أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوا حُرُمَاتِهِ، وَقِفُوا عِندَ حُدُودِهِ، وَانتَصرُوا لِأَنبِيَائِهِ، وَكُونُوا مِن أَولِيَائِهِ، إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُوُنَ الَصَّلَاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزبَ الله هُمُ الغَالِبُونَ [المَائِدَةِ: 56].
أَيُّهَا النَّاسُ، الِابتِلَاءُ سُنَّةُ الله تَعَالَى فِي عِبَادِهِ، أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُترَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُم لَا يُفتَنُونَ وَلَقَد فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبلِهِم فَلَيَعلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعلَمَنَّ الكَاذِبِينَ [العَنكَبُوتِ: 3]. وَالأَنبِيَاءُ هُم أَوفَرُ النَّاسِ حَظًّا مِنَ البَلَاءِ؛ لِأَنَّهُم أَقوَى النَّاسِ إِيمَانًا، وَأرسَخُهُم يَقِينًا، وَأَمضَاهُم عَزِيمَةً، فَضُعِّفَ البَلَاءُ عَلَيهِم؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ : ((إِنَّ مِن أَشَدِّ النَّاسِ بَلاءً الأَنبِيَاءَ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم)) رَوَاهُ أَحمَدُ، وَلمَّا قِيلَ لَهُ : مَا أَشَدَّ حُمَّاكَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ : ((إِنَّا كَذَلِكَ مَعشَرَ الأَنبِيَاءِ يُضَاعَفُ عَلَينَا الوَجَعُ لِيُضَاعَفَ لَنَا الأَجرُ)) رَوَاهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
وَالبَلَاءُ المَعنَوِيُّ أَشَدُّ عَلَى النُّفُوسِ مِنَ البَلَاءِ الجَسَدِيِّ؛ لِأَنَّهُ بَلَاءٌ يَجلِبُ الهُمُومَ وَالغُمُومَ، وَيَفتِكُ بِالقُلُوبِ، وَيَطرُدُ النَّومَ، وَيُمنَعُ الأَكلَ، وَيَشغَلُ الفِكرَ، وَرُبَّمَا قَتَلَ صَاحِبَهُ. وَالأَجسَادُ تَتَحَمَّلُ عَظِيمَ الأَذَى وَالنَصَبِ إِذَا كَانَتِ القُلُوبُ رَاضِيَةً مُطمَئِنَّةً، فَلَا شَقَاءَ إِلَّا شَقَاءُ النَّفسِ، وَلَا عَذَابَ إِلَّا عَذَابُ القَلبِ.
وَالطَّعنُ فِي العِرضِ هُوَ أَشَدُّ شَيءٍ عَلَى النَّفسِ البَشَرِيَّةِ؛ لِأَنَّ العِرضَ هُوَ شَرَفُ الإِنسَانِ، وبِتَدنِيسِهِ تَكُونُ الوَضَاعَةُ وَالمَهانَةُ وَالتَّشهِيرُ وَالتَّعيِّيرُ؛ وَلِذَا فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدِ ابتَلَى الرُّسُلَ بِكُفرِ آبَائِهِم كَالخَلِيلِ عَلَيهِ السَّلَامُ، وَبِكُفرِ أَبنَائِهِم كَنَوحٍ عَلَيهِ السَّلَامُ، وَبِكُفرِ أَزوَاجِهِم كَنَوحٍ وَلُوطٍ عَلَيهِمَا السَّلامُ، لَكِنَّهُ لَم يَبتَلِ أَحَدًا مِنهُم بِدَنَاسَةِ عِرضِهِ وَتَلوِيثِ شَرَفِهِ وَخِيَانَةِ زَوجِهِ فِي فِرَاشِهِ، حَتَّى قِيلَ: لَم تَزنِ امرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ؛ ذَلِكَ أَنَّ كُفرَ أَحَدٍ مِن آلِ النَّبِيِّ ضَرَرُهُ عَلَيهِ، وَلَا يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ إِلَى النَّبِيِّ، وَأَمَّا خِيَانَةُ النَّبِيِّ فِي فِرَاشِهِ فَضَرَرُهَا وَاقِعٌ عَلَى النَّبِيِّ، فَحَمَى اللهُ تَعَالَى رُسُلَهُ مِن وُقُوعِ ذَلِكَ؛ لِئَلَّا يَنقُصَ قَدرُهُم، وَتُضعُفَ دَعَوتُهُم، وَيَستَطِيلَ الفَسَقَةُ فِيهِم.
وَمَا حَكَاهُ اللهُ تَعَالَى عَن امرَأَتَي نُوحٍ وَلُوطٍ عَلَيهِمَا السَّلامُ مِنَ الخِيَانَةِ فِي قَولِهِ سُبحَانَهُ: ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوَا امرَأَةَ نُوحٍ وَامرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَينِ مِن عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا [التَّحرِيمُ: 10] فَلَيسَت خِيَانَةَ العِرضِ وَالشَّرَفِ، وَإِنَّمَا هِيَ خِيَانَةُ مُمَالَأَةِ الأَعدَاءِ، وَإِطلَاعِهِم عَلَى أَسرَارِ الأَنبِيَاءِ، وَكَلِمَةُ المُفَسِّرِينَ مُجتَمِعَةٌ عَلَى ذَلِكَ.
وَاليَهُودُ هُم أَوَّلُ مَن أَحدَثَ الطَّعنَ فِي أَعرَاضِ الأَنبِيَاءِ حِينَ رَمَوا مَريَمَ العَذرَاءَ البَتُولَ بِالزِّنَا؛ كَمَا حَكَى اللهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَنهُم بِقَولِهِ سُبحَانَهُ: وَبِكُفرِهِم وَقَولِهِم عَلَى مَريَمَ بُهتَانًا عَظِيمًا [النِّسَاءِ: 156]، وَهَذَا البُهتَانُ الَّذِي افتَرَوهُ هُوَ المَذكُورُ فِي قَولِهِ تَعَالَى: فَأَتَت بِهِ قَومَهَا تَحمِلُهُ قَالُوا يَا مَريَمُ لَقَد جِئتِ شَيئًا فَرِيًّا يَا أُختَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امرَأَ سَوءٍ وَمَا كَانَت أُمُّكِ بَغِيًّا [مَريَمَ: 27-28]، فَكَانَتِ المُعجِزَةُ الرَّبَّانِيَّةُ بِكَلَامِ المَسِيحِ فِي المَهدِ لِيُبَرِّئَ أُمَّهُ العَفِيفَةَ: فَأَشَارَت إِلَيهِ قَالُوا كَيفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي المَهدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبدُ الله آتَانِيَ الكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا [مَريَمَ: 29-30]، فَطَائِفَةٌ مِن بَنِي إِسرَائِيلَ بَرَّأَت مَريَمَ، وَآمَنَت بِالمَسِيحِ وَاتَّبَعَتهُ، وَطَائِفَةٌ أُخرَى كَفَرَت بِهِ وَاتَهَمَت أُمَّهُ، وَمِن هَذِهِ الطَّائِفَةِ شَاؤُولُ اليَهُودِيُّ الَّذِي أَظهَرَ اعتِنَاقَ النَّصرَانِيَّةِ وَتَسَمَّى بِبُولسَ، وَأَفسَدَ دَينَ النَّصَارَى مِن دَاخِلِهِ.
فلمَا بَعَثَ اللهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا وَأَظهَرَ دِينَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَانتَشَرَت دَعَوتُهُ فِي الأَرضِ عَزَمَ عَبدُ الله بنُ سَبَأٍ اليَهُودِيُّ أَن يَكُونَ هُوَ بُولسَ هَذِهِ الأُمَّةِ بِإِفسَادِ عَقِيدَتِهَا مِن دَاخِلِهَا، فَحَاوَلَ عَزلَ الصَّحَابَةِ عَن نَبِيِّهِم ، وَأحدَثَ الطَّعنَ فِيهِم، وَجَرَّأَ الجَهَلَةَ عَلَيهِم، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِيَعزِلَ نَقَلَةَ الدِّينِ عَن مُبَلِغِهِ؛ لِيَتَسَنَّى لَهُ تَحرِيفُهُ كَمَا حَرَّفَ سَلَفُهُ دِينَ النَّصَارَى.
إِنَّ النِّفَاقَ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ وَإِن كَانَ عَقِيدَةً مُلَخَّصُهَا إِظهَارُ المُنَافِقِ خِلَافَ مَا يُبطِنُ؛ فَإِنَّهُ فِي دَوَافِعِهِ عَلَى نَوعَينِ: نِفَاقِ مَصَالِحَ وَهُوَ نِفَاقُ ابنِ سَلُولٍ وَمَن مَعَهُ وَنَشَأَ بَعدَ غَزوَةِ بَدرٍ، وَنِفَاق عَقَائِدَ وَهُوَ نِفَاقُ ابنِ سَبَأٍ وَمَن تَبِعَهُ، وَهُوَ الأَخطَرُ لِأَنَّ أَصحَابَهُ مُكتَفونَ بِعَقَائِدِهِم عَن سَوَادِ الأُمَّةِ، وَنَشَأَ فِي خِلَافَةِ عُثمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، وَكِلَا نَوعَي النِّفَاقِ مَوجُودٌ فِي الأُمَّةِ مِنذُ حُدُوثِهِمَا إِلَى يَومِنَا هَذَا، وَتُمَثِّلُ التَّيَّارَاتُ العَلمَانِيَّةِ فِي زَمَنِنَا النِّفَاقَ المَصلَحِيَّ الَّذِي أَحدَثَهُ ابنُ سَلُولٍ. وَالمُنتَحِلُونَ لَهُ يَتَغَيَّرُونَ وَيَتَلَوَّنُونَ بِاختِلَافِ مِيزَانِ القُوَى بَينَ أَهلِ الإِيمَانِ وَأَعدَائِهِم؛ لِأَنَّهُم يَكُونُونَ مَعَ مَصَالِحِهِم الآنِيَةِ. كَمَا تُمَثِّلُ الطَّوَائِفُ البَاطِنِيَّةُ البِدعِيَّةُ النِّفَاقَ الَّذِي دَافِعُهُ عَقَدِيٌّ، وَلَا يَتَزَحزَحُ أَصحَابُهُ عَن مُعتَقَدَاتِهِم إِلَّا بِتَوبَةٍ، وَإِلَّا فَإِنَّهُم إِن كَانُوا فِي حَالِ ضَعفٍ أَخفَوهَا وَاستَخدَمُوا التَّقِيَّةَ الَّتِي هِيَ تِسعَةُ أَعشَارِ دِينِهِم، وَإِن استَقوَوا أَظهَرُوهُا وَدَعَوا إِلَيهَا.
وَلَئِن كَانَ أَربَابُ النِّفَاقِ المَصلَحِيِّ السَّلُولِيِّ قَد طَعَنُوا فِي عِرضِ النَّبِيِّ فِي حَادِثَةِ الإِفكِ المَشهُورَةِ لِيَنَالُوا مِنهُ، وَيَصرِفُوا النَّاسَ عَنهُ، فَفَضَحَهُم اللهُ تَعَالَى فِي قُرآنٍ يُتلَى إِلَى يَومِنَا هَذَا وَبَرَّأَ الصِّدِّيقَةَ الطَّاهِرَةَ مِن فَوقِ سَبعِ سَمَاوَاتٍ، لَئِن فَعَلَ ذَلِكَ أَربَابُ النِّفَاقِ الَمصلَحِيِّ السَّلُولِيِّ فَإِنَّ كَثِيرًا مِن أَربَابِ النِّفَاقِ العَقَدِيِّ السَّبَئِيِّ لَا زَالُوا يَطعَنُونَ فِي عِرضِ النَّبِيِّ بِاتِّهَامِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا، وَفِعلُهُم أَشَدُّ خَطَرًا مِن فِعلِ ابنِ سَلُولٍ وَأَتبَاعِهِ؛ لِكَثرَةِ أَتبَاعِهِم؛ وَلِأَنَّ فِعلَ ابنِ سَلُولٍ قَد فُضِحَ فِي القُرآنِ، فَانتَهَت فِريَتُهُ بِذَلِكَ.
إِنَّ الرَّافِضَةَ وَمَن وَافَقَهُم قَد مَهَّدُوا الطَّرِيقَ لِلطَّعنِ فِي عِرضِ النَّبِيِّ بِإِجرَاءَاتٍ فِكرِيَّةٍ وَعِلمِيَّةِ مُتَعَدِّدَةٍ:
فَهُم قَد أَخرَجُوا أُمَّهَاتِ المُؤمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنهُنَّ مِن آلِ بَيتِ مُحَمَّدٍ وَمِن عِترَتِهِ؛ لِيَتَسَنَّى لَهُم سَبُّهُنَّ وَشَتمُهُنَّ وَقَذفُهُنَّ، ثُمَّ اختَرَعُوا أَقذَعَ الأَلفَاظِ وَأَحَطَّ القصَصِ وَأَشَدَّهَا تَنفِيرًا فَأَلصَقُوهَا بِأُمَّهَاتِ المُؤمِنِينَ؛ لِيَتَرَبَّى أَطفَالُهُم عَلَيهَا، وَتَمتَلِئَ قُلُوبُهُم بِالضَّغِينَةِ وَالبَغضَاءِ عَليهِنَّ رَضِيَ اللهُ عَنهُنَّ.
وَإِذَا قُدِحَ فِي أَذهَانِ أَتبَاعِهِم تَسَاؤُلَاتٌ مِن مِثلِ: إِذَا كُنَّ بِهَذَا السُّوءِ فَكَيفَ رَضِيَهُنَّ النَّبِيُّ أَزوَاجًا لَهُ؟! وَكَيفَ أَقَرَّهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ وَمَا كَانَ اللهُ تَعَالَى لِيَختَارَ لِنَبِيِّهِ إِلَّا خَيرَ النِّسَاءِ؟! كَانَت كُتُبُهُم وَرِوَايَاتُهُم وَافتَرَاءَاتُهُم قَد عَالَجَت هَذِهِ القَضِيَّةَ تَارَةً بِادِّعَاءِ أَنَّ النَّبِيِ قَد طَلَّقَ نِسَاءَهُ كُلَّهُنَّ قَبلَ وَفَاتِهِ، أَو جَعَلَ أَمرَهُنَّ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ فَطَلَّقَهُنَّ، وَتَارَةً بِزَعمِ أَنَّهُنَّ مُجَرَّدُ سَرَايَا وَإِمَاءٍ تَسرَّى بِهِنَّ وَلَسنَ زَوجَاتٍ لَهُ، وَيَختَلِقُونَ مِنَ الرِّوَايَاتِ مَا يُؤَيِّدُ كَذِبَهُم.
إِنَّهُم قَد مَهَّدُوا الطَّرِيقَ لِثَلبِهِنَّ وَالحَطِّ عَلَيهِنَّ، وَرَبَّوا أَتبَاعَهُم عَلَى ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا الَّتِي كفَرُوهَا، وَاستَحَلُّوا لَعنَهَا، وَادَّعَوا أَنَّهَا تَكذِبُ عَلَى النَّبِيِّ ، وَخَصُوهَا بِبَابٍ مِن أَبوَابِ النَّارِ؛ فَلَا عَجَبَ حِينَئِذٍ أَن يَظهَرَ فِيهِم مَن يَقذِفُهَا فِي عِرضِهَا، وَيَدَّعِي أَنَّ قَائِمَهُمُ المُنتَظَرَ بَعدَ عَودَتِهِ سَيُحييهَا وَيُقِيمُ الحَدَّ عَلَيهَا، وَلَهُم فِي ذَلِكَ رِوَايَاتٌ تَنضَحُ بِالقَذَارَةِ وَالخِسَّةِ وَالحَقَارَةِ، وَأَفرَدُوا كُتُبًا لِلطَّعنِ فِي عِرضِ النَّبِيِّ -عَامَلَهُم اللهُ تَعَالَى بِمَا يَستَحِقُّونَ-، وَزَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنهَا بَعدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ ؛ لَيَفِرُّوا مِن تَكذِيبِ القُرآنِ لِأَهلِ الإِفكِ، فَكَانُوا أَشَدَّ خُبثًا مِن أَهلِ الإِفكِ الأَوَّلِ، وَأَمضَى أَثَرًا فِي أَتبَاعِهِم، وَرَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَن عَائِشَةَ وَأَرضَاهَا إِذ ابتُلِيَت بإِفكَينِ، وَطُعِنَت فِي شَرَفِهَا مِن كِلَا الطَّائِفَتَينِ المُنَافقَتَينِ: طَائِفَةِ ابنِ سَلُولٍ، وَطَائِفَةِ ابنِ سَبَأٍ، وَوَالله مَا قَدَّرَ اللهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَيهَا إِلَّا رِفعَةً لدَرَجَاتِهَا، وَعُلُوًّا لِمَنزِلَتِهَا؛ لِمَكَانَتِهَا مِنَ النَّبِيِّ، ولِمَقَامِهَا فِي الإِسلَامِ، فَهِيَ أَحفَظُ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ وَأَعلَمُهُنَّ وَأَفَقَهُهُنَّ، فَجَمَعَ اللهُ تَعَالَى لَهَا الفِقهَ وَالحِفظَ وَمَحَبَّةَ أَفضَلِ الخَلقِ، فَلَا يُوَالِيهَا إِلَّا مَن يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَلَا يُعَادِيهَا إِلَّا مَن يُبغِضُ اللهَ وَرَسُولَهُ، أُولَئِكَ حِزبُ الشَّيطَانِ أَلَا إِنَّ حِزبَ الشَّيطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ [المُجَادَلَةِ: 19].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُم في القرآن العظيم...
|