أيها المسلمون، تحدثنا في الجمعة الماضية عن المولد النبوي، وأثبتنا من الكتاب والسنة أن الاحتفال به كان تقليدًا للنصارى الذين يحتفلون بميلاد المسيح عليه السلام، وهذا التقليد لا يجوز.
واليوم نريد أن نعرف كيف أتت إلينا هذه الاحتفالات بالموالد، ومن الذي روج لها حتى أصبحت منتشرة في كل مكان.
فالمولد يسمى في بلاد المغرب: المواسم، ويسمى في مصر والشام والجزيرة: المولد، فأهل مصر يقولون مثلاً: مولد السيدة زينب، ومولد السيد البدوي، وربما يسمى: الحضرة؛ لاعتقاد من يقيمها بحضور روح الرسول أو الولي فيها ولو بالعناية والبركة، ويسمى في باكستان والهند: ميلاد.
أما ما يجري في هذه الموالد من أعمال فيختلف من منطقة إلى منطقة حسب وعي الناس وفقرهم وغناهم، وهي عبارة عن اجتماعات في المساجد أو في بيوت الأغنياء، تُتلى فيه جوانب من السيرة النبوية وقصة المولد، وتنشد فيه الأشعار والمدائح عن النبي ، وفي بعض البلدان التي لا تمانع من الاختلاط يجتمع الرجال والنساء، ويكثر التفكه، ويضرب بالدفوف والمزامير المختلفة، ويغنّون ويلهون، ومعظم القصائد والمدائح التي يُتغنى بها في الموالد لا تخلو من ألفاظ شركية أو عبارات يُشمّ منها رائحة الغلو والمبالغة في مدح الرسول أو الولي، وكذلك ألفاظ دعاء وتوسل بغير الله؛ لأن معظم الحاضرين من العوام والبسطاء والمغالين في حب الرسول أو الولي الفلاني، وبعضهم يذبح النذور للسيد أو الولي المقام له الاحتفال.
إخوة الإسلام، إن الحكمة من النهي عن هذه الموالد كثيرة، ومنها أن لا يبالغ المسلم في حب الرسول أو الولي حتى يؤلّهوه ويجعلوه في مصاف الإلَه، أو أنه يتصف بصفات لا ينبغي أن تكون إلا لله سبحانه وتعالى، كطلب الشفاء منه أو الرزق أو كشف الهم، ويصل الإنسان إلى هذا الحد من الغلو بعد أن يتجاوز ويبتعد عن السنة ويبالغ في الحب والمديح لكي يثبت أنه يُحب النبي أكثر، ولقد أدرك النبي هذا الأمر مبكرًا فقال: ((لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله))، وقال أيضًا: ((إياكم والغلو؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو))؛ لأن النصارى في البداية كانوا يؤمنون بأن عيسى نبي الله، ثم قالوا: هو ابن الله، كما بين ذلك ربنا في القرآن الكريم: وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ الآية. ثم استمروا في المبالغة إلى أن قالوا: هو الله بنفسه، قال تعالى: لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الآية. فهذه نهاية الغلو والمبالغة: البعد عن الدين والكفر عياذًا بالله كما بين الله بأن النصارى كفروا بقولهم هذا.
أيها المسلمون، أخبرني أحد الإخوة أن الاحتفال بالمولد في باكستان عجيب، حيث إنهم يأتون بمجسم للكعبة بحجم كبير وكذلك للقبة الخضراء في المدينة النبوية، وتنصب في المكان الذي يراد أن يقام الاحتفال فيه، وأثناء إحضار هذا المجسم يتوافد البسطاء والعوام من الناس يحاولون أن يتمسّحوا ويتمسّكوا به ويقبلونه كأنهم يقبلون الحجر الأسود، فلو استمر الاحتفال بهذه الصورة فسوف يأتي جيل بعدهم يطوف حول هذا المجسم الذي يشبه الكعبة ظنًا أنه يعمل عملا صالحًا.
فيا أيها المسلمون، ويا من تحبون أحمد ، اعلموا أن أول من اخترع الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من الموالد للصالحين هم الرافضة العبيديون، والذين ينسبون أنفسهم لفاطمة الزهراء كذبًا وزورا، وهي منهم براء، فلقد ابتدعوا هذا المولد وعطلوا الإسلام وجحدوا السنة ومنعوا الناس من صلاة التراويح في المساجد ومن السعي في طلب الرزق نهارًا، وانتشر الرعب والقتل في الناس، وأرغمُوا السكان في مصر والمناطق التي تحت نفوذهم على سَبِّ أبى بكر وعمر بن الخطاب وعائشة رضي الله عنهم أجمعين، فخاف الناس على أنفسهم واختفوا، وقلَّت الأرزاق في أيدي الناس حتى أكلوا البهائم والحيوانات.
هذه الدولة المسماة الفاطمية يرى كثير من العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنها تنحدر من أصل يهودي أو مجوسي، وهم فرقة من الفرق الإسماعيلية الباطنية التي قال عنها الإمام القاضي الباقلاني الشافعي رحمه الله: "قوم ظاهرهم الرفض وحقيقتهم الكفر المحض". والفِرَق الباطنية على اختلافها يجمعها الكفر بالله تعالى وإنكار وجوده وإنكار البعث والجزاء وإباحة المحرمات، وأناس هذا شأنهم ليس غريبًا على أمثالهم أن يسعوا جادين في هدم شرائع ديننا الإسلامي الحنيف بكل الوسائل والطرق. اللهم إنا نسألك صدق المحبة وآثارها.
نفعني الله وإياكم بالقرآن والسنة، أقول قولي هذا، واستغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
|