.

اليوم م الموافق ‏09/‏رمضان/‏1445هـ

 
 

 

داء المخدرات وموسم الاختبارات

6053

الأسرة والمجتمع

قضايا المجتمع

عبد الله بن محمد البصري

القويعية

19/6/1430

جامع الرويضة الجنوبي

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- مكر أعداء الدين وكيدهم بأمة الإسلام. 2- أنباء المخدرات. 3- استهداف الأعداء لهذه البلاد المباركة. 4- أضرار المخدرات على الفرد والمجتمع. 5- حرب المخدرات. 6- واجبنا تجاه هذا الداء الفتاك. 7- واجب الآباء وأولياء الأمور. 8- كيفية التعامل مع المبتلَين بتعاطي المخدرات. 9- كلمة للشباب.

الخطبة الأولى

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لا يَنفَكُّ أَعدَاءُ الدِّينِ وَشَانِئُو الفَضِيلَةِ مِن دُعَاةِ الشَّرِّ وَمُرَوِّجُي الرّذِيلَةِ، لا يَنفَكُّونَ يَطرُقُونَ إِلى الفِتنَةِ كُلَّ بَابٍ، وَيَسلُكُونَ إِلى الإِفسَادِ كُلَّ طَرِيقٍ، هَمُّهُم تَجرِيدُ الأُمَّةِ مِن دِينِهَا وَإِضعَافُ العَقِيدَةِ في قُلُوبِهَا، وَهَدَفُهُم تَغيِيرُ مَبَادِئِهَا وَنَسفُ ثَوَابِتِهَا، إِنَّهُم يَسعَونَ لإِفسَادِ سُلُوكِ أَبنَائِهَا وَتَحطِيمِ أَخلاقِهِم وَتَخرِيبِ طِبَاعِهِم، وَجَعلِ المُجتَمَعِ الإِسلامِيِّ مِسخًا مُشَوَّهًا لِمُجتَمَعَاتٍ لا تَمُتُّ لِدِينِهِ الحَنِيفِ بِصِلَةٍ، وَلا يَربِطُهَا بِقِيَمِهِ وَمُثُلِهِ أَيُّ رَابِطٍ.

وَبَينَ فَينَةٍ وَأُخرَى نَسمَعُ بِأَنبَاءٍ عَن ضَبطِ الأَجهِزَةِ الأَمنِيَّةِ لِمُهَرِّبِينَ، وَالإِيقَاعِ بِشَبَكَةِ مُرَوِّجِينَ مُفسِدِينَ، كَانُوا يُعِدُّونَ عُدَّتَهُم لِدُخُولِ هَذِهِ البِلادِ بِشَرِّ مَا يَجِدُونَ مِن أَنوَاعِ الخُمُورِ، وَغَزوِهَا بِأَشكَالٍ مِنَ المُسكِرَاتِ وَأَلوَانٍ مِنَ المُخَدِّرَاتِ.

وَهَكَذَا تَجتَمِعُ عَلَى هَذِهِ البِلادِ المُبَارَكَةِ الأَيدِي الخَفِيَّةُ؛ لِتَنَالَ مِن دِينِهَا وَتُفسِدَ عُقُولَ شَبَابِهَا، وَلِتَأسِرَ أَلبَابَهُم بما لا يَستَطِيعُونَ الانفِكَاكَ عَنهُ وَلا التَّخَلُّصَ مِنهُ، بِالقَنَوَاتِ وَالفَضَائِيَّاتِ حِينًا، وَبِالشَّبَكَاتِ وَأَجهِزَةِ الاتِّصَالاتِ حِينًا، وَحِينًا بِالمُسكِرَاتِ وَالمُخَدِّرَاتِ، الَّتي عَرَفُوا أَنَّهَا أَسهَلُ طَرِيقٍ لِلوُصُولِ إِلى المُجتَمَعَاتِ، وَأَقوَى وَسِيلَةٍ لِلتَّأثِيرِ في اتِّجَاهَاتِهِم وَتَغيِيرِ قَنَاعَاتِهِم؛ إِذْ بها تَختَلُّ العُقُولُ وَتَزِيغُ الأَفهَامُ، وَبها يُضعَفُ الاقتِصَادُ وَتُؤكَلُ الأَموَالُ، وَمِن ثَمَّ يُملَكُ الزِّمَامُ وَيُمسَكُ بِالخِطَامِ، وَيُقسَرُ الفَردُ عَلَى مَا لا يَرضَاهُ وَيُجبَرُ عَلَى مَا كَانَ يَأنَفُ مِنهُ، فَتَنتَشِرُ السَّرِقَاتُ وَيَكثُرُ السَّطوُ، وَيَختَلُّ الأَمنُ وَتُرَوَّعُ النُّفُوسُ، وَتُشَلُّ حَرَكَةُ الفَردِ وَيَقِلُّ إِنتَاجُهُ، فَتَتَفَاقَمُ عَلَى وَلِيِّهِ الأَعبَاءُ وَتَتَضَاعَفُ الأَحمَالُ، وَيَعُمُّ الفَقرُ وَتَتَمَزَّقُ الأُسَرُ، وَتَتَشَتَّتُ العِلاقَاتُ وَتَنقَطِعُ الصِّلاتُ، وَيُصبِحُ كَيَانُ المُجتَمَعِ ضَعِيفًا وَبُنيَانُهُ هَشًّا، فَيَغدُو أُلعُوبَةً في أَيدِي الأَسَافِلِ وَالأَرَاذِلِ، يُحَرِّكُونَهُ مَتى شَاؤُوا إِلى مَا أَرَادُوا، وَيَأخُذُونَ بِهِ إلى هَاوِيَةِ الجَرِيمَةِ وَمُستَنقَعَاتِ الرَّذِيلَةِ، فَتُنحَرُ إِذْ ذَاكَ أَعرَاضٌ وَيُقتَلُ عَفَافٌ، وَتُوأَدُ فَضِيلَةٌ وَيُسلَبُ حَيَاءٌ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد أَضحَت حَربُ المُخَدِّرَاتِ مِن أَخطَرِ أَنوَاعِ الحُرُوبِ المُعَاصِرَةِ، يُدرِكُ ذَلِكَ مَن وَقَفَ في المَيدَانَ وَاقتَرَبَ مِنَ المُعتَرَكِ، سَوَاءٌ مِن رِجَالِ الأَمنِ وَمُكَافَحَةِ المُخَدِّرَاتِ، أَو مِنَ العَامِلِينَ في جَمعِيَّاتِ المُكَافَحَةِ الخَيرِيَّةِ وَأَطِبَّاءِ المُستَشفَيَاتِ، بَل يَشعُرُ بِضَرَاوَةِ تِلكِ الحَربِ وَشَرَاسَتِهَا كُلُّ مَن يَسمَعُ بِهَذِهِ الكَمِيَّاتِ الهَائِلَةِ وَالأَنوَاعِ الكَثِيرَةِ الَّتي تُحبَطُ عَملِيَّاتُ إِدخَالِهَا إِلى بِلادِنَا، فَضلاً عَن تِلكَ الَّتي تُرَوَّجُ وَتَنتَشِرُ، وَيَقَعُ ضَحِيَّةً لها فِئَاتٌ مِنَ المُجتَمَعِ هُم أَغلَى مَن فِيهِ.

وَإِنَّهُ وَمَعَ مَا سَنَّتهُ هَذِهِ البِلادُ مِن عُقُوبَاتٍ رَادِعَةٍ وَجَزَاءَاتٍ زَاجِرَةٍ، فَإِنَّ هَذَا الطُّوفَانَ المُدَمِّرَ لَيُسرِعُ في زَحفِهِ إِلى البُيُوتِ، وَيَقتَحِمُ المَدَارِسِ وَالجَامِعَاتِ، وَتَشكُو آثَارَهُ المَصَانِعُ وَالمَعَامِلُ، بَل وَلم تَسلمْ مِنهُ حَتى بَعضُ الدَّوَائِرِ الحُكُومِيَّةِ وَالأَجهِزَةِ الرَّسمِيَّةِ، ممَّا يَستَدعِي مِنَّا ـ مُوَاطِنِينَ وَمَسؤُولِينَ وَأَولِيَاءَ وَمُرَبِّينَ ـ أَن نَكُونَ عَلَى وَعيٍ بِحَقَائِقِ الأُمُورِ وَإِدرَاكٍ لِحَجمِ الخَطرِ، وَأَن يُوجَدَ بَينَنَا ـ أَفرَادًا وَمُؤَسَّسَاتٍ ـ تَعَاوُنٌ لِلحَدِّ مِن هَذَا الوَبَاءِ المُهلِكِ، وَمُنَابَذَةٌ لِلمُرَوِّجِينَ وَالمَجرِمِينَ، وَهِمَّةٌ في التَّبلِيغِ عَنهُم، وَحَذَرٌ مِنَ التَّسَتُّرِ عَلَيهِم أَوِ التَّهَاوُنِ مَعَهُم، وَإِحيَاءٌ لِوَاجِبِ الحِسبَةِ وَبَذلٌ لِحَقِّ النَّصِيحَةِ.

ثم إِنَّهُ مَعَ كُلِّ ذَلِكَ، فَإِنَّ ثَمَّةَ أَمرَينِ يُعَدَّانِ هُمَا الأَهَمَّ في عِلاجِ هَذِهِ المُشكِلَةِ:

الأَمرُ الأَوَّلُ: لا بُدَّ مِن تَنمِيَةِ الرَّقَابَةِ الذَّاتِيَّةِ في قُلُوبِ النَّاسِ عَامَّةً، وَغَرسِهَا في أَفئِدَةِ النَاشِئَةِ وَالشَّبَابِ خَاصَّةً، وَتَسلِيحِهِم بِالإِيمَانِ بِاللهِ وَالخَوفِ مِنهُ سُبحَانَهُ وَتَقرِيرِهِم بِنِعَمِهِ لِيَحمَدُوهُ وَيَشكُرُوهُ، لا بُدَّ مِن تَكثِيفِ التَّوعِيَةِ بِخَطَرِ المُسكِرَاتِ وَالمُخَدِّرَاتِ عَلَى الدِّينِ وَالأَخلاقِ، وَنَشرِ الوَعيِ بِأَضرَارِهَا عَلَى العُقُولِ، وَبَيَانِ شِدَّةِ فَتكِهَا بِالأَجسَادِ.

وَأَمَّا الأَمرُ الآخَرُ الَّذِي تَجِبُ العِنَايَةُ بِهِ فَهُوَ مَلءُ أَوقَاتِ الشَّبَابِ بما يَنفَعُهُم وَيَنفَعُ مُجتَمَعَهُم، فَإِنَّهُ لا أَفسَدَ لِلعُقُولِ مِنَ الفَرَاغِ، وَالنُّفُوسُ لا بُدَّ أَن تُشغَلَ بِالحَقِّ، وَإِلاَّ سَدَّ أَهلُ الشَّرِّ فَرَاغَهَا بِبَاطِلِهِم.

إِنَّ شَبَابَنَا لَمُستَهدَفُونَ في دِينِهِم وَعُقُولِهِم، مَغزُوُّونَ في أَخلاقِهِم وَأَعراضِهِم، وَمِن هُنَا فَقَد آنَ الأوَانُ لِتَحَرُّكِ الآبَاءِ وَأَولِيَاءِ الأُمُورِ لِحِمَايَةِ أَبنَائِهِم ممَّا يَضُرُّهُم، وَتَزوِيدِهِم بِكُلِّ مَا يَنفَعُهُم وَيَرفَعُهُم، لَقَد آنَ الأَوَانُ لاشتِغَالِ الآبَاءِ بِالمُهِمَّاتِ وَتَركِ مَا هُم فِيهِ مِن تَوَافِهَ وَتُرَّهَاتٍ، كَيفَ تَنَامُ أَعيُنُ بَعضِ الآبَاءِ قَرِيرَةً وَتَرتَاحُ قُلُوبُهُم وَأَبنَاؤُهُم يَقضُونَ مُعظَمَ أَوقَاتِهِم خَارِجَ البُيُوتِ بَعِيدًا عَن رَقَابَتِهِم؟! وَكَيفَ يَشتَغِلُ آخَرُونَ بِدَعَوَاتٍ وَوَلائِمَ وَمُنَاسَبَاتٍ وَيَهتَمُّونَ بِمُفَاخَرَاتٍ وَمُكَاثََرَاتٍ وَعَصَبِيَّاتٍ وَيَسعَونَ لإِحيَاءِ أَمجَادٍ فَارِغَةٍ وَاجتِرَارِ قِصَصٍ خَاوِيَةٍ وَالخَلَلُ يَدِبُّ إِلى بُيُوتِهِم وَأَبنَاؤُهُم يَتَفَلَّتُونَ مِن بَينِ أَيدِيهِم؟! عَجِيبٌ أَن يَحصُرَ رِجَالٌ اهتِمَامَهُم بما لَدَيهِم مِن أَنعَامٍ، فَيَقضُوا مُعظَمَ أَوقَاتِهِم في العِنَايَةِ بها، لا يَتَوَانَونَ في جَلبِ طَعَامِهَا وَسَقيِهَا، وَلا يُقَصِّرُونَ في عِلاجِهَا، بَل وَيَتَفَنَّنُونَ في لُُيُونَةِ مَأوَاهَا وَمُرَاحِهَا، وَآخَرُونَ يَدفَعُونَ الأَموَالَ في بِنَاءِ الاستِرَاحَاتِ وَتَزيِينِهَا، لِيَقضُوا فِيهَا السَّاعَاتِ مَعَ زُمَلائِهِم وَأَقرَانِهِم، ثم لا يُكَلِّفَ أَحَدٌ مِن هَؤُلاءِ أَو هَؤُلاءِ نَفسَهُ أَن يَسأَلَ عَن وَلَدِهِ وَيَرعَى فَلَذَةِ كَبِدِهِ، فَإِمَّا أَن يَترُكَهُ مَعَ الهَمَلِ، وَإِمَّا أَن يُوَكِّلَ بِهِ الذِّئَابَ الضَّارِيَةَ.

أَيُّهَا الإِخوَةُ، إِنَّ أَمَانَةَ التَّربِيَةِ لَثَقِيلَةٌ، وَإِنَّ وَاجِبَ الأُبُوَّةِ لَكَبِيرٌ، وَإِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلاًّّ عَن أَمَانَتِهِ وَمُحَاسِبُهُ عَن وَاجِبِهِ، قَالَ سُبحَانَهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُم وَأَنتُم تَعلَمُونَ وَاعلَمُوا أَنَّمَا أَموَالُكُم وَأَولاَدُكُم فِتنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِندَهُ أَجرٌ عَظِيمٌ، وَقَالَ : ((كُلُّكُم رَاعٍ وَمَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ))، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا استَرعَاهُ: حَفِظَ أَم ضَيَّعَ؟ حَتى يَسأَلَ الرَّجُلَ عَن أَهلِ بَيتِهِ)).

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَقُومُوا بِوَاجِبِكُم تَسلَمُوا وَتَغنَمُوا، وَلا تَتَخَاذَلُوا أَو تَتَجَاهَلُوا فَتَندَمُوا.

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزلامُ رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجتَنِبُوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيطَانُ أَن يُوقِعَ بَينَكُم العَدَاوَةَ وَالبَغضَاءَ في الخَمرِ وَالمَيسِرِ وَيَصُدَّكُم عَن ذِكرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَل أَنتُم مُنتَهُونَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيتُم فَاعلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا البَلاغُ المُبِينُ.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ المُبتَلَينَ بِالمُخَدِّرَاتِ مَرضَى يَحتَاجُونَ إِلى الرِّعَايَةِ وَالعِلاجِ، وَغَرقَى يَتَشَوَّفُونَ إِلى المُسَاعَدَةِ وَالإِنقَاذِ، وَمِن ثَمَّ فَلا بُدَّ مِن فَتحِ القُلُوبِ لهم وَمَدِّ جُسُورِ المَحَبَّةِ إِلَيهِم، بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ وَنَصِيحَةٍ مُخلَصَةٍ، في مُعَامَلَةٍ حَسَنَةٍ وَعِلاقَةٍ حَمِيمَةٍ، وَأَسَالِيبَ مُنَوَّعَةٍ وَطُرُقٍ مُختَلِفَةٍ، يُمزَجُ فِيهَا بَينَ التَّرغِيبِ وَالتَّرهِيبِ، وَيُقرَنُ فِيهَا الثَّوَابُ بِالعِقَابِ، وَهَذَا يَفرِضُ عَلَى المُصلِحِ وَالمُرَبِّي التَّحَلِّيَ بِالصَّبرِ وَالتَّحَمُّلِ، في طُولِ نَفَسٍ وَسَعَةِ بَالٍ وَبُعدِ نَظَرٍ، مَعَ تَعَلُّقٍ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلحَاحٍ عَلَيهِ بِالدُّعَاءِ لِهَؤُلاءِ المُبتَلَينَ بِالهِدَايَةِ وَالتَّوفِيقِ.

أَمَّا أَنتُم أَيُّهَا الشَّبَابُ وَالفِتيَانُ، يَا أَبنَاءَنَا وَيَا فَلَذَاتِ أَكبادِنَا، فَاعلَمُوا أَنَّ المُخَدِّرَاتِ طَرِيقٌ مُوحِشَةٌ وَغَايَةٌ مَسدُودَةٌ، بِدَايَتُهَا الفُضُولُ وَالتَّجرِبَةُ، وَوَسَطُهَا مُجَارَاةُ الأَصحَابِ بِلا وَعيٍ وَلا تَفكِيرٍ، وَفي أَثنَائِهَا سَيرٌ خَلفَ رُفَقَاءِ السُّوءِ وَاتِّبَاعٌ لِهَوَى النُّفُوسِ، وَآخِرُهَا الإِدمَانُ وَتَدمِيرُ النَّفسِ وَتَضيِيعُ الحَيَاةِ، وَسُوءُ العَاقِبَةِ في الدُّنيَا وَخُسرَانُ الآخِرَةِ.

أَيُّهَا الشَّبَابُ، إِنَّ الحَيَاةَ مَرَاحِلُ وَمَحَطَّاتٌ، وَلِكُلِّ مَرحَلَةٍ آمَالُهَا وَأَحلامُهَا، وَوَقُودُ الحَيَاةِ الطُّمُوحُ وَنُورُهَا الأَمَلُ، وَالأَتقِيَاءُ الأَسوِيَاءُ الأَصِحَّاءُ هُمُ القَادِرُونَ وَحدَهُم عَلَى المُضِيِّ في دُرُوبِ الحَيَاةِ بِثَبَاتٍ وَعَزِيمَةٍ، وَهُمُ الصَّابِرُونَ عَلَى مِحَنِهَا بِشِدَّةٍ وَقوَّةٍ، المُوَاجِهُونَ لأَموَاجِهَا بِإِصرَارٍ وَصَلابَةٍ، وَهُمُ المُخَطِّطُونَ لِلمُستَقبَلِ الزَّاهِرِ وَالبُنَاةُ لِلحَضَارَةِ الشَّامِخَةِ، بما يَملِكُونَ مِن عُقُولٍ سَلِيمَةٍ وَأَفكَارٍ صَحِيحَةٍ. وَأَمَّا المُدمِنُونَ فَهُم مُعتَلُّو الأَبدَانِ مُختَلُّو العُقُولِ، ضِعَافُ النُّفُوسِ سَاقِطُو الهِمَمِ، لا يَرسُمُونَ أَهدَافًا وَلا يُخَطِّطُونَ لِنَجَاحٍ، وَلا يَستَمتِعُونَ بِحَاضِرٍ وَلا يَرقُبُونَ نَيلَ مُرَادٍ.

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ يَا شَبَابَنَا، وَكُونُوا أَقوِيَاءَ بِدِينِكُم مُتَوَكِّلِينَ عَلَى رَبِّكُم، قَوُّوا عَزَائِمَكُم وَإِرَادَاتِكُم، وَلا تَجعَلُوا أَنفُسَكُم عَبِيدًا لِلمُخَدِّرَاتِ، تَسُوقُكُم نَشوَةُ دَقَائِقَ وَتَقُودُكُم مُتعَةُ لَحَظَاتٍ، ثم تَكُونُوا رَهَائِنَ في أَيدِي المُرَوِّجِينَ وَالمُفسِدِينَ.

أَيُّهَا الشَّبَابُ، إِنَّ أَعدَاءَكُم وَضِعَافَ النُّفُوسِ ممَّن حَولَكُم، يَستَغِلُّونَ أَيَّامَ الامتِحَانَاتِ لِتَروِيجِ المُخَدِّرَاتِ، وَيَزعُمُونَ أَنَّهَا تُسَاعِدُ عَلَى التَّركِيزِ، في حِينِ أَنَّ العَكسَ مِن ذَلِكَ هُوَ الحَاصِلُ، خَاصَّةً وَقَدِ انتَشَرَت أَنوَاعٌ مِنَ الحُبُوبِ المُنَبِّهَةِ المَغشُوشَةِ، وَالمَخلُوطَةِ بِمُخَدِّرٍ يُتلِفُ خَلايَا المُخِّ مِن أَوَّلِ مَرَّةٍ يُستَخدَمُ فِيهَا، ممَّا يَتَسَبَّبُ في فُقدَانِ العَقلِ مَدَى الحَيَاةِ، أَلا فَانتَبِهُوا لأَنفُسِكُم رَعَاكُمُ اللهُ، وَاحفَظُوا أَغلَى مَا تَملِكُونَ حَفِظَكُمُ اللهُ.

قَد هَيَّؤُوكَ لأَمرٍ لَو فَطِنتَ لَهُ    فَاربَأْ بِنَفسِكَ أَن تَرعَى مَعَ الهَمَلِ

 

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً