.

اليوم م الموافق ‏29/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

سيرة ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه

6268

سيرة وتاريخ, قضايا في الاعتقاد

الصحابة, تراجم

عدنان بن عبد الله القطان

المنامة

جامع أحمد الفاتح الإسلامي

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- فضل جيل الصحابة. 2- إسلام عثمان. 3- من فضائل عثمان. 4- خدمة عثمان للإسلام. 5- خلافة عثمان. 6- ظهور الفتن ووفاة عثمان. 7- حب الآل لعثمان.

الخطبة الأولى

أما بعد: فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.

معاشر المسلمين، إن جيل الصحابة رضوان الله عليهم خير جيل ظهر على وجه الأرض، هم الذين وضعوا أنفسهم بين يدي رسول الله لكي يعلمهم ويوجههم ويصوغهم، فتلقوا تلكم التربية النبوية الكريمة، حتى خلت نفوسُهم من حظ نفوسِهم.

ومن بين الصحب الكرام صحابي جليل كان من السابقين إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الخلفاء الراشدين، صلى إلى القبلتين، وهاجر الهجرتين، وهو أوّل من شيّد المسجد، وأوّل من خطَّ المفصَّل، وأوّل من ختم القرآن في ركعة، وبمقتله كانت الفتنة الأولى في الإسلام، توفي رسول الله وهو عنه راضٍ.

إنه الخليفة الراشد الثالث، ذو النورين، عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميّة القرشي، يلتقي نسبه مع رسول الله في الجد الرابع من جهة أبيه‏‏‏. فهو ينتمي إلى بني أمية من قبيلة قريش.

أسلم عثمان رضي اللَّه عنه في أول الإسلام قبل دخول رسول اللَّه دار الأرقم، وكانت سنِّه قد تجاوزت الثلاثين، دعاه أبو بكر إلى الإسلام فأسلم، ولما عرض أبو بكر عليه الإسلام قال له‏:‏ ويحك يا عثمان واللَّه إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، هذه الأوثان التي يعبدها قومك، أليست حجارة صماء لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع‏؟!‏ فقال‏:‏ بلى، واللَّه إنها كذلك، قال أبو بكر‏:‏ هذا محمد بن عبد اللَّه قد بعثه اللَّه برسالته إلى جميع خلقه، فهل لك أن تأتيه وتسمع منه‏؟‏ فقال‏:‏ نعم‏.، وفي الحال مرَّ رسول اللَّه فقال‏:‏ (‏(‏يا عثمان، أجب اللَّه إلى جنته، فإني رسول اللَّه إليك وإلى جميع خلقه‏)‏‏)،‏ قال‏:‏ فواللَّه ما ملكت حين سمعت قوله أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله عبده ورسوله.

كان عثمان رضي الله عنه غنيًا شريفًا في الجاهلية، وأسلم بعد البعثة بقليل، فهو أول من هاجر إلى الحبشة مع زوجته رقيّة بنت رسول الله الهجرة الأولى والثانية، وقد قال رسول الله : ((إن عثمان لأول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوطٍ))، وكان يقال‏:‏ أحسن زوجين رآهما إنسان رقية وعثمان.

لقّب عثمان رضي الله عنه بذي النورين لتزوجه بنتيْ النبي رقيّة ثم أم كلثوم، فقد زوّجه رسول الله ابنته رقيّة، فلما ماتت زوّجه أختها أم كلثوم، فلمّا ماتت تأسّف رسول الله على مصاهرته فقال: ((والذي نفسي بيده، لو كان عندي ثالثة لزوّجتُكَها يا عثمان)). ولا يعرف أحد تزوج بنتَي نبيّ غيره.

روى سعيد بن المسيب رحمه الله أن النبي رأى عثمان بعد وفاة رقية مهمومًا لهفان،‏ فقال له‏:‏ ‏((ما لي أراك مهمومًا‏‏؟!‏)) فقال‏:‏ يا رسول اللَّه، وهل دخل على أحد ما دخل عليَّ ماتت ابنة رسول اللَّه التي كانت عندي وانقطع ظهري، وانقطع الصهر بيني وبينك،‏ فبينما هو يحاوره إذ قال النبي ‏:‏ ‏((‏هذا جبريل عليه السلام يأمرني عن اللَّه عز وجل أن أزوجك أختها أم كلثوم على مثل صداقها، وعلى مثل عشرتها)‏).

أيها المؤمنون، أثبت رسول الله لعثمان سهمَ البدريين وأجرَهم، وكان قد غاب عنها لتمريضه زوجته رقيّة بنت رسول الله ، فقال الرسول له: ((إن لك أجر رجلٍ ممن شهد بدرًا وسهمه)).

بعث الرسول عثمان بن عفان رضي الله عنه يوم الحديبية إلى أهل مكة لكونه أعزَّ بيتٍ بمكة، واتفقت بيعة الرضوان في غيبته، فضرب الرسول بشماله على يمينه وقال: ((هذه يدُ عثمان، ‏اللَّهم هذه عن عثمان في حاجتك وحاجة رسولك‏))، فقال الناس: هنيئًا لعثمان. ‏

قال عثمان: إن الله عز وجل بعث محمدًا بالحق، فكنتُ ممن استجاب لله ولرسوله، وآمنت بما بُعِثَ به محمدٌ، ثم هاجرت الهجرتين، وكنت صهْرَ رسول الله ، وبايعتُ رسول الله، فوالله ما عصيتُه ولا غَشَشْتُهُ حتى توفّاهُ الله عز وجل.

وكان رضي اللَّه عنه أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر، وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمور لعلمه وتجاربه وحسن مجالسته، وكان ليَّن العريكة كثير الإحسان والحلم‏. ‏وكان من كبار تجار قريش، وعرف بشدة حيائه، حتى قال رسول الله فيه: (‏(أصدق أمتي حياءً عثمان)‏)، وقال: ((ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة؟)) وكان لا يوقظ نائمًا من أهله إلا أن يجده يقظان فيدعوه فيناوله وضوءه، وكان يصوم، ويلي وضوء الليل بنفسه‏،‏ فقيل له‏:‏ لو أمرت بعض الخدم فكفوك، فقال‏:‏ لا، الليل لهم يستريحون فيه‏.

 بشّره رسول الله بالجنة كأبي بكر وعمر وعلي وبقية العشرة، وأخبره بأنه سيموت شهيدًا. ‏استخلفه رسول اللَّه على المدينة في غزوته إلى ذات الرقاع وإلى غطفان، وكان محبوبًا من قريش، وكان حليمًا، رقيق العواطف، كثير الإحسان‏.‏

وكان رسول اللَّه يثق به ويحبه ويكرمه لحيائه ودماثة أخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين. قام عثمان بن عفان رضي الله عنه بنفسه وماله في واجب النصرة، كما اشترى بئر رومة بعشرين ألفًا وتصدّق بها، وجعل دلوه فيها لدِلاءِ المسلمين، كما ابتاع توسعة المسجد النبوي بخمسة وعشرين ألفًا.

كان الصحابة مع رسول الله في غزاةٍ، فأصاب الناس جَهْدٌ حتى بدت الكآبة في وجوه المسلمين والفرح في وجوه المنافقين، فلما رأى الرسول ذلك قال: ((والله، لا تغيب الشمس حتى يأتيكم الله برزقٍ))، فعلم عثمان أنّ الله ورسوله سيصدقان، فاشترى أربعَ عشرة راحلةً بما عليها من الطعام، فوجّه إلى النبي منها بتسعٍ، فلما رأى ذلك النبي قال: ((ما هذا؟)) قالوا: أُهدي إليك من عثمان، فعُرِفَ الفرحُ في وجه رسول الله والكآبة في وجوه المنافقين، فرفع النبي يديه حتى رُئيَ بياضُ إبطيْه، يدعو لعثمان دعاءً ما سُمِعَ دعا لأحد قبله ولا بعده. وجهّز عثمان بن عفان رضي الله عنه جيش العُسْرَة بتسعمائةٍ وخمسين بعيرًا وخمسين فرسًا، واستغرق الرسول في الدعاء له يومها، ورفع يديه حتى أُريَ بياض إبطيه، فقد جاء عثمان إلى النبي بألف دينار حين جهّز جيش العسرة فنثرها في حجره، فجعل يقلبها ويقول: ((ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين)).

لقد كان عثمان بن عفان رضي الله عنه أحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه لخلافته، فتشاور الصحابة فيما بينهم، ثم أجمعوا على اختيار عثمان وبايعه المسلمون في المسجد بيعة عامة سنة (23هـ)، فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين. استمرت خلافته نحو اثني عشر عاما تم خلالها الكثير من الأعمال: نَسْخ القرآن الكريم وتوزيعه على الأمصار, توسيع المسجد الحرام والمسجد النبوي, وقد انبسطت الأموال في زمنه، وحجّ بالناس عشر حجج متوالية.

وفي أيام خلافته رضي الله عنه غزا المسلمون ففتحوا الكثير من البلاد، فتوسعت بهم بلاد الإسلام، ومن هذه البلاد التي افتتحت جزيرة قبرص وكَرْمَان وسِجِسْتَان وكابُل وبلاد أخرى في أفريقية. وقد أنشأ أول أسطول إسلامي لحماية الشواطئ الإسلامية من هجمات البيزنطيين.

عباد الله، وفي أواخر عهد عثمان رضي الله عنه ومع اتساع الفتوحات الإسلامية ووجود عناصر حديثة العهد بالإسلام لم تتشرب روح النظام والطاعة أراد بعض الحاقدين على الإسلام وفي مقدمتهم اليهود إثارة الفتنة للنيل من وحدة المسلمين ودولتهم، فأخذوا يثيرون الشبهات حول سياسة عثمان رضي الله عنه، وحرضوا الناس في مصر والكوفة والبصرة على الثورة، فانخدع بقولهم بعض من غرر به، وساروا معهم نحو المدينة لتنفيذ مخططهم، وقابلوا الخليفة وطالبوه بالتنازل، فدعاهم إلى الاجتماع بالمسجد مع كبار الصحابة وغيرهم من أهل المدينة، وفند مفترياتهم وأجاب على أسئلتهم وعفا عنهم، فرجعوا إلى بلادهم لكنهم أضمروا شرا وتواعدوا على الحضور ثانية إلى المدينة لتنفيذ مؤامراتهم التي زينها لهم بعض الأشرار الذين تظاهروا بالإسلام.

وفي شوال سنة (35هـ) رجعت الفرقة التي أتت من مصر وادعوا أن كتابا بقتل زعماء أهل مصر وجدوه مع البريد، وأنكر عثمان رضي الله عنه الكتاب، وحلف لهم أنّه لم يأمُر أحدًا بقتل أحد، ولم يعلم من أرسل الكتاب، وصدق رضي الله عنه، فهو أجلّ قدرًا وأنبل ذكرًا وأروع وأرفع من أن يجري مثلُ ذلك على لسانه أو يده، وقد قيل: إن مروان هو الكاتب والمرسل. لكنهم حاصروه في داره عشرين أو أربعين يومًا، ومنعوه من الصلاة بالمسجد بل ومن الماء، ولما رأى بعض الصحابة ذلك استعدوا لقتالهم وردهم لكن الخليفة منعهم إذ لم يرد أن تسيل من أجله قطرة دم لمسلم، ولكن المتآمرين اقتحموا داره من الخلف، من دار أبي حَزْم الأنصاري، وهجموا عليه وهو يقرأ القرآن، وأكبت عليه زوجه نائلة لتحميه بنفسها لكنهم ضربوها بالسيف فقطعت أصابعها، وتمكنوا منه رضي الله عنه فسال دمه على المصحف، ومات شهيدا في صبيحة عيد الأضحى سنة (35 هـ)، في بيته بالمدينة، واستشهد وله تسعون أو ثمان وثمانون سنة، ودفِنَ رضي الله عنه بالبقيع، وكان قتله أول فتنة انفتحت بين المسلمين، فلم تنغلق إلى يومنا هذا.

وبعد: أيها المسلمون، فإنما هذا غيض من فيض من بحر فضائل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرًا، ونفعنا ببركته، وحشرنا في زمرته، وأماتنا على سنته ومحبته، إنه سبحانه على ما يشاء قدير وبعباده لطيف خبير.

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه سبحانه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله الداعي إلى سبيل الله ورضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد: فيا أيها المسلمون، لقد جاءت في فضائل عثمان رضي الله عنه أحاديث عده، نجدها مبثوثة في المراجع والمصادر المعتمدة لدى طوائف المسلمين، منها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((مَنْ يحفر بئر رومةَ فَلَه الجنّة))، فحفرها عثمان وكانت لسقي المسلمين، وقال: ((مَنْ جهّزَ جيشَ العْسرةِ فله الجنّة))، فجهّزه عُثمان، فقال رسول الله : ((ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم)). ودخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ابنته وهي تغسل رأس عثمان فقال: ((يا بنيّة، أحسني إلى أبي عبد الله؛ فإنّه أشبهُ أصحابي بي خُلُقا)). وقال: ((مَنْ يُبغضُ عثمان أبغضه الله)). وقال عليه الصلاة والسلام: ((اللهم ارْضَ عن عثمان)). وقال: ((اللهم إن عثمان يترضّاك فارْضَ عنه)).

وروى الإمام أحمد عن رُهَيْمة جدة الزبير بن عبد الله أنها قالت: كان عثمان يصوم الدهر، ويقوم الليل، إلا هجعة من أوله. وعن الرضا عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن عثمان مني بمنزلة الفؤاد)).

وعن أمير المؤمنين علي أنه قال لعثمان أيام الفتنة: إنك لتعلم ما نعلم، ما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه، ولا خلونا بشيء فنبلغك إياه، وقد رأيت كما رأينا، وسمعت كما سمعنا، وصحبت رسول الله صلى الله عليه وآله كما صحبنا، وما ابن أبي قحافة ولا ابن الخطاب أولى بعمل الحق منك، وأنت أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وشيجة رحم منهما، وقد نلت من صهره ما لم ينالا.

وذُكر عثمان رضي عنه عند الحسن بن علي رضي الله عنهما فقال الحسن: هذا أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يأتيكم الآن فاسألوه عنه، فجاء علي فسألوه عن عثمان فتلا هذه الآية: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ كلما مر بحرف من الآية قال: كان عثمان من الذين آمنوا، كان عثمان من الذين اتقوا، ثم قرأ إلى قوله: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.

أما عن علاقة آل البيت رضوان الله عليهم بعثمان فقد كانت علاقة حب وود وأخوة ونسب، فعثمان رضي الله عنه هو الذي ساعد عليًا في زواجه من فاطمة، وأعطاه جميع النفقات كما يقر بذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه بنفسه حيث يقول: إني لما تقدمت إلى رسول الله طالبًا منه الزواج من فاطمة ابنته قال لي: ((بع درعك وائتني بثمنها حتى أهيئ لك ولابنتي فاطمة ما يصلحكما))، قال علي: فأخذت درعي فانطلقت به إلى السوق، فبعته بأربع مائة درهم من عثمان بن عفان، فلما قبضت الدراهم منه وقبض الدرع مني قال: يا أبا الحسن، ألست أولى بالدرع منك وأنت أولى بالدراهم مني؟ فقلت: نعم، قال: فإن هذا الدرع هدية مني إليك، فأخذت الدرع والدراهم وأقبلت إلى رسول الله فطرحت الدرع والدراهم بين يديه، وأخبرته بما كان من أمر عثمان، فدعا له النبي بخير. ولأجل ذلك كان ابن عم رسول الله عبد الله بن عباس يقول: (رحم الله أبا عمرو –أي:عثمان بن عفان- كان والله أكرم الحفدة، وأفضل البررة، هجادًا بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر النار، نهاضًا عند كل مكرمة، سباقًا إلى كل منحة، حبيبًا أبيًا وفيًا، صاحب جيش العسرة، خِتن رسول الله ).

وكان من حب آل البيت لعثمان رضي الله عنه أنهم زوجوا بناتهم من أبنائه اقتداء بنبيهم الذي زوجه ابنتيه كما سبق، وسموا أبناءهم باسمه، فقد ذكر المؤرخون أن واحدًا من أبناء علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان اسمه عثمان، وذكر الأصفهاني أنه قتل مع أخيه الحسين بكربلاء.

وكان عثمان بن عفان يكرم الحسن والحسين ويحبهما، وهما كذلك، ويشهد لهذا أنه لما حوصر من قبل البغاة أرسل عليّ ابنيه الحسن والحسين وقال لهما: اذهبا بسيفيكما حتى تقوما على باب عثمان فلا تدعا أحدًا يصل إليه. بل اشترك علي رضي الله عنه أول الأمر بنفسه في الدفاع عن عثمان بلسانه ويده حيث حضر هو بنفسه مرارًا، وطرد الناس عنه، وأنفذ إليه ولديه وابن أخيه عبد الله بن جعفر، ثم انعزل بعد أن قال لهم عثمان: أعزم عليكم لما رجعتم فدفعتم أسلحتكم ولزمتم بيوتكم. وقال: أنتم في حل من نصرتي.

ولما منع البغاة الطغاة عن عثمان الماء خاطبهم عليّ بقوله: (أيها الناس، إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين، إن فارس والروم لتؤسر فتطعم فتسقي، فوالله لا تقطعوا الماء عن الرجل، وبعث إليه بثلاث قرب مملوءة ماء مع فتية من بني هاشم).

وختامًا عباد الله، فهذا هو ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه، صهر رسول الله وحبيبه في الدنيا والآخرة، وحبيب أهل البيت وابن عمهم وعمتهم وقريبهم، يحبهم ويحبونه كصاحبيه الصديق والفاروق، نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن قال الله تعالى فيهم: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رءوف رَحِيمٌ.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً