيه المجوّدين له، ولذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن عن أشخاص معَّينين إذ قال في الحديث الصحيح: ((خذوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة)).

30- التجويد:

والتجويد عرّفه العلماء بأنه إقامة الحروف ومعرفة الوقوف، وقد جاء في الحديث عن أم سلمة وصفٌ لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنها تنعت قراءته مفسرة حرفاً حرفاً)) رواه النسائي.

فالقراءة الصحيحة ليس فيها أكل للحروف، ولا تغيير حرفٍ بحرف، فتصبح الضاد دالاً إذا رقّقتها، أو تصبح السين صاداً إذا فخّمتها، أو تُصبح التاء طاءً إذا فخّمتها، أو الطاءُ تاءً إذا رققتها. فإذا غُيرت صفات الحروف تغيرت الكلمة بالكليّة. ولذلك لا بدّ من معرفة صفات الحروف والإتيان بها، والتمرين على يدّ مُتقن حتى يقرأ القرآن كما أنزل.

31- أن لا يقطعها لكلام الناس:

بل إذا أراد أن يُكلم أحداً، يُنهي الآية، أو يُنهي السورة ثم يُكلّم. وإن أجبرته الحاجة إلى أن يتكلم فليُنهِ الآية أولاً ولا يتكلم أثناء الآية، بل ينتظر حتى يكمل الآية، فإذا تكلم مع أحد بكلام من كلام الدنيا فليرجع وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يشرع في القراءة مرّةً أخرى. ففي الصحيح كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه. وكذلك لا يضحك أثناء قراءته ولا يعبث ولا ينظر إلي ما يُلهيه.

32- تعاهد الحفظ:

من الإمور المهمة تعاهد الحفظ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((استذكروا القرآن فإنه أشد تقصياً من صدور الرجال من النعم في عُقلها)).

فالإبل إذا ربطت تحاول الشرود والهروب والتمرد،  ولذلك ينبغي تعاهد القرآن لأنه أشد هرباً من صدور الحفَّاظ من الإبل من عُقلها.

33-عدم الجدال في القرآن بالباطل:

قال عليه الصلاة والسلام: ((إقرأوا القرآن ما أئتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فيه فقوموا))، لأن البقاء يؤدّي إلى العبث بآيات الله، وقال صلى الله عليه وسلم: ((أما إنه لم تهلك  الأمم قبلكم حتى وقعوا في مثل هذا، يضربون القرآن بعضه ببعض)).

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الجدال بالباطل، فقال في الحديث الصحيح: ((الجدال في القرآن كفر)) وقال: ((المراء في القرآن كفر)). ونهى عن الجدال في القرآن كذلك فقال: ((لا تجادلوا في القرآن فإن جدالاً  فيه كفر)) فلا ينبغي أن تجعل آيات الله مداراً للجدل.

34-عدم استعمال القرآن في غيرما أُنزل فيه:

لا يجوز استعمال القرآن في غير ما أُنزل فيه، كالذين يقولون إذا أرادوا الطعام: آتنا غداءنا  [الكهف:62]. أو ألاّ يتكلم إلا بالقرآن ونحو ذلك، فهذا بدعة. قال في المغني: "لا يجوز أن يجعل القرآن بدلاً من الكلام". يعني كل ما أراد أن يتكلم بكلمة أتى بشيء من القرآن.

الخطبة الثانية

لم ترد .

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً